• نص حديث السيد عمار الحكيم خلال مجلس عزاء بذكرى شهادة الامام السجاد عليه السلام

    2011/ 12 /22 

    نص حديث السيد عمار الحكيم خلال مجلس عزاء بذكرى شهادة الامام السجاد عليه السلام

    كان حديثنا في الليلة الماضية عن طبيعة الظروف التي مرت بسيدنا وامامنا سيد الساجدين علي بن الحسين (ع) وذكرنا ان الائمة كلهم يعيشون اعلى مستويات الطهارة المعنوية والكمال وهو ما نطلق عليه بالعصمة ، كلهم معصومون ولكن بحسب طبيعة الظروف الاجتماعية والسياسية الواقعية كل منهم برزت في شخصيته لونا معينا ، ملمحاً معينا فصرنا كلما ذكرنا الامام السجاد(ع) تذكرنا سجوده وعبادته ودعاءه وبكاءه ، وهكذا كل امام من ائمتنا نستحضر فيه جانبا من هذه الجوانب بما ينسجم مع الظروف التي مرت به ، واذا اردنا ان نجد تفسيرا لهذه الجوانب التي برزت في شخصية الامام السجاد (ع) علينا ان نقف اولا عند طبيعة الظروف الاجتماعية والسياسية والتحديات التي واجهها الامام والمهام والمسؤوليات الملقاة على عاتقه لنرى كيف استطاع الامام السجاد(ع) ان يعالج هذه التحديات وان يفي بهذه الواجبات في فترة امامته  ...
     وقلنا يمكن ان نجد ثلاث معالم اساسية في المجتمع الاسلامي آنذاك ...
    الاول حالة الخفقان والخوف والرهبة نتيجة استخدام القوة والعنف من اولئك الطغاة الذين حكموا المجتمع الاسلامي في تلك الحقبة واستعرضنا العديد من الشواهد على هذه القضية .
    الملمح الثاني كان يتمثل بالاضطرابات السياسية والانقلابات المستمرة والثورات التي شهدها المجتمع الاسلامي واحدة بعد الاخرى في هذاه المرحلة وما ان يسقط حاكم ويبرز آخر حتى يترصد شخص آخر يطيح به ويتصدى للحكم وهكذا استمرت العملية فيها الكثير من الاضطرابات السياسية
    المعلم الثالث حالة الانحطاط والتسافل الخلقي وتجاوز كل القيم والمبادي ْ . وشرحنا هذه المعالم بالتفصيل الليلة الماضية .
    وقلنا ان الامام السجاد(ع) كان امام ثلاث مهام وواجبات ومسؤوليات جسيمة ..
    المهمة الاولى الانتصار لدم الحسين (ع) هذا الدم يجب ان يحفظ ويصان ويجذّر ويجب ان تصل رسالته وكان على الامام السجاد بمعية الحوراء زينب ان يتحمل مسؤولية التعريف بالمشروع الحسيني والترويج والتثقيف على المشروع وحفظه لتتحول ظلامة الحسين ويتحول دم الحسين الى عنصر يتجدد ويبعث الامل في الامة ....
    المهمة الثانية ايقاف التداعي والانحراف والتسافل وبناء المجتمع او اعادة البناء على اساس القيم التي ارساها النبي الاكرم (ص) على ضوء المنهج القرآني الذي نزل من السماء لهداية الانسان وتكامله .
    المهمة الثالثة بناء جيل من الكوادر (كما نعبر اليوم) المؤمنة بمنهج اهل البيت حتى يخلق تيارا في الامة يواصل مشروع رسول الله والائمة الاطهار من بعده ، والسبب ان الحروب الدامية التي كانت على عهد امير المؤمنين (ع)والامام الحسن(ع) وفي معركة الطف ثم الحركات الثورية التي انطلقت للاخذ بثار الامام الحسين(ع) والانتصار لدمه الطاهر كحركة التوابين والمختار التي حصدت الآلاف والذين كانوا هم الاساس الذي بذله الائمة الاطهار في اعداد الجيل القادم وهذا الجيل راح في هذه الحروب وكان هناك فراغ قيادي ونخبوي من نخبة مؤمنة بنهج اهل البيت ، وكان على الامام السجاد ان ينتج جيلا جديدا مؤمنا بمنهج اهل البيت ، ويحتاج الانسان الى وقت طويل لكي تبنيه ويتشبع بالعقيدة والفكر الصحيح ويكون مستعدا للتضحية من اجل عقيدته ، يجب ان يكون عنده فهم وبصيرة وهذه ليست عملية سهلة . كان على الامام ان يفي بهذه المهام الثلاث ويحققها في ظرف يعيش المجتمع الاسلامي حالة الخفقان والملاحقة والمطاردة والقتل على الظن والتهمة والامام تحت المجهر وهو متهم ومراقب عن حركاته وسكناته وتنقلاته وما الى ذلك ، كما أن النظرة  الى الامام كانت نظرة شخص غير منسجم مع منهج اولئك الحكام ، متهم أنه يريد ان يثأر لابيه يثأر لنهج جده رسول الله ، فكيف يستطيع الامام ان يتحرك ، هذه المهام وهذه الاجواء هي التي تجعلنا ان نستنتج اعتماد الامام المنهج الذي اعتمده ، من ناحية اخرى عليه ان ينتصر لدم الحسين (ع) ومن ناحية ثانية لا يستطيع الحركة والتوضح والشرح تحت وطأة ذلك الجو المنغلق آنذاك من قبل الطغاة الظالمين .

    الامام السجاد(ع) ..ومنهج البكاء والدعاء

      ولذا اعتمد على منهج البكاء ، عشرين سنة وفي روايات اربعين سنة الامام السجاد ما فتأ  يبكي في كل مقام وعند كل قضية ، يقدم اليه الماء فيقوم يبكي يقول كيف اشرب الماء وابي قتل عطشانا يقدم له الطعام يخرج الى السوق يبكي ، قضية الامام الحسين (ع)كانت عظيمة التاثير والعميق وهي تستحق ان يبكي عليه الانسان الدهر كله فكيف من عاشها وهو بمستوى من الطهارة  والشفافية يصل الى حد العصمة كما هو في الامام السجاد(ع) ، الامام السجاد(ع) يتاثر اكثر بهذه المصيبة وهذه الظلامات بحكم طهارته وعصمته ، فالقضية تستحق ان يبكي الامام عليها ولكن لا نستطيع ان نفسر بكاء الامام المعصوم عشرين او اربعين سنة على خلفية عاطفية بحتة ، هذا البكاء يعبر عن عاطفة ولكن قد تكون العاطفة غطاء لمبررات ودوافع واسباب اخرى ، هذه الدمعة وهذا البكاء كان بكاء سياسيا وتعبويا وبكاء ثقافيا ، هذه الدمعة تجعل الناس أن تسأل عن سبب البكاء ، ابن بنت رسول الله(ص) وحفيد الرسول (ص)، لمً يبكي ، اسلوب حضاري وهاديء ولكن يعبأ المجتمع يذكر الناس بقضية الحسين(ع) ويجعل منها قضية حية في كل يوم ومناسبة ، ولذا بقيت قضية الحسين(ع) مهما حاول الطغاة ان ينسوها الناس او يمحوها ولكن دمعة الامام السجاد (ع) تذكر بها وتعيدها الى الواجهة ، دمعة السجاد كدمعة جدته الزهراء (ع) كانت تثير الناس وشعروا انها تفجر الاوضاع لذا طلبوا من امير المؤمنين بان تكف الزهراء عن البكاء بحجة انها تؤلمهم بهذا البكاء ، واخبرها امير المؤمنين بذلك ، وخرجت مع اولادها الى خارج المدينة عند نخلة تستظل بها ، وهناك حيث تدخل وتخرج القوافل والتي بدات تسال عن هذه المرأة مع اولادها حيث قيل لهم انها بنت رسول الله ، وبدأوا يسالون عن سبب خروجها وبكائها ، الامر الذي أفزع الحكام اكثر من قبل  ، فقلعوا هذه النخلة حتى لا يبقى مكان تستظل تحته الزهراء (ع) ، بكاء الامام السجاد ايضا  بكاء تعبوي وسياسي كان يعرّف بمشروع الحسين بهذه الدمعة وايقاظها القضية العاطفية والانسانية ، فهو رجل قتل ابوه واهل بيته ،   لاحظوا بعض الروايات في بكاء الامام السجاد (ع) ...
    في البحار ج46 ص108 عن الامام الصادق (ع) يقول " بكى علي بن الحسين عشرين سنة أو أربعين سنة وما وضع بين يديه طعام الا بكى ، حتى قال له مولى له جُعلت فداك يابن رسول الله اني اخاف ان تكون من الهالكين قال انما اشكو بثي وحزني الى الله واعلم من الله ما لا تعلمون ، اني لم اذكر مصرع بني فاطمة الا خنقتني العبرة " يوظف القضية العاطفية للتعريف بقضية الامام الحسين .
    في رواية اخرى ، احد مواليه قال له سيدي يابن رسول الله " أما آن لحزنك ان ينقضي فقال له ويحك ان يعقوب النبي (ع) كان له اثنا عشر ابنا فغيّب الله وا حدا منهم  فابيضت عيناه من كثرة البكاء عليه واحدودب ظهره من الغم وكان ابنه حيا في الدنيا ، وانا نظرت الى ابي واخي وعمي وسبعة عشر من اهل بيتي مقتولين حولي فكيف ينقضي حزني " .
    " وكان اذا اخذ اناءا ليشرب ماء بكى حتى يملاها دمعا فقيل له في ذلك فقال وكيف لا أبكي وقد منع ابي من الماء الذي كان مطلقا للسباع والوحوش " .
    هناك روايات كثيرة في بكاء الامام السجاد وكما قلنا من الصعب تفسيرها على خلفية عاطفية بحتة بل كان لها ابعاد ومعالم اخرى شرحناها في هذا الكلام .
    اذن منهج البكاء كان منهجا مهما ومدخلا للتعريف بظلامة الامام الحسين  ومشروعه بما يتناسب مع تلك الظروف الصعبة السياسية الخانقة آنذاك . 

    الامام السجاد أوجد هزة حقيقية في المجتمع ..

    الجانب الآخر ، الامام كان امام حالة الانحطاط والتسافل وتجاوز كل القيم والمباديء ، وكان على الامام ان يبني ، وكان عليه (ع) ان يسلك سلوكا عندما تراه الناس تتعجب وتتاثر به ، عنصر الصدمة من خلال السلوك المباشر "كونوا لنا دعاة صامتين " اي بالسلوك والمواقف والثبات على المباديء والبعيد عن المكر والخديعة ان الامام السجاد من خلال السلوك قدم صورة مذهلة في سلوكه واستطاع ان يوجد هزة حقيقية في ذلك المجتمع ..هناك الكثير من الشواهد والروايات نذكر منها ..
    كان (ع) يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجوراب على ظهره وفيه الصرر من الدنانير والدراهم وربما حمل على ظهره الطعام او الحطب حتى ياتي بابا بابا فيقرعه ثم يناول من يخرج اليه (من الفقراء ومن المعوزين يقدم لهم الطعام والمال ) ، وكان يغطي وجهه اذا ناول فقيرا لئلا يعرفه  ، والسبب هناك اكثر من تفسير ، التفسير الاول حتى يُشعر المجتمع ان هناك من يقدم الخير في هذا المجتمع بدون مقابل ، في ذلك الزمان ولعله في كل زمان اصبح من الصعب الاحسان بدون مقابل  ، حتى ترجع الناس الى سلوكها وتغير فيه ويبني نفسها من جديد ، تفسير اخر وهو لا يمنع الجمع بين الأمرين على خلفية سياسية فاذا عرفوا ان الامام هو الذي يعطيهم ويصلهم و يصل هذا الامر الى السلطان يقال ان هذه الاموال لشراء الذمم ولبناء حزب سياسي كبير والامام يريد بناء جيش تحت غطاء الخدمات الانسانية حتى يحفظ نفسه ويحفظ الناس لم يكن يبين او يكشف الامام ، وعلى كل حال كلا الأمرين ممكن ان يكون سببا لمثل هذه الظاهرة لكن حينما ينقل الامام الطعام ويضعه على ظهره وينقله الى الناس هذه حالة جدا كبيرة وتصور ان اليوم عالم من علمائنا او مراجعنا الناس تعرفه وتشاهده يقوم بدور من هذا النوع كم تكون هذه القضية مؤثرة او وجيه من وجهائنا او شيخ من شيوخ عشائرنا يقوم بعمل من هذا النوع يؤثر كثيرا في النفوس ايضا هناك أناس كانت تتكلم عن الامام حيث يقولون ان هناك من يأتي ويقدم العون لنا وعلي ابن الحسين لا يساعدنا وكان الامام يسكت ولما توفي (ع) فقدوا ذلك العون فعلموا انه كان علي ابن الحسين لكن لم يكن حتى يدافع عن نفسه ويخبرهم بانه هو الذي يقدم ولما وضع (ع) على المغتسل بعد وفاته نظروا الى ظهره وعليه مثل ركب الابل مما كان يحمل على ظهره الى منازل الفقراء والمساكين ولقد كان يأبى ان يواكل أمه ،  فقيل يا ابن رسول الله انت ابر الناس واوصلهم بالرحم فكيف لا تواكل امك في صحن واحد فقال اني اكره ان تسبق يدي الى ما سبقت عينها اليه ، هكذا كانت اخلاقه (ع) أوجد هزة في ضمير ذلك المجتمع ، ولقد سألت عنه مولاته له قيل لها اوصفي لنا الامام فقالت اطنب ام اختصر قيل لها اختصري فقالت ما اتيته بطعام نهارا قط وما فرشت له فراشا في ليل قط يعنى انه كان صائم النهار ويقوم الليل ولقد انتهى ذات يوم الى قوم يغتابونه فوقف عليهم فقال لهم ان كنتم صادقين فغفر الله لي وان كنتم كاذبين فغفر الله لكم بهذه الطريقة كان يهزهم ويؤثر في نفوسهم وهكذا ممكن ان نرى في رواية اخرى عن سفيان ابن عيينه قال قلت للزهري لقيت علي ابن الحسين (ع) قال نعم لقيته وما لقيت احدا افضل منه وما علمت له صديقا في السر ولا عدوا له في العلانية فقيل له وكيف ذلك قال لأني لم ارى احدا وان كان يحبه الا وهو لشدة معرفته بفضله  يحسده ، وهذه مشكلة الانسان الذي عنده موهب وقدرات وايجابيات حسن المنطق ومؤثر والاخرين يخافون منه فكلما كان الفضل اكبر كلما كانت محاولات التغييب اوسع وحينما يصل الفضل الى امام معصوم اكيد ان هذه المحاولات تصل الى الذروة ولا رأيت وان كان يبغضه الا وهو لشدة مداراته له يداريه لشدة رأفته ولطافته في تعامله لذا يتماشون وينسجمون ويتعاملون بطريقة مختلفه مع الامام ،

     الامام السجاد(ع) ..التواضع والهيبة

    في رواية مختلفة ايضا عن الامام الصادق (ع) قال (( كان علي ابن الحسين  لا يسافر الا مع رفقة لا يعرفونه ، ويشترط عليهم ان يكون من خدم الرفقة فسافر مرة مع قوم فرأه رجل فعرفه فقال له اتدرون من هذا فقالوا لا قال هذا علي ابن الحسين (ع) فوثبوا اليه فقبلوا يده ورجله وقالوا يا ابن رسول الله اردت ان تصلينا نار جهنم لو بدرت منا اليك يد او لسان اما كنا قد هلكنا الى اخر الدهر فما الذي يحملك على هذا فقال اني كنت سافرت مرة مع قوم يعرفونني فأعطوني برسول الله (ص) ما لا استحق فاني اخاف ان تعطوني مثل ذلك فصار كتمان امري احب الي ) انظروا الى هذه الامور التي تترك اثر كبير في نفوس الناس الى حد بعيد ، في رواية اخرى كان علي ابن الحسين (ع) اذا كان اليوم الذي يصوم فيه يأمر بشاة فتذبح وتقطع أعضائها وتطبخ واذا كان عند المساء اكب على القدور حتى يجد ريح المرق وهو صائم ثم يقول هاتوا القصاع اغرفوا لآل فلان واغرفوا لآل فلان حتى يأتي على اخر القدور ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاؤه يقوم بتوزيع اللحم على الناس ويكتفي بالخبز والتمر ، والناس يتحدثون ان هذا علي ابن الحسين وكان ذلك يهز المجتمع بالصميم واستطاع الامام بهذا السلوك ان يغير في المجتمع وفي تلك الامة وصار له تأثير ووجاهة في ذلك المجتمع ، ونجد ان هناك العديد من الروايات التي تحدثت عن مدى تأثير الامام في ذلك المجتمع بالرغم من كل محاولات التغييب والتعتيم والتسقيط واحدة من هذه الروايات المعروفة حينما حج هشام ابن عبد الملك فلم يقدر على استلام الحجر الاسود وكان هو الحاكم انذاك   فنصب له منبر وطاف به اهل الشام فبينما هو كذلك اذ اقبل علي ابن الحسين وعليه ازار ورداء وجاء الامام السجاد ودخل الى المسجد الحرام وكان من احسن الناس وجها واطيبهم ريحا بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز فجعل يطوف فاذا بلغ الى موضع الحجر تنحى الناس حتى يستلمه هيبة له  فقال شامي من هذا يا امير المؤمنين فقال لا اعرفه متجاهلا الامام حتى لا يرغب فيه اهل الشام ، مظهره حسن وسمعته عظيمه واخلاقه بهذا الشكل والناس كلها في المسجد الحرام تقدره وله هيبة ، الفرزدق هذا الانسان الاديب قال كلمة حق عند سلطان جائر وكان حاضرا ورأى هذا التجاهل قال لكني انا اعرفه فقال الشامي من هو يا ابا فراس فوقف وانشد هذه القصيدة المعروفة واستمع اليها كل اهل الشام

    يا سائلي اين حل الجود والكرمُ    عندي بيان اذا طلابه قدموا

    هذا الذي تعرف البطحاء وطأتهُ    والبيت يعرفه والحل والحرمُ  

    هذا ابن خير عباد الله كلهمُ        هذا التقي النقي الطاهر العلمُ

    هذا الذي احمد المختار والدهُ      صلى عليه الهي ما جرى القلمُ

    لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه ُ   لخر يلثم منه ما وطأ القدمُ 

    هذا علي رسول الله والدهُ             امست بهداه تهتدي الاممُ

    هذا الذي عمه الطيار جعفر       والمقتول حمزة ليث حبه قسمُ

    هذا ابن سيدة النسوان فاطمة   وابن الوصي الذي في سيفه نقمُ

    اذا رأته قريش قال قائلها        الى مكارم هذا ينتهي الكرمُ

    يكاد يمسكه عرفان راحته      ركن الحطيم اذا ما جاء يستلمُ

    وليس قولك من هذا بضائره   العرب تعرف من انكرت والعجمُ

    فغضب هشام ومنع جائزته لأنه كان يعطي رواتب للشعراء وقال الا قلت فينا مثل هذا قال هات جدا كجده وابا كأبيه وام كأمه حتى اقول فيكم مثل هذا  فحبسوه بعصان بين مكة والمدينة فبلغ ذلك علي ابن الحسين فبعث اليه بـ 12 عشر الف درهم وقال اعذرنا يا ابا فراس فلو كان عندنا اكثر من هذا لوصلناك به والقضية لم تكن مديح فقط بل كانت اثبات للحق وكسر الحواجز وكانت تعريف الناس بالمشروع اذا سجن ولم يسأل عنه غدا لا يقرأ احد لكن حينما يرون ان الامام يصله ويهتم به يشجع هذا الامر الاخرين لا يتوانون عن ذلك ، فردها ولم يقبلها وقال يا ابن رسول الله ما قلت الذي قلت الا غضبا لله ولرسوله وما كنت لأجزى عليه شيئا فردها الامام اليه وقال بحقي عليك الا ما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك وهذه شهادة من امام معصوم بان الله سبحانه وتعالى تقبل ذلك منك فقبلها ، على كل حال هذا السلوك استطاع ان يهز الامة وهنا ايضا تأتي قضية الدعاء وهو ما يحتاج الى محاضرة كاملة ماذا يعني دعاء الامام السجاد الذي يحوي على ثقافة وسلوك واخلاق وحياة وفيه سياسة وكل شيء في هذا الدعاء ، اذاً هذا الدعاء ليس صرف علاقة ومناجاة بين الانسان وربه على اهمية هذه المناجاة ولكن هي دروس ومحاضرات بصيغة الدعاء كان يقدمها الامام السجاد واوجدت تيار عظيما في تلك الامة استطاع ان يحولها وهذا درس عظيم ان في اصعب واحلك الظروف هناك فرصة في ان يستثمرها الانسان ويحول عناصر الضعف الى عناصر قوة لخدمة المشروع الرسالي الالهي ولبناء المجتمع فسلام على امامنا السجاد يوم ولد  ويوم جاهد ويوم رحل الى ربه شهيدا مظلوما .

    اخبار ذات صلة