• حديث السيد عمار الحكيم في الليلة الاولى من محرام الحرام

    2011/ 11 /27 

    حديث السيد عمار الحكيم في الليلة الاولى من محرام الحرام

                                                              بسم الله الرحمن الرحيم

     عظم الله لكم الاجر بمصابنا بسيد الشهداء أبي عبدالله الحسين (ع) ، وما ان يحل شهر محرم الحرام حتى تتجدد الالام والفجيعة بما ألمّ بابن بنت رسول الله (ص) ، باهل بيته واصحابه ، نستذكر ذلك الحدث التاريخي الكبير ونستذكر تلك المصيبة والعظمى ونستلهم منها الدروس فنقف منها موقف عبرة وموقف عًبرة ناخذ العبر والدروس من الحسين (ع) من مدرسة وعطاء وفكر وسلوك الحسين من طريقة تعامل ومن رؤية الحسن ومن وسائل الحسين في الانتصار للحق والحقيقة ، وموقف عًبرة ودمعة ومشاعر وعواطف وألم نحاول من خلاله أن نعبأ النفوس والمشاعر باتجاه الحسين (ع) وقضيته العادلة  ، فالحسين عبرة وعًبرة ، ولكننا في هذه الليلة وهي الليلة الاولى من السنة القمرية الجديدة سنة 1433  ، لابد ان نقف عن واحدة من المؤشرات المهمة على الهوية الاسلامية والا وهي التاريخ القمري الذي نعتمده نحن المسلمون ، نلاحظ قوله تعالى في سورة التوبة " بسم الله الرحمن الرحيم ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والارض منها اربعة حرم ذلك الدين القيم فلاتظلموا انفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا ان الله مع المتقين " صدق الله العلي العظيم . هذه الآية واحدة من الآيات التي تشير الى هذا الموضوع المهم والحساس وهو التاريخ الذي يعتمده المسلمون ، وهناك سؤال كبير ومهم يطرح نفسه وهو اننا نحن كمسلمون لماذا اخترنا هذا التاريخ القمري والذي يعتمد على حركة القمر وانعكاس نور الشمس على القمر اساسا لتحديد تاريخنا وفي حركة التاريخ وفي مبدا التاريخ في حين ان الامم الاخرى تعتمد على التاريخ الشمسي الذي يعتمد على حركة الشمس وحركة الفصول كحركة واضحة وثابتة ودقيقة في حين ان التاريخ القمري وبحكم ارتباطه بحركة القمر وانعكاس نور الشمس على القمر يرتبط برؤية الهلال والذي يختلف رؤيته باختلاف الدول وغيرها من الامور ، وكثيرا ما يحصل ارباك عند المسلمين في هذا الامر ، في حين ان التاريخ الشمسي معروف واضح وبيّن لان حركة الشمس حركة واضحة وحركة الفصول واضحة وهذا التاريخ هو المعتمد ، فلماذا تركنا التاريخ الشمسي وذهبنا الى التاريخ القمري مع وجود هذه الالتباسات ، والسؤال الآخر المهم ، في هذا التاريخ القمري لماذا اعتمدنا على الهجرة النبوية مبدأًًً واساسا فتاريخنا تاريخ هجري يبدأ من الهجرة النبوية الشريفة فيما ان الاسلام يمكن ان تكون له بدايات قبل الهجرة وهذا ايضا من المواضيع التي تحتاج الى معالجة ، من المعروف ان التاريخ يمثل جزء من الهوية ، هوية كيان او مجموعة ممن يعتقدون بعقيدة واحدة من سماتهم ومن ملامح هويتهم هو تاريخهم ولذلك علينا ان نقف عند هذا الموضوع لنرى لماذا اعتمد التاريخ القمري وليس التاريخ الشمسي ولماذا كانت الهجرة مبدأ وليس محطات واحداث مهمة واساسية اخرى كانت قبل الهجرة النبوية الشريفة .

     لماذا التاريخ القمري ...الاسلام هوية مستقلة 
    القرآن الكريم يتحدث في سورة البقرة " بسم الله الرحمن الرحيم يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج " اذن الهلال ورؤية الهلال هي المبدأ في حساب التاريخ عند المسلمين . من الصعب الجزم والقول بان الاسباب تكمن في نقاط محددة ولكن يمكن للانسان ان يستنبط عدد من الاسباب والخلفيات ولكن قد  يكون هناك اسباب اخرى يتعرف عليها الانسان بالتدريج مادامت الحقيقة قرآنية ، ولكن حتى نقرب هذه الفكرة ونعرف لماذا تم اعتماد التاريخ القمري للمسلمين ، يمكن القول ان الاسلام باعتباره مدرسة مستقلة ومنهج مستقل جاء باطروحة جديدة ومثّّل دينا ومشروعا ورسالة للانسانية مختلفة عن المشاريع الاخرى ، المشاريع السماوية الاخرى يمثل الاسلام مكملا ومجددا لها  ، وبالنسبة للمشاريع الوضعية فالاسلام له خصوصية وله استقلالية عنها ، فاذا اردنا ان ننظر الى ذلك التاريخ الذي انطلق فيه الاسلام وننظر الواقع الاجتماعي آنذاك نرى ان الناس في ذلك الوقت كانت تتجاذبهم قوتين عظيمتين ، القوى الرومانية البيزنطية والقوة الفارسية وهما قوتين كبيرتين يمتلكان حضارة كبيرة وأمة معتزة بنفسها وتاريخها ولهم معالم حضارية معينة وكل يدعي لنفسه ما يدعي وكلتا القوتين كانتا تعتمدان التاريخ الشمسي  مبدأ لها ، ولكن كان هناك اختلاف في بداية السنة ، الامة الرومانية والتي كانت تدين بالمسيحية كانت تعتمد كانون الثاني مبدأ لها كما هو الى اليوم في التاريخ الميلادي ، والامة الفارسية كانت تعتمد فروردين مبدأ لها كما هو الى اليوم في السنة الشمسية للامة الفارسية ، وكذلك لو اردنا ان ننظر الى اساس التاريخ نرى ان الاساس في الامة الرومانية بحكم الديانة المسيحية كان هو ميلاد السيد المسيح (ع) ولازال الحساب على اساس ميلاد السيد المسيح ، والامة الفارسية كانت تعتمد على بناء الكيان الساساني وهو الكيان السياسي الاول للامة الفارسية كانت تعتمده البداية وبعد ان انتمئت الى الاسلام اصبح التاريخ الاسلامي هو البداية لهم ولكن اعتمادهم الاول كان على الحكم الساساني وهو بداية الدولة الفارسية في ذلك الحين ، لذلك نرى قوتين كبيرتين اساسيتين امبراطوريتين والعالم والامم آنذاك كانت قوى صغيرة وكانت تتبع احدى هاتين القوتين ، كان عالم فيه قطبين وجاء الاسلام ليقول اننا مدرسة ومشروع وفكر جديد ، نحن لاشرقية ولاغربية ، نحن لا فارسية ولا رومانية ، الاسلام مشروع جديد للانسانية  ، فاذا كان شيء مستقل وجديد يجب ان يكون في هويته في ملامحه ان يكون مستقل عن القوى الاخرى الموجودة حتى يبرهن على استقلاليته ، تلك القوى كانت تعتمد التاريخ الشمسي وجاء الاسلام يعتمد على التاريخ القمري في اشارة واضحة للهوية الاسلامية المستقلة عن تلك الامبراطوريات والقوى العظمى التي كانت قائمة وسائدة في ذلك الحين ، هذا قد يكون واحد من الاسباب التي ميّز الاسلام عن المدارس الأخرى والحضارات الاخرى التي كانت قائمة في ذلك الحين .

     الاخلاص  لله تعالى في كل الاوقات والظروف
    السبب الآخر الذي يمكن ان نتصوره ، نحن نلاحظ مجموعة من العبادات في الاسلام ارتبطت باوقات معينة باشهر محددة كعبادة الصوم في شهر رمضان والحج في ذي الحجة الحرام فاصبحت العبادة تؤتى في شهر محدد وزمن محدد وهناك عبادات مستحبة كثيرة مؤقتتة بتوقيتات وباشهر معينة ، في كتب الادعية والزيارة كتاب مفاتيح الجنان نرى ان لكل شهر من الاشهر اعمال مستحبة ومسنونة كل عمل في شهر معين ، اذن مستحبات عبادات كثيرة مرتبطة باشهر وازمنة معينة ومن الواجبات ايضا نلاحظ الحج والصيام على هذه الشاكلة ، هنا نلاحظ ان التاريخ الشمسي تاريخ ثابت كما قلنا فصوله ثابتة واشهره ثابتة فدائما تلاحظ الاشهر الشمسية في توقيت وفي ظروف بيئية محددة ، مثلا كانون الثاني هو الشهر الاول من السنة الميلادية وهي السنة الشمسية في كل سنة نرى كانون الثاني في الشتاء وتموز في الصيف ، ثابت في فصل محدد ولكن التاريخ القمري باعتباره يرتبط بحركة القمر تراه متحرك وكل 33 سنة يكون الشهر القمري الواحد ياخذ له دورة في كل فصول السنة، مثلا شهر محرم الحرام تراه خلال 33 سنة نراه في الشتاء ونراه في الصيف ونراه في الربيع وايضا في الخريف ، كذلك شهر رمضان ياخذ خلال 33 سنة دوره في كل فصول السنة وهكذا ، فالشهر القمري شهر يتحرك في الفصول ولكن الشهر الشمسي ثابت في فصل محدد ، لو كنا نعتمد التاريخ الشمسي ماذا يحصل ، كان يحصل دائما ان يكون صومنا في الشتاء او دائما في الصيف كذلك حجنا دوما في الصيف او دوما في الشتاء ، دوما في البرد او دوما في الحر ، فترتبط هذه العبادة بمناخ معين وظرف معين وباجواء معينة ، ولكن اذا ربطنا هذا الموضوع بالتاريخ القمري اصبح الانسان يصوم في الحر ويصوم في البرد ، يحج في الشتاء ويحج في الصيف وياتي بهذه الاعمال في كل فصول السنة وكأن هذا اقرب الى الاخلاص لله تعالى ، وكأن الانسان يخاطب الله تعالى ان النهار لوكان 8 ساعات او 18 ساعة لا يهم فانا أصوم ، الدنيا باردة والجو لطيف فأنا أصوم وكذلك الدنيا حارة وألنهار طويل وأعطش ايضا أصوم اخلاصا لله تعالى  وكذلك بالنسبة للحج  ،   مهما كانت الظروف لا اتوانى ولا اتخلى ولا اتخلف عن الالتزام والطاعة ، وفي هذا مستوى عال من تجسيد العبودية لله تعالى ، وفيه تكريس للطاعة لله تعالى ، اننا ناتي بهذه الاعمال مهما كانت الظروف والاجواء  ، هذا يجعل العبادة لا ترتبط بظرف زمني او طقوس معينة او مناخات عامة معينة وانما يبقى الانسان متحرراً من هذه الالتزامت والقيود ومستعد لعبادة الله تعالى في كل ظرف وزمان وفي كل وقت ، هذا ايضا قد يكون سببا آخر التي دعت الى اعتما د التاريخ القمري .

     استهلال الهلال يحمل مضامين تربوية
    السبب الثالث التاريخ القمري يرتبط برؤية الهلال ، اذن عليك باستهلال الهلال ورؤيته ، استحباب رؤية الهلال ، اذن عملية الاستهلال عملية عبادية مقدسة ،  ذهاب شهر ومجيء شهر  جديد يعني نقصان للعمر شهر وذهب من حياتنا شهر ، من يعتمد الشهر الشمسي هناك مفكرة تخبره بتوقيات ومواعيد الايام  خلال عشرات ومئات السنين والانسان لا يفكر اين بداية الشهر وغيرها وتمر عليه الشهور دون ان يقف عندها ويتعلم منها ويتفقه وينتبه الى مافاته ، يعيش حالة الغفلة ، ولكن في التاريخ القمري الناس احدهم يسال الثاني ، صحيح اليوم مجتمعاتنا اصبحت هذه الثقافة بسيطة وحياتنا تركبت على التاريخ الشمسي والميلادي ، دوامنا وورواتبنا وذهابنا وغيرها كلها على التاريخ الميلادي ولا نذكر التاريخ القمري الا في رمضان وما يرتبط به من صوم كذلك في وقت الحج ، وكما ان الفتاوى العامة تذهب بالانسان حيثما ذهب عموم المسلمين وهي متروكة لتشخيصات الدولة المضيفة ، على كل الاحوال هذه المسالة اصبحت خفيفة ولكن اذا اردنا ان ننظر الى ثقافتنا الدينية نرى عملية الاستهلال والذهاب الى رؤية الهلال والتاكد والدعاء عند رؤية الهلال والذي يحمل مضامين تربوية كبيرة يشعر معها الانسان ان الشهر انتهى ودخل في شهر جديد ، نقص من عمري شهر او شهرين او سنة ودائما يبقى يتابع فاذا كان سائرا بالطريق الصحيح يجدد العزيمة ويسير واذا كان سائرا بالطريق الخطا والعياذ بالله يتوقف ويصحح ويتوب ويقّوم ادائه ومساره وسلوكه ولذلك فان الاعتماد على التاريخ القمري فيه تربية ومراجعة للنفس فيه مسك زمام المبادرة في حركة الزمان لكي لا تضيع منا ويذهب العمر , يقف الواحد منا ويقول عجيب ذاك اليوم تخرجت وتزوجت ومرّت عشرين سنة ومرت اربعين سنة كم العمر يعبر بسرعه ويمر بسرعه وهذه لن تعود ، ويقف الانسان وقد صبغ شعره باللون الابيض ويقول الا ليت الشباب يعود يوما فاخبره بما فعل المشيب , ماذا عمل بنا الزمان وكيف ذهبت الايام واحسرتاه ضاع منا وفي غفله نحن ولم نعرف كيف نعبر الامور , هذه الحالة لن تحدث لمن يعتمد التاريخ القمري ويلتفت الى حركة الزمان وهي تربية وترويض روحي مستمر.
    النقطة الاخرى مهمة لماذا التاريخ الهجري ولماذا المبدا هجرة النبي (ص) مع اننا امام حدثين مهمين وكبيرين هما ولادة الرسول وترون في التاريخ الميلادي عند المسيحيين يعتمدون ولادة السيد المسيح عليه وعلى نبينا واله السلام نحن ايضا لدينا ولادة الرسول وولادة الرساله المبعث النبوي الشريف, لماذا لا نعتمد ولادة الرسول ولا الرساله اعتمدنا الهجرة النبوية وهي جاءت 13 سنة بعد الرساله وجاءت 53 سنة بعد ولادة الرسول ؟ لماذا لم نلحظها ونبدا من هجرة النبي ( ص) في تاريخنا الاسلامي الهجري .
    والاستغراب يزداد عندما نعرف ان هذا الموضوع نوقش في عهد الخليفة الثاني وكان راي علي (ع) كما تحدثنا الوثائق التاريخية ان امير المؤمنين هو الذي اشار باعتبار الهجرة النبوية اساسا لتاريخ المسلمين , وهذه قضية مهمة اعتمدها المسلمون بناءا على هذا الاقتراح من امير المؤمنين علي (ع) لماذا الهجرة وليس ولادة النبي او البعثة النبوية الشريفة هذا سؤال مهم علينا ان نجيب عليه.

     هجرة النبي (ص) تأسيس الكيان السياسي للدولة الاسلامية
     اذا اردنا ان ننظر الى الخصوصية ونرى ماذا جرى في الهجرة سنرى ان في الهجرة تم تاسيس الكيان السياسي على يد رسول الله (ص) ورسول الله شكل دولة في المدينة وفي مكة الدعوة سرية وبدايات الدعوة العلنية وجمع الانصار وكان مطارد وملاحق وكان مشرد وكان تحت المجهر وكان يلاحق اصحابه لكن يوم انتقل الى يثرب اسس الدولة وسماها المدينة اي نظام فيه ثوابت واطار وكان رسول الله (ص) يقود تلك التجربة وكأن علي (ع) يقول ان المسلمين عزتهم وشوكتهم وهويتهم تتشكل باليوم الذي يصبح لديهم دولة عادلة تدافع عن حفقوقهم وتبني مجتمعهم وتنظم حياتهم وتقنن سلوكهم حينما تكون دولة يبدا العد وقبل الدولة لايحسب لانها لم تزل مقدمات وتحضيرات , كم هو درس عظيم واشارة مهمة وهذا مانلاحظه في واقعة الغدير ,ماذا جرى في الغدير؟ في الغدير وضعت الرؤية في بناء الدولة العادلة لقادم الايام ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ) وجاءت الاية الشريفة ( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) كمال الدين وتمام النعمة ورضا ربي بالاسلام دينا يوم يوضع الصورة والرؤية للحكم العادل ,اذن دولة وادارة وقيادة وتنظيم للشؤون الناس وخدمة للناس في ذلك اليوم يعتبر وضعت ملامح المشروع وعلي عليه السلام يقول نحسب الاسلام متى انطلق يوم شكّل دولة وتعتبر الانطلاقة وليس قبل ذلك .
    ياتي سؤال لماذا لانعتمد الهجرة مبدا ولم تاتي الهجرة في محرم الحرام فلماذا بداية السنة الهجرية من شهر محرم هذا ايضا سؤال , من ناحية نرى في زمن الجاهلية كانوا يعتمدون شهر محرم بداية والاسلام جاء ليصحح المسار واعتمد نفس الشيء وهذا يعني انا اذا كنا نعاني مشكلة مع نظام معين وحالة معينة لايعني ان كل ماعملناه خطا وممكن شيء صحيح ناخذه,ماقبل الاسلام جهل وجاهلية وظلام وشرك وكفر والعقيدة لاناخذ وبالدين لاناخذ وبالسلوك الخاطئة لانقبل لكن اذا كان هناك شيء ليس فيه مشكلة وينسجم ولانقول وبسبب انه ارتبط بالماضي نضع (أكس) على كل شيء بالماضي لانريده, لماذا يجوز هناك شيء جيد ناخذه ونقبل به , هذا التاريخ بداية شهر محرم بالجاهلية والاسلام راى انه منسجم مع الظرف الاسلامي الان للمسلمين صححه بل نلاحظ حتى مع المسار الديني للمسلمين شهر محرم جاء ملائم ومناسب, دينيا الناس تذهب للحج والحج محطة دينية ومحطة اقتصادية للمسلمين و الحج هو القصد والحجاج ذاهبين قاصدين رب العالمين يجسدون التوحيد الخالص لله تعالى , والحاج عندما يذهب للحج يطهر ويرجع نظيف طاهر مطهر في قلبه ومعنوياته والله غفر له وتاب عنه ويغفر لجميع حجاج بيت الله الحرام في هذا العام وفي كل عام, وعندما يرجع يقال له استانف العمل وياخذ سنة من العمل وتكون بداية جديدة بعد الحج الى الحج من السنة القادمة ويذهب ويجدد العهد والبيعة والعبودية لله سبحانه وتعالى ويرجع من جديد وهذا عباديا الحج محطة , ومابعده صفحة وبداية جديدة وشهر محرم الحرام بداية السنة الهجرية للمسلمين .
    اقتصاديا كان الناس ياخذون معهم بضائعهم معهم ويقولون نحج ونبيع ونشتري مانريد والحركة كانت صعبة تلك الايام ولم تكن هناك كما اليوم تتصل بالصين وتشتري البضاعه التي تريدها وبعد شهر تاتيك بالباخرة الى بلادك ليس هناك مثل هذا, والحج كان فرصة تاتي الناس من كل مكان وتذهب بضاعتك لجماعه اخرى في بلاد اخرى وانت تريد بضاعه موجوده في مكان اخر والمسلم الذي قدم من تلك البلاد جاء بها والناس تشتري وتبيع وتكون بداية حركة اقتصادية جديدة بعد الحج ,وجاء شهر محرم بداية السنة الهجرية منسجم مع الظروف الاجتماعية والدينية والظروف الاقتصادية للمسلمين لذلك صححه الاسلام واعتبره بداية لهذا الامر.

     قضية الحسين قضية مركزية في حركة المسلمين فكانت  في بداية السنة
    اليوم نسال ونقول قضية الامام الحسين وواقعة الامام الحسين هذه المجزرة وهذه المصيبة تاتي وتصبح في محرم الحرام في بداية السنة الهجرية هل هذه صدفة واعتباط ام تخطيط الهي اننا نبدا في كل عام السنة الهجرية نبدا بدايتنا بالحسين عليه السلام لنقف عند مدرسة الحسين حسين الثورة وحسين العطاء وحسين الفداء وحسين التصدي الحسين يعني التحمل للمسؤولية تجاه الامة, الحسين لم يكن يطلب سلطة وكراسي ولم يبحث عن امتيازات وكان رجل اصلاح ورجل بناء ورجل خدمة عامة ( اني لم اخرج اشرا ولابطرا ولاظالما ولامفسدا وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله (ص) ) اريد ان امر بالمعروف وانهى عن المنكر, والقضية لم تكن قضية حكم وسلطان وامتيازات ووجاهات لانه لم تنقصه الوجاهة ولايعوزه السلطان ولو اراد الدنيا لانسجم مع الحاكم واعطاه كل مايشتهي ويريد , الحسين كان يريد اصلاح المسارات تسير بالاتجاه الصحيح فكان الله سبحانه وتعالى اراد ان يجعل من الحسين ومن قضية الحسين قضية مركزية واساسية في حركة المسلمين فجعلها في بداية السنة ولذلك ترون بعض اوساط المسلمين الذي لم يكونوا متفاعلين او مطلعين بشكل جيد ياخذون بداية السنة الهجرية كما ياخذون الاخرون , المسيحيون في بداية السنة الميلادية الاخوة الايرانيون والاخوة الكرد ومن يحتفل ببداية السنة الشمسية نوروز وامثالها ويعتبروها افراح واعياد , فيما ان من يعرف قضية الحسين ويتفاعل مع قضية الحسين يبدا هذه السنة بلبس السواد والحزن على سيد الشهداء والبكاء على الحسين , ولكن هذه الدمعه ليست دمعه ماء الانسان يسكبها حتى يطفيء النار ويعيش التقاعس والخذلان والتراجع والكسل , هذه دمعة زيت يصبها الانسان على نار التصدي والحماس والاندفاع فيزيدها اشتعالا فيزداد حماسا وشوقا ويزداد ارادة في ان يمضي ببناء الانسان والمجتمع على اساس الصلاح والاصلاح الذي اراده الحسين عليه السلام.

     قضية الحسين ناصعة لا يشك بها احد
    قضية الحسين ليست قضية عاطفية صرفة وبحتة , الحسين احق بالخلافة والامامة والتصدي وجاء يزيد بن معاوية رجل سكير شارب للخمر ( اجلكم الله ) يتجاهر بالفسق والفجور ويلعب مع القردة ويرتكب المحرمات ويقتل النفس المحترمة ليس لديه ضوابط ومحددات ولايستحي من هذه القضية ,بعض الناس قد يعمل ذلك بالسر ولكن هذا لا يستحي ويتجاهر ويقوم بذلك باسم الاسلام يلبس جلباب الدين وهذا خطر على الاسلام على دين الناس والناس قد تمتنع عنه واخطر شي حينما يكون سلوك الحاكم سلوكا منحرفا وهو يدعي الاسلام والتدين ..الخ, الناس تحسب الخطا على الدين والاسلام ليست المشكله فيه بل بنا, ان احسنا فهو من اسلامنا وان اخطانا فهو من عند انفسنا, الاسلام ليس له علاقة , والقضية كانت خطرة لذلك الحسين تصدى, والقضية ليست عاطفية وحق ضائع لان هناك الكثير من الحقوق كانت ضائعه وصبر الائمة الاطهار صلوات الله عليهم على هذه الحقوق الضائعه وانما كانت المساله المخاطرة بالوجود والهوية الاسلامية وبالتجربة الاسلامية وكان على الحسين ان ينهض ليقوم ويصحح , الحسين خطط لها تخطيطا دقيقا وتخطيط سياسي وتخطيط عسكري وتخطيط اعلامي ولذلك بقت قضية الحسين قضية مدوية وبالرغم من كل محاولات الاخفاء والاقصاء والتشويه والحرف عن مسارها بقيت قضية ناصعة واضحة لايشك بها احد , تعبأ الشعوب والامم وهي رساله واضحة على مسارات المشروع الاسلامي وعلى رؤية الاسلام , لااريد ان اسهب كثيرا ولكن اذا اردنا ان نقف عند بعض الظواهر الحسينية , لماذا ارسل مسلم بن عقيل رسولا الى الوجهاء والشخصيات ليجددون البيعه والعهد وياخذ البيعه منهم من جديد ويكتب للحسين عليه السلام ان الناس بايعوا من جديد واقدم وبعدها صار الذي صار وابطلوا البيعه كما تعلمون ولم يذهب مباشره, ارسال مسلم واخذ البيعة هذا عمل سياسي الحسين قام بالتفاوض وارسل لجنة تفاوضية لوضع المسارات ولاخذ الالتزامات والعهود والمواثيق وهذه مبادرة من الحسين ومبادرة للشراكة الوطنية ان يجمع كل هؤلاء خلف مشروعه واجلسهم على الطاولة المستديرة بالكوفة من خلال رسوله مسلم بن عقيل وهكذا تعامل الحسين ,ايضا الخطب التفصيلية من تاريخ خروجه من المدينة الى مكة الى كربلاء وفي الفترة التي قضاها في كربلاء الى يوم عاشوراء الى اللحظة التي استشهد فيها. كلها خطب ومعاناة وشروح وتحليل وتذكير بتاريخ طويل هذا كله بيانات ورقم 1 ورقم 2 ورقم الف كلها تصاريح من خلالها استطاع الحسين ان يوثق خلفيات هذه الثورة وجذورها وافاقها, وهذا عمل اعلامي منظم منسق استطاع من خلالها الحسين ان يضع ملامح المشروع ولايستطيع احد حرف مسار المشروع, ايضا اصطحاب النساء والاطفال, ياحسين انت تعرف انك ذاهب لمعركة تعرف انك ستستشهد فيها انت ومن معك لماذا اصطحبت الاطفال والنساء معك ؟ هي ليست معركة تنتهي يجب ان تتحول الى حدث انساني كبير حتى تبقى خالدة .

     نهضة الامام الحسين ..دروس في الحياة وفي بناء مجتمعاتنا
    تصوروا  قضية عاشوراء وقضية الحسين بدون علي الاصغر وبدون رقية وبدون سكينة وبدون السبي لذراري رسول الله وحرم رسول الله كيف سيكون شكلها؟ كل هؤلاء الذين شاركوا الاطفال والنساء والعجائز والكبار كلهم ساهموا ليجعلوا من واقعة الطف ملحمة كبرى مايمكن ان تصنع بهذا الحجم دون حضور كل هذه المسلاحات, استنهاض الهمم واقامة الحجة, الحسين لايريد ان يقاتل ويستشهد ويذهب لربه, احتجاجات وحوارات ويرسل لهذا ويقول لذاك ويذكرهم ويقول له الم تقل ذلك ويقول لا لم اقل فيقول له لا والله انت قلت ذلك , وفلان يشهد وهكذا يقول رسول الله بحقي وانت ارسلت لي رساله ويافلان ويدخل في التفاصيل ويقيم الحجة على الجميع ليعمل حدث اعلاني كبير ويعبر عن خذلان اولئك , وبحقه كلهم اعترفوا لانها ليست بدعه وطارئة وليست هوى ولا مراهقة سياسية بل مشروع فيه جذوره العميقة في هذه الامة ولهذا الشعب ,كذلك اطالة المعركة يوم عاشوراء كانوا سبعين نفر والجماعة ثلاثين الف او سبعين الف حسب الروايات والنتيجة معروفة انه لايمكن ان يتفوق سبعين نفر على سبعين الف ، كان يمكن ان يقول بسم الله الرحمن الرحيم ويرفعوا سيوفهم وبنصف ساعة تنجلي الغبرة وتنتهي القصة , اطالة المعركة من صلاة الفجر الى قريب المغرب وكل واحد يخرج وكما تسمعون في مقتل سيد الشهداء هذه القصة الطويلة العريضة المتكاملة والاحتجاجات والبيانات وهذا ذهب وفلان سانده والعجوز خرجت , حتى يخلق منها حدثا كبيرا يحوله الى مشروع عظيم لذلك قضية كربلاء لم تكن قضية انفعالية وطارئة وبسيطة , فيها العاطفة والانفعال لكن هي اعمق لانها مشروع انساني واسلامي كبير اريد من خلاله ان ناخذ دروس في الحياة وبناء مجتمعاتنا.
    نسال الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا لاستثمار هذه الايام الشريفة ونستلهم الدروس من الحسين عليه السلام ومن اهل بيته واصحابه وصلوات الله وسلامه عليهم اجمعين وللحديث صله في الليالي القادمة  ان شاء الله ..اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    اخبار ذات صلة