• نص كلمة سماحة السيد عمار الحكيم في الحفل الرسمي لآحياء يوم الشهيد العراقي

    2012/ 05 /26 

    نص كلمة سماحة السيد عمار الحكيم في الحفل الرسمي لآحياء يوم الشهيد العراقي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين و صلى الله على سيدنا  محمد (ص) و على أهل بيته الطيبين الطاهرين و صحبه المنتجبين ..

    فخامة رئيس الجمهورية , دولة رئيس مجلس الوزراء , دولة رئيس مجلس النواب , اصحاب السيادة و المعالي و السعادة , السيدات و السادة الحضور ..أحييكم و أرحب بكم اجمل  ترحيب و اشكر لكم حضوركم و مساهمتكم في  هذا الاحتفال السنوي ليوم الشهيد العراقي و الذي  نستذكر فيه شهداء العراق و لا سيما شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم و عزيز العراق سماحة حجة الاسلام و المسلمين السيد عبد العزيز الحكيم (قدس سرهما) ..

    قال تعالى في  محكم كتابه الكريم آل عمران /169

    ( و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون ) صدق الله العلي العظيم

    أيها الاخوة و الاخوات الكرام ...

    في مسيرة الايام نلتقي رجالاً يتركون اثارهم محفورة على ذاكرة التاريخ  ، نعايشهم و نعتاش على فكرهم و رؤيتهم و ترتوي عقولنا بفيض حكمتهم و تمتلئ نفوسنا معهم بالصدق و الايمان ..و لكن مسيرة الزمن تستمر و يرحل الرجال الى حيث الوعد الصادق في هذه الحياة . و عندما نلتفت الى الوراء كي نتذكرهم في ذكراهم ، و نحن الذين لم ننسهم يوما ، نجد أنهم كانوا اكبر من  اللحظة و الزمن الذي عايشوه ، و ان آثارهم تزداد رسوخا و معالمها تزداد اتضاحاً ، فندرك انهم كانوا يعملون لزماننا لأنهم قد تفوقوا على زمنهم في الرؤية و التفكير..

    شهيد المحراب ..عاش من أجل الأمة وعشق الثورة على الظلم   

    اليوم نجتمع في رحاب رجل مميز و إنسان امتزج بإنسانيته ... عالم .. عابد ... مجاهد .... عشق الثورة على الظلم , و آمن بوعد ربه عن يقين وصدق معه حتى التقاه ..إن شهيدنا شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم(قده) عاش من اجل الامة و استشهد مع الامة .. لقد اكرمه الله بنهاية كان مقدر لها ان تكون هي البداية ،  و هكذا كان ..

    فمنذ صباه التزم اباه زعيم الأمة الإمام الحكيم (قده) و رافق أستاذه الإمام الشهيد الصدر(قده) مفجر الأمل الإسلامي الانساني المنشود ، فكان شهيد المحراب ينهل من نبعين عظيمين صافيين كالزلال ، و كانت هذه النعمة من نعم الإعداد الالهي.. و من هذا الاساس المتين كان ذلك المنطلق الذي انطلق به شهيدنا ، و شهد له به كل الذين عرفوه و عايشوه سواء اتفقوا معه او اختلفوا معه او به أو عليه ...

    أولى أولويات شهيد المحراب هي أن يكون الجميع في الإطار العام للمشروع مهما تقاطعت الآراء و الأفكار و التوجهات ..

    لقد حدد شهيد المحراب السقف الذي يكون فيه راعياً للأمة و الحركة و الجهاد و السياسة و الحياة و الناس .. و التزم بهذا السقف ، فأنطلق واثقا لا يلتفت الى الوراء و لا تتقاطع عنده الآراء ..  و كانت اولى اولوياته هي ان يكون الجميع في الاطار العام للمشروع و ان يبقى الجميع داخل هذا الإطار ، مهما تقاطعت الآراء و الأفكار و التوجهات ، و ان الطريق لابد ان تعترضه الصعاب و ان المخاضات لا بد لها ان تكون دامية ... و لكن مادمنا في الاطار العام للمشروع و سائرين نحو الهدف الذي يسعى اليه الجميع ، فأن الأمل يبقى متقد و ان النصر سيأتي عاجلا ام آجلا ...بهذه الرؤية الحركية كان يعمل شهيد المحراب ، و بهذا الأفق كان يتعامل مع اخوته و رفاقه في جميع الحركات و الاحزاب و التيارات الاسلامية و الوطنية  .. 

    تعامل شهيد المحراب مع الوطن على انه إطار يحوي بداخله أهم ما فيه  و هو الإنسان...

    تعامل مع الدين على انه الجامع المانع , و لكنه ايضا تعامل معه على انه المتجدد و القادر على التعايش مع الاخرين فكراً و منهجاً و ان يكون هو المنطلق نحو الآخرين ، لا أن يقف و يتجمد و ينتظر الاخرين القدوم اليه ..

    تعامل مع الوطن على انه اطار يحوي بداخله اهم ما فيه  ألا و هو الانسان .. فكان الوطن برؤيته و حركته لا يختزل بطائفة او قومية او دين و انما هو ذلك الاطار الذي يكسب قيمته بما يحتويه من هذه العناوين ..

    تعامل مع الإنسان على انه الركيزة التي اذا ما تم بنائها بالشكل الصحيح تكاملت باقي البناءات في الامة و المجتمع و أزدهر الوطن و تألق الدين ....

    تعامل مع السياسة على انها حالة نفسية واقعية  في طبيعة الانسان قبل ان تتحول الى ممارسة ، و أنها ليست مثالية و نقية ، حالها حال كل الممارسات الاجتماعية الأخرى ، و لكنه ألزمها برباط محكم من الاخلاقية و المبدئية و ثبت في منظومتها قاعدة ذهبية و هي ان (الوسائل من جنس الغايات) ، ليفند بذلك مقولة ان ( الغاية تبرر الوسيلة ) ...

    عزيز العراق الراحل بذل الجهود المضنية في  مشروع بناء الدولة العصرية العادلة ..

    و واصل المسيرة و حمل اللواء عزيز العراق الراحل الكبير سماحة السيد عبد العزيز الحكيم (قده) و بذل الجهود المضنية مع اخوانه و رفاقه قيادات المجلس الاعلى و القيادات الوطنية الاخرى في  مشروع بناء الدولة العصرية العادلة , و صياغة الدستور و إشاعة ثقافة الالتزام به و الرجوع إليه و احترام كافة مواده دون تمييز او انتقائية , و اجراء الانتخابات و اعتبارها  المظهر الاساس لصيانة النظام الديمقراطي التعددي  في البلاد , و وضع الضمانات الكافية لاستعادة السيادة الوطنية العراقية بخروج العراق  من الوصاية الدولية المفروضة عليه في البند السابع لميثاق الامم المتحدة و خروج القوات الاجنبية من البلاد , و الحرص على تحقيق الرفاه الاجتماعي و الاقتصادي للمواطنين و ضرورة العبور من الازمات الى الخدمات و تقديم الخدمة الافضل عبر الحكومة الخدومة و الراعية للشعب و مواجهة الارهاب الاعمى الذي يستهدف الانسان و الحياة في العراق و ضرورة الوصول الى نظرية جديدة في الامن الوطني العراقي تتناسب مع موقع العراق الجديد و تحدياته و تموضعه في المنظومة الإقليمية و الدولية و ما يتطلب من ايجاد قاعدة موحدة و فهم مشترك من قبل القوى السياسية المشاركة في ادارة البلاد , و الاهتمام بالشرائح العراقية كالعشائر و الشباب و المرأة و دور منظمات المجتمع المدني و وسائل الاعلام في الرقابة الاجتماعية على أداء مؤسسات الدولة , و استطاع ان يبرهن انه بحق و جدارة استوعب المشروع و عمّق فيه و كان محوراً اساسياً من محاور الجهد الوطني في  هذه الحقبة التي  تصدى فيها للمسؤولية المباشرة .

    شهيد المحراب خط لنا منهجا واضحا وطريقا معبدا

    ايها الأخوة والأخوات الكرام ..

    في يوم الشهيد العراقي انه لمن الصعب ان ننصف شهدائنا و قادتنا و شهيد المحراب و عزيز العراق ، ولكننا واثقين من ان المستقبل سيكون هو المنصف الاعدل عندما يستعرض حياتهم وحركتهم وفكرهم ورؤيتهم بقلم التاريخ ، وكلما تعمقنا في المستقبل كلما ازداد الانصاف وكتب التاريخ كامل حكايتهم ومسيرتهم وفسر رؤيتهم ومنهجهم، لقد خط لنا شهيد المحراب منهجا واضحا وطريقا معبدا ، وحدد حدوده وبيّن سقفه وثبت ركائزه ، ونحن اليوم في مسيرتنا وحركتنا ورؤيتنا انما نتّبع هذا النهج وننهل منه ونضيف عليه ..

    حجر الأساس في منهجنا هي قاعدة ( الاختلاف لا الخلاف ) وهي الأساس لكامل حركة الإنسان والمجتمع والدولة والسياسة ..

    ان حجر الاساس والزاوية في منهجنا هي قاعدة ( الاختلاف لا الخلاف ) .. وان هذه القاعدة هي الاساس والمؤسس لكامل حركة الإنسان والمجتمع والأمة والدولة والسياسة ... لان الاختلاف جزء من طبيعة الحياة ومكون في شخصية الانسان ومتى ما حصّنا انفسنا من ان نكون ضحايا لاختلافاتنا فإننا نكون قد حصّنا انفسنا من ان نسير في طريق الفشل وان نكون على خلاف قاطع مع الاخرين وتضيع لغة العقل والحوار ويتوقف العمل ونصل الى النهايات المؤلمة ، ومن اساس هذه القاعدة يمكن للجميع ان يحدد سياسة تيار شهيد المحراب عموما والمجلس الاعلى خصوصا ، وقد يعتقد البعض اننا نناور في بعض المواقف ولكننا نقول انها ليست مناورة وإنما هو منهج، لا نتمحور فيه الا مع الحق و حقوق  الوطن و المواطن ،فنحن نراجع انفسنا و نأمل ان يراجع الآخرون انفسهم , و سنرى جميعاً صواب هذه الرؤية ...

    نحن جميعا بحاجة إلى  الإرادة الحقيقية كي نكون معا في هذه المسيرة ، نتكامل أكثر مما نتقاطع ، ونتبادل الآراء أكثر مما نتبادل الاتهامات

    أيها الأخوة و الأخوات الكرام .. أيها الرجال الذين تمثلون اليوم قرة عين العراق ..

    ان مسؤوليتكم كبيرة ولحظتكم تاريخية .. فعراقكم الذي اخرجتموه من فك الذئب مازال بحاجة الى علاجات ، وانتم قد بذلتم الكثير وتحملتم الكثير ولكن الاكثر مازال مطلوباً منكم ، فهذا قدركم وهذه مسؤوليتكم ، لقد عبرنا بالعراق محطات مظلمة ، وكل يوم يمر  يتعافى العراق اكثر ويعود الى عزته وهيبته ويعود انسانه كريما حرا مرفوع الرأس متنعم بثرواته مطمأن على نفسه ، ولكننا أيها الاخوة بحاجة الى الوقت والى الإرادة الحقيقية منا جميعا كي نكون معا في هذه المسيرة ، نتكامل أكثر مما نتقاطع ، ونتبادل الآراء أكثر مما نتبادل الاتهامات ...

    ندعم الحكومة في الانفتاح العربي والإسلامي ..

    ايها الأعزاء ... اننا نؤكد موقفنا الداعم للحكومة في الانفتاح العربي و الاسلامي و الدولي حيث تابعنا و باهتمام بالغ انعقاد مؤتمر القمة العربية و استضافة اجتماعات 5+1 في الايام القليلة الماضية في بغداد و ان هذين الحدثين الكبيرين يعبران بوضوح عن دور العراق الاقليمي و الدولي و ان العراق اصبح اليوم من الدول الفاعلة في رسم السياسات الاقليمية في المنطقة , كما نؤكد دعمنا لحل المشاكل العالقة مع دول الجوار و المنطقة تمهيداً لرسم خارطة جديدة في العلاقات العراقية و الاقليمية تبتني على اساس حسن الجوار و الاحترام المتبادل و عدم التدخل في الشؤون الداخلية و التعايش السلمي  و حل المشاكل عبر اليات الحوار البناء و الثقة المتبادلة و ازالة التوتر القائم و التركيز على المصالح الاقليمية المشتركة بعد تحديد المصالح الوطنية و وضعها  في اطارها الصحيح ، فعلاقاتنا مع دولة الكويت شهدت تطوراً كبيراً و حلا لأكثر الملفات العالقة و نتمنى ان يستمر الجهد لحل  كافة الملفات في  القريب العاجل مع التركيز على العلاقة الاستراتيجية بين البلدين الجارين الشقيقين و التي  من الممكن ان تكون انموذجا للعلاقات العربية و الخليجية بشكل  عام .

    الضغط و التصعيد و الحظر  على إيران سوف لن يساعد على حل الملف النووي بل سيزيده تعقيداً

    و في موضوعة الملف  النووي الايراني نأمل  من المجتمع الدولي و الدول الراعية للمفاوضات ان تعترف بحق ايران لامتلاك الطاقة النووية للاغراض السلمية  و نؤكد حرص  العراق البالغ في انجاح هذا الاجتماع التاريخي و الذي سوف لن تنحصر آثاره على المجتمعين بل تتعداها لتصل الى جميع دول الجوار  و المنطقة ، و من الواضح ان الضغط و التصعيد و الحظر  على الجمهورية الاسلامية في  ايران سوف لن يساعد على حل هذا الملف بل سيزيده تعقيداً حيث ان الشعب الايراني سيبقى متمسكاً بحقه في  امتلاك الطاقة النووية السلمية مهما كانت الظروف و كما اكدت القيادة الايرانية على ذلك .

    ندعم الثورات العربية ..

    و نؤكد هنا ايضاً على دعمنا للثورات العربية التي  تشهدها المنطقة برمتها حيث ان الشعوب العربية انتفضت على حكامها و طالبت بحريتها و كرامتها  و الاعتراف بحقوقها المدنية و السياسية و نحن اليوم نرى انتخاب قيادات شعبية تتناسب مع عمق الشعوب العربية و نتمنى لهذه الشعوب الشقيقة النجاح و التوفيق و نؤكد لهم ان سر النجاح في نهضتهم هذه هي التمسك بقيم الاسلام و العروبة و الوطنية و التماسك و الانسجام الوطني  و الابتعاد عن الفرقة و الوقوع في  احضان القوى الاجنبية ...

    نأمل أن ينال  الشعب السوري الشقيق حقوقه المشروعة بعيداً عن التدخلات الخارجية

    و نأمل أن تتجاوز سوريا الشقيقة أزمتها السياسية الراهنة بأسرع ما يمكن و ان ينال  الشعب السوري الشقيق حقوقه المشروعة بعيداً عن التدخلات الخارجية و ضمن اطار سوري بحت ينبع من الحوار الوطني  و الاتفاق على صيغ مرضية لجميع الاطراف كما نأمل ان تكمل  الحكومة السورية مشوار الاصلاح الوطني الذي ابتدأته بعزيمة راسخة و ان تستوعب المرحلة بكل  ما  تحمله في طياتها بروح من الانفتاح و الوسطية و سعة الصدر و التفاهم الوطني ....

     نتمنى ان يعود البحرين واحة للسلام و الوئام بين مختلف طوائفه و مكوناته

     كما نتمنى ان نرى تطوراً ملموسا للوضع السياسي  و الانساني الصعب الذي تمر به مملكة البحرين و ان تكون الحكومة البحرينية اكثر  حكمة و انفتاحاً في تعاملها مع المطالب  المشروعة للشعب البحريني الشقيق و ان يعود البحرين واحة للسلام و الوئام بين مختلف طوائفه و مكوناته , فمهما تعقدت الامور و مهما اثخن في الجراح تبقى البحرين شعبا و حكومة و ارضا معا و في نهاية المطاف يجب ان يصل الجميع الى حل يرضي جميع الاطراف و يعترف بحقوق الشعب في تقرير مصيره.

    سنبقى داعمين لحقوق الشعب الفلسطيني ..

    و ستبقى فلسطين قضية محورية في  جهدنا العربي و الاسلامي و لا حل للقضية الفلسطينية في  ظل التجاوز على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني و سنبقى داعين و مساندين لهذه الحقوق مهما طال الزمن ، ونحن نحتفي في هذه الأيام بخروج الجيش الأسرائيلي المحتل من الأراضي اللبنانية في خطوة مهمة سجلت للمقاومة الأسلامية في لبنان وجهدها الوطني في أستعادة السيادة اللبنانية .  

    أيها الأخوة الكرام ،أيها الأعزاء ، في نهاية كلمتنا هذه اسمحوا لي باسمكم ان أخاطب قائدنا

    و شهيدنا و نقول له  سيدي إن قاتلك مهزوم ، وان أبنائك و رفاقك سائرون على طريق الانتصار.

    تحية إجلال  و إكبار لشهداء العراق  و لكل قطرة دم اريقت على طريق الحرية و العزة و الكرامة لهذا الشعب الابي و للمراجع الشهداء و الشهيدين الصدرين و تحية لجميع الشرفاء الوطنيين الذين يقدمون ما بوسعهم لإعزاز هذا الشعب و رفاهه و اعمار البلاد و ازدهارها ...

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

     

    اخبار ذات صلة