• نص حديث سماحة السيد عمار الحكيم في الليلة السابعة من المحرم

    2012/ 11 /22 

    نص حديث سماحة السيد عمار الحكيم في الليلة السابعة من المحرم

    بسم الله الرحمن الرحيم  السلام عليكم يا أبا عبد الله, السلام عليكم يا ابن رسول الله , السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك , عليك منا جميعا سلام الله أبدا ما بقينا وبقي الليل والنهار , ولا جعله الله آخر العهد منا لزيارتكم , السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام ,
    السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات الحسينيون ورحمة الله وبركاته.

    التوكل يمثل سر النجاح وعنصر القوة وعلامة التميز للإنسان في حياته

    في ليلة أخرى من الليالي الحزينة للعشرة من شهر محرم الحرام ,  في ليلة السابع من شهر محرم نجتمع من جديد على مائدة الحسين ونستلهم درسا جديدا ونكتشف معارف جديدة من قيم الحسين  من ثورة الحسين ومن مشروع الحسين عليه السلام , كنا نتحدث في الليالي الماضية عن سمة مهمة من سمات الحسين ألا وهي سمة التوكل على الله سبحانه وتعالى والتي نجدها في كل خطوة وفي كل موقف , وكل كلمة صدرت من الحسين ومن أهل بيته وأصحابه , كانوا متوكلين على الله , هذا التوكل يمثل سر النجاح وعنصر القوة وعلامة التميز للإنسان في حياته , وكلما كان مستوى التوكل أعظم كلما شعر الإنسان بالقوة والصلابة وبالثبات وبالوضوح والبصيرة وبالإقدام لتحقيق أهدافه النبيلة .

    المتوكلون ذوو همم عالية وإرادة صلبه

     تحدثنا عن حقيقة التوكل وحدود التوكل ومراتب التوكل وانتهينا في الحديث معطيات وآثار التوكل حيث ذكرنا أن من هذه المعطيات الخروج عن سلطة الشيطان وتجنب الوقوع في الذنوب والمعاصي وهذه من آثار التوكل , وكذلك الهمة العالية , المتوكلون ذوو همم عالية وإرادة صلبه .

     ذكرنا أيضا القدرة على اتخاذ  القرار وكان حديثنا منذ الليلة الماضية عن المعطى الرابع من معطيات وآثار التوكل وهو عدم القلق من المعارضة ومن الرأي العام الذي تشكل بالضد من الإنسان إذا ما كان يمضي في طريق الحق ويتحرك ضمن المعايير الصحيحة ,

    يا مسؤول اشعر من انت مسؤول عنهم انك منهم

     نذكر شاهدا قرآنيا آخر في هذا المجال , وهو الآيات الشريفات من سورة التوبة الآية 128 و129 قوله تعالى بسم الله الرحيم" لقد جاءكم رسول من أنفسكم "( نبي أرسلناه لكم لكن خصوصيته انه من أنفسكم  ولم اجلب لكم ملك ونضعه نبي على البشر والناس ستقول هذا ملك والملائكة ظروفها تختلف فلا يمكن ان يتوقع منا نحن البشر ان نقتدي ونسير خلف الملائكة أولئك المجردين , هم موجودات التي لا تقع في الحرام والمجبلين على الطاعة وليس فيهم سمات البشر واحتياجات الإنسان ولا يستطيع ان يفهمني وإذا ما مضى في الطريق الصحيح ليس بالضرورة انا الإنسان استطيع ان أسير خلفه , لا جلبنا من أنفسكم , بشر )" قل انما انا بشر مثلكم " ( هذا الرسول القران يحدثنا يأكل الطعام ويمشي بالأسواق وحاله كحالكم ولديه احتياجات إنسانية ولديه طموحات وحركة وعلاقات إنسانية وهذه لا تتعارض مع مهامه الرسالية وهذه القاعدة القرآنية مهمة جدا ) "من أنفسكم " ( يا مسؤول ويا من تتصدى لقيادة في أي مستوى من المنظومات القيادية اشعر من انتم سؤول عنهم  أنك مسؤول عنهم وانك منهم ) "لقد جاءكم رسول من أنفسكم "( هذا مهم , الأمة عندما تشعر هذا النبي منها وفيها ومن نفسها ونتحدث ليس عن شخص بل رسول اذن عن مهمة وعن تصدي وعن مسؤولية ورسول الله كان قائد دولة ممكن أي منا يكون مسؤولا ومتصديا في مساحة قد تختلف تزيد أو تنقص كيف تستطيع ان توفر هذه السمات في شخصيتك وان تشعر الذي أنت مسؤولا عنهم تشعرهم بأنك منهم حتى تستطيع النجاح ) "عزيز عليه ما عنتم " هذا النبي لا يعيش حالة اللامبالاة تجاهكم ويعز عليه ويشق عليه ويصعب عليه الشدائد التي تقعون فيها ويرى ضيمكم ويتحسر ويرى محنتكم يتالم , ويرى معاناتكم ويرى فقركم ويرى حاجتكم , إذن هذه سمة أخرى من سمات القيادة , استشعار الم الرعية , الذي هو مسؤولا عنهم ويجوز يكون مدير دائرة أو قسم أو مسؤول عن عائلة ويجوز رئيس عشيرة ورئيس شركة او مصنع كائنا من يكون أي  كان هذه المنظومة القيادية , أتتحسس الامهم ؟ أ تشعرهم وتشعر انت ايضا بانك محروق قلب عليهم ؟هذه مهمة جدا , "عزيز عليه ماعنتم  حريص عليكم " لئلا يخطاون او يفقدون فرصة او يضيعون مجال أو يتأخرون , عنده حرص عليهم وعنده قلق على مستقبلهم ويريدهم دائما متقدمين ويريدهم ان يستفيدون من فرصهم , "بالمؤمنين رءوف رحيم " هذا النبي الذي ارسلناه اليكم عنده رأفة ورحمة وشفقة ,ليس فقط يتحسس ألامكم بل يحبكم وهذه قضية المحبة وقضية الرأفة والرحمة والشفقة وخفض الجناح , سمات مهمة جدا في أي قائد أراد ان ينجح في أي مستوى قيادي , وهذه من سمات رسول الله صلى الله عليه واله ,

    القيادة في المفهوم الإسلامي تجمع بين بعد عقيدي وبين بعد عاطفي

     اذن القيادة في المفهوم الإسلامي تجمع بين بعد عقيدي وبين بعد عاطفي , لا تتصور أنت قائد او انت حاكم او وزير او مدير أو أنت مسؤول في مجال ما, أن هؤلاء(  عسكر) تصدر تعليمات وأوامر عسكرية والأمة تتحرك بالأوامر , كلا , المفهوم الإسلامي الإدارة والقيادة ليست صرف تعليمات وتوجيهات وأوامر , وانما هناك بعد عاطفي وعلاقة خاصة تربط المسؤول مع الناس , مهمة جدا , هنا الشاهد هذا واجبك يا رسول الله أنت القائد وأنت الرسول ان تتخذ هذه الخطوات وتشعرهم بأنك من أنفسهم وانك منهم وتحرص عليهم وتهتم بمشاكلهم وتتحسس آلامهم وتحبهم وترأف بهم وتشعرهم الرحمة , كن حريص هذا كلها واجباتك ,  لكن اذا هذه كلها عملتها ومع ذلك "فان تولوا "إذا رفعوا أيديهم عنك وتركوك وتشكلت جبهة معارضة لك وتشكل رأي عام مخالف لتوجهاتك ومساراتك وأنت لم تقصر وأنت أديت ما عليك يا رسول الله "فان تولوا " اذا صارت حالة التمرد والخذلان وحالة التجاهل , للقيادة "فقل"هل تتراجع تخاف او ترضخ او تترك الحق وتسير مع الباطل في لحظة ما ؟كلا ," فقل حسبي الله "قل أنا عندي الله وهو يكفيني وهو معي وضعني مع الله وهذه المعية الالهية ضعها في كفة الميزان وضع البشر كلهم في الكفة الأخرى أي كفة ترجح ؟ الله طبعا , "حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم "وعلى الله توكلت وهو ما يجعلك بمأمن من الرأي العام ولا تقلق ولا تخاف ولا ترهب , هناك معارضة تتشكل سياسية ضدك ومادمت على حق ومادمت صاحب مشروع ومادت تسير بالطريق الصحيح ومادامك مشفق بحق الأمة ومادمت أشعرتهم بأنك قريب منهم ومتحسس لآلامهم ومشفق بحالهم , امضي في منهجك , وإذا تشكل رأي عام استذكر بان الله معك وتوكل على الله وتاخذ هذه القوة , وهذا الرأي الجمعي الذي تشكل بالضد منك هذا ما سرعان ما يتهاوى لأنه ليس له مقومات صحيحة , الراي الجمعي الذي يتشكل بإزاء قصور أو تقصير من القيادة ذاك قد يتعمق أكثر ويتوسع لكن الامة تخضع احيانا وتصير في ظروف لا تستطيع ان تقدر الأمر الصحيح وتأخذ مسارات اخرى واذا ما كان منهجك صحيح ومشروعك صحيح وسلوكك صحيح وأداءك صحيح توكل على الله تأخذ القوة وتسير وذاك الموقف يتفكك , لان الرأي العام العقل الجمعي والشعور والانطباع العام هذا حليب المزاج , كما ترون عندما يفور الحليب اذا اطفات النار سينزل سريعا والسخط الشعبي والامتعاض الشعبي والناتج عن أسباب واقعية , كلا , هذا سيبقى يغلي ويكبر ويصعد الى ان يقتضم اولئك الظالمين والطغاة والمفسدين كما لاحظنا في تاريخنا الطويل ونحن اليوم نتتلمذ في مدرسة الحسين سلام الله عليه وهو المصداق البارز لهذا المسار .

    إذا كان سخط الشعب وليد وأسباب ومناشيء واقعية سيكبر ويتوسع ويتعمق إلى ان يطيح بالظالم

    والربيع العربي المحيط بنا ورأينا وماذا جرى في العراق قبل 2003 وما الذي الت اليه الأمور , إذن إذا كان سخط الشعب وليد وأسباب ومناشيء واقعية سيكبر ويتوسع ويتعمق إلى ان يطيح بالظالم وإذا كان نتيجة قصور بالفهم والتباس او شبهة معينة , يا متصدي ويا مسؤول امضي بطريقك الصحيح ولا تقصر وتوكل على الله وستتذلل لك المشكلات ويتفكك بين يديك الموقف فالتوكل على الله يشعر الإنسان  بالاطمئنان .

    هناك علاقة بين صحة المسار والصلاة قد لانعرفها

    هناك شاهد قراني آخر , موضوع مهم القران يحدثنا عن قوم ( شعيب ) وهم لديهم مشكلتين , انحراف عقيدي يعبدون الأصنام وعندهم انحراف اقتصادي يعملون بالربا , يتلاعبون ويغشون يعتقدون انهم شطار  , يبخسون الناس حقهم ويتلاعبون بالميزان , انحراف عقيدي وانحراف اقتصادي , كما يحدثنا القران الكريم في سورة هود الاية 87 الى الاية 90 هذا المشهد القرآني الرائع , جاء شعيب ونهاهم وقال لهم ماذا تفعلون ؟ عبادة الله وليس عبادة الأوثان انتبهوا , ماهذا الانحراف الاقتصادي ولماذا هذا اللعب المال العام ؟لماذا الفساد المالي وتعملون به ؟ هذه ليست شطارة هذه به مردود خطير وانتبهوا , لا تتلاعبون بهذه الأموال بهذه الطريقة , ماذا كان تعليقهم وجوابهم قالوا "ياشعيب أصلاتك تأمرك ان نترك ما يعبد آباءنا " هل الركعات التي تركعها هي التي قالت لك ان نترك هذا مسار طويل نسير به ونعبد الاصنام وكلها نترك لماذا ؟ جاءك الوحي ؟ بصيغة الاستهزاء , أترون شخص يتكلم يقال له ارايت طيفا وتقول لي هذا الطيف ؟ أصلاتك تأمرك " شعيب كان كثير الصلاة , كان قومه في عالم آخر , لماذا تصلي ؟ يقول لهم ياقوم ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وهناك علاقة بين صحة المسار والصلاة وقد لاتعرفها , وتحسبها ركعات وماهي علاقتها بسلوكي وموقفي وبتجارتي وبأخلاقي ما علاقتها ؟ كان يؤكد عليهم هناك علاقة وحسن صلاتك سلوكك يتحسن , توجهك نحو الله يصبح حقيقة و"ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " ليس قوم شعيب فقط ممكن في زماننا هناك بعضنا لم يصدق ان الصلاة فيها تأثير ولا يستطيع تفهم هذا ما معنى الاهتمام بالصلاة وتتحسن حياتي وتتغير لماذا ؟ هذا عمل معين نعمله في خمس او عشر دقائق أو ربع ساعة صلاة الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء , كيف تغير هذه كل حياتي  ويقلبها ؟ قوم شعيب لا يعرفون السر والعلاقة بين هاتين الحقيقتين ," قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد اباءؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء " صلاتك تقول لك نحن لاحق لنا التصرف بأموالنا ونحن نريد أن نقامر بها أجلكم الله , أريد ان احتكر , هذه أموالي وتجارتي , صلاتك قالت أموالنا ليس لنا حق التصرف بها وفي مقام السخرية والاستهزاء , "انك لانت الحليم الرشيد " عجيب هذا درس قراني كبير انظروا من أين دخلوا ؟ انك أنت الحليم الرشيد وأنت عاقل وأنت ناضج إنسان طيب ونثق بك ما هذه الكلمات ؟ أنت أستاذ جامعة وأنت أستاذ وانت باحث وانت عالم ماذا يعني تذهب تهرول بعزاء طويريج ؟ لم نكن نتوقع ذلك وأنت عاقل لو كان البسطاء سنقول لايعرفون انت لماذا انت جامعي وأنت بروفيسور وأنت دكتور , انظروا كيف يدخلون من هذه عنوانه المدح وواقعه تضليل , يا شعيب انت عالم ورشيد تفهم وعاقل وانت تقول هكذا وتتصرف معنا ؟ ماكان جوابه شعيب قال "ياقومي 0هذا درس اخر مخاصميه ويستهزئون به ولا يقبلون باحاديثة ويخالفوه بالحق ماذا يقول لهم) قال "ياقومي " ياربعي اذا نسب قوم لنفسه فيها محبة وفيها شفقة وفيها اعتزاز وفيها عواطف "ياقومي تبقون ربعي حتى لو خالفتوني , يامسؤول إذا أردت ان تنجح حتى من ينتقدك في وسائل الإعلام والفضائيات لا تتخذ موقف منه ,  لا تكون حقود وتحمل وهذه ضريبة التصدي , قل له أنت أخي وصديقي وعزيزي حقك قد يكون صحيح تعال أوضح واشرح لك لكن اذا لم تقتنع حقك ان تتكلم ليس هناك مانع ولااهدده ولااخيفه ولا اقول من يتكلم عني كذا , يجب ان تردم الفجوة بيبن المسؤول وبين المواطنين , ياشعيب  إذا اخذت موقف منهم وهم اخذوا موقف منك صرت انت في واد والناس في واد آخر والفجوة ستزداد وتتعمق يوم بعد يوم وسترى نفسك في يوم معزول عن الناس , الكثير من الحكام جاؤوا على رؤوس الأكتاف صعدوا وشيئا فشيئا انعزلوا ونفس الأكتاف التي جاءت بهم رجعت وطردتهم من قصورهم الى الربيع العربي الذي رأيناه وامثاله عندما قدموا جاؤوا فاتحين وراكبين موجة والناس كلها تصفق لهم وفي يوم من الأيام أصبح الناس كلهم يرتدون عليهم ,

    حرك مشاعر الناس وكن قريب لهم ولامس أحاسيسهم

    " ياقومي ", المنهج القرآني في الإدارة والقيادي تبقى قريب دائما ممن أنت مسؤول عنهم , البعد ألمشاعري له دور كبير في نجاح المنظومة القيادية وهذه دروس القران , حرك مشاعر الناس وكن قريب لهم ولامس أحاسيسهم وحتى تنجح ,"ارايتم ان كنت على بينة من ربي " ألا تعلمون أنا على بينة من ربي ولا تعلمون ان الله سبحانه وتعالى منحني الوحي والنبوة وما ادعوك اليه هذا ليس كلام من عندياتي هذا كلام الله سبحانه وتعالى "ورزقني منه رزقا حسنا " والله رزقني اذا اخذناها  على الرزق المادي اتلوموني تقولون عندنا انحراف اقتصادي تعتقدون اني اريد ان استفيد منكم كلا الله يرزقني ونحسبها على الرزق المعنوي الله اعطاني المعارف الالهية ولست بحاجة  الى اموالكم واذا ادعوكم لمكافحة الفساد هذه لمصلحتكم واذا قلت لكم تعاملوا التعامل الاقتصادي الصحيح واستفيدوا من اموالكم بالاتجاه الصحيح وابنوا بلدكم هذه لمصلحتكم ولاتاخذوهاعلى كلام اخر ,.
    هنا ايضا درس اخر النبي حينما يتهم في المنظومة القيادية والقائد عندما يتهم يجب ان يشرح ويوضح ويزيل الالتباس لئلا يبقى شيء ببال الناس لانها لا تدري وكثير من الناس ليس لديهم غرض وهناك أصحاب أجندة ومشاريع يضللون , يامسؤول اخرج واشرح للناس ووضح لهم وقل لهم ماهو الموقف وأسبابه , ولماذا قلت هذا الكلام ولماذا اتخذت هذا الموقف ولماذا عملت هذه الخطوة ؟ شعيب نبي يقف يشرح للناس ويا جماعة لا تتهموني لا تعتقدون انا صاحب مصلحة وهذا معتز بالوحي وبالنبوة , الوحي قول الله يقول هذا وهذا كلام الله وليس كلامي وانا الله رزقني بما فيه الكفاية رزقا ماديا ورزقا معنويا , لا تتصورون انا في هذه القضية عندي مصلحة خاصة معكم , (الدفاع عن النفس ) , هذا ايضا قاعدة قرآنية مهمة , "وما أريد ان أخالفكم  الى ما أنهاكم عنه " لا تتصورون انا أقول لكم لا تعملون كذا ولا تنحرفون انحراف عقيدي واقتصادي وإنا انحرف وانا اذهب واعبد الأصنام وانا اذهب واقع في الربا وغيرها , كلا ,

    يامسؤول اذا أردت النجاح لا يجوز أن تأمر الناس بشيء وانت تعمل شيء

    هذه قاعدة أخرى ودرس قيادي اخر , يامسؤول اذا أردت النجاح لا يجوز أن تأمر الناس بشيء وانت تعمل شيء آخر , لماذا المسؤول فوق القانون ؟ هذا القانون للمواطنين وأما أنا مسؤول فوق القانون وأنا لي الحق , كلا , إذا نهيت الناس عن شيء وأنت وقعت فيه , هنا ستبدأ الفجوة والمشكلة , وهنا سيبدأ الشرخ بين القيادة وبين الأمة , ولذلك شعيب يشدد عليهم ويؤكد لهم بأنه أول من يلتزم بهذا الأمر لا ينهاهم عن الانحراف ألعقيدي والاقتصادي وهو يقع فيه ," وما أريد ان أخالفكم الى ما أنهاكم عنه أن أريد الا الإصلاح ما استطعت "هدفي نبيل وغايتي شريفة ليس لي غاية إلا الإصلاح , الا الهدف العام إلا العنوان العام وهذا درس قيادي اخر , يامن تريد ان تنجح في ادارة وقيادة وفي أي منظومة قيادية ,

    لاتذهب الى الاهداف الصغيرة , لاتركز على المصالح الخاصة

     لاتذهب الى الاهداف الصغيرة , لاتركز على المصالح الخاصة , هذه المصالح الخاصة لا تستطيع ان تجمع شعب , ولا تستطيع ان توحد امة , والاهداف المحدودة والضيقة لا تستطيع ان تعبئ امة , شعيب حينما اراد ان يستوعب الامة بكل توجهاتها ماذا قال لهم ؟ "ان اريد الا الاصلاح ما استطعت "
    وهذا ماقاله الحسين سلام الله عليه ايضا "اني لم اخرج اشرا ولابطرا ولا ظالما ولامفسدا , وانما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي رسول الله (صلى الله عليه واله) " , ولذلك استطاع ان يؤثر ويؤسس ويجمع فكانت رسالة الحسين رسالة جامعة , فيها المسلم وغير المسلم فيها العربي والأعجمي وفيها الكبير والصغير وفيها الرجل والمرأة , فيها التوجهات السياسية المختلفة وفيها وفيها , الامة بكل تلاوينها كانت حاضرة في واقعة الطف , الشاهد "وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه انيب " ياقوم الذي علي ان اقول لكم واوضح لكم وابين لكم واشرح لكم لكن اذا لم تاتوا ورائي وانا قائم بما علي في ذاك الوقت انا قوي بقوة التوكل على الله سبحانه وتعالى , ومخالفتكم لا تقلقني ولا تغير من قناعاتي والقائد لا يرضخ للرأي العام حينما يكون على خطأ ويكون هو على حق , ويمتلك القدرة في الدفاع عن الحق الذي يؤمن به , هذا منطق القران , "وياقوم "مرة أخرى ياقومي " لايجرمنكم شقاقي ان يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح او قوم هود او قوم صالح "يحذركم من المخالفة معه ان تسبب فيكم حالة عناد فلا تسمعون كلامي وهو كلام الله فيأتيكم العذاب وهو حريص عليهم , الأنبياء القيادة الصالحة حريصة ومشفقة , انتبهوا ,إذا كان خلاف شخصي لا مشكلة أتحمل , لكن هذا الكلام الذي انتم تضايقتم منه هذا كلام الله إذا خالفتموني به سيشملكم العذاب الذي شمل الأقوام السابقة قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وسيأتيكم العذاب أنا أخاف عليكم ’لا يقول الهي انتقم لي منهم وأنزل عذاب واحرقهم , كلا , أخاف عليكم من العذاب , لا تخالفوني ليس لأنكم تخالفوني لي إنما لأنكم تخالفون الله وأنا مشفق عليكم , " وما قوم لوط منكم ببعيد "وضعوا أعينكم على قوم لوط , لماذا يمثل لهم ويركز لهم على قوم لوط ؟ لان قوم لوط من نفس المكان كانوا قريبين من قوم شعيب في مدين وقوم لوط , كلاهما في بلاد الشام في منطقة قريبة , المدة الزمنية نسبة الى الأمكنة التي استعرضها نوح وهود وصالح , أما لوط فقريب منهم زمنيا قريب منهم , مكانيا قريب أيضا وأيضا قريب من حيث سبب العذاب , وقوم لوط كان عندهم انحراف وفساد أخلاقي , وقوم شعيب لديهم انحراف وفساد اقتصادي والروايات دائما تربط بين الفساد الأخلاقي والفساد الاقتصادي , ودائما ترون بالروايات الربط بين الربا والزنا , غريبة هذا الارتباط لان كلاهما فساد , كلاهما انحراف , فهناك تقارب بين قوم شعيب وقوم لوط في المكان والزمان وسبب العقاب لذلك يحذرهم من هذا الأمر , "واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه" إن ربي رحيم ودود" هنا لا يقول ربكم , لديكم خط رجعة يا امة أذا انحرفتم لا تقولوا نحن انحرفنا وأخطأنا و النار مثوانا , كلا , لديكم خط رجعة , "إن ربي رحيم ودود " الله يغفر والله يرحم ارجعوا ,

    استغلوا هذه الايام المقدسة للرجوع عن الاخطاء وتصحيح المسارات والتوبة الى الله

    ياانسان أنت في مجلس الحسين , راجع نفسك , لئلا تكون واقع في خطأ , في معصية والعياذ بالله , وظالم احد ومتجاوز على احد , وخالفت شيء من تعاليم الله وأنت في ضيافة أبي عبد الله , هنا اتخذ قرارك قبل أن تقوم وقل الهي من الليلة أنا ببركة الحسين أريد أن افتح صفحة جديدة , أريد أن أغير من سلوكي , الهي أنت تساعدني واليوم نتعلم من الحسين درس التوكل , الهي أتوكل عليك وان أتخلص من هذا المرض وأريد أن انبذ المعصية وهي مرض ,

    نحتاج الى دعاء لمعالجة الأمراض الروحية بالتوكل على الله سبحانه وتعالى

    ونحن كثيرا ندعو الله سبحانه وتعالى في أمراضنا البدنية الجسدية ولا ندعو في الأمراض الروحية ونحتاج الى دعاء لمعالجة الأمراض الروحية بالتوكل على الله سبحانه وتعالى ونحن اليوم في ليلة السابع من محرم المنسوبة الى ابي الفضل العباس هذا الرجل العظيم الذي تخلد في التاريخ وان لم يكن معصوما , وكان أنفس الذخائر لدى الحسين عليه السلام والأعداء تحذر صولته والعيال مطمئنة بوجوده , كان مبعث قلق للأعداء واطمئنان لحرم رسول الله وأطفال الرسالة ’ مادام العباس موجود والراية مرفوعة والعيال مرتاحة والاطفال مطمئنين بالرغم من كل ماجرى عليهم والاعداء يرون الراية مرفوعه والعباس واقف الرعب ياخذهم , ماذا نقول في العباس عليه السلام في وفاءه وصدقة واصراره وثباته وفي البصيرة ووضوح الرؤية الت كان يملكها وتوكله على الله في كل موقف ,

    قمة التوكل في سلوك ابي االفضل العباس (صلوات الله وسلامه عليه)

     نرى قمة التوكل في سلوك ابي االفضل العباس صلوات الله وسلامه عليه ويكفيه ماوصفه الحسين حينما قال "يا اخي انت حامل لوائي واذا مضيت تفرق عسكري "ومعسكري يتفرق بدونك يا ابي الفضل وانت حامل اللواء والعمود الفقري لهذه المعركة , انتهوا الأصحاب وجاء دور العباس  ,وهو لايستطيع الصبر وبكاء الاطفال وغدر هؤلاء وجاء مستأذنا أبي عبد الله الحسين , ولكن ال على نفسه قبل ان يخرج ان يرى اخوته الثلاثة بين يديه يقاتلون ويقتلون فداء لأبي عبد الله الحسين لئلا يذهب ويقتل ويضعفون , يريد ان يشد ازرهم قال لهم" تقدموا يابني امي حتى أراكم نصحتم لله ولرسوله " انظروا التوكل , قضية الله وتقدموا ثلاثتهم بعد ذلك جاء يطلب الرخصة من أبي عبد الله الحسين , الإمام الحسين رفض قال أنت اذا ذهبت يتفرق الوضع ولكن اذهب واطلب الماء للأطفال حتى لم يقل للنساء لم يقل للمقاتلين , لم يقل للحسين , قال للأطفال , يريد ان يلقي الحجة ويريد ان تبقى رسالة مدوية للتاريخ عن خسة هؤلاء القوم "اطلب الماء للأطفال ", الطفل لاهو بالمعركة وليس له ذنب ولاحتى مطلوب منه البيعة , ليزيد بن معاوية , الاطفال ليس مطلوب منهم فقط الحسين مطلوب منه , انا لا تعطوني , جاء العباس يخطب بهم يعظهم ويوضح لهم وقال في ما قال ثم وجه الخطاب لعمر بن سعد قائد المعركة" هذا الحسين بن بنت رسول الله قد قتلتم أصحابه وأهل بيته وهؤلاء عياله وأولاده عطاشى فاسقوهم من الماء , قد احرق الظمأ قلوبهم "( الأطفال والعيال ) فاثر كلامه في نفوسهم حتى بكي بعضهم " منطق واضح,  اي انسان يتقبله , ولكن الشمر صاح بأعلى صوته " يا ابن ابي تراب لو كان وجه الأرض كله ماء وهو تحت أيدينا لما سقيناكم منه قطرة ألا أن تدخلوا في بيعة يزيد " انظروا الخسة والدناءة والغدر , اين الرجولة ؟ أين الشيمة ؟ اين الشجاعة  في هذا الموقف ؟ فرأى أبي الفضل ان لا فائدة من النصيحة لم يتمالك نفسه فانطلق نحو الفرات وأربعة آلاف مقاتل كانوا بالطريق هزمهم وفتح طريقه نحو النهر وصل الى الفرات واغترف من الماء ليشرب وهو عطشان  ووصل إلى الماء وهذا الماء سيقويه على القتال أيضا , وتذكر عطش الحسين ومن معه فرمى الماء وقال "يانفس من بعد الحسين هوني "( يا عباس أنت عطشان لتشرب الماء وصلت إلى الماء ولكن ابي عبد الله الحسين والعيال والنساء والأطفال مازالوا عطاشى , أتقبل ان تشرب الماء والأطفال عطاشى ؟ انظروا الوفاء" يانفس من بعد الحسين هوني وبعدها لاكنت أن تكوني ,هذا الحسين وارد المنون "( ذاهب الى الموت)  " وتشرب بارد المعين " ماء بارد "( والحسين متوجها نحو الشهادة ) "تالله ماهذا فعال ديني " يقبلها لنفسه أبي الفضل العباس , وملأ القربة وعاد مسرعا ليوصل الماء إلى الأطفال والنساء , عاد يرتجز لا ارهب الموت اذا الموت سقى " ( أنا أمستعد والعباس لا يخاف الموت "حتى أوارى في المقاليد لقى نفسي لسبط المصطفى الطهر وقاء "( نفسي فداء للحسين ) "أني انا العباس اغدوا بالسقا اركض وا سرع بهذه القربة بهذه القربة من الماء لأسقي عيال رسول الله العطاشى" ولا أخاف الشر يوم الملتقى "انظروا التوكل على الله لا يخاف ولا يقلق  وقوي بقوة الله سبحانه وتعالى , أربعة آلاف فارس من الأعداء لا يستطيعون الخروج لمقاتلته , ما الخسة ؟ كمن له ( زيد بن الرقاد الجهمي)  وراء نخلة , هل هذا القتال تختبئ خلف النخلة ؟ فقطع اليد اليمنى لأبي الفضل العباس , أبي الفضل العباس لم يعبأ بذلك كان همه إيصال الماء إلى أطفال الحسين وعياله , ماسك القربة بيده اليسرى كمن له ( حكيم بن الطفيل ) وراء نخلة أخرى وقطع يساره , فحمل القربة بأسنانه انظروا الإصرار عنده هدف ان يوصل الماء الى المعسكر لا يهتم بنفسه فتقاطرت السهام وسهم في القربة وسهام أخرى في بدنه الطاهر وسقط من على ظهر جواده , يديه مقطوعتين والسهم نابت في القربة وسهم آخر في عينه وسهام في صدره مالوم ,

    الحياة انفاس تاتي وتذهب فكيف تترك بصمات في هذه الدنيا

    ولكن في كل هذه الحالة لا يفكر بنفسه أول ما سقط ماذا قال ؟ نادي "عليك مني السلام ابا عبد الله "يهيأ ابي عبد اله يقول سيدي هذا ما علي لا استطيع أن افعل أكثر من هذا وحاولت ان أوصل الماء لأطفالك ونساءك ولكن القدر لم يسعفني وأجابه الحسين بقوله " ألان انكسر ظهري وقلت حيلتي "الحسين شعر بان ظهره انكسر بسقوط أبي الفضل العباس , هذا هو قمة الوفاء وقمة التوكل على الله هكذا يكون الإنسان وهذه قمة الحياة , الحياة هي موقف وأنفاس تأتي وتذهب كيف تتعامل وكيف تكون وفيا ؟ كيف تكون صابرا ؟ كيف تكون متوكلا ؟ كيف تكون مقداما ؟ كيف تترك بصمات في هذه الدنيا ؟وتألق أبي الفضل العباس , والحسين وكل اصحابه وأهل بيته كان عندما يسقطون كان يجمعهم إلى الفسطاط  إلا العباس تركه في مكانه ويومها لم يعرف الناس السبب , اليوم عندما نرى هذه الخطوة جعلت مقام ومكانة عظيمة لأبي الفضل العباس , حتى أن في آداب الزيارة يقال أول ما تزور كربلاء ادخل وزور أبي الفضل العباس , وثم منه اذهب إلى زيارة أبي عبد الله فانه باب الحسين فادخلوا البيوت من أبوابها وصارت له هذه المنزلة والمكانة الرفيعة,

     نسال الله أن يجعلنا من الزائرين على نهجه وان يجعلنا من المتوكلين على الله سبحانه وتعالى في كل مواقفنا والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    اخبار ذات صلة