• السيد عمار الحكيم : الشهيد السيد مهدي الحكيم اسس لفهم جديد في أدبيات التحرك السياسي الإسلامي المعاصر يجمع بين الإسلام كعقيدة والوطنية كانتماء وارتباط

    2013/ 01 /16 

    السيد عمار الحكيم : الشهيد السيد مهدي الحكيم اسس لفهم جديد في أدبيات التحرك السياسي الإسلامي المعاصر يجمع بين الإسلام كعقيدة والوطنية كانتماء وارتباط

    بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا سيد الأنبياء والمرسلين حبيب اله العالمين أبي القاسم المصطفى محمد , وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين الميامين , السادة الأفاضل السيدات الاكارم الإخوة والأخوات , السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته , بداية أرحب بكم أجمل ترحيب واشكر لكم حضوركم وتأبينكم لهذه الشخصية الكبيرة التي نقف اليوم موقف إجلال وإكبار لها ولعطاءاتها الكبيرة من اجل الإسلام ومن اجل العراق , ولابد أن انوه بان أقصى ما أتمناه واطمح إليه أن أكون خادما صغيرا لهذا الشعب العظيم , وأتمنى أن لا يستخدم غير هذه الأوصاف لمن هو خادم لهذا الشعب , نقف اليوم أيها الأحبة لنستذكر شخصية علمائية ولكنها جمعت بين الحركية والفكر والسياسة امتلكت رؤية واضحة وخارطة طريق لما تسعى لتحقيقه وانجازه , شخصية تميزت بسعة الأفق , وقوة المنطق , والحراك المستمر الذي لا يعرف اليأس ولا يستسلم للتحديات أي كانت ومهما كانت , انه العلامة الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم , رجل أسس لفهم جديد في أدبيات التحرك السياسي الإسلامي المعاصر , ليحوله إلى حراك مؤسسي ممنهج يجمع بين الإسلام كعقيدة والوطنية كانتماء وارتباط , وبين الانفتاح كمنهج والأصالة والمبدئية كأساس , وبين الفهم الإنساني والإسلامي في النظرة الى الحياة وفي ادارة شؤون الحياة ,  

    نستذكر اليوم المحطات المهمة والخطوات الكبيرة التي خطاها السيد مهدي الحكيم في مشروعه وفي حياته العامرة بالجهد والجهاد
    شخصية أوقعت أعداءها في التناقض ومنافسيها في التشكيك  والمتربصين بها في الوهم في ما امتلكت هي حقيقة الموقف ودقة التصور وسلكت طريقا ميزها عن غيرها لتتحول بذلك الى حركة متجددة عبر شخصية واعية ومثابرة , لم يوقفها شيء من الإرهاصات  إلا تلك الرصاصات الغادرة لتنتهي مسيرتها باشرف نهاية حين يسقط المرء شهيدا , في سبيل ما عمل به وعمل من اجله وهو رضا الله سبحانه وتعالى لهذا الرجل الكبير , وخدمة عباد الله فنال ما يريد , ونال أعداءه ما يستحقون , حينما نتحدث عن الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم , نستذكر المحطات المهمة والخطوات الكبيرة التي خطاها في مشروعه وفي حياته العامرة بالجهد والجهاد , فالكبار وحدهم هم الذين لا يخشون الخطوات الكبيرة وكان شهيدتا الغالي كبيرا في فهمه لطبيعة المرحلة والمسؤولية الملقاة عليه , وكان يؤمن بان الأفكار يجب ان لا تبقى حبيسة حامليها والتواصل مع الآخرين هو الأساس القويم في إنجاح العمل السياسي والحراك الإسلامي , انه منهج لم يأت من فراغ أو لمحض صدفة وانما كان نابعا من أسس عميقة تجذرت في شخصيته وفكره , منذ حضي بالرعاية الأبوية والتنشئة من أبيه الإمام السيد محسن الحكيم وأساتذته الكبار وفي مقدمتهم أية الله العظمى سماحة الشيخ حسين الحلي والإمام الخوئي وصولا إلى أخيه ورفيقه وأستاذه الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر( قدس سره ) فتشكلت أساسيات الفكر الحركي الإسلامي في رؤية الشهيد السعيد السيد محمد مهدي الحكيم منذ ذلك الحين ليتطور الموقف

    استهداف العلامة السيد مهدي الحكيم استهداف للمرجعية الدينية ودورها الاجتماعي المتنامي
    بعد ذلك في عام 1964 حينما أوفده الإمام الحكيم مبعوثا إلى العاصمة بغداد في حركة نوعية تقوم بها المرجعية الدينية آنذاك لترسيخ التواصل المرجعي مع الناس من ناحية والتمثيل المرجعي في عاصمة القرار السياسي من ناحية أخرى , في بال من كان لا يرى للمرجعية دورا يتعدى حدود النجف ونصح المؤمنين وبدا بمثابرة عالية يتواصل مع مختلف مناطق بغداد ويؤسس فيها المساجد والحسينيات وكان عضوا فاعلا في جماعة علماء بغداد والكاظمية والى يومنا الحاضر نجد حسينيات ومساجد في العديد من مناطق بغداد شيدت على يد الشهيد الكبير وكان يتواصل بشكل مكثف مع الوجهاء والشخصيات ورؤساء العشائر والأكاديميين والطبقة السياسية والمسؤولين وكان يحمل رسائل المرجعية الى الزعماء في مناسبات عدة من العهد ألعارفي والى العهد ألبعثي , ويحذرهم ويتوعدهم بموقف المرجعية اذا لم يعودوا لرشدهم ولم ينصفوا شعبهم, ان ذلك اثار حفيظة الحكم التسلطي الجائر والذي استوعب بالتدريج عمق هذه الخطوة التي بادرت إليها المرجعية بإيفاد مبعوث لها إلى العاصمة بغداد وتأثيراتها المستقبلية فجعل استهداف الشهيد السعيد هدفا استراتجيا في طريق استهداف المرجعية الدينية  ودورها الاجتماعي المتنامي في واقعنا العراقي , وهو ما يعبر عن مستوى النجاح الذي حققه الشهيد السعيد في حركته هذه والتي استمرت ست سنوات في بغداد , على أثرها استهدف عام 1969 باتهامه بالعمالة للأجنبي وملاحقته مما أدى الى خروجه سرا من العراق , إلى الباكستان والذي استمر بالقيام بأنشطة عديدة وبناء مؤسسات متنوعة بهذا البلد الإسلامي الكريم , حتى انتقل إلى الإمارات العربية المتحدة وإمارة دبي بالتحديد وبدعوة كريمة من أبناءها ليؤسس هناك الأوقاف الجعفرية والمجلس الشرعي الجعفري ويقوم بالعديد من الفعاليات والأنشطة ويشيد العديد من المؤسسات , ثم ينتقل بعدها إلى لندن وبطلب من الإمام الشهيد الصدر الذي لم ينقطع عن التواصل معه طيلة هذه الفترة ويؤسس هناك برفقة صديقة الصدوق ورفيق الدرب العلامة الكبير الأستاذ والأب لنا سماحة السيد محمد بحر العلوم مركز أهل البيت ومنظمة حقوق الإنسان في العراق ولجنة رعاية المهاجرين العراقيين إلى غير ذلك من عناوين كثيرة وكثيرة , وانطلق من بريطانيا في حركة واسعة إلى الدول الأوربية والتواصل مع الجالية العراقية وقوى المعارضة وتحشيدها ضمن جبهة وطنية شاملة ,

    ان رؤية الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم ومنهجه المنفتح كانت هي الرؤيا الحقيقية والواقعية التي اتسمت بدرجة عالية من النضج والاستيعاب للعديد من العوامل المتداخلة في التحرك السياسي
    انه كان يدرك جيدا ان الصراع مع الدكتاتورية يجب ان يأخذ بنظر الاعتبار الموقع الحساس للعراق وتأثيراته في المعادلات الإقليمية والدولية  وطبيعة النظام الدكتاتوري ونقاط القوة والضعف في بيئته الاستبدادية وطبيعة الشعب العراقي وتنوعه وتجاربه التاريخية مما جعل رؤيته السياسية عميقة ومتكاملة ومستندة إلى فهم دقيق للواقع , ان هذا المنهج المتميز في العمل السياسي الحركي كان يلتقي مع الأطر التقليدية المألوفة  في الإحداث والغايات ويختلف معها في الوسائل والأدوات وهو ما أسيء فهمه من بعض الأصدقاء فضلا عن الأعداء , مما عرض الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم الى سوء الفهم والتفسير الخاطيء لحركته وصولا إلى اتهامات ظالمة توجهت نحوه , وعاش مظلوما في حياته قبل ان يضمن استهدافه واستشهاده وقد أثبتت أحداث الماضي القريب والحاضر الذي نعيشه اليوم أن رؤية الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم ومنهجه المنفتح كانت هي الرؤيا الحقيقية والواقعية التي اتسمت بدرجة عالية من النضج والاستيعاب للعديد من العوامل المتداخلة في التحرك السياسي مع الحفاظ على الأصالة والثوابت في هذه الحركة , ان المسحة العصري في العمل الإسلامي والانفتاح على الجميع في الساحة الوطنية والانفتاح على القوى الإقليمية والدولية والمسار المنهجي في الأداء الحركي الإسلامي بعيدا عن الانفعالات وردود الأفعال غير المدروسة وترسيخ البعد الأخلاقي في العمل الحركي هذه الأركان الخمسة تمثل الملامح الأساسية للمنهج السياسي للشهيد السيد محمد مهدي الحكيم .

    من أساسيات الأخلاق في العمل السياسي الاستعداد للتضحية من اجل المشروع والقضية وقد جسد الشهيد هذه الرؤية في نفسه
    إن الشهيد الحكيم كان يدرك البعد الأخلاقي في العمل الحركي والسياسي يجعل الحسابات السياسية تغرق في وحل الانتهازية والمصلحية فيما  ان العمل الإسلامي يسعى لتحقيق رضا الله سبحانه وتعالى وإنصاف المظلومين والمستضعفين ومن أساسيات الأخلاق في العمل السياسي الاستعداد للتضحية من اجل المشروع والقضية وقد جسد الشهيد هذه الرؤية في نفسه وشخصه فقد كان يضع المشروع قبل نفسه ووضع دينه وشعبه أولى أولوياته فأصبحت خسارته خسارة تجربة ومشروع قبل ان تكون خسارة فرد وتميز بكل ما تميز به .
    اننا في ذكرى استشهاده نستذكر ايضا استشهاد علم من أعلام مسيرتنا ورجل من رجالنا إلا وهو الشهيد السعيد ابي ذر الحسن الأمين التنفيذي للمجلس الأعلى والذي كان يمثل رجلا في قمة الورع والجد والاجتهاد والتضحية والفداء وتحمل المسؤولية تجاه المشروع , حتى ان شهيد المحراب الخالد كان يقول "لقد فقدت اخوين في شهر واحد " في اشارة الى الشهيد محمد مهدي الحكيم والشهيد ابي ذر الحسن , اننا حين نستعرض هذا التاريخ المشرف والقيم العليا والرؤية الواضحة لشهيدنا الغالي نجد انفسنا بامس الحاجة لاستحضار هذا المنهج في التعامل مع الكثير من القضايا والتحديات التي تواجهنا , ان مبدا لاحتواء  هو أساس العمل السياسي الناجح والمنهج الصحيح لبناء الدولة وتماسك الأمة , فقد مر على بلدنا شتى أصناف الممارسات السياسية من مختلف العناوين والاديولوجيات وكلها باءت بالفشل لانها اعتقدت ان الإقصاء قد يكون حلا سريعا لحسم القضايا العالقة ولكنهم كانوا واهمين ودليل وهمهم النتيجة التي انتهوا اليها والتاريخ الاسود الذي خلفوه وراء ظهورهم ,

    قدر العراق تنوعه وعلى من يحكمه ان يكون مستوعبا للجميع ومنفتحا على الجميع
    ان قدر هذا الوطن ان يكون متنوعا وقدر شعبه ان يتعايش معا , وقدر من يحكمه ان يكون مستوعبا للجميع ومنفتحا على الجميع , اننا نشعر بقلق بالغ لهذا الانسداد السياسي والذي أصبح يتحول إلى انسداد وتأزم اجتماعي ومناطقي والوقوف على الحياد في مثل هذه الظروف خطيئة لاتغتفر فلا حياد حينما تكون الأمة في ازمة ونحن لم نقف ولا يمكن ان نقف على الحياد لاننا اخترنا ان ننحاز الى الوطن والمواطن , ان الجميع وبدون استثناء يتحمل جزءا من المسؤولية وقد يكون هذا الكلام مزعجا للبعض او الكل ولكننا لا نستطيع أن نختزل المشكلة في طرف واحد بل الجميع يتحمل جزءا من المسؤولية بقدر دوره وموقعه في هذه الأزمة , ان أبناء شعبنا الذين يتظاهرون ويعتصمون لديهم حق في بعض المطالب المشروعة ويجب ان تمنح لهم حقوقهم لانها حقهم وليست منه من احد وهذا ما أكدت عليه المرجعية الدينية في بيانها الأخير ولكن في نفس الوقت أخاطب إخوتي وأهلي من المتظاهرين في الانبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وأقول لهم لا تسمحوا لاح دان يسرق تظاهرتكم وقضيتكم ويجيرها الى قضيته ومشروعه لديكم حقوق مشروعة وتتعاملون مع وطنكم وحكومتكم , ولكن لاتسمحوا لاحد ان يتلاعب بهذه الحقوق  ويجيركم لأجنداته الخاصة ولا تندفعوا بشعاراتكم الى حيز غير الذي تريدوه وليس من الصحيح ان تحملوا الحكومة كل التبعات والنكبات لأنها حكومة مشكلة من الجميع فلا تسمحوا لأحد ان يتلاعب بمشاعركم ويبعدكم عن لغة العقل والمنطق وكلي ثقة في رجال الدين المحترمين وشيوخ العشائر المكرمين في محافظاتنا الغربية العزيزة من انهم يدركون هذا جيدا ويسعون الى تعزيز اللحمة الوطنية وحماية الوطن والمواطن وفي نفس الوقت

    الحكومة اب ولا بد ان تحتوي الجميع وان تتعامل بعقل منفتح وصدر واسع مع الجميع
    أناشد الحكومة ان تكون ابا للجميع وان تحتوي الجميع وان تتعامل بعقل منفتح وصدر واسع مع الجميع وان تنظر الى اي مطلب قانوني ودستوري لأبناء شعبنا على انه حق مكتسب لهم وتكون حريصة على أعطاء كل ذي حق حقه , ونحن واثقون من أنها ستضع مصالح العراق العليا فوق كل اعتبار , إخوتي وأخواتي الأعزاء إننا نعيش في مرحلة حساسة وخطيرة من مراحل بناء عراقنا وعلينا ان نتفق على المشتركات ونناقش التقاطعات بهدوء وروية , إننا نعمل مع شركاءنا في التحالف الوطني والكتل النيابية الأخرى لإيجاد مخارج لهذا الوضع المتأزم وغير المقبول وليعلم الجميع إن العراق هو ملاذنا الوحيد وان المقياس الحقيقي للوطنية هو استعداد كل طرف للتنازل عن مواقفه المتشددة من اجل العراق وشعبه , وماعدا ذلك فان الوطنية تصبح مجرد كلمات منمقة لا قيمة لها , لان جوهر الوطنية هو الفعل وليس القول

    ليس عيبا ان نخطأ لكن العيب في تكرار الخطأ وتبريره
    نسال الله سبحانه وتعالى ان يعيننا جميعا على إدارة هذه الأزمة بالشكل الصحيح وتفكيكها وإعادة الحقوق إلى أهلها وإشعار أبناء شعبنا في كل مواقعهم بالكرامة والعزة وفرص استعادة حقوقهم كاملة في وطنهم وفي ظل نظامهم السياسي الجديد وان نتعلم من انجازاتنا ونتعلم من أخطاءنا فهذا هو المطلوب في مسيرتنا الطويلة والتي فيها الكثير من الانجازات وفيها العديد من الأخطاء ليس معيبا ان نخطأ ولكن من المعيب ان نكرر الخطأ ونصر على الخطأ ونبرر الخطأ هذا هو الخطأ الجسيم الذي يجب ان لا نقع فيه .
    شكرا لكم احبتي وسلام على شهداء العراق فسلام على كوكبة الشهداء الذين سقطوا اليوم في محافظة كركوك وفي كل يوم كوكبة من الشهداء نسال الله ان يتغمد الجميع برحمته الواسعة ولا سيما المراجع الشهداء الشهيدين الصدرين وشهيد المحراب وعزيز العراق وشهيدنا الخالد العلامة الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم وجميع شهداء العراق واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    اخبار ذات صلة