• كلمة رئيس الجمهورية التي ألقاها الدكتور خضير الخزاعي نائب رئيس الجمهورية في الحفل التأبيني بمناسبة الذكرى العاشرة لاستشهاد شهيد المحراب

    2013/ 05 /11 

    كلمة رئيس الجمهورية التي ألقاها الدكتور خضير الخزاعي نائب رئيس الجمهورية في الحفل التأبيني بمناسبة الذكرى العاشرة لاستشهاد شهيد المحراب

    بسم الله الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه والسلام عليكم اخوتي واخواتي في الله ورحمته وبركاته ,

    "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا "

    تلك هي الرائعة القرآنية الخالدة التي تفنن خزاف الوجود بصنعها فكانت أدبا متفردا متألقا رائعا تحكي عظمة الناس المؤمنين الصابرين الصادقين الذين صدقوا في إيمانهم وصدقوا في وعدهم مع الله وقدموا أرواحهم قرابين على مذبح الحرية وهم يعلمون جيدا أن ضريبة التحدي والتصدي ومن يريد أن يقود ويسود دماء تسيل وأرواح تزهق وجلودا تتلوى عليها سياط الجلادين في أقبية الرعب الطاغوتية ولكنهم ظلوا صابرين صامدين وما ثكلوا وما ترددوا لأنهم يدركون جيدا ان نتيجة هذا الصبر ونتيجة هذا الصدق ونتيجة هذا الولاء والوفاء صعود وعروج إلى الله سبحانه وتعالى ليكون هذا المؤمن والرجل الذي يريده الله تعالى وفيا صادقا مع النبيين والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا ,

    هؤلاء الرجال الذين "صدقوا ما عاهدوا الله عليه" كان يشدهم استعداد دائم لمواصلة الدرب رغم كل الأتعاب والصعاب ولذلك كتب التاريخ لهم مجدا حفظ أخاديد في عمق الذاكرة ولذلك صاروا من الخالدين وهبوا الله الوجود فوهبهم الخلود  والشهادة .

    أيها الإخوة والأخوات هي جزء من المعمار ألقراني للكون والحياة والإنسان وهي قيمة عليا تجعل من الشهيد شهيدا تجعل من الشهيد شاهدا تجعل من الشهيد خالدا ولذلك لا يستطيع كل الناس ان يصلوا إلى هذه المرتبة , ان الله فتح الجهاد لخاصة أولياءه ولذلك يختار من بينهم من يصلح أن يكون جليسا للأنبياء والصديقين والصالحين فكانوا هم الشهداء , الشهادة لمن يقاربها جسر ذهبي بين عالم  الشهادة ودنيا الغيب ولذلك تحتاج إلى رجل كبير يستطيع ان يخلق وان يصير من جسمه جسرا لهذا العبور ولذلك قليلون جدا هم الذين دخلوا الحياة وخرجوا منها ولم تستطع الحياة ان ترسم تجاعيد سنواتها عليهم سنين مشيبة وشيخوخة , كثيرون الذين دخلوا الحياة وخرجوا منها ولم يتركوا فيها أثرا لتغيير او تبديل ولكن القليل منهم لوى عنق الزمن وتألق في اعلى عليين لكي يترك بصماته على الحياة وكان الشهداء في قمة هؤلاء الذين صنعوا دنيا وحياة وصنعوا مجدا , قوانين التاريخ وقوانين حركة التاريخ تقول لنا ان الرجل التاريخي صاحب الفكر التاريخي إذا استطاع ان يستثمر الفرصة التاريخية سوف يخلق امة تاريخية ويكتب تاريخا لأمة وهؤلاء هم الشهداء , من الرجال الكبار الذين وقفوا عند منعطف الطريق ثم لوحوا للباحثين عن الحق والحقيقة ان الطريق من هنا هو المرجع العظيم الفقيد الإمام محسن الحكيم ( رضوان الله تعالى عليه ) الذي توفرت له شخصية رائدة وأفكار واعدة و وأمة صاعدة فخلق منها حدثا وحراكا لازلنا إلى ألان ننهل من عطاءات فيوضه  ومن فيوض عطاءاته وما استطاع احد ان يواجه تيارات هدامة خطيرة كما واجهها هذا الرجل الكبير العظيم ولذلك وهب خيرة أبنائه قرابين على مذبح الحق والحقيقة في هذه المسيرة الصاعدة الخالدة , قدم لنا فلذات كبده لكي يرسم لنا دربا مخضبا بالدماء معطرا بأريج الشهادة وعبير المجد , كان أبنائه الشهداء أبطال مواقف غيروا بقلم راعف وشريان نازف وصوت هادف فكانوا معالم ومنائر شامخة سامقة في هذا الدرب يستحقون منا ان نقف أمامهم بإجلال ونحن نعيش هذه الذكرى في محراب قدسهم وقداستهم وشهادتهم , كل شهداء الدنيا وكل الذين يعارضون الطغاة يروضون أنفسهم على ان يدفعوا ضريبة التصدي والتحدي ولكن المعارضة العراقي والشهيد العراقي تتضاعف عليه الضرائب والاستحقاقات والفواتير , ماراينا في دنيا الصراع وفي سوح المنازلة مجاهدا او معارضا الا ويقدم نفسه قربانا على مذبح ما يؤمن به الا الشهيد العراقي يقدم نفسه ثم يتقدم بعده ذووه من الدرجة الرابعة ، مارأينا شهيدا يطلب من أهله ان يمنع عنه البكاء والرثاء والعزاء الا الشهيد العراقي ماراينا شهيدا يطالب الطغاة أهله وذويه ان يدفعوا ثمن الرصاصة التي يقتل فيها الا الشهيد العراقي , ولذلك في هذه الأرض الطيبة في هذه الأرض العظيمة تعلم الإنسان العراقي درسا عظيما , هذا الدرس يقول له كلما كثر علينا الطرق كلما تعمقت مسامير التحدي والإصرار في خشبة الحياة والواقع لذلك بقي العراق شامخا دخله الكثير من الغزاة والفاتحون فخرجوا منه أما مسلمين أو مستسلمين كل التاريخ اقرأه لم يدخل العراق غازيا او فاتحا إلا وخرج مسلما كهولاكو والمغول وجنكيز خان او خرج مستسلما يجر أذيال الخيبة بعد ان يقدم الكثير من الخسائر ولم يحصل على شيء والسبب ان العراق يد لا تلوى وذراع لا يمكن ان تنكسر لانه نخلة شامخة سامقة وهامات مرفوعة أبت الا ان تناطح السحاب ولذلك سقط الطغاة وسقط المجرمون ولقي الاباة وبقي الدعاة والسر في ذلك أنهم ارتبطوا بالسماء فكانوا شجرة ثابتة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي آكلها كل حين , حينما نقف هنا لابد علينا ان نستذكر ونحن أبناء الحركة الإسلامية اننا مدينون لمرجعية السيد الإمام محسن الحكيم الذي كانت مرجعيته خيمة استوعبت كل العراقيين وتفيانا ظلالها وافيائها الوارفة وكان يبث فينا عزما وفكرا وفقها وبطولة ولذلك ظل الإنسان العراقي من خلال هذه الهامات الفارعة ومن خلال هذه الرموز الخالدة عصيا على الإذلال وعلى الاستعباد والاستبداد وهذا هو الإنسان العراقي الذي اذا ما أردنا ان نقدم هدية متواضعة للذين قدموا أنفسهم على سبيل الانبعاث لهذا الشعب ان نحول خلافاتنا الى مشتركات نعبر بها على جسر المحبة لقناطر الوئام والانسجام ونحن قادرون على ذلك ,

    ادعوا من خلال هذا المنبر ومن خلال هذه المناسبة ومن خلال هذا القدس الذي نعيش فيه ونحيا فيه كذكرى الشهداء لا نحيي ذكراهم اقول علينا أيها الإخوة والأخوات ان تتشابك ايدينا على الخير والمحبة والهدى لكي نبني العراق القوي العراق الغني العراق المستقل العراق المستقر , هذه المناسبة تذكرني برجل عظيم أخر يشرفني إنني تتلمذت وعلى يديه أربع سنوات في كلية أصول الدين وتعلمت منه الصبر والصمود والقران وعلوم القران والثقافة والأدب , انه استاذنا العظيم السيد محمد باقر الحكيم رضوان الله تعالى عليه هذا الرجل ضرب درسا في أروع ملاحم البطولة حينما ساومه الطغاة على ان يترك درب الجهاد او يقضى على البقية الباقية من أبنائه وذويه وأبناء عمومته , وكان تسعة عشر كوكبا مابين عالم وفقيه وأديب وأكاديمي بارع وإذا به يقف أمام الجموع وأمام العالم كله لكي يردد ما قاله جده الحسين حينما قال "الا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون " فقدم أهله وذويه قرابين على مذبح الحق لكي يصنع منهم نجوم تتلالا في سماء الحرية لذلك نقف أمامهم بكل احترام ,. هذا الرجل الخالد استطاع ان ينتزع من معاصريه كلمة رائعة حينما قالوا له قد نختلف معك ولكننا لا نختلف عليك ولذلك حينما نحيي ذكراه اشعر ان روحه الطيبة تنظر لنا من عليين لتقول لنا "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان "

    اختم حديثي بأبيات من الشعر قلتها وأنا ارثي رجالا صادقين صدقوا الله ما عاهدوا الله عليه من أخوة الدرب قبل عدة سنوات ولأني أنا الآن في محراب قدس الشهادة والشهداء , أعيد أبيات منها فقط فأقول :

    نسجت من دماءنا الكبرياء          فوق فخر اثنت عليه السماء

    طرزته من النجيع أقات              عطرها الحب والأريج الوفاء

    من شرايين حيدر وبنيه              ومن الصدر نبعها والرواء

    أيها المبدعون فجرا نديا            يتراءى من مبسميه الولاء

    عسجدي الرؤى وضيق  المحيا      مشرئب زاه مداه الفضاء

    أي ارض تلك الارض التي          انجبتكم قدست تربة وقدس ماء

    وتهاوت من هامة الدهر شوقا      للقاكم  ايامها الحمراء

    فعلى الارض من هداكم ضياء       وعلى الافق من دماكم سناء 

    شكرا ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

     

     

    اخبار ذات صلة