• في المؤتمر السنوي للمرشدين الدينيين ..السيد عمار الحكيم يدعو لاستثمار موسم الحج للوحدة والتعاضد بين مكونات الشعب

    2013/ 09 /05 

    في المؤتمر السنوي للمرشدين الدينيين ..السيد عمار الحكيم يدعو لاستثمار موسم الحج للوحدة والتعاضد بين مكونات الشعب


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحج له أبعاد واسعة ورحبة وتاثيرات مباشرة في بناء الفرد وفي بناء الجماعة ، والمهمة التي تمثلونها اصحاب السماحة والفضيلة مهمة الارشاد تمثل الحفاظ على هذا الهدف الكبير وهذه الفريضة المهم في حياة الانسان ، كلما يقدم من خدمات من المسكن والماكل والمشرب والنقل كلها من اجل ان توفر المناخ المناسب لاداء فريضة الحج ولكن الارشاد يرتبط مباشرة بتصحيح المناسك فانتم تمثلون يد العون والمساعدة لحجاج بيت الله الحرام في تصحيح مناسكهم في اداء هذه الفريضة الملقاة على عواتقهم ، والجمع هو العراق بكل تلاوينه الطيبة فهو مجلس اجتمع لحدث مهم ومهمة اساسية وحضور منوع فيه رضا الله تعالى وتستنزل فيه الرحمة الالهية .

    الحج عبادة وضيافة وحجاج بيت الله الحرام ضيوف الرحمن ، والعبادة هي المناسك التي وضعت في الحج وفيها الكثير من التعقيد ولاسيما لمن لم يلج واغلب حجاج بيت الله الحرام هم من حج الصرورة الذين لم يذهبوا ولم يتعرفوا على تلك الديار وكيفية اداء المناسك ، المرشد ولاسيما حضراتكم من اهل العلم وذهبتم الى الحج مرات ولا زلتم في هذه المهمة اصبحت بعض الامور من اوضح الواضحات لديك ولكنها قد لاتكون كذلك لدى غيركم للحجاج الذين يحجون للمرة الاولى وهذا ما يتطلب تكرار وتبيان ابسط الامور واوضحها بالنسبة لنا ولكنها غير واضحة للآخرين ، تلك الرواية المعروفة عن زرارة بن علي وهو من كبار الرواة ومن العلماء والمحدثين من كبار اصحاب الامام الصادق (ع) يساله يا اباعبدالله اربعون عاما نحن نسال في الحج وانت تجيب ولا تنتهي مسائل الحج فيجيبه الامام الصادق (ع) كيف تريد لفريضة وضعت أسسها 2000 عام قبل ولادة آدم (ع) قبل لها هذه الجذور وهذا التاريخ ولها هذه الابعاد العظيمة ان نلم بكل تفاصيلها في اربعين عاما ، هذا اشارة الى حجم التفرعات التي قد تستحدث والاشكاليات التي قد يقع فيها الحاج ما قد لا تخطر ببالنا لان الناس من مستويات مختلفة ويمارسون هذه الوظيفة ، لذلك الجانب العبادي يتطلب الماما فقهيا وثقافة فقهية تصل الى حجاج بيت الله الحرام وتبدأ قبل الحج ونحن في بلداننا ، المرشد حينما يجمع اعضاء الحملة من النساء والرجال ويشرح ويوضح لهم واليوم لدينا ادوات حديثة في التعليم يمكن استحضار صور وماشابه ذلك   ثم تستمر هذه العملية ، لحسن الحظ كل المسموعات التي تردنا ان المرشدين والمرشدات العراقيين في الاعم الاغلب يصرفون وقتا طويلا في خدمة الحجاج في تصحيح مناسكهم وبيان الاحكام الشرعية وهناك اشادات كبيرة تصلنا عن السيدات المرشدات اللاتي يبذلن جهود كبيرة جدا في هذا الاطار والشكر متواصل لكم ، ولكن الحج ضيافة ايضا والضيافة الالهية للحج لا يمكن اداء استحقاقاتها الا من خلال التعرف على اسرار الحج وولوج الجانب الاخلاقي في الحج وليس البعد الفقهي فقط وكما ازعم ان مهمة المرشدين والمرشدات لا تنحصر في البعد الفقهي وانما في البعد الاخلاقي ايضا ولابد ان نتعاون على ايصال مهمة الحج وفهم مناسك الحج ومغزاه ، بالفعل كما ذكر دولة رئيس مجلس الوزراء المسالة ليست ان نمارس افعالا فقط والله تعالى لا يريد لنا ان نقع في المشقة وان نمارس اعمال جوفاء ليست فيها مضمون و مغزى ، كل حركة وكل منسكا من المناسك له فلسفة عميقة وايضا في ذلك الحوار العميق الذي يجريه الامام السجاد (ع) مع شبلي ويبدأ يساله في كل خطوة هل لبيت يقول نعم قلت لبيك اللهم لبيك ، حينما لبيت ويذكر له فلسفة التلبية هل قصدت هذا المعنى يقول له لا لم اقصده أ اذا لم تلبي ، هل طفت هل سعيت وهكذا ياخذ الاعمال واحدة تلو الاخرى ويبين فلسفتها ومضمونها ويسال الشبلي حينما قمت بهذا العمل هل قصدت هذا المعنى يقول لا انا قمت بالعمل دون ان اقصد ، يقول الامام اذا انت ما طفت ولا سعيت وما وقفت في عرفات وما رميت وما وما ، طبعا هذه ال ما ياخذها علماءنا ليس على نفي وقوع الحدث ، الحج تحقق والانسان أدى الواجب من الناحية الفقهية ولكن حقيقة الحج فلسفة الحج الهدف الاساسي من الحج لا يحصل الا في البعد الاخلاقي وبعد الضيافة .

    الانسان يتعرض الى الضيافة مرتين ، ضيافة في شهر الصيام في شهر رمضان وضيافة في الحج ولكن المقام مختلف بين ضيافة رمضان وضيافة الحج ، في ضيافة الصيام المقام مقام الطلب " اللهم ارزقني حج بيتك الحرام في عامي هذا وفي كل عام " وفي ضيافة الحج المقام مقام العطاء " يامن لا يزيده كثرة العطاء الا جودا وكرما " وشتان بين ضيافة الطلب وضيافة العطاء ، في شهر رمضان الله تعالى يعلمنا عبر رسوله الكريم والادعية الماثورة ماذا نطلب  ، وفي الحج يعطينا دون ان نطلب ويقد لنا الكثير وكلما زاد العطاء كلما ازداد سعة وكمالا وطلب اكثر وتفتحت آفاقه على رؤية ومرتبة جديدة ،

    الاجر في الحج يرتبط بالاخلاص وكلما كان الاخلاص اكبر واعظم وكلما كان العمل اخلص لله كلما كان الاجر اعظم ، والاخلاص يرتبط بشكل مباشر بالمعرفة فكلما كانت معرفة الانسان بهذا العمل افضل واشمل كان اخلص وكان الاجر والعطاء اعظم ، هذه مهمتنا نوصلها للحجاج الكرام  .

    العبادة الواعية وعدم الاقتصار على الجانب الفقهي وانما ليكون حجنا قصدا والحج هو قصد لله تعالى ويجسد في الحج التوحيد كظاهرة اساسية ويركز على قضية التوحيد بشكل ملفت لا نجده في عبادة اخرى بهذا المستوى ، من التلبية " لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك " وفي فلسفة الاعمال والمناسك التي نمارسها في الحج لها دور كبير جدا .

    الحج وثماره فكاك رقابنا من النار ، هذه الثمرة التي يلخصها الامام الحسين (ع) في دعاء عرفة حينما يختم ويتوج هذا الدعاء بهذه الفقرة " اللهم اني اسالك طلبة ان اعطيتنيها لا يضرني ما منعتني وان منعتنيها لا ينفعني ما اعطيتني أسألك فكاك رقبتي من النار " 

    ومحور الحج هو الكعبة محطة التوحيد نطوف حولها ونجسد الوحدانية لله تعالى ولكنها محطة للوحدة ايضا ، كان يمكن للحج ان لا ينحصر بزمان محدد كما في العمرة ، حصر وقت الحج في وقت محدد وفي ضمن هذا الوقت المحدد ايضا تحصر الاعمال داخله في وقت معين ، ففي زوال التاسع يجب ان يكون الجميع في عرفة  وهكذا في كل الاعمال ، هذا الحصر اشارة الى ان الله تعالى اراد للمسلمين من كل فج عميق ان يكونوا في موقع ومكان واحد وان يتلاقوا ويتواصلوا ، اذا الكعبة محطة التوحيد ومحطة الوحدة .

    ايضا الكعبة محطة المساواة بين الناس على اختلافهم "سواء العاكف فيه والباد " وهي ايضا تقدم لنا دروس الحرية " وليطوّفوا بالبيت العتيق " وشاء الله الا ان يصف هذا البيت بالعتيق الذي لم يدخل في ملكية احد في تاريخه الطويل ، هذه القطعة من الارض لم تكن مملوكة لاحد فكانت تمثل جوهر الحرية والعتق ونذهب هناك لنحصل على هذه الحرية والكرامة .

    الكعبة مصدر الطهارة والنقاء "وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود " فلا يتعامل معها ولا يستفيد من فيوضاتها الا من هو طاهر القلب ومن هو ليس كذلك ما اكثر الضجيج وأقل الحجيج "وما كان صلاتهم عند البيت الا مكاء وتصدية ". ليس له قيمة او معنى .

    الكعبة تعطينا درس الثبات والاستقامة " جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس " والقيام اشارة لحقيقة الثبات والاستقامة في حركة الانسان ،

    الكعبة والتقوى وهو اساس العمل " أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم " " لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم " هذه هي الآثار والمعطيات هذا هو الاطار الذي نتحرك به ونحن نمارس شعيرة الحج ، كيف نتوحد كيف نعرف بمشروعنا كيف نتقرب من بعضنا ، اشار المتحدثون الى اهمية التواصل مع المسلمين وهي قضية مهمة ، هناك تشويش كبير على مشروعنا العراقي لابد لنا ان نوضح وان نشرح ونبين الواقع كما هو وليس بصورته القاتمة كما يراد لها ان تصور ، مشروعنا فيه الكثير من الايجابيات وفيه بعض الاخفاقات والسلبيات التي يجب ان نتعاون على معالجتها ، يجب ان نشرح هذا الامر ويجب ان نتعرف على ما يجري في البلدان الاخرى وان نحول الحج الى محطة حقيقية للتلاقي ، ولكن اعتقد اننا بحاجة الى عمل مشابه في داخل البيت العراقي نتيجة للظروف الامنية التي مرت بنا ، اليوم لاتوجد حركة تزاور واسعة بين المحافظات العراقية ولكننا في الحج نلحظ نخبة مهمة ومؤثرة علما ان شريحة الحجاج شريحة مؤثرة ونخبوية ، الفقير لا يطلب منه الحج واذا جاء الى الحج مقترضا لايقبل حجه ، الاستطاعة شرط من شروط الحج من استطاع اليه سبيلا والذي لايملك حتى لو ذهب متسكعا ايضا لايقبل اي لايحتسب له الحج الواجب فالحج لمن يتمكن من توفير الامكانات ومن يملك اربع او خمس ملايين ويحمل معه ايضا مليون او اثنين كهدايا للاخرين هذا يمثل شريحة متوسطة للاخرين في المجتمع ان كان في العراق او في غير العراق , فهي شريحة مؤثرة من كل الاطياف العراقية وهي مناسبة للتلاقي والتعارف واذا كانت الظروف الامنية غير مهيئة لرؤية اهلنا في الانبار او في صلاح الدين نينوى فهناك يمكن ان نزورهم والعكس صحيح اذن هذه قضية اساسية وكذلك في واقعنا الداخلي العراقي هنا ونحن نتعرض الى استهداف ظالم اقولها بوضوح وصراحة حينما يستهدف اتباع اهل البيت اخواننا من المذاهب الاخرى المتوقع منهم ان يرفعوا اصواتهم بالاستنكار والادانة والشجب لهذه القضية وحينما يستهدف اخواننا من اهل السنة فمن واجبنا ان نرفع اصواتنا بالاستنكار والشجب والادانة , واذا استهدف خمسة من اعزائنا من المكون السني في البصرة يجب ان نقف نحن ونستنكر هذا الامر ونبحث عمن يقوم بمثل هذه الافعال وهكذا هذا هو المتوقع من اعزائنا حينما يتعرض اتباع اهل البيت الى مثل هذا الاستهداف الواسع وعلى نطاق واسع جدا ولاسيما في العاصمة بغداد ومناطق اخرى, نتكامل ونتعامل ونتعايش ونتعاون في الله سبحانه وتعالى ونتعاضد , نسال الله ان يكتب لكم مهمة موفقة ناجحة وتوفيق , ارجو ان توصوا حجاج بيت الله الحرام بالدعاء لانفسهم ولذويهم ولشعبنا ووطننا فالدعاء في تلك البقاع المقدسة مستجاب ان شاء الله شكرا لكم والسلام عليكم .

    اخبار ذات صلة