• في كلمته في مؤتمر الصحوة العالمي ..السيد عمار الحكيم : الانتخابات القادمة فرصة لبناء المعادلة المطمئنة للجميع

    2014/ 03 /12 

    في كلمته في مؤتمر الصحوة العالمي ..السيد عمار الحكيم : الانتخابات القادمة فرصة لبناء المعادلة المطمئنة للجميع

    بسم الله الرحمن الرحيم
     

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    قال الله تعالى في كتابه العزيز  

    بسم الله الرحمن الرحيم



     "وَمَن يَتَوَلّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالّذِينَ آمَنُواْ فَإِنّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ"


    يسعدني ويشرفني أن التقي بكم اليوم في مؤتمركم النوعي هذا وفي دولة الإسلام هنا في الجمهورية الإسلامية وفي عصر الصحوة الإسلامية العالمية ، لطالما كان الإسلام دينا متجددا وكان كتاب الله المقدس القرآن الكريم كتابا إلهيا ، وفي التاريخ الإسلامي كانت ومضات الصحوات الإسلامية تنبض بين فترة وأخرى كي تديم القلب النابض للإسلام  بالحياة ، وكان المصلحون من رجال الإسلام العظماء يقدمون الغالي والنفيس كي يرفدوا الأمة بفيض فكرهم وتضحياتهم فيشكلوا البداية لكل مرحلة من مراحل الصحوة الإسلامية ، وما هذه الأرض التي نجتمع عليها اليوم الا من فيض احد هؤلاء الرجال العظام الذين أسسوا لبدايات النهضة الإسلامية الكبرى في العصر الحديث إلا وهو الإمام الخميني (قده) ، واليوم وفي هذا العصر المتسارع في أحداثه والمنفتح في آفاقه فإننا نجد التحديات الكبرى وهي تواجه الشعوب الإسلامية وتواجه المسلمين ولكنها بالتأكيد لا تواجه الإسلام بوصفه القيمة العليا للدين الإلهي والخاتم للأديان ، إن المسلمين يعيشون حالة الإرباك حيث الصحوة الإسلامية الكبرى من ناحية وعدم جهوزية اغلب المسلمين للتعامل مع هذه الصحوة واستحقاقاتها الاجتماعية والسياسية والثقافية والأمنية والاقتصادية من ناحية أخرى،  وهذه مسؤولية مفكري الأمة ورجالها المتصدين فلطالما كانت الأمة الإسلامية تواجه التحديات الخارجية ولكننا اليوم نشعر أن اخطر التحديات التي نواجهها هي التحديات الداخلية بعد أن استطاع المسلمون تثبيت حضورهم الإنساني على مستوى العالم وتضاءل الخطر الخارجي المباشر ، فالأخطار والتحديات الداخلية هي التي باتت تهدد ركائز الصحوة الإسلامية وتعطل مساراتها ومن أهم هذه التحديات الداخلية هي عدم تهيؤ المجتمعات الإسلامية للتعامل مع العولمة الفكرية والمعلوماتية التي تعد الصفة البارزة لهذا العصر ، وهذا ما يمثل احد اكبر التحديات للصحوة الإسلامية اليوم ويبقى مفكرو الأمة أمام تحديات كبيرة أخرى تتطلب جهدا مضاعفا في استيعاب أهمية تقديم نماذج حضارية إسلامية قادرة على فهم طبيعة الظروف المعاصرة والعمل على إخراج العالم الإسلامي من مأزقه ، وربما لنا أن نتساءل كيف نفهم عالما كان تواقا للحداثة حينما درس المسلمون فكر أرسطو واخترعوا علم الجبر وأسهموا في الحضارة الكونية ليتحولوا فيما بعد إلى حالة من الصدام مع هذه الحضارة ، وكان للاستعمار ومكائده الدور الأكبر في حصول هذه الظاهرة إذ سعى وبشكل حثيث لعرقلة تطور الأمة وحصر المعارف والتكنولوجيا والتقنية بيده وتحويل الأمة الإسلامية إلى امة مستهلكة بعد أن كانت امة منتجة .

     الاندماج مع العالم الجديد يتطلب رؤية جديدة لمفاهيمنا الأصيلة في بناء جسور التواصل مع الثقافة العالمية ، إن الجهد الحقيقي نحو الإطار الإسلامي النظري والعملي يتحدد أيضا بتحديات خلق الإطار التنافسي في ظل منافسة عالمية شرسة ، وفي ظل تقدم علمي وتكنولوجي لشركائنا في العالم ، فهل يمكن التطور بشكل مستقل وكيف لنا أن نحقق ذلك ، وهل تصمد البنية المؤسساتية الإسلامية أمام ضغوط التأثيرات العالمية ، و ما هي مساحات التفاعل مع الثقافات الأخرى ، كل ذلك يطرح في إطار إثبات قدرة الإسلام في مسار تطور المعرفة البشرية وتأكيد أصالة المعارف الإسلامية واستقلاليتها وقدرتها على التكامل مع المعارف الإنسانية الأخرى ، ومن التحديات الداخلية المهمة على الصعيد الفكري للصحوة يمكن الإشارة إلى بعض الساحات الإسلامية التي تتخذ أنماطا متشددة من الغلو في الدين واقتباس المفاهيم والتعنت الفكري الذي يخاطر بتشويه صورة الإسلام ويمهد لردات فعل فكرية ومجتمعية كبيرة .

    الصحوة الإسلامية على الصعيد السياسي ..

    وعلى الصعيد السياسي فان الصحوة الإسلامية في بعض البلدان واجهت ومازالت تواجه أزمة انعدام الرؤية السياسية تجاه القضايا الملحة داخليا وخارجيا وضعفها في التعامل مع القضايا الساخنة المتعددة مثل القوميات والأقليات والمجموعات غير المسلمة ومفهوم المشاركة وتقبل الآخر وتعريف الحداثة والعصرنة ومواجهة الثورة الإعلامية وإدارة المرحلة الانتقالية وترسيخ مفاهيم الديمقراطية والمؤسساتية .

    الصحوة الإسلامية على مستوى السلوك الحضاري ..

    وعلى مستوى السلوك الحضاري فان الصحوة الإسلامية ملزمة بتقديم النموذج الناضج وليس بالضرورة النموذج المنتصر لان الانتصارات قد تكون وقتية إذا لم تستند إلى إنضاج للتجربة ورقي في الممارسة وعليه يجب ان نعمل بقوة على تدارك بعض القراءات المشوشة للواقع كي لا تتحول الصحوة الإسلامية إلى كبوة تراجعية تعود بالمجتمعات الإسلامية الى ظروفها السابقة وان لا تتحول الصحوة الإسلامية إلى سبب في إثارة الحساسيات الطائفية والتركيز على الاختلافات وتجاهل مساحات الاتفاق الواسعة وان لا نتصلب في المواقف ونخسر الإبداع كسمة إسلامية كبرى وان نحمي هذه الصحوة من السقوط في واقع الفساد والفوضى وبالتالي نحاسب أمام أجيال من الشباب المسلم الواعد الذي يحمل رايات الصحوة الإسلامية ويدافع عن متبنيات الإسلام في العالم .
    إن مسؤوليتنا كبيرة في تجنيب هذه الأجيال الوقوع في مستنقع الإحباط وخصوصا في بعض المجتمعات العربية والتي تعاني من غياب المنهج الواضح والناضج وتغليب الظواهر الشكلية على الجوهر والمضمون ، إن علينا أن نعمل بجهد من اجل ترسيخ مبادئ بناء الدولة العصرية العادلة وتعميق مفهوم المؤسسات في المجتمع وتوحيد المشاريع والتركيز على مساحات الالتقاء وتقليص الفجوات وعدم استهلاك الطاقات بتكرر المشاريع وتقاربها مما يجعل شباب الصحوة وقادتها منشغلين بالمشاكل الداخلية ومنصرفين عن تدعيم البناءات المؤسساتية والاجتماعية والفكرية والحضارية المطلوبة فيما اننا بأمس الحاجة إلى التوكل على الله والثقة بالنصر والاعتماد على الطاقات الشبابية للأمة والاستنارة بالمنهج المحمدي الأصيل لتجاوز هذه التحديات والانتقال إلى الفضاءات الواسعة والرحبة واستثمار الفرص الكبيرة المتاحة أمامنا لتتحول هذه الصحوات إلى مرتكز أساسي في المعادلة الإقليمية والدولية .

    الثورة الإدارية ..

    أتمنى على السادة الأفاضل المتبنين لهذا المؤتمر النوعي أن يولوا اهتماما استثنائيا لتبني مفهوم الثورة الإدارية العصرية لتدعيم الصحوة الإسلامية وتنضيجها إبداعيا حيث أن مجتمعاتنا الإسلامية قد ابتليت بقلة الإتقان والابتعاد عن الجودة وهي تمثل ابتعادا عن مفاهيم إسلامية أساسية كقول المصطفى (ص)
    " رحم الله امرء عمل عملا فأتقنه"  ..

    استثمار الطاقات البشرية ..

     كما ابتليت مجتمعاتنا بضعف واضح في استثمار الطاقات البشرية الهائلة التي تزخر بها بعد اكتشافها وصقل مهاراتها وتأهيلها ومنحها المساحة الكافية للانطلاق والإبداع ، إن الغرب لم يتقدم علينا بالمعرفة وإنما تقدم علينا في إدارته لمعارفه وطاقاته وهذا هو الأمر الذي علينا أن نركز عليه في المرحلة القادمة والخروج من حالة الانكفاء الذاتي وتنضيج العمل المؤسسي وتكريس روح الفريق والانضباط وتحديث المناهج والأنظمة والوسائل والآليات .
    ان الصحوة الإسلامية اليوم لن يوقفها احد ولكنها هي وحدها قادرة على إيقاف نفسها اذا لم تستجب لاستحقاقات المرحلة ولم تتغلب على التحديات التي تواجهها وأهمها التحديات الداخلية التي اشرنا إليها .

     كلي أمل بهذا الجمع الخير ان يضع الأمور في مساراتها الصحيحة وان يقدم الحلول الناجعة وان يروج التجارب ويجمع الخبرات كي تعم خيرات الإسلام علينا وعلى البشرية جمعاء ولنا في تجربة الجمهورية الإسلامية وقيادتها الفذة متمثلة بالإمام الخامنئي (دام ظله الوارف ) مثال يحتذى به في كيفية الثقة بالله والنفس وتجاوز التحديات والحصار واستثمار الفرص وتقديم النموذج العصري المتطور في التقدم في شتى المجالات وليس أخرها رعاية الصحوات وجمع رجال الأمة ونخبها وعلمائها لتدارس واقعهم وما يدور حولهم في ظل التحولات الإقليمية والدولية الكبرى والتوازنات والمعادلات الجديدة الناتجة من انطلاق هذه الصحوات الإسلامية .

    العراق محطة مهمة في الصحوة الإسلامية ..

    ان العراق مثل محطة مهمة من محطات الصحوة الإسلامية ودخل المعترك في وقت مبكر وبالرغم من الملابسات التي اكتنفت عملية التغيير الا انه استطاع ان يشق طريقه ويستعيد سيادته وهو اليوم يقوم بدور كبير في مواجهة قوى التكفير والظلام من الداعشيين والقاعدة وغيرهم ويعمل جاهدا على بناء المعادلة العادلة المطمئنة للجميع والإطار الجامع الضامن لمصالح الجميع وتحويل التنوع الديني والمذهبي والقومي والسياسي والمناطقي الى عنصر إثراء وتكامل داخل البيت العراقي ونتمنى ان تكون الانتخابات النيابية القادمة فرصة مهمة لتعزيز وترسيخ هذا التوجه.

    فلسطين ..قلب الامة النابض

    فلسطين تمثل قلب الأمة النابض وقضيتها الحيوية وهمها المشترك ولا يهدأ لنا بال ولا يقر لنا قرار الا حينما نرى الشعب الفلسطيني وقد نال حقوقه المشروعة والعادلة عبر تضامن عربي وإسلامي في مواجهة الكيان الصهيوني .

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    اخبار ذات صلة