• في مؤتمر الوحدة الاسلامية بطهران .. السيد عمار الحكيم : الوحدة الحقيقية بين المسلمين تتطلب تعاملا جادا ومشتركا في القضايا المصيرية و تغليب المصلحة العليا للمسلمين

    2015/ 01 /07 

    في مؤتمر الوحدة الاسلامية بطهران .. السيد عمار الحكيم : الوحدة الحقيقية بين المسلمين تتطلب تعاملا جادا ومشتركا في القضايا المصيرية و تغليب المصلحة العليا للمسلمين

    بسم الله الرحمن الرحيم

     

    سادتي الحضور السلام عليكم جميعا ورحمة الله جميعا .. بداية ابارك لكم المولد النبوي الشريف وولادة حفيد النبي الإمام جعفر بن محمد الصادق ( صلوات الله وسلامه عليه) كما نتقدم بالشكر الجزيل لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية والامين العام سماحة السيد الاراكي على جهوده الكبيره في توفير هذه الفرصة بين علماء المسلمين من مختلف اقطار العالم الاسلامي ، ووقفة للإمام الراحل الإمام الخميني قدس سره والذي كان رائدا للوحدة الإسلامية في العصر الحاضر تبناها قولا وفعلا وحملها هما وقضية في مشروعه الكبير الاصلاحي في هذا الزمان , وكلمة شكر للإمام الخامنئي على رعايته لهذا المسار وتعميق مباني الوحدة الإسلامية ومساراتها العامة , الوحدة والتماسك وتوحيد الرؤى هو اساس النجاح في اي مشروع ولأي جماعة ووحدة المسلمين هي المدخل الحقيقي لنجاحهم وتماسكهم وقوتهم وعزتهم فلا قوة بلا وحدة وهذا ما يجعلنا امام استحقاق كبير في تعميق وتعزيز هذه الوحدة ولا يمكننا ان نواجه التحديات الكبرى في عالمنا الاسلامي اليوم الا من خلال تظافر الجهود والوحدة بين المسلمين .

    أخطر التحديات التي تواجه المسلمين هي الصراعات في أوضاعهم الداخلية ..

    ان اخطر التحديات التي نواجهها هي ليست التحديات التي تأتينا من خارجنا , من اعداءنا الخارجيين لانه واضح ونحن نتوحد في المواجهات ولكن الاخطر هي التحديات الداخلية والصراعات التي يمر بها المسلمون في اوضاعهم الداخلية على خلفية مذهبية او مناطقية او عشائرية او قبلية او غير ذلك من مساحات الاختلاف التي تحصل هنا وهناك ونلاحظ ان المسلمين استطاعوا ان يقفوا بقوة وينتصروا ويحققوا انجازات عظمى في صدامهم وفي مواجهاتهم للعدو الخارجي ولكنهم تلكئوا احيانا واهتزت صورتهم امام العالم وضعفوا في تحدياتهم الداخلية , ولذلك علينا ان ننتقل من الوحدة من  شعار الى استشعار حقيقي لنمارس هذه الوحدة في سلوكنا اليومي وفي مواقفنا اليومية وهذا ما نلاحظه في ظل التحدي الكبير الذي طرا في واقعنا اليوم حيث الجماعات الارهابية التكفيرية والمتسلطة التي بدأت تظهر في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي وبأسماء عديدة ولكن المنهج هو المنهج , هذا الفكر المتطرف والمتشدد والذي عصف بعالمنا اليوم يمثل تحد خطير كبير للمسلمين ان يأخذ لبوسا مذهبيا وطائفيا ولكن الواقع ان هذا الصراع والفكر يستهدف الجميع ولا يمكن ان نحصر ونختزل الارهاب بطائفة او حالة معينة , اننا اليوم اصبحنا في وضع لا يحسد عليه امام العالم الذي ينظر الينا بشك وريبة واتهام بالتطرف فيما ان المسلمين في تاريخهم الطويل ضحية الارهاب والتطرف , مما يؤسف له اننا تركنا النار مستعرة وانشغلنا بمعالجة المصابين وتبادل الاتهامات في المتسببين , وعلينا اليوم ان نركز على اطفاء هذه النار التي تتمثل بالفكر التكفيري والفكر التطرفي , المعاهد في عالمنا الاسلامي والمناهج تحتاج الى اصلاحات حقيقية حتى لا تنتج متطرفين ويتم استغلالهم من هذه الجماعات المتطرفة والمتشددة والتكفيرية , كما اننا نشهد حالة من الضياع الفكري والثقافي والمعرفي لشبابنا المسلم والتأثر بالحضارة الغربية في سلوكهم اليومي وحجم الصراعات والاشكاليات وخضم التحديات السياسية والامنية جعلت التركيز في العقد المنصرم على تلك الجوانب وقلة الاهتمام والتركيز على الجوانب الثقافية وهذه من الاخطار الاستراتيجية التي يجب ان نخطط لها وفق جهد ثقافي وفكري ومعرفي وبناء الشخصية المسلمة بشكل صحيح ورعاية شبابنا الى جانب الاهتمامات السياسية والامنية وهي واجبنا جميعا ..

    معالجة الخلافات بين المسلمين يتطلب جهدين متوازيين .. جهد فكري وجهد تنسيقي وميداني

      كما اننا بحاجة الى معالجات حقيقية لمساحات الخلاف التي تطرأ بين المسلمين وهو يتطلب جهدين متوازيين .. جهد فكري ونظري وتشاور وحوار والسعي لتحديد مساحات الالتقاء وتقليص مساحات الاختلاف وقد يكون الاختلاف بين المذاهب ، بين مذهب اهل البيت والمذاهب السنية لا يزيد في فروعه الفقهية على الاختلاف بين المذاهب السنية نفسها مما يؤكد امكانية الوصول الى حلول ومساحات مشتركة من خلال هذه الوحدة الناتجة من جهد فكري ونظري ونحن قمنا بهذا الدور في عالمنا الاسلامي اهتم بالمؤتمرات والورشات والندوات والحوارات الفكرية والتنظيرية الى حد كبير , ولكن هناك جهد اخر يجب ان تتكامل فيه مشاريع الوحدة وهي الجهد التنسيقي والميداني فلا يكفي ان نتقارب فكريا ونختلف في الميدان في مشاريع على الارض تتعارض مع بعضها ، نحتاج الى تنسيق والى تشاور والى تحديد العدو وتحديد الاخطار والتحديات وتحديد الرؤية في المواجهة ميدانيا مع قطع النظر عن الجانب الفكري والنظري الذي يحتاج الى جهود خاصة خلف الابواب المغلقة او في الفضاءات العامة .

    داعش ليس خطرا على العراق وليس على شيعة اهل البيت ولا على الشرق الاوسط والمنطقة وانما هو خطر على العالم كله

    نحن لاحظنا في العراق ان ظاهرة الارهاب لم يكن مفهوما واضحا ومحددا من حيث المصداق , فهناك مجاميع حملت السلاح وقتلت مواطنين سميناها ارهابا وسماها البعض ثوارا , وسماها اخرون مجموعات مسلحة, وهكذا اختلفنا في تحديد مصاديق الارهاب في بلادنا على مدار سنوات عدة, حتى جاء الارهاب الداعشي الذي رفع شعار الابادة الجماعية لاتباع اهل البيت ولكنه لم يقتصر على ذلك في مساره حتى استهدف المسيحيين ومن ثم الايزيديين ومن ثم اخواننا الكرد والشبك والتركمان وصولا الى القبائل السنية العربية الكريمة التي اختلفت معه في الراي وذهب ليستهدفها ويقتل ابنائها كآل بو نمر وآل بو فهد وغيرها من عشائر الانبار وهذا ما جعل العراقيين جميعا يعرفون ويدركون ان داعش هو ارهاب وخطر على العراقيين جميعا بل تجاوز خطره الى المنطقة ونحن نعرف ان الشقيقة سوريا تعاني معاناة عظيمة منذ اكثر عدة سنوات وبدأت ترسم الخرائط للخلافة الاسلامية المزعومة لتدخل في هذه الخارطة العربية السعودية والكويت والاردن وغيرها مما اطلقت رسالة واضحة ان الخطر ليس على جماعات او بلدان محددة انما يمكن لهذه النار ان تصل شرارتها الى دول كثيرة تعتقد انها بمأمن وهكذا استضافة أعضاء من داعش من ثمانين دولة يتعلمون على صنع العبوات المحلية وعلى الانتحار واستهداف الناس والحياة في كل مكان ومن اناس من المواطنين الاصليين من دول غربية لم يكن يعتقد انها دول يمكن ان تخترق اشعرت العالم كله ان داعش ليس خطرا على العراق وليس على شيعة اهل البيت ولا على الشرق الاوسط والمنطقة وانما هو خطر على العالم كله فبدأت عملية الاصطفاف الواسع في هذه المواجهة وادعاء العداء لداعش ورفع هذا اللواء وتشكيل التحالفات الدولية مع قطع النظر في مستوى الجدية في هذه التحالفات والنوايا من وراءها ولكنه اصبح عدو واضح والكل يتحدث عن الارهاب الداعشي .

    تطبيق و تفعيل الوحدة الاسلامية الحقيقية يتطلب تغليب المصلحة الاسلامية العليا على المصالح الفئوية والمناطقية والحزبية والمصالح الشخصية الضيقة

    ان الوحدة الحقيقية تتطلب تعامل جاد ومشترك في القضايا الاسلامية الحساسة والمصيرية ومن يتعمد الاساءة للاسلام وتشويه الاسلام وادعاء الانتماء للاسلام من خلال قتل الابرياء والحالة الوحشية والبربرية وقطع الرؤوس التي لاحظناها في السنوات الاخيرة في سوريا والعراق بشكل اكبر وفي لبنان وفي مواقع اخرى لابد من موقف اسلامي واضح يجتمع عليه جميع المسلمين في هذه القضية بعيدا عن اي عناد او مجاملة ، ان تطبيق وتفعيل الوحدة الاسلامية الحقيقية يتطلب تغليب المصلحة الاسلامية العليا على المصالح الفئوية والمناطقية والحزبية والمصالح الشخصية الضيقة والتغاضي عن الاختلافات والصراعات الجانبية لنتوحد امام عدو واضح اصبح خطرا للمسلمين جميعا .

     اننا نتحدث عن وطن جغرافي ونتحدث عن اوطان قومية ولكن علينا ان نتحدث عن الوطن الاسلامي الذي يجعل المسلمين جميعا بحكم الوطن الواحد يتكاملون مع بعضهم على اساس العقيدة والمصالح الكبيرة فيما بينهم ، اننا في العراق حولنا التحدي الى فرصة وداعش الذي أريد له ان يكون سببا في فتنة طائفية كبيرة بين المسلمين العراقيين سنة وشيعة وان يعمق الشرخ الطائفي في العراق والمنطقة لاحظنا انه تحول الى سبب من اسباب الوحدة والتماسك بين المسلمين امام هذا العدو حقق الانسجام الداخلي العراقي وهو ما نجده في سوريا وما نجده في دول كثيرة ولاحظنا في الجمهورية الاسلامية رعاية لمؤتمر مهم لمواجهة التكفير في الاسابيع الماضية .

    ان الارهاب الذي أريد له ان  يعزل العراق عن محيطه الاقليمي والمجتمع الدولي تحول الى سبب في اطلاق رسالة ان الارهاب خطر على الجميع وتوحد العالم والمنطقة في دعم العراق بشكل حقيقي او بالادعاء على اختلاف المستويات ..

    الارهاب كان سببا في ظهور مجاميع الشباب المؤمن هبوا في مواجهة داعش

     الارهاب الذي اريد له ان يثير الرعب والخوف بين الناس ويكسر عزيمة الشباب والشعوب تحول الى سبب في ظهور جماعات كبيرة من الشباب المؤمن على مستوى التجربة العراقية هبوا وخرجوا تلبية لنداء المرجع الاعلى آية الله السيد السيستاني والمرجعيات الكريمة في النجف الاشرف خرجوا وهبوا في مواجهة داعش وهكذا العشائر العربية الاصيلة وهكذا البيشمركة من اخواننا الكرد وكل هؤلاء في مواجهة داعش يقفون صفا واحدا وهنا لابد لنا من الاشادة بالدور الريادي والدعم اللا محدود الذي قدمته الجمهورية الاسلامية للحكومة العراقية ولابناء الشعب العراقي في هذه المواجهة استشاريا ودعما لوجستيا ومساعدة في مختلف المجالات لمواجهة التطرف .

    ان الارهاب الذي اريد له ان يشغل الشعوب في جراحها الداخلية عن قضاياها الستراتيجية تحول الى سبب في الاهتمام والتركيز على القضايا المحورية والاساسية في عالمنا الاسلامي ومنها قضية فلسطين وقضية تهويد القدس هذه المؤامرة الصهيونية التي انطلقوا من خلالها لاستغلال اجواء التوتر والحساسية الكبيرة التي يعيشها عالمنا الاسلامي لتحقيق مآربهم الدنيئة لكن المسلمون ملتفتون وسنبقى ندافع عن فلسطين كقضية وندافع عن الشعب الفلسطيني كشعب مظلوم لابد من احقاق حقوقه ولابد من العمل على استعادة اراضيه واستعادة مكانته في بلاده وفي المنطقة وستبقى قضية فلسطين هي القضية المحورية للمسلمين جميعا .

    اخبار ذات صلة