• نص كلمة السيد عمار الحكيم بأربعينية العلامة السيد بحر العلوم (قدس)

    2015/ 05 /27 

    نص كلمة السيد عمار الحكيم بأربعينية العلامة السيد بحر العلوم (قدس)

     

    بسم الله الرحمن الرحيم

     
    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتحبين

     
    السادة الأفاضل الأخوة الاكارم الأخوات الفاضلات

         بداية اسمحوا لي ان اعرب عن تقديري وامتناني لحضوركم لهذا الاحتفال التأبيني ولابد لنا ان نخص بالذكر الوفد الكبير الذي يمثل مجلس الشورى الاسلامي والذي يشرفنا هنا في هذا الاحتفال وكذلك كل الذوات والشخصيات و العناوين الكريمة التي ساهمت وشاركت في الحديث، ماذا عساني ان اقول في العلامة الكبير سماحة السيد محمد بحر العلوم (قدس) وقد قيل الكثير ووضعت النقاط على الحروف الشخصية الشاملة الرجل الانسان بفكره بعلمه بحرقته على وطنه بالمشروع الذي حمله على اكتافه بالتنوع الكبير في اهتماماته فمن دواوين النجف وكتابها وكتاتيبها حيث تعلم ودرس واخذ الكثير في تلك الدواوين وفي تلك المجالس، وفي الساحة السياسية التي ترك فيها اثرا كبيرا .

         حريص على ان اختصر بالحديث وقد طال بنا المقام ولكن هناك جانب مهم اعتقد انه سيكمل الصورة التي استمعنا اليها من المتحدثين الكرام، وهو البناء المؤسسي الذي كان للعلامة السيد بحر العلوم، فمن النجف الى بغداد الى المحافظات الجنوبية التي تواجد فيها الى الكويت الى لندن حيث ما حل العلامة السيد بحر العلوم كان عنصرا اساسيا في بناء مؤسسات فكرية ثقافية معرفية سياسية اجتماعية فيها طابع الرعاية في مختلف المجالات، كان يغرس نفسه وتنمو وتتسع وتأخذ مدياتها في التدريج فهنيئا له هذا المنهج منهج بناء المؤسسات منهج الانفتاح على الجميع، وفي الوقت الذي كان شديد الاعتزاز والتمسك بمبادئه بقيمه بمشروعه ولكنه كان يمد الجسور نحو الآخرين وينفتح عليهم ويتواصل معهم ويتفهم مداركهم الفكرية ورؤيتهم في القضايا المختلفة حتى أصبح شخصية شاملة واعتقد اننا في هذه اللحظة وللاعتبارات وللأسباب التي ذكرت لازلنا لا نعرف قيمة هذا الرجل، كلما ابتعدنا قليلا كلما برزت وظهرت السيد بحر العلوم بشكل اكبر وعرفنا حينذاك من هو الذي خسرناه وما هو حجم الخسارة الفادحة التي ألمت بنا .

     اسمحوا لي ان اكتفي بهذا المقدار مكتفيا بما ذكره السادة الأفاضل في شخصية العلامة السيد بحر العلوم وانتقل للحديث عن بعض المستجدات المهمة التي نعيشها في ساحتنا ..

     

    الهجوم المضاد وتوحيد الجبهات

         اخوتي واخواتي الأعزاء اسمحوا لي ان اشارككم الامل الكبير الذي يملأ قلوبنا ونحن نرى انطلاق الهجوم المضاد لأبنائنا في التشكيلات العسكرية المختلفة وهو يستند على الروح المعنوية والثقة بالله تعالى والتنسيق العالي ... في معركة الوجود التي نخوضها لا مجال لأنصاف الحلول وانصاف المعالجات وعلينا توحيد كل الجهود وانصهار كل الارادات في إرادة عراقية واحدة تعقد العزم على الانتصار على هذا الوباء الداعشي المستشري.. لقد بدأت طلائع الانتصار .. وانا واثق من الانتصار بأذن الله رغم كل المعانات والتحديات والاخفاقات .. وقد قلتها من على هذا المنبر وفي اكثر من مناسبة ... واعيدها اليوم واثبتها للتاريخ .. ان الانتصار قادم .. وسيكون انتصارا كبيرا وعظيما وحاسما .... ولكن كنت ومازلت وسأبقى أؤكد على توحيد الجهود وتكاملها .. فأن توحيد الجهد اصبح يمثل نقطة الانطلاق الحقيقية في معركة التحرير ومعركة الوجود ... فعدونا واحد فلتكن جهودنا موحدة ... وعدونا يحمل راية واحدة فلتكن رايتنا واحدة هي العلم العراقي الشامخ ، وعدونا يمتلك ارادة واحدة فلتتوحد ارادتنا .. اليوم الحشد الشعبي مع الجيش والشرطة وأبناء العشائر الغيارى أصبحوا كتلة واحدة وكتيبة كرامة عراقية واحدة وسيصوغون انتصارا عراقيا موحدا على أبشع وأخطر هجمة إرهابية تكفيرية بربرية عرفها تاريخ هذا الوطن ... ان البعض يتحسس من الأسماء ومعانيها، فيقول لماذا ((لبيك ياحسين)) .. واسمحوا لي ان أقول بالنيابة عن جميع العراقيين وأوضح ماذا يعني الحسين للعراق !!... فالبعض مازال يجهل تاريخنا وحضارتنا ويغفل عن سر قوتنا !!... ((لبيك ياحسين)) ... لان الحسين قدم اخوته وابنائه في سبيل ما يؤمن به .... ونحن اليوم نقدم اخوتنا وابنائنا في سبيل ايماننا بعقيدتنا وحريتنا وكرامتنا ووطننا ... ولقد فجعنا وصدمنا وافتخرنا بأبننا البار الشهيد مصطفى العذاري ، وان كان الارهاب اعدمه شنقاً في الفلوجة فسيبقى شامخاً في نفوس العراقيين وسيعتبرونه شهيد الوحدة العراقية .... و لأن الحسين قدم نفسه شهيدا وانتصر على اعدائه الطغاة القتلة بتضحيته بنفسه ... واليوم نحن نضحي بأنفسنا من اجل ان ينتصر العراق وينتصر الإسلام المحمدي الأصيل .. لا ادعياء الاسلام من الارهابيين القتلة ... و لأن الحسين قال هيهات منا الذلة ... واليوم العراق يهتف هيهات منا الذلة وليس كربلاء وحدها .... فالموصل تقول هيهات منا الذلة والرمادي وصلاح الدين وديالى واربيل والسليمانية وكركوك والنجف وبابل وكل العراق يرفع هذا النداء بصموده وثباته ووقفته البطولية ضد الارهاب .... الجبال والاهوار والبوادي تنادي هيهات منا الذلة .. فلن يهزم العراق ، ولن تسبى النساء ولن يقتل الاطفال ولن يستوطن الإرهاب والتكفير في ارض الرافدين مادام الحسين فينا قائدا وشهيدا .. على العالم ان يعرف جيدا ماذا يعني الحسين لهذا الشعب ولهذا الوطن ولهذه الأرض ... فالعراق ولد من صرخات الحسين !!... وهذا الوطن ولد من تضحيات الحسين ... وهذا الشعب امتزج دمه بدم الحسين .. سواء كان كرديا ام عربيا ام تركمانيا ام شبكياً ... سنيا كان ام شيعيا ، مسيحيا كان ام ايزدياً ام صابئيا .. فالعراق هو شعب الحسين .. مع الأسف ليس كل الاخوة العرب او العالم الغربي يفهمون سر علاقة الشعب العراقي بالحسين ... و سر كلمة الحسين في وجدان العراقيين ... ((لبيك ياحسين)) .... ليس نداء طائفيا لأنه ليس نداء شيعيا ... نهتف (( لبيك ياحسين )) لان الحسين هو شعار ورمز الكرامة والحرية ولان العراق ولد من صرخات الحسين وتضحياته ..


    النازحين أهلنا واخوتنا وشرفنا

        في المحور الثاني سأتكلم عن النازحين لانهم العنوان الاخر للنصر العراقي القادم .. وعلى كل عراقي شريف وغيور ان يشارك بما يستطيع في دعم أهلنا النازحين .. انها الفرصة التاريخية الكبرى لوحدتنا وتلاحمنا وبناء العراق الجديد الذي نحلم به ... الشعب العراقي عاش مئات السنين كل في منطقته وحتى معاناته كانت في منطقته ... واليوم رغم الألم والمعانات والتحديات فاننا امام فرصة تاريخية في ان يضمد الشيعي جراح أخيه السني ... وان يضمد الكردي جراح أخيه العربي ... اليوم النازحون هم عنوان النصر .... واننا ننتصر في مخيمات النازحين قبل انتصارنا في جبهات القتال !!.. لان العراق ينتصر عندما يشعر العراقي ان أخاه يحنو عليه ويشعر بمعاناته ويتألم لألمه. علينا ان لا ننتظر الحكومة وأجرائاتها البيروقراطية وامكاناتها المحدودة في الوقت الراهن وانما نتحرك بامكاناتنا الذاتية في تظاهرة محبة واخوة وغيرة عراقية على اهلنا النازحين .. كم هو عدد العوائل النازحة ؟؟.... ومهما كان العدد فان عدد العوائل المستقرة في بيوتها ومدنها اكثر بكثير... فلنحتضن العوائل النازحة ... ولنشارك في دعم النازحين باي شيء نستطيع تقديمه !! ... ولا نخجل من تقديم القليل فمن الجود بذل الموجود ... بل حتى الأطفال عليهم ان يشاركوا ... وليقدموا لعبة من العابهم لطفل نازح ترك العابه خلفه يدوسها داعشي مجرم ببسطاله التكفيري الإرهابي !!... والام لتقدم شيئاً للامهات ... والزوجة للزوجات ... والأب للآباء ... فهنا سيولد العراق وشعب العراق من جديد .. كل فعاليات المجتمع عليها ان تتواجد في مخيمات النازحين وفي المعابر وفي أي مكان فيه عراقي يتألم !!.. واليوم المسؤولية لا تقع على الحكومة وحدها وانما الجميع عليه ان يتحمل مسؤولياته لأنها معركة امتنا ومصير شعبنا ومستقبل وطننا ... وهذه العلاقة التاريخية ستبقى خالدة في ذاكرة التاريخ ... ستتحرر الانبار قريباً بأذن الله وسيعود أبنائها لها بعز وكرامة وسيتذكرون ابناء النجف وكربلاء وبابل والديوانية والبصرة وذي قار وواسط وميسان عندما وقفوا معهم وتحملوا آلامهم وقدموا لهم ما يستطيعون !! وستتحرر الموصل بأذن الله وسيتذكر أبنائها موقف اهل كركوك واربيل والسليمانية ودهوك !!.. وسيتحرر العراق وسيتذكر شعبه كيف وقف بعضه مع البعض الاخر وتشاركوا الألم والامل وانتصروا على هذه المحنة ... اننا نخوض الحرب على الارهاب على ارضنا نيابة عن العالم كله ، وشعبنا بكل مكوناته اصبح مستهدفاً وضحية وعلينا ان نسجل موقفاً تاريخياً كبيراً وان يقوم كل الشعب بدعم النازحين عبر حملة شعبية كبرى لدعم النازحين.

    داعش نتيجة وليست سبباً !!.

        في المحور الثالث سأتكلم عن الحل السياسي لمستقبل هذا الوطن ... فلا يخفى عليكم ايها الاحبة ان داعش هي نتيجة وليست سبباً !!.. فداعش لم تولد من فراغ وانما ولدت بسبب غياب الحل السياسي الشامل !!.. واليوم ونحن نقاتل هذا السرطان علينا ان نعمل على تقديم حلول سياسية تضمن لنا عدم عودة المرض في الجسد العراقي من جديد .. ان الإرهاب لا يعترف بالحدود وعلينا ان لا ننكفئ خلف مشاكلنا وحدودنا .. فما يحدث في سوريا قد وصل الينا وحين سقطت الرقة سقطت الموصل وما تعانيه اليمن سيصل الى دول الخليج !!.. فنحن نعيش في الشرق الأوسط حيث التداخل الكبير في المسار والمصير والتأثر بالظروف والتحديات المشتركة ، والحدود الجغرافية لا تستطيع ان تقف عائقاً امام الكوارث الطبيعية والسياسية ومنها الإرهاب التكفيري الاعمى ... فهو يحلل قتل الشيعي من ناحية ويقتل السني ولو بعد حين من ناحية اخرى !!.. ويستهدف العربي كما يستهدف الكردي والتركماني والشبكي .. ويقتل السوري مثلما يقتل العراقي ويحرق الأردني ويفجر اليمني والسعودي !!... فالكل سواسية على مذبحة التكفير والإرهاب .. وهؤلاء المجرمون لا يعترفون بالحدود والجنسيات والقوميات في تكفيرهم واجرامهم وانحرافهم .. وعلينا أيضا ان نوحد الجبهات .. فنفس الإرهابي الذي يقاتل في الرقة يقاتل اليوم في الرمادي ويفجر نفسه في القطيف !!.. وعلينا ان نقاتلهم بشراسة ونعمل على تقديم حلول سياسية لوطننا ومستقبله وان لا ندخر جهدا في بيان رؤيتنا وتحديد موقفنا تجاه ما يحصل اقليمياً.

        اننا نعمل على صياغة وثيقة سياسية جامعة تمثل خلاصة مجموعة كبيرة من الأفكار والجهود والرؤى السياسية التي قدمت من مختلف الأطراف .. وسنقدمها باسم العراق ولكل العراقيين .. فلا نريد لهذه الورقة ان تحسب لجهة او تسمى باسم أحد ... انها ورقة العراق وهي لكل العراقيين ولمستقبلهم .... وقد اسميناها المبادرة الوطنية للسلم الأهلي وبناء الدولة ... ونحن على ثقة بأنها ستكون بداية لانطلاقة حقيقية اذا ما تم التعامل معها بروح المسؤولية العالية .. ان الانتصار قادم لا محالة .. وهذه ثقتنا المطلقة بالله تعالى وبهذا الوطن وبأبناء شعبنا وابطال الحشد الشعبي والقوات المسلحة ... وعلينا ان نبدأ بخطوات الحل السياسي وترسيخ دعائم السلم الأهلي وبناء الدولة العراقية على أسس صحيحة وعادلة .

    اخبار ذات صلة