• نص حديث السيد عمار الحكيم في الامسية الرمضانية السادسة

    2015/ 06 /27 

    نص حديث السيد عمار الحكيم في الامسية الرمضانية السادسة

    بسم الله الرحمن الرحيم

     

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيدنا ونبينا سيد  الانبياء والمرسلين حبيب اله العالمين ابي القاسم المصطفى محمد وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين الميامين ، السادة الافاضل ، الاخوة الاكارم ، الاخوات الفاضلات ،تقبل الله اعمالكم وصيامكم وقيامكم في هذا الشهر الفضيل ونسال الله تعالى ان يتقبل منكم صالح الاعمال .

    كان حديثنا في الليالي الماضية في رسالة الحقوق لسيدنا ومولانا زين العابدين الامام علي بن الحسين (ع) وكنا نتحدث في الحق السابع من هذه الحقوق الا وهو حق اليد وقلنا ان اليد تستخدم احيانا في المعنى الحقيقي لها وهي العضو الذي يحرك فيه الانسان وينقل فيه الاشياء من مكان الى آخر وتارة تستخدم اليد في المعنى المجازي أي الآثار المترتبة على اليد من فعل حسن او قبيح وتارة تستخدم بالمعنى الكنائي بمعنى التورط في الشيء يقال لفلان في هذه القضية يد أي متورط ، وبعد ان انهينا الحديث في المعنى الحقيقي بدأنا الحديث في المعنى المجازي وقلنا ان الظلم يمثل احد اهم المصاديق في الآثار المترتبة على اليد واستعرضنا العديد من العناوين في موضوع الظلم .

    آثار الظلم بحسب القرآن الكريم ..

    الاول /  الاختلاف ، الثاني / انكار يوم القيامة وهذا ما تحدثنا عنهما في الجلسة الماضية ليلة امس الثالث / الخوف .

     لاحظوا في هذه الآية الشريفة من سورة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم "قل ياءيها الذين هادوا "، الخطاب موجه الى اليهود " ان زعمتم انكم اولياء لله من دون الناس " يا معاشر اليهود ادعاءاتكم كبيرة وحديثكم عال تدعون انكم احباء الله وأنكم اولياء الله وافضل الناس واقرب الناس الى الله ، اذا كنتم تزعمون وتدعون وتعتقدون انكم الاقرب والأحب الى الله " فتمنوا الموت ان كنتم صادقين " الحبيب يريد ان يرى محبوبه فمن يحب الله يتمنى الموت ويلتقي معنويا بالله واللقاء بالله يتحقق في الدار الآخرة ، ولكنكم لستم كذلك انتم تخافون وتهلعون من الموت انتم لا تتمنوا الموت خائفين ، طبعا الكلام ليس موجه الى اليهود وحدهم كثير من الناس يخشون الموت وهذا غير منسجم مع حب الله لان الله لطيف بعباده وهذا الخوف من الموت دليل على ان اعمالنا ليس على المرام .في آية اخرى من سورة البقرة آية 96 هناك اشارة لهذه الحقيقة ايضا بحق اليهود " ولتجدنهم احرص الناس على حيوة " اشد الناس حرصا على التمسك بالحياة ومن الذين اشركوا " حرصهم على الدنيا حتى اكثر من المشركين " يود احدهم لو يعمر الف سنة وما هو بمزحزحه عن العذاب ان يعمر " لو يعيش مئات او آلاف السنين فان طول العمر لا يمنع عنه العذاب ، العذاب لا يرتبط بطول العمر ، اذا كانت اعمالك صالحة حتى لو تموت اليوم فانك تذهب الى رب غفور رحيم ولو عشت مئات السنين وأعمالك غير صالحة فانك تذهب الى العذاب وربما بإساءة اكبر " ولا يتمنونه ابدا بما قدمت ايديهم " ولكنهم لا يحبون الموت ، يدعون انهم احباب وأولياء الله ولكن لا يحبون ولا يتمنون الموت " بما قدمت ايديهم " لان ما انجزوه في هذه الدنيا ليس فيه زاد للآخرة ولم يكن فيه ما ينفعهم في الآخرة غير مستعدين للآخرة ، وهنا تحصل هذه الازدواجية الكبيرة بين الادعاء والسلوك ، ما اكثر المدعين وأصحاب الشعارات .

    اذا لم نشهد تعاونا حقيقيا وتنسيقا بين دول المنطقة في مواجهة داعش فيستمر نزيف الدم في العالم

    اليوم في الواقع الذي نعيشه ارهاب داعش الكل يتخذ مواقف من داعش والكل يدين الارهاب الداعشي والكل يصدر البيانات في استنكار الجرائم الداعشية ولكن من الناحية الواقعية العملية هل ان الجميع وقف بوجه داعش وهل ان الجميع كانوا صادقين في عدائهم لداعش وهل ان الجميع ان الجميع كانوا جادين في استنهاض واستنفار الامكانات لمواجهة داعش هل ان الجميع أغلقوا حدودهم ولم يسمحوا للمتشددين والمتطرفين ان يأتوا من بلدان العالم العريضة الى مناطق تواجد داعش في العراق وسوريا هل الجميع لاحق مواطنيه المتشددين حينما ارادوا ان يخرجوا ويلتحقوا بالخلافة الاسلامية المزعومة هل ان الجهد ألاستخباري في المنطقة تعبأ بشكل صحيح وتعاون ونسق فيما بينه لقطع الامدادات عن داعش ، هل ان داعش جن ام بشر ، داعش يعيش بتمويل نفسه من بيع النفط في سوريا والعراق ، والنفط يحتاج الى صهاريج والصهريج هل هو واحد أم عشرة أم مئة أم ألف ، هذا العالم الذي يدعي انه ضد داعش بأقماره الصناعية وطائراته وأجهزة التنصت الكبيرة والمراقبة التي يملكها لا يرى مئات الصهاريج ، وان بيع النفط انما يسوق في الاسواق العالمية ، لا الصهاريج رأوها ولا الدول التي عبر النفط منها رأوها ولا الاسواق العالمية التي يباع النفط فيها رأوها ولا ملايين عشرات الملايين مئات الملايين الدولارات التي يحصل عليها داعش رأوها وهذه تاتي عن طريق حسابات مصرفية وحتى هذه الحسابات ردوها ، أين الجدية ، حذرنا كرارا وتكرارا وقلنا ان داعش لا يمكن ان يستخدم  كبندقية للإيجار وقلنا ان داعش ليس عنده صاحب ولا صديق وقلنا ان داعش اذا ما حصل على الفرصة سينقض على أي مكان يمكن ان تمتد يده اليه وقلنا اذا كان هنا او هناك من متساهل فالمتساهلون سيكونوا على راس القائمة في الاستهداف الداعشي واليوم صرنا نرى تفجيرات في هذا البلد وذاك في الدول العربية والاسلامية والعالم في يوم الجمعة هذا شهدنا تفجيرا مروعا في دولة الكويت الشقيقة وتفجيرا مروعا في تونس وعملية اجرامية داعشية اخرى في فرنسا في يوم في ثلاث اماكن ، ماذا تعني هذه التفجيرات ، انما ما يحصل اليوم من تفجيرات مؤسفة نستنكرها بأوضح العبارات وندينها بشدة ولكننا حذرنا منها كرارا وتكرارا على مدار الاشهر الماضية وإذا لا نشهد تعاونا حقيقيا وتنسيقا بين دول المنطقة في مواجهة داعش فيستمر نزيف الدم في كل هذه البلدان نسال الله الامن والأمان لبلادنا ولكل دول المنطقة ولكن هذه حقائق هذا ليس تهديد بل هو وصف حال اذا كان لا نقف وقفة واحدة ونتعاون مع بعضنا وندرك خطورة هذا العدو ونقف بوجه هذا العدو سنشهد ان المنطقة تغرق في هذه العمليات الارهابية وإذا كان العراق بشعبه بتاريخه بحجم المعاناة التي مرت عليه على مدار عقود من الزمن استطاع ان يستوعب هذه الصدمات ويحتويها ويبقى قويا شامخا واذا كان عندنا في العراق مرجعية عليا تصدر فتوى بالجهاد فيهب مئات الآلاف من شبابنا العراقي وهذه الظروف غير متوفرة في الدول الاخرى واذا غرقت بالإرهاب ستنهار لاسامح الله لذلك اشدد على كل من يستمع الى هذا النداء ويصغي الى هذا القلق الذي نبينه ان علينا ان نقف وقفة واحدة ونتعاون للوقوف بوجه الارهاب ومواجهة داعش بكل الوسائل المتاحة ولا نعتبر داعش ورقة سياسية للتفاوض والضغط على هذه الحكومة او تلك هذا لا ينفع وسيرتد هذا الخطر الكبير على كل من تساهل او تورط بشكل من الاشكال في دعم الارهاب الداعشي ، وهذه هي الازدواجية بين الشعار والعمل .

     " ولا يتمنونه ابدا بما قدمت ايديهم " ليس عنده عمل ليكون من السعداء في الآخرة " والله عليم بالظالمين " اذا ظلمهم جعلهم يخافون من الموت ، لانهم ظلمة وعصوا وتجاوزوا فلذلك اصبح الخوف يعشعش في قلوبهم وفي نفوسهم وهذا ما يشير الى حقيقة قرآنية مهمة ان سبب الخوف من الموت هو عدم الاستعداد والتهيؤ او الجهل احيانا ولكن حينما يحصل اذا كانت اعماله صالحة طيبة يأنس بالموت ، لاحظوا بعض الاوصاف التي وردت في روايات اهل البيت عن الموت

    رواية " لما اشتد الامر على الحسين بي ابيطالب في يوم عاشوراء تكاثرت عليه الرماح والنبال وصل الى لحظة الشهادة لحظة نزع الروح عن الجسد " نظر اليه من كان معه فإذا هو بخلافهم " الامام الحسين كان بخلاف القوم غير مبال بالموت " لأنهم كانوا اذا اشتد بهم الامر تغيرت الوانهم وارتعدت فرائصهم ووجلت قلوبهم ونشفت جنوبهم " وكان الحسين وبعض من معه سماتهم بالعكس تشرق الوانهم تشع بهجة وفرحة مع كل ما الم به من الجراح والألم لانه يقبل على الله تعالى " وتهدأ جوارحهم " حالة الفزع والخوف غير موجودة حالة الاستقرار " وتسكن نفوسهم " فقال بعضهم لبعض انظروا اليه لا يبالي بالموت " جماعة عمر بن سعد يقولون هكذا " فقال الحسين (ع) وهو في تلك الحال صبرا بني الكرام فما الموت الا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والظلم الى الجنان الواسعة والنعم الدائمة " هذه هي حقيقة الموت لمن كان اعد واستعد " فأيكم يكره ان ينتقل من سجن الى قصر وهو لأعدائكم كمن ينتقل من قصر الى سجن وعذاب اليم ، ان ابي حدثني بذلك عن رسول الله (ص) الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر والموت جسر هؤلاء الى جناتهم وجسر هؤلاء ( الآخرين ) الى جحيمهم " العصاة المذنبين الكفار غير المؤمنين الظلمة ، الموت يخرجهم من جنانهم في هذه الدنيا الى سجنهم في الآخرة ، ما كذبت ولا كذّبت " .

    ايضا سئل الامام زين العابدين (ع) ما الموت قال للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة وفك قيود وأغلال ثقيلة والاستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائح ، وأوطئ المراكب وآنس المنازل ( هذا للمؤمن تعريف الموت للمؤمن ) وللكافر كخلع ثياب فاخرة والنزل عن المنازل الانيسة والاستبدال بأوسخ الثياب و أخشنها وأوحش المنازل وأعظم العذاب " ليس هناك تفسير واحد للموت للمؤمن تفسير وهو الراحة والسعة وللكافر والعاصي العذاب الاليم ، كل يفسر حسب طبيعة عمله " ولا يتمنونه بما قدمت ايديهم "

    ايضا قيل للإمام الصادق (ع) ما بالنا نرى كافرا يسهل عليه النزع فينطفي وهو يتحدث ويضحك ويتكلم ، سيدي يا ابا عبدالله وانتم تقولون الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر وتقولون ان الموت هو الانتقالة للكافر الى السجن والمؤمن الى الجنة ولكن نلاحظ كافر غير ملتزم وهو في حالة النزع وهو مبتسم وفرح ولا يعاني المشقة في لحظات الموت وفي المقابل نرى مؤمنا في لحظة الموت وهو يأخذه النزع ويعرق ويرتجف قبل ان يسلم الروح الى بارئها كيف هذا ! فقال الامام الصادق (ع) فما بالنا نرى كافرا يسهل عليه النزع فينطفئ وهو يتحدث ويضحك ويتكلم ومن في المؤمنين يكون ايضا كذلك ، ( هناك من المؤمنين يكون كذلك ) وفي المؤمنين والكافرين من يقاسي في لحظات الموت ، فقال الامام الصادق ما كان راحة هناك للمؤمنين فهو عاجل ثوابه ( مؤمن والله تعالى ينزع روحه ويموت بسكينة ووقار فالله يعجل له الثواب والله في سكرات الموت يعجل له الثواب وما سوف يراه في الآخرة يعجل له في الدنيا ايضا ) " وما كان من شديدة ( المؤمن حينما يواجه شدة الموت ) فهو تمحيصه من ذنوبه ليرد الى الآخرة نقيا نظيفا مستحقا لثواب الله ليس له مانع دونه ، بهذه الشدائد في نزع الروح يتخلص المؤمن من ذنوبه القليلة " وما كان من سهولة على الكافرين فليوف اجر حسناته في الدنيا " هناك انسان مذنب ولكن عنده امور طيبة وله خدمات في الدنيا فالله تعالى يوفيه اجر حسناته في الدنيا ولكن في الآخرة له عذاب اليم " ليرد الى الآخرة وليس له الا ما يوجب عليه العذاب ، وما كان من شدة على الكافرين فهو ابتداء عقاب الله له بعد نفاذ حسناته " هذا ليس له حسنات تذكر في الدنيا " ذلك بان الله عدل لا يجور "

    ايضا في رواية اخرى مرض رجل من اصحاب الامام الرضا (ع) فأعاده فقال كيف تجده فقال لقيت الموت بعدك " يريد به ما لقيه من شدة المرض ، فقال كيف لقيته قال أليما شديدا ، الم شديد ، فقال (ع) ما لقيته انما لقيت ما ينذرك به ، انذار يذكرك بالموت " ويعرفك بعض حاله ، انما الناس رجلان مستريح بالموت ( يعني يطلب الراحة بالموت ) ومستراح به منه (او الراحة تسحب منه بالموت فالموت نعمة عليه ) فجدد الايمان بالله والنبوة والولاية لنا تكن مستريحا

    ايضا في رواية دخل علي بن محمد (ع) على مريض من اصحابه وهو يبكي ويجزع من الموت فقال له يا عبدالله تخاف من الموت لأنك لا تعرفه ارايتك اذا اتسخت وتقذرت وتأذيت بما عليك من الوسخ واصابك جروح وجرب وعلمت ان الغسل في الحمام يزيل عنك ذلك كله اما تريد ان تدخله ( الحمام ) فتغسل ذلك عنك أو ما تكره ان لا تدخله فيبقى ذلك عليك قال بلا يا بن رسول الله قال فذلك الموت هو ذلك الحمام ، الموت للمؤمن هو ذلك الحمام الذي يغسل الادران " وهو آخر ما بقي عليك من تمحيص ذنوبك وتنقيتك عن سيئاتك فإذا وردت عليه وجاوزته ( الموت ) فقد نجوت من كل غم وهم وأذى ووصلت الى كل سرور وفرح فسكن الرجل ونشط واستسلم وغمض عين نفسه ومضى الى سبيله "

    رواية اخيرة وقال لرجل لأبي ذر الغفاري (ع) هذا الصحابي الجليل لرسول الله (ص) ما بالنا نكره الموت قال لأنكم عمرتكم الدنيا وخربتم الآخرة فتكرهون ان تنتقلون من العمار الى الخراب ، وقيل له كيف ترى قدومنا على الله قال فأما المحسن فكالغائب يقدم على اهله وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه  فكيف ترى حالنا عند الله قال اعرضوا أعمالكم على الكتاب ان الله عز وجل يقول ان الابرار لفي نعيم وان الفجار لفي جحيم قال الرجل فأين رحمة الله قال رحمة الله قريب من المحسنين " نسال الله تعالى ان يسهل علينا سكرات الموت وان نعمل للآخرة حتى يكون الموت والشهادة في سبيل الله مطمح لنا اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك اللهم لا تخرجنا من الدنيا الا وأنت راض عنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    اخبار ذات صلة