• نص كلمة سماحة السيد عمار الحكيم لدى استقباله وفود مؤتمر البرلمانات الأسلامية في بغداد

    2016/ 01 /25 

    نص كلمة سماحة السيد عمار الحكيم لدى استقباله وفود مؤتمر البرلمانات الأسلامية في بغداد

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

    ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ، وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) ال عمران / 104_105

    اهلا وسهلا بكم في عراقكم وبغدادكم ... بغداد السلام والتعايش والوئام

    لقد اشتاقت بغداد لكم كثيرا ، وانا واثق انكم أيضا اشتقتم الى بغداد ، حاضرة الخلافة الإسلامية وواجهة الإسلام الى العالم ..

    ان وجودكم اليوم على ارض بغداد الحبيبة هو رسالة واضحة لكل من يسعى لزرع الفتنة والشقاق بين أبناء الدين الواحد والرسالة الواحدة ... اننا كمسلمين نواجه تحديات حضارية كبيرة ومصيرية قد تفوق كل التحديات التي واجهتها امتنا الإسلامية على مدى قرون ..

    اننا أقوياء كأمة عندما نواجه أعداء الخارج ولدينا طاقات ذاتية كبرى تجعلنا نتفوق دائما على الذين يحاولون كسرنا .... ولكننا ضعفاء في مواجهة العدو الداخلي ، وهذا هو السبب الابرز لأنكسارات الامة الإسلامية على مدى التاريخ ، فالانقسامات الداخلية هي نقطة ضعف هذه الامة ..

    أيها السادة والسيدات ...

    اننا كمسلمين نمثل اليوم اكثر من خمس العالم ، وكدول إسلامية نشغل مواقع جغرافية حيوية ودولنا تمثل محطات تواصل بين الأمم والقارات .. وكدين فالإسلام يُعد من اكثر الأديان انتشارا على كوكب الأرض !!

    اننا نمثل اخر حلقات المشروع الرسالي لبني البشر !... ولكننا وللأسف تراجعنا كثيرا في السنوات الأخيرة واصبحنا كأمة في موضع دفاع واتهام ....

    ان الرسالة الاسلامية في جوهرها محبة وسلام و وئام ولا يوجد في تعاليمنا الإسلامية الاصيلة ما يدعو للظلم والاعتداء والانتقاص من الأديان الأخرى ... ان الإسلام يؤمن بالتعايش والتعدد والتنوع ويحترم الإنسان وحقوقه ويرفع شعار التوحيد ويحمل رسالة "السلام" !!... فمن أي عين شيطانية تدفق علينا هذا الكره والتكفير والتطرف والإرهاب الاعمى والأفكار المنحرفة؟ ....

    وكيف تحولنا الى امة يدعي البعض منها ان له القول الفصل ! ليكفّر ما سواه ويهدر دمائهم وينتهك اعراضهم ويصادر ممتلكاتهم لمجرد الاختلاف معه ؟!

    وكيف تحولّ البعض الى التكفير ، واصبح يعمل جاهداً كي يحوّل أبناء الإسلام الى (( ذئاب منفردة او مجتمعة )) ! تنهش بالجسد الإنساني باسم الإسلام والشهادة المقدسة والجنة الطاهرة !!...

    من اين جاء هؤلاء بهذا الفكر والسلوك المتطرف ومن يغذيهم ويدعمهم وماذا قدموا للإسلام غير العار والدمار ...

    اخوتي واخواتي واحبتي ،،،

    ان مسؤوليتنا الإنسانية والاسلامية والوطنية تحتم علينا ان نتجاوز هذه المرحلة المظلمة من حاضرنا ، وان نقف سدا منيعا بوجه من يحرف اسلامنا ويزرع الفرقة بيننا ويحول أبناء الإسلام الى حطب لحروبه الشيطانية ...

    لقد ذبح اخوتكم في العراق باسم الطائفية البغيضة ، واليوم يذبح أبناء المسلمين والأديان والطوائف الأخرى باسم إقامة حدود الله وشرعه !! وحاشا لله ان يكون هذا الإرهاب الداعشي هو من حدوده وشرعه !!..

    ان الإرهاب التكفيري الشيطاني لم يشوش صورة الإسلام في العالم فحسب وانما شغل الامة عن تحدياتها الحقيقية وحقوقها المغتصبة ، فها هي فلسطين الحبيبة مازالت ترزخ تحت الاحتلال واخوتنا من أبناء فلسطين يقاتلون ابشع احتلال عرفه التاريخ بأياديهم المنزوعة السلاح، انهم يحملون السكاكين والحجارة مقابل اشرس واعتى الة حربية في منطقة الشرق الأوسط ، والمخجل ان الامة انشغلت عنهم بقضاياها الداخلية ، واشغلها الإرهاب والتكفير الداعشي عن رسالتها تجاه القدس الشريف وفلسطين وشعبه المظلوم المقاوم ...

    انا واثق ان امتنا ستنهض من هذه الكبوة وثقتي نابعة من حقيقة ان الله لا يترك الإسلام عرضة للتشويش والتشويه ولا المسلمين عرضة للصراع والخصومة فيما بينهم مهما طالت الازمة ومهما كانت الجروح عميقة ، ولكنني اشعر بالألم ويعتصر قلبي على أبناء امتنا الإسلامية وهم يذبحون باسم الدفاع عن الإسلام ، وعلى أبناء الإنسانية الذين يعتدى عليهم باسم تطبيق شرع الله!!...

    اخوتي واخواتي الاعزاء ...

    انني وباسمكم ادعو الى ان نكون حاضرين في مناطق الصراع حيث يشتبك المسلمون مع بعضهم .. وان نجلس على طاولة واحدة ونتفق على احترام تعددياتنا واختلافاتنا ونتفق ايضاً على احترام مساحات النفوذ لبعضنا البعض ، فقدرنا ان نكون معا ونحمل هذا العنوان المقدس كمسلمين ، ومهما اشتدت وتعقدت الخلافات فيما بيننا الا اننا سنصل في النهاية الى طاولة الحوار ونضع كل خلافاتنا على الطاولة ونناقشها بصراحة وتفهم ...

    ان كل الأديان فيها طوائف وملل ونحل ، ولن نكون نحن المسلمون استثناء ، والطريق الأفضل والاسلم والاصلح لديننا ودنيانا هو ان نكون متفهمين لاختلافاتنا وان لا يعتقد احد انه يحتكر الحقيقة والفكر الصائب والراي السديد ..

    ان الإسلام مسؤولية في اعناقنا ، وشعوب الامة الإسلامية تطالبنا بان نكون على قدر هذه المسؤولية ، وان اوطاننا تنتظر منا ان نقدم لها الحلول ونحافظ عليها ونحميها لاجيالنا المستقبلية ..

    اهلا وسهلا بكم في عراقكم وفي بغدادكم ، وقد شرفتمونا بقدومكم هذا ، وستبقى بغداد تفتح ذراعيها لاخوتها واشقائها وستبقى بغداد قوية وعزيزة رغم كل الجراح والآهات ... وسيبقى عراقكم كما عرفتموه ، ابيا شامخا وعزيزا بأذن الله ....

    حفظ الله العراق وسائر بلاد المسلمين و رحم الله شهدائنا الابرار من ابناء الجيش والشرطة والحشد الشعبي  وابناء العشائر والبيشمركة وضحايا الارهاب ....

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

     

    اخبار ذات صلة