• نص الكلمة الدينية للسيد عمار الحكيم في مؤتمر المبلغين والمبلغات الــــ 31 في النجف الاشرف

    2016/ 09 /23 

    نص الكلمة الدينية للسيد عمار الحكيم في مؤتمر المبلغين والمبلغات الــــ 31 في النجف الاشرف

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا سيد الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين أبا القاسم المصطفى محمد، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين الميامين.

    السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يبن رسول الله، السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك، عليك منا جميعاً سلام الله أبداً ما بقينا وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد منا لزيارتكم، السلام على الحسين، وعلى علي ابن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام.

    السلام عليكم أيها الأفاضل، السادة والشيوخ الأكارم، الأخوات الفاضلات، ورحمة الله وبركاته.

    بدايةً اسمحوا لي أن أعرب عن شكري وتقديري بهذا الحضور الواسع والحاشد للمبلغين والمبلغات واعتذاري الشديد من الأفاضل الذين لم يحصلوا على مقاعد للجلوس، فإن كانت القاعة لا تستوعبهم فالقلوب تستوعبهم جميعاً.

    ولابد لي في البداية أن أبارك لكم جميعاً أيها الأحبة عيد الله الأكبر عيد الغدير الأغر، وأعزيكم سلفاً بذكرى حلول محرم الحرام وذكرى استشهاد سيد الشهداء صلوات الله وسلامه عليه، وبين الشعور بالفرحِ والسعادةِ بحلول عيد الغدير والشعور بالحزن والأسى لحلول شهر محرم الحرام.

    مؤتمر المبلغين .. عيد وثورة...

    وقد ألفنا أن نعقد هذا المؤتمر الموسمي الموسع قُبيل شهر محرم الحرام فيكون بين الفرح والحزن، وبين عيدٍ وثورةٍ تركت في نفوسنا عظيم الأثر، ولكن هذين الحدثين عيد الغدير والثورة الحسينية هذين الحدثين العظيمين كلاهما يصبان في اتجاهٍ واحد، وكلاهما كُرسا لهدفٍ واحد، ولرسالةٍ واحدة ألا وهي رسالة الحكم والولاية في الإسلام، حيث أن عيد الغدير هو عيد التنصيب الإلهي للولي، ومحرم الحرام وثورة الإمام الحسين رسالتها رسالة الاهتمام بتقويم الحكم، وإصلاح مسار الحكم، حتى لو تطلب ذلك تضحيةً بحجم تضحية الحسين سلام الله عليه بوجوده وأهل بيته وأصحابه.

    إذن كلا الحدثين العظيمين يؤشران إلى أهمية الحكم وأهمية النظام في الرؤية الإسلامية، وكلا الحدثين يُركزان على الحكم الرشيد في تنصيبه وفي تقويمه.

    رسالة الغدير رسالةٌ وحدوية يُراد لها أن تُحقق نظاماً يُوجد التماسك في المجتمع، ورسالة الإمام الحسين بثورته رسالةٌ وحدوية تُريد أن تُشيعَ الإصلاح والعدل والإنصاف بين الناس ليعيش الجميع بكل ألوانهم وأطيافهم في رحاب دولةٍ عادلة.

    الوحدة .. رسالتنا...

    إذن الوحدة هي الرسالة المشتركة، والوحدة هي المفتاح السحري لمواجهة التحديات وتحقيق الانجازات والانتصارات الكبرى، والوحدة ليس أمراً عابراً، ليس شعاراً نرفعه، ليس أمراً جميلاً نحلم به، وإنما هو حقيقة علينا تحقيقها على الأرض، ولا يمكن أن تتحقق برفع شعار وحدة، وإنما تحتاج إلى أسس، والقرآن الكريم تحدث عن أسس الوحدة الإسلامية وهي ذات الأسس التي يجب أن تُعتمد في تحقيق أي وحدةٍ وعلى أي مستوى.

    إن أردنا وحدةً سياسية فنحتاج إلى هذه الأسس، وإن أردنا وحدةً وطنية فنحتاج إلى هذه الأسس، وإن أردنا أن نتوحد في مهمةٍ معينة فنحتاج إلى هذه الأسس، الأسس الوحدوية في القرآن الكريم، الأساس الأول العقيدة، القيم، المبادئ، الثوابت، أي جماعةٍ إذا أرادت أن تتوحد عليها أن تعتمد ثوابت واضحة ومحددة تتفق عليها، والمسلمون إذا أرادوا أن يتوحدوا عليهم أن يلتزموا عقيدةً واحدة وواضحة يجعلوها أساساً لوحدتهم، وإذا أردنا أن نتوحد كشعب في وحدةٍ وطنية فعلينا أن نحدد الثوابت الوطنية التي نعتمدها في تحقيق هذه الوحدة.

    الاعتصام بالله والوحدة...

    ولذلك نجد إسلامياً نظرية التوحيد أساساً هي نظريةٌ وحدوية، الأمة الواحدة تعبد وتسبح إلهاً واحداً، لذلك النظرية التوحيدية هي نظريةٌ وحدوية، والنظام التشريعي والتكويني ينصب على الأمة الواحدة، وهذا ما يجعل المشروع الرسالي مشروعاً وحدوياً.

    أيها الأحبة القرآن الكريم اعتبر ان الوحدة تحتاج إلى محور، فلا يمكن أن نتوحد للوحدة، وإنما علينا أن نتوحد على شيءٍ محدد، وهذا ما تشير إليه الآيات القرآنية بشكلٍ واضح.

    يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعاً، فلا تفرقوا، فالاعتصام والوحدة محورها حبل الله، نتوحد حول الله في وحدتنا الإسلامية، ويجب أن نبحث عن هذا المحور في أي وحدةٍ لأي مشروعٍ وأي مهمة.

    ونلاحظ ذلك أيضاً في قوله تعالى: واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعدائاً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا، العنصر الغيبي، التسديد الإلهي في تحقيق الوحدة، الوحدة تحتاج إلى تسديد، تحتاج إلى رعايةٍ إلهية حتى تتحقق.

    الأساس الثاني .. طاعة الله ورسوله وأولي الامر...

     الطاعة للرسول ولمن هو امتدادٌ للرسالة لأهل البيت سلام الله عليهم، لا تتحقق الوحدة مع تبعثر الجهود، وتعدد البوصلات، واختلاف الاتجاهات، إذا أردنا أن نتوحد فعلينا أن نلتزم برؤيةٍ وعقيدةٍ وثوابت وعلينا أن نُطيع في الوحدة الإسلامية الطاعة لله سبحانه وتعالى، في الوحدة في المشاريع الأخرى تحتاج إلى طاعة تنسجم مع ذلك المشروع في الالتزامِ بالقانون وما إلى ذلك من أمورٍ وشؤون.

    الطاعة .. الوحدة

    لماذا الوحدة بالطاعة للرسول صلى الله عليه وآله؟ لأن الطاعة لرسول الله هي طاعةٌ لله سبحانه وتعالى وهي مدخلٌ لتحقيق تلك العقيدة والالتزام بتلك الثوابت.

    بسم الله الرحمن الرحيم ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا، وكذلك قوله تعالى: وما أرسلنا من رسولٍ إلا ليُطاع بأذن الله، ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفر الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما، واستغفر لهم الرسول، لم تقل الآية واستغفرت لهم، لماذا؟ لأنها تضع معيار، الرسول أو من يتحمل مهام الرسالة عليه أن يُطاع حتى تتحقق هذه الوحدة، ولذلك نجد أن هذه الطاعة عنصر مهم في توحيد الجهود باتجاهٍ واحد وتحقيق هذه الوحدة التي نسمو إليها.

    في صورة النساء: بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله وباليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلا، العودة للرسول، والعودة لمن يتحمل المهام الرسالية، والقبول والرضوخ بما يمليه في حل الاختلافات، الطاعة هي التي تحقق هذه الوحدة.

    في آية أخرى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يُحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً فيما قضيت، ويسلموا تسليما، التسليم والطاعة لما يأمر به الرسول ومن يتحمل المهمة الرسالية هي العنوان البارز والأساس الرصين في تحقيق الوحدة.

    الأساس الثالث .. رحمة ومودة...

    رعاية الأمة أو رعاية المشمولين بأي مشروع، الوحدة تحتاج إلى رحمة، إلى مودة، إلى رعاية، إلى اهتمام، ولذلك الوحدة الإسلامية تحتاج رعاية الرسول لهذه الأمة كما في عدد من الآيات الشريفة:

    بسم الله الرحمن الرحيم لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عندتم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم، في آيةٍ أخرى: خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين، في آيةٍ أخرى: فبما رحمة من الله نلت لهم ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك، حتى لو كنت رسول الله، لو كنت سيد المرسلين، لكن إذا لم تتحلى بالرعاية، بالاهتمام، بالخلق العالي لانفضوا من حولك، فأعفوا عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين.

    الأساس الرابع .. الاخوة الايمانية...

     الأخوة الإيمانية، الأخوة أساسٌ مهم في تحقيق هذه الوحدة، كيف نتوحد ومن يراد أن يتوحد لا تكون بينهم علاقات إنسانية طبيعية، لا تكون بينهم مشاعر إنسانية صادقة، لا تكون بينهم قواعد في تنظيم سلوكهم وعلاقتهم مع بعضهم، هذا لا يحقق الوحدة، الوحدة تحتاج إلى هذه الأخوّة وإلى منظومة تنظم إيقاع السلوك بين من يُراد توحيدهم، وهكذا في الوحدة الإسلامية على المسلمين أن يتآخوا فيما بينهم لأن الأمزجة الخاصة والهوى والنزاعات الشخصية لا تستطيع أن تحقق أمة موحدة. إذن لابد من وجود إخوةٍ وعضٍ على الجراح والتقبل للآخر والتعاطي مع الآخر حتى تتحقق هذه الوحدة.

    التمييز المذهبي، الديني، القومي، المناطقي، العشائري، هذا التمييز لا يستطيع أن يحقق أمة موحدة، الوحدة تتطلب أن تسمو الجماعة على الخصوصيات وأن تتوحد في مساحاتٍ أوسع، لذلك نجد أن الإسلام حينما يتحدث عن الإخوة الإيمانية يستبعد كل الاعتبارات الأخرى، هذا أبيض، وهذا أسود، وهذا حرٌ، وهذا عبدٌ، وهذا من أسرة شريفة، وذاك من أسرة أقل شرفاً، كل هذه الاعتبارات تزول ويكون المؤمنون كلهم إخوة وأساسهم واحد، يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثا، الأساس أساسٌ واحد ولا يوجد أي فروقٍ أو تمايزٍ بين المؤمنين إلا بإيمانهم، إنما المؤمنون إخوة، المؤمنون من دخل حيز الإيمان أصبح واحداً مهما كانت إمكاناته المالية، أو موقعه الاجتماعي، أو نسبه، أو حسبه وما إلى ذلك، هذا لا يعني شيءً، إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم.

    في آيةٍ أخرى: واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا، بل حتى المشركين والكفار إذا ما تابوا وانسجموا مع الطريق الصحيح ومع الرسالة يكونوا إخوة حالهم حال غيرهم، فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ومواليكم، فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقومٍ يعلمون.

    بل نجد القرآن الكريم حاول أن يربط بين الإخوة النسبية والإخوة الإيمانية كما في سورة الأحزاب: أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آبائهم فإخوانكم في الدين ومواليكم، لا يختلف، لا يفرق، إن كنت تعرفه أبن من يكون فقل له فلان ابن فلان وإن كنت لم تعرف فقل له أخي لأن الأخوة الإيمانية مكملة للأخوة النسبية، وكذلك حاول الإسلام والقرآن الكريم أن يحوّل هذه الأخوة من مشاعر إلى مشروع روحي واجتماعي وسياسي يتحرك على الأرض من خلال هذه الإخوة، والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، يوجد التزامات ذات طابع اجتماعي وحقوق متبادلة فيما بينهم، ويقيمون الصلاة ويأتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيزٌ حكيم.

    بل يصل القرآن إلى مستوى يُقدم فيه الإخوة الإيمانية على الإخوة النسبية، أخيك في الرسالة والمشروع مُقدم على أخيك من أمك وأبيك، لاحظوا الآية الشريفة من سورة آل عمران: إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا، أولى الناس وأقرب الناس لإبراهيم ليسوا أبنائه.

    المهم في هذه الأخوة أنها أخوة على أساس المشروع، على أساس العقيدة، على أساس الولاء لله ولرسوله، الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم، أخوة مبتنية على أساس الولاية لله ولرسوله، إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة، أن لا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أوليائكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، الولاء لله ولرسوله في هذه الأخوة الإيمانية.

    وثم يأتي دور التبري حينما يكون الولاء لله، الولاء للمشروع الرسالي يجب أن يقابله براءة من المشاريع الأخرى الغير الرسالية البعيدة عن القيم والمبادئ والأطر الصحيحة، يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين، أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطان مبينا، الولاء للمؤمنين والبراء من غيرهم من المشاريع الأخرى.

    ثم القرآن لم يكتفي في هذه الأخوة وفي هذا الولاء أن يتحدث بالإطار العام وإنما دخل في تفاصيل كثيرة ليجعل منها أخوّة حقيقية تتكامل في المواقف الميدانية على نطاقٍ واسع، والذين تبوئوا الدار والإيمان من قبلهم يُحبون من هاجر إليهم، إذن القضية قضية نصرة، وعون، ومساندة، واحتضان، واحتواء، وخدمات للأخ المؤمن، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصا، ومن يوقى شح نفسه فألئك هم المفلحون، والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلٍ للذين آمنوا ربنا أنك غفور رحيم، محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم رُكعاً سُجداً يبتغون فضلا من الله ورضوانا، يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين.

    فتجدون أن هذه الأخوة تأخذ أبعاد ومديات ويتحدث القرآن الكريم عن تفاصيل في هذه العلاقة الإيمانية بين المؤمنين، هكذا تتحقق النصرة، وهكذا تتحقق الوحدة، وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر، إذا طلبوا النصرة منكم لأمرٍ رسالي في الدين فعليكم أن تناصروهم، فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه وتبعوا النور الذي اُنزل معه أولئك هم المفلحون، كل هذه الآيات وكثير من الآيات الأخرى تأتي لتنظم طبيعة السلوك في الأخوة الإيمانية ومساحاتها الواسعة.

    الأساس الخامس .. القاعد الأخلاقية...

     القاعدة الأخلاقية، احترام والتزام العهود والمواثيق، لا يمكن أن تتحقق الوحدة دون قاعدة أخلاقية ينتسب لها ويطمأن لها جميع أولئك المتوحدين، لذلك اعتُبِرَ أساساً مهما لهذه القاعدة الأخلاقية، بل الأخلاق اعتُبِرَ ممثلاً يُمثل مضمون الرسالة الإسلامية، إنما بُعِثتُ لأتمم مكارم الأخلاق، الأخلاق لها أبعاد واسعة وكبيرة، والقاعدة الأخلاقية لها دور كبير في تحقيق هذه الوحدة.

    لاحظوا في سورة النحل: وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها ولقد جعلتم الله عليكم كفيلا، حينما تتفقون على شيء تتعاهدون وتتبانون على شيء عليكم أن تلتزموا بما اتفقتم عليه، إن الله يعلم ما تفعلون، وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون، في سورة التوبة التزام بالعهود والمواثيق حتى مع المشركين إذا ما هم التزموا، إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً ولم يُظاهروا عليكم أحداً فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين، هذا الالتزام الذي لا ينحصر في دائرة المؤمنين وإنما يمتد إلى المساحات الأخرى.

    التأكيد على موضوعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يمثله من قاعدة أخلاقية رصينة تُحقق هذه الوحدة والتماسك الاجتماعي والشعور بالمسؤولية تجاه بعضنا.

    في سورة آل عمران: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون.

    في سورة آل عمران: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله.

    في سورة الحج: الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور.

    كذلك في هذا الإطار التأكيد على الحكم بالقِسط والعدل بين الناس واعتبار ذلك أساساً، القاعدة الأخلاقية الحكم بالعدل أساس في تحقيق هذه الوحدة، إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعم ما يعضكم به إن الله كان سميعاً بصيرا.

    مبدأ التعاون على البر والتقوى أيضاً يدخل كمفردة أساسية في هذه القاعدة الأخلاقية الموحدة بين المسلمين والتي تعتبر أساس كما قلنا في توحيد كل المشاريع الأخرى.

    في سورة العصر: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.

    في سورة البلد: ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة، هذا كله يمثل دور القاعدة الأخلاقية في تحقيق الوحدة الإسلامية، إشاعة الخير، فعل الخير ودوره في تحقيق كمفردة أخرى من مفردات القاعدة الأخلاقية وترصين الوحدة والانسجام الداخلي.

    في سورة المائدة: فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبهكم بما كنتم فيه تختلفون.

    في سورة الأنبياء: وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين.

    إذن هذه هي الأسس الخمسة التي يذكرها القرآن الكريم وهي أسس مهمة لتحقيق الوحدة الإسلامية، وكما ذكرنا إذا أردنا أن نوحد شعبنا فعلينا أن نعتمد على هذه الأسس، وإذا أردنا أن نوحد أي مشروعٍ فعلينا أن نعتمد هذه الأسس بشكل أساسي ومهم.

     

    اخبار ذات صلة