• مؤتمر الصحوة الاسلامية التاسع بتاريخ 22-10-2016

    2016/ 10 /22 

    مؤتمر الصحوة الاسلامية التاسع بتاريخ 22-10-2016

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اصحاب السماحة والفضيلة والسيادة .... السادة الافاضل المحترمون ...

    نرحب بكم على ارض العراق العزيزة والشامخة، وفي بغداد الحضارة والتاريخ والاصالة ..

    بغداد الجوادين، وبغداد ابوحنيفة النعمان وعبد القادر الجرجاني ...

    في هذا الوقت الذي القي على مسامعكم هذه الكلمات، فان أبنائنا الغيارى في القوات المسلحة  يخوضون معركتهم المصيريةنيابة عن العالم والمسلمين جميعا!، ويبذلون دماءهم دفاعاً عن الإسلام المحمدي الأصيل ، ويقاتلون بشراسة ظواهر الانحراف والتكفير والتطرف ... وفي الوقت الذي نجتمع هنا في هذا المحفل الكريم هناك في ساحات القتال شهيد يترجل من صهوة جواده وجريحٌيسقط مضرجاً بدمه ، ولكن يستمر الالاف بالقتال من اجلنا جميعا ومن اجل ان تبقى كلمة الله هي العليا ... هؤلاء هم ابناؤكم ، وهم أبناء العراق الغيارى الذين تعرفونهم جيدا، فحيثما كان التاريخ كانلرجال العراق بصمة فيه ...

    اليوم يقاتل الرجال ويستشهدون على السواتر ولا يسأل المقاتل رفيقه ان كان شيعيا او سنيا !!، عربيا او كردياً او تركمانياً او شبكياً !! مسلما او مسيحياً او ايزدياًاو صابئياً...

    هذا هو نتاج الصحوة التي انتظرناها طويلا ... وقد مر وقت طويل وموحش وبلغت القلوب الحناجر، ولكن الله جل جلاله برحمته ووعده الصادق لمن يخلصون له ويحسنون الظن به قد من علينا بالنصرالمؤزر وها نحن نحرر كامل اراضينا ونستعيد سيادتنا بعزة وكرامة وشموخ ...

    أيها الاخوة الأعزاء المحترمون ....

    ان شعوبنا الإسلامية عموما وشعوب منطقة الشرق الأوسط خصوصا تواجه اليوم تحديات مصيرية ستحدد ملامحها المستقبلية ... وان الدولالإسلامية مطالبة بالجلوس على طاولة حوار واحدة لمناقشةكل خلافاتها وهواجسها ومخاوفها والبدءبحوار ونقاش صريح وجريء وواعٍ ...

    ان عالمنا تغير بشكل كبير ولم تعد أساليب الحوار والتواصل القديمة والتقليدية مجدية ونافعة في بناء حوار داخل مساحة الامة ...

    لقد وصلنا في عالمنا اليوم الى قاع الاختلافات والتقاطعات ونزفنا بما يكفي من الدماء والثروات وأصبحت بلاد المسلمين محاصرة بالحروب والفشل التنموي والاجتماعي والتخبط السياسي ... ومع ذلك مازالت الشعوب الإسلامية حية ومتفاعلة وشابة وطموحة، ومازال أبناء هذه الامة الكريمة صامدينبوجه كل الأعاصير التي تضرب وجودهم وعقيدتهم ...

    أيها السادة الأعزاء المحترمون ...

    اننا في زمن الصحوة الأسلاميةوالإنسانية...حيث يعمق الإسلام انسانيته وجماليته وذوقه، ويرسخ حضاريةمشروعه للعالم وللإنسانيةبعيداً عن التحجر والتطرف والانغلاق ...

    ان تحدينا الأكبر اليوم هو تبيان إنسانية الإسلام وجماليته وذوقه للعالم ...

    فقد تكفل المنحرفون التكفيريونوالمتطرفون اظهار كل بشاعتهم وكراهيتهم باسم الإسلام...

    ان أمة المليار ونصف المليار مسلم يمثل فيها الشباب ما لايقل عن 70% من تعدادها ، فكيف لامة لا تنهض وهي تتكون من جحافل الشباب !، وكيف لامة لا تبدع وهي تمثل فتوة العالم والإنسانية !!..

    لقد استغرقنا كثيرا في الجوانب النظرية ونسينا او تناسينا تقديم المصاديق ...

    والشباب يبحثون عن المصاديق والممارسات لأنهم يبحثون عن القدوة ...

    ان علماء الامة هم الخط الأول في مشروع إعادة الوهج الإنساني لمشروعنا الإسلامي العالمي، وهنا تكمن المسؤولية الحقيقية للعمل الارشادي والتوعوي ، فمع هذا العالم المنفتح بعضه على البعض الآخر بثورة الاتصالات والتواصل لم تعد الكلمة محصورة في قاعة مسجد او جامعة او ندوة ثقافية او عقائدية وانما أصبحت الكلمة سفيراً حراً تطوف العالم في ساعات وتصل الى مسامع الملايين في أيام وتكون مخزونة في العقول مثلما هي مخزونة في ذاكرة هواتف أبنائنا وبناتنا!..

    فأين جهودنا التوعوية كي ننفض الغبار عن الآف المصاديق التي تعبر عن إنسانية المشروع الإسلامي وجماليته وذوقه ....

    انه لمن المؤسف ان تكون أصوات مروجي الحقد والكراهية والتفرقة والطائفية والعنصرية اعلى من أصوات الصادقين المخلصين الذي ملئ الإسلام قلبهم بالمحبة والسلام والوئام والذوق والجمال ...

    ان معركتنا الحضارية اليوم هي مع الذين يتحجرون في فهم النصوص الدينية ويسقطون عليها تفسيرهم التاريخي الجامد .... وان صحوتنا اليوم يجب ان تكون صحوة داخلية ... فقد اصبح الجميعيعرف عن الإسلام ، ولكن علينا ان نستنهض الإسلام المحمدي الاصيل عند المسلمين انفسهم ، وعلينا ان نعرّف المسلمين بجوهر الاسلام وقيمه السمحاء ومبادئه التعايشية ونحذرهم من السلوك المتطرف والمنغلق الذي يضع الحواجز النفسية والمصدات العملية لتقبل رسالتهم والتعاطي معهم والانفتاح عليهم ....

    انًّ شبابنا هم الوقود للأفكار المنحرفة وهم أيضاً رسل السلام منا للعالم !!... وعلينا ان نخطط بدقة ونعمل بجدية لنجنبهم الوقوع في شراك التكفيريين والمتطرفين الذين يجعلونهم وقوداً في معاركهم الشيطانية ونزودهم بالرؤية الاسلامية الصحيحة ليكونوا رسل السلام والمحبة والوئام...

    أيها السادة المحترمون ،

    ان مشوار الصحوة الاسلامية طويل ، وهو مشوار الوعي والفهم النقي ، ومشوار حوار الصحوة أطول لأنه يستغرق وقتاًوجهداً كبيراً كي يتشكل في طبقات الوعي الإنساني للمسلم الواعي ...

    ولكن نقطة الشروع هي الخروج من ال ( انا ) وال ( انت ) ... والانتقال الى ال (( نحن )) الإسلامية الواعية ...

    علينا ان نشجع مثقفينا ومبلغينا وسياسيينا على الحوار ونزرع بعقول شبابنا ثقافة الحوار ويكون اساس عملنا هو التواصل والالتقاء في المشتركات وتحييد التقاطعات ...

    ستعبر الشعوب الإسلامية هذه المرحلة بحلوها ومرها ولكن سيسجل التاريخ مواقفنا جميعا ويحاسبنا بقسوة عن أي تقصير او تهاون ...

    علينا الخروج من القوالب الجاهزة والممارسات والأساليب التقليدية ، فالإسلام جاء بالحداثة الى بيئته البدوية !، فلماذا يصر البعض على بدونة الإسلام !!...

    والإسلام جاء بعقلية الانفتاح على الاخر فلماذا يكرس البعض الانغلاق والانطواء !،

    والإسلام جاء بالذوق والإنسانية فلماذا تطغى عند البعض مفاهيم الفوضى والتطرف !!..

    اننا اليوم بأمس الحاجة لنعيش الإسلام في دواخلنا ونجسده في فكرنا وسلوكنا ومساراتنا ومناهجنا لنحقق بذلك صحوة اسلامية حضارية تأخذ بنا الى رحاب المستقبل وتجعلنا خير امة اخرجت للناس كما اراده الله تعالى لنا....

    وامامنا هذه الجحافل من الشباب التي تستطيع (لو أتيحلها المجال ومنحت الفرصة) ان تكون هي رسل الصحوة الإسلامية والإنسانية الكبرى ... انهم هدف الأفكار المنحرفة والمتطرفة فلنجعلهم الدروع الحصينة التي تحاصر هذه الأفكار وتضيق الخناق عليها ... ولكن مسؤولية محاربة الأفكار بالأفكار تقع على عواتقنا نحن ومسؤوليتنا امام الله وامام المسلمين بل والإنسانية جمعاء ...

    أيها الجمع الكريم ...

    انتهز هذه الفرصة الطيبة واوجه بعض رسائلي القصيرة ... واولها الى أبنائنا في جبهات الحق والحرية والايمان ، وأقول لهم ان كل العالم معكم لأنكم تدافعون عن الإنسانية ضد ثقافة التكفيروالتوحش ، وكل المسلمين المخلصين الأوفياء معكم لأنكم تدافعون عن الإسلام ضد التشويه والانحراف والإرهاب والتطرف .. وكل العراقيين معكم لأنكم تطهرون وطنا نقيا اسمه العراق وطن الامامة والثورة والاحرار ...

    وأوجه رسالتي الثانية الى الدول الإسلامية وأقول ان الزمن هو زمن تحديد المساحات وتقاسم المصالح والنفوذ ومهما استمر القتال والاقتتال بين الاخوة فانهم في النهاية سيجلسون على طاولة الحوار وليكن حوار الشجعان الذين يفكرون بمصالح شعوبهم ومستقبلها ل 100 عام القادم وليس لربح جولة هنا او هناك ، حوار الانسان مع الانسان والمسلم مع المسلم والقادة مع القادة... عندها سيبدأ فجر جديد عسى أن يزيح عنا هذه الظلمة ويسكن اهات الفقراء والمحرومين والمظلومين ..

    واخر رسائلي الى شبابنا المسلم الواعي ، فانتم املنا وانتم خزيننا للمستقبل وبكم سيصحوالعالم على اسلامنا بأفقه الإنساني، فجمال الإسلام لا يضاهيه جمال ، وذوق الإسلام لا يضاهيه ذوق واخلاق الإسلام لا تضاهيها اخلاق ، فبالجمال والذوق والأخلاق الإسلامية سننتصر وتنمومجتمعاتنا وتُبنى دولتنا العصرية العادلة ...

    وستبقى فلسطين هي القضية المحورية التي كانت ولا زالت تمثل عنصر الوحدة الاساس في الدفاع عن عزة وكرامة الامة ومجابهة اعدائها ويجب ان نعمل لأرجاعها الى الواجهة بقوة في قبال السياسات الممنهجة التي حاولت أن تبعدها عن سلم الاولويات ....

    شكري وتقديري للمجمع العالمي للصحوة الاسلامية وامينه العام معالي الدكتور علي ولايتي واعضاء المجلس الاعلى للمجمع على قبول الدعوة والحضور الى هذا الاجتماع في بغداد واطلاق رسالة الدعم والاسناد للعراق وشعبه وحكومته وقواته المسلحة في دحر الارهاب ومواجهة التطرف ، والشكر موصول للجمهورية الاسلامية الايرانية وقائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي دام ظله الوارف على اهتمامه ورعايته لهذا المجمع . والشكر للحكومة العراقية الموقرة ودولة رئيس مجلس الوزراء على رعايته واهتمامه بهذا الجهد النوعي .

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

     

    اخبار ذات صلة