• نص كلمة السيد عمار الحكيم في خطبة عيد الاضحى المبارك لعام 1438 هـ الموافق 2-9-2017

    2017/ 09 /02 

    نص كلمة السيد عمار الحكيم في خطبة عيد الاضحى المبارك لعام 1438 هـ الموافق 2-9-2017

    بسم الله الرحمن الرحيم

    يا أبناء شعبنا الصابر المعطاء .. ان عيدنا لهذا العام يأتي ونحن نستعيد أراضينا التي دنسها الإرهاب ومدننا تعود الينا وشعبنا المظلوم يعود الى مدنه بعد ان خضنا صراعاً بطوليا مع اقبح إرهاب عرفه العصر الحديث ... اليوم في تلعفر وغداً في الحويجة والقائم بأذن الله تعالى ... لقد اثبتنا كشعب اننا لا ننكسر مهما امتدت سكاكين الغدر في أجسادنا، وان رجالنا مقاتلون اشداء متى ما توفرت لهم القيادة الرشيدة والدعم الملائم ، فإخوتنا من رجال القوات المسلحة بكل صنوفها لا تنقصهم الشجاعة ولا الإرادة ،واثبتوا للعالم انهم قادرون على هزيمة اكثر المنظمات الإرهابية اجراما ، لقد قاتل أبناؤنا بشرف وانتصروا امام اعين العالم بشرف ، وحموا شعبهم والمنطقة والعالم من طوفان الإرهاب التكفيري الشيطاني ، ان قصص البطولة والتضحية التي سطروها ستكون شاهدا للأجيال على شجاعة جيشنا وشرطتنا وحشدنا وبيشمركتنا وصبر شعبنا ، وهو مدعاة لنا جميعا لبناء قواتنا المسلحة الوطنية لأنها سور هذا الوطن وعنوان عزته وشموخه ... ان واجبنا الوطني يحتم علينا ان ندعم قواتنا المسلحة وان نوفر لها كل مقومات القوة وادامة زخم الانتصار ، ومهما كانت الظروف الاقتصادية التي يمر بها البلد علينا ان لا نتراجع عن بناء قدراتنا الدفاعية وتطوير امكانياتنا القتالية كي يكون هذا الشعب بعيدا عن تهديدات الإرهاب التكفيري وان يكون للدولة ذراع قوي لتطبيق القانون وان يكون للوطن درع يحميه ...

    لقد انتصرنا في معركتنا مع الإرهاب بفضل الله تعالى ولكن الحرب لم تنتهي بعد، وسيعود المجرمون حالما يشعرون ان هناك فرصة لتحقيق احلامهم الشيطانية بتراجع قدراتنا او تكاسل ارادتنا ... فلنكن واعين ويقظين ولنستمر بنفس الزخم والإصرار والتكاتف ولنحرر كل ارضنا الطاهرة من دنس الإرهاب وليكن وفاؤنا لشهدائنا من خلال رعاية عوائلهم ومنحهم المكانة العليا في المجتمع وأيضا من خلال بناء المؤسسة العسكرية والامنية وجعلها قوية بما فيه الكفاية كي تحمي الوطن والشعب وتكون أساساً لبناء الدولة وتنفيذ القانون ...

    أيها العراقيون الشرفاء، يا أبناء العزة والكرامة والاباء .. لقد انبثق تيار الحكمة الوطني من صلب الواقع ال يعيشه الوطن وعينه شاخصة لمستقبلكم وهو متمسك بثوابته الاسلامية الاصيلة ومنفتح على كامل مساحة الوطن مع ادراكنا بأن الطريق مازال طويلاً والتحديات كبيرة والمعوقات اكبر ، ولكن بالتوكل على الله وبهمتنا جميعاً نستطيع ان نعبر محطات الإحباط واليأس الى حيث الامل والثقة بالمستقبل ... فيا أبناء تيار الحكمة النبلاء ، ان دوركم في هذا الوطن ليس العمل السياسي الصرف ، وانما دوركم ان تبنوا وطناً ينعم بالكرامة وان تجعلوا شعبكم يفخر بكم وبهذا الوطن ...

    اخوتي واخواتي الاوفياء في تيار الحكمة الوطني ، ليس امامكم سبيل كي تنالوا ثقة شعبكم الا عن طريق قناعته بكم ، ولن تأتي هذه القناعة الا بالإخلاص لله في عملكم والتقرب الى الناس وخدمتهم ورعايتهم وانصافهم وان تكونوا أصحاب رؤية ومشروع وان تلتزموا بهدي مرجعيتكم العليا المتمثلة بالامام السيستاني ( دام ظله الوارف )، وعليكم ان تعلموا احبتي اننا لا نحصُر تفكيرنا بالسنة القادمة في حركتنا وعملنا وخططنا وانما نعمل للمستقبل ، فالسنين تمر بسرعة في حركة الشعوب والاوطان ، ونحن متيقنون ان هذا الوطن المميز لابد له ان ينهض من كبوته وان يأخذ مكانه  الذي يستحقه بين الأمم ..

    لقد انطلقتم الى الامام ولا عودة للوراء، وان شعبنا اليوم يهتم بواقعه المعيشي وتأمين مستقبله وتقديم الخدمات الضرورية له وتوفير فرص العمل لشبابه وتحقيق الامن والاستقرار والرفاه لمدنه  وعليكم ان تكونوا على قدر المسؤولية في العمل على تحقيق ما يصبوا اليه شعبكم .... اننا ندرك ان زمن الوعود قد انتهى والأفعال هي التي تتكلم وتنقش حروفها في عقول الناس وكما في الخبر " كونوا لنا دعاة صامتين .. كونوا لنا دعاة بغير السنتكم "... فافتحوا عقولكم وقلوبكم للجميع ولنعمل بجد ومثابرة من اجل خدمة هذا الشعب لأنه يستحق منا الكثير .

    اخوتي واخواتي الشرفاء أبناء تيار الحكمة الوطني، لا تفكروا في كسب جولة انتخابية بقدر تفكيركم في كسب احترام الناس ومحبتهم وثقتهم بكم ... فالأوطان تنهض بالمخلصين من أبنائها الذين ينالون محبة الناس، وعليكم ان تفكروا بالحلول لمشاكل هذا الوطن ولا تكرروا ترديد المشاكل فالكل يعرف مشاكل هذا الوطن الأصيل ...

    احبتي واخوتي واخواتي الانقياء في تيار الحكمة الوطني ، توكلوا على الله وثقوا بأنفسكم وشعبكم فيكون النصر حليفكم وانكم مستقبل العراق طال الزمن ام قصر ... كونوا أكبر من اللحظة التي تعيشونها وفكروا باللحظات التي سيعيشها ابناؤكم وألاجيال القادمة التي ستذكركم بفخر واعتزاز ... وكونوا أبناء العراق المخلصين لان العراق لا ينسى ابناءه ابدا...

    يا أبناء العراق الغيارى  الطيبين ، ان رؤيتنا المستقبلية تستند على ضرورة مغادرة الأطر القديمة المجربة في إدارة هذا الوطن ، ونحن في تيار الحكمة الوطني نرى ان الأغلبية الوطنية اللا اقصائية هي الحل الأمثل للوصول بالعراق الى بر الأمان والاستقرار السياسي والنهوض الخدمي والاقتصادي، فليس من الضروري ان يكون الجميع مشاركاً في الحكومة لتكون حكومة توافقية تخدم السياسة اكثر من خدمتها للمواطن العراقي ، وانما ان تتحالف الأطراف المتنوعة من مختلف المكونات والتي تشترك في رؤية واحدة وتتقارب في البرنامج واستشراف المستقبل ، وفي نفس الوقت ان يكون هناك طرف اخر يحمل رؤية مختلفة عن الطرف الاول وممثل أيضا لمختلف مكونات هذا الشعب ... وليتنافس الطرفان بشرف ومروئة من اجل الفوز بثقة الشعب وتشكيل الحكومة التي تلبي تطلعاته ...

    فنحن بحاجة الى تيارات وطنية عابرة للمكونات والى تحالفات وطنية عابرة والى حكومة أغلبية وطنية لا أقصائية لتصحيح مسار العملية السياسية ...

    ان زمن الاصطفافات المذهبية والقومية والمناطقية يجب ان ينتهي وعلى العراقيين ان يدركوا انهم جميعا مسؤولون عن سلامة العراق وبنائه والعمل بقوة من اجل نهوضه من كبوته، وهذا لا يكون الا بحكومة وطنية متجانسة وفاعلة ومتفقة على مشروع وطني اقتصادي وخدمي محدد ... لقد استهلكتنا التوافقية وجعلت العمل السياسي مرتهن للمزاجيات والمصالح الضيقة والابتزاز ...

    اننا في تيار الحكمة الوطني ماضون بالتوكل على الله في تبني مشروع الأغلبية الوطنية واعتماده كاستراتيجية سياسية لنا للمرحلة القادمة وسنكون منفتحين على كل مساحة الوطن ومن يتفق معنا في مشروعه ورؤيته ومتبنياته الوطنية سيكون معنا ونكون معه في هذا المشروع الكبير الضامن للعراق ولمستقبل اجياله .. ونحن من الآن نفتح قلوبنا وابوابنا أمام اية قوى وطنية تؤمن بالعراق وتلتقي معنا في المتبنيات لتتكامل جهودنا في المرحلة المقبلة ، ولنقدم وجوهاً جديدة كفؤة ونزيهة لخدمة العراق ... ان عراقنا ما بعد تطهيره من الإرهاب يحتاج الى كل أبنائه وان نتحمل بعضنا البعض ونداوي جراحنا ونتسامح مهما كان التسامح صعبا، فكل الشعوب التي مرت عليها المحن تجاوزت آلامها بالتسامح وركزت على المستقبل ولم تغرق في الماضي ، وان الأغلبية الوطنية الشاملة لكل مكونات الوطن ستكون هي المصداق الأكبر على تجاوزنا لمحنتنا وانطلاقنا نحو المستقبل دون التعثر بأخطاء الماضي ..

    يا أبناء العراق  الغيارى الشرفاء ... ان عراقنا الواحد هو ضمان حريتنا وقوتنا وشموخنا ومع  احترامنا  وتقديرنا واعتزازنا الكبير بأخوتنا في الوطن فأننا نقول لهم ان العراق يسعنا جميعا وان كردستان عزيزة علينا وغالية على قلوبنا شعبا وارضا وقادة ... وان الأوطان حق للشعوب وهذا الحق لا يسقط بالتقادم ابدا أن العراق هو وطن كردستان ووطن احبتنا الكرد مثلما هو  وطن العرب والتركمان والشبك والمسيحيين والصابئة والايزديين وكل العراقيين الطيبين الاصلاء ... ان عراقنا ليس مجرد حدود إدارية وانما تاريخ وحضارة متواصلة ومتداخلة، وقبل السياسة وحساباتها علينا استحضار حسابات الواقع المتداخل بين العرب والكرد وسائر القوميات والمكونات الاخرى في هذا الوطن الحبيب ... ومادامت الحقوق مصانة ومحفوظة دستورياً فلماذا نبحث عن خرائط جديدة للخلاف والتقاطع ، ومن يعتقد ان الانفصال سينهي المشاكل فهو واهم لان المشاكل هي قدر الأوطان سواء كانت كبيرة ام صغيرة ولكن قدر القادة الكبار ان يحلوا مشاكل شعوبهم واوطانهم ويمنحونهم السلام والأمان والاستقرار ...

    اننا في تيار الحكمة الوطني، كنا ومازلنا وسنبقى نفتخر بعلاقاتنا التاريخية والمصيرية مع اخوتنا الكرد شعبا وقادة وان كان هناك من يحاول ان يذر الرماد في العيون فان عيوننا  تتسع بالمحبة لأخوتنا اكثر من رماد المغرضين ، والاختلاف في قضية لا يعني الاختلاف في اصل العلاقة .. ونحن واثقون ان الاخوة الكرد حريصون على العراق مثلما نحن حريصون عليه وسنعمل معا من اجل نهوض هذا الوطن وتصفير المشاكل ومواجهة التحديات ونحن متسلحون بالمحبة والمواطنة والمصير المشترك ..

    اخوتي واخواتي واحبتي من أبناء شعبنا العراقي الأصيل وأبناء تيار الحكمة المخلصين ، انتهز هذه الفرصة لأقدم شكري وامتناني لإخوتي في الهيئة القيادية للتحالف الوطني العراقي وسائر الهيئات واللجان التخصصية على دعمهم واسنادهم لنا طيلة فترة تصدينا لرئاسة التحالف الوطني ... وقد كان لنا شرف عظيم في خدمة هذه المؤسسة السياسية الكبرى على مستوى العمل السياسي في العراق ، وقد وفقنا الله تعالى للقيام بخطوات كبيرة وجدية في مجال ترسيخ المشاركة في صناعة القرار ضمن الهيئة العامة والهيئة القيادية والهيئة السياسية للتحالف الوطني واللجان التخصصية فيه ... وكان تفاعل الاخوة قادة الكتل المنضوية في التحالف كبيرا ومتواصلا، كما اشكر كثيرا الاخوة والاخوات المحترمين من أعضاء الهيئة العامة سواء كانوا برلمانيين ام وزراء ورؤساء هيئات مستقلة ام محافظين ورؤساء مجالس محافظات على تفاعلهم ومثابرتهم في العمل في مؤسسة التحالف الوطني ولجانه المتعددة طيلة الفترة السابقة ... كما انتهز هذه المناسبة كي أؤكد لأخوتي المحترمين في الهيئة القيادية للتحالف الوطني على ان مدة رئاستنا الدورية قد اوشكت على الانتهاء وارجو منهم الإسراع في اختيار رئيس للدورة القادمة وسبق وان اعلنا عن هذا الطلب قبل أربعة اشهر كي يكون للأخوة في الهيئة القيادية الوقت الكافي لاختيار البديل ..

    ان ثقافة تبادل الأدوار وتدوير المواقع هي ثقافة نعيشها ونؤمن بها وليست مجرد ثقافة نتمناها او نطالب بها .. وافضل مكان تمارس به هذه الثقافة هي التحالف الوطني كونه الجامع للكتل السياسية الممثلة لشريحة كبيرة من الشعب العراقي ... أتمنى من اخوتي في الهيئة القيادية ان يحسموا امر اختيارهم للبديل بالسرعة الممكنة فقد حسمنا امرنا بتسليم الأمانة في موعدها المحدد ولا نود ان يكون هناك فراغ ونحن على أبواب مرحلة مهمة وحساسة ..

    اخوتي واحبتي أبناء شعبنا العراقي الكريم وأبناء تيار الحكمة الوطني ، ان الله وهبنا وطناً يتوسط قلب العالم وحباه بالثروات وتنوع سكانه وان هذه الميزات نادرا ما تتوفر جميعها لوطن من الأوطان، وعلينا ان نؤمن ان قوة العراق تأتي دائما من حسن علاقته مع جيرانه وتواصله مع المجتمع الدولي ... لقد اثبتت التجارب البعيدة والقريبة ان ضعف العراق يتسبب في ضعف كل المنطقة وان هذه القناعة أصبحت راسخة الان عند جيران العراق وان الصراع على ارض العراق لا يخدم مصلحة اي من المتخاصمين وانما سيكون صراعا مفتوحا لا يمكن حسمه او توقع نهاياته ، وعلينا نحن كعراقيين ان نجعل من وطننا جسراً للتواصل والتكامل بين دول المنطقة وان لا نسمح ان يكون ساحة للصراع ... فمصلحة المنطقة بعراق قوي ومتصالح مع الجميع .. ومصلحة العراق في تقريب وجهات النظر بين دول المنطقة وان يكون العراق فاعلا وبإيجابية مع مصالح الجميع ومتفهما لقلقهم ، ان الثروة الكبرى للعراق هو ان يكون الساحة التي يلتقي عندها الجميع ويتبادلون المصالح والمنافع وعندها يكون العراق هو الرابح الأكبر ...

    لقد نزفت منطقتنا اغلب ثرواتها بسبب الصراعات غير المبررة وعلى دول المنطقة ان تدرك ان شعوبها تتطلع للسلام والتنمية والرفاهية والتعاون المشترك، والعراق هو الجسر الأقرب لتركيا ومن خلفها اوروبا للخليج وبحر العرب ومن بعدها اسيا، والعراق هو الطريق البري الذي يربط الجمهورية الإسلامية بالمملكة العربية السعودية، وما بين ايران وتركيا والسعودية سيكون العراق  قلب المثلث الذهبي لمستقبل اقتصادي واعد .. نحتاج للحكمة والرؤية والقرار القيادي الشجاع كي يكون العراق هو المبادر لخلق العلاقة التكاملية بين دول المنطقة الكبرى ..

     

    اخبار ذات صلة