• السيد عمار الحكيم : المرجعية اهدت الانتصارات الى الشعب العراقي والقوات المسلحة وعوائل الشهداء والاصدقاء وكل العناوين المساهمة بالنصر

    2017/ 12 /16 

    السيد عمار الحكيم : المرجعية اهدت الانتصارات الى الشعب العراقي والقوات المسلحة وعوائل الشهداء والاصدقاء وكل العناوين المساهمة بالنصر

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين.

    قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: (إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً وينصرك الله نصراً عزيزا هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليماً حكيما).

    السادة الأفاضل, السيدات الكريمات, الأخوة والأخوات, السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

    بداية أشكر لكم هذا الحضور الحاشد, وأبارك لكم الانتصارات العديدة التي نعيشها في هذه الأيام, الانتصار العسكري بإعلان العراق خالياً من الاحتلال الداعشي, والانتصار السياسي بوحدة العراق, والانتصار الاجتماعي بتطويق النعرات الطائفية والعودة إلى الوئام والانسجام بين أبناء الوطن الواحد, وكلٌ من هذه التحديات مثلت فرصةً للعراقيين وأصبحت مثار إعجاب ودهشة العالم كله, كيف استطاع العراقيون أن يحولوا المحنة إلى منحة؟ والتحدي إلى فرصة؟ ويزدادوا قوة وصلابة؟ وينطلقوا بمشروعهم ووطنهم إلى رحاب المستقبل؟

    نعيش اليوم في هذا الاحتفال في رحاب مناسبات ثلاث:

     السابع والعشرين من شهر ربيع الأول: ذكرى رحيل الإمام السيد محسن الحكيم قدس سره, هذه المرجعية التي تركت بصمة واضحة, وخلدت رمزيتها ومشروعها في ذاكرة العراقيين وضميرهم, كانت للعراقيين جميعاً, للمسلمين في العالم, للإنسانية جمعاء, وشهدت مرجعية الإمام الحكيم نقلة نوعية في العديد من المستويات التعليمية, المنهجية, بناء مؤسسة الحوزة العلمية, لإيفاد الوكلاء والمعتمدين, بناء المكتبات, الحركة الثقافية الواسعة التي تربت في أحضانها القوة الإسلامية, والحركات الإسلامية, وأيضاً شهدت مرجعية التصدي في مختلف الأمور والهموم ذات الصلة بالعالم الإسلامي ومنها قضية فلسطين كما سنشير في المحور الخاص بهذا المقطع.

    المناسبة الثانية: مناسبة النصر العظيم الذي يعيشه العراقيون بإعلان العراق خالياً من الاحتلال الداعشي, وما عساني أن أقول بعد أن قالت المرجعية العليا كلمتها في هذا الانتصار العظيم, لا يسعني إلا أن أقف وقفة سريعة تحليلية لما ذكرته المرجعية العليا في الأمس, المرجعية قالت كلمتها بعبارات واضحة وما أقوله يمثل تحليلاً ورؤية ما أفهمه أنا من موقف المرجعية ولا أحمله للمرجعية ذاتها:

    المرجعية في بيان الأمس أهدت النصر إلى خمس عناوين, وقدمت العديد من التوصيات.

    العناوين الخمسة:

    المنتصر الأول: قدمت النصر للشعب العراقي, فالشعب العراق هو المنتصر الأول في معركة الإرهاب, واستخدمت عبارات عالية المضمون والدلالة في وصفها لهذا الشعب عبرت عنه بأنه أعظم الشعوب, ونقول لها: الشعب الذي يحظى بمرجعية عظيمة يكون شعباً عظيماً, هذه العظمة من تربية المرجعية وإعدادها لشعبنا, وتوجيهاتها السديدة, ونصحها المستمر, وعطائها الزاخر, ووقفتها مع هذا الشعب في السراء والضراء, وتحديد البوصلة في الملمات كل ذلك ساعد ليكون شعبنا شعباً عظيماً, قالت في كلمتها: أن هذا الشعب مارس قتالاً ضارياً بذل الغالي والنفيس واجه مختلف الصعاب والتحديات, تمتع بالإرادة الصلبة, بالعزيمة الراسخة في الحفاظ على الوطن والكرامة والمقدسات, إنه شعب التضحية بالنفس والأبناء والممتلكات, إنه شعب البطولة, شعب الإيثار, شعب كتب تاريخ العراق الحديث بأحرف من عزة وكرامة, إنه شعب الصلابة, شعب الصبر, شعب الاستبسال, شعب الإيمان بعدالة قضيته, شعب حافظ على كرامة البلد وعزته, وحافظ على وحدته أرضاً وشعباً.

    خمسة عشر وصفاً وصفت المرجعية به الشعب العراقي.

    المنتصر الثاني: القوات المسلحة, أهدت النصر المرجعية العليا إلى القوات المسلحة, أيضاً نجد تعابير مهمة في هذا السياق, عبرت عنهم بالمقاتلين الميامين بكل صنوفهم, الجيش, الشرطة الاتحادية, الحشد الشعبي والعشائري, البيش مركة, جهاز مكافحة الإرهاب, وكل العناوين الكريمة التي ساهمت وشاركت في هذه المعركة, أصحاب الفضل الأول والأكبر والأهم, أصحاب المجد الأعلى, أصحاب الإنجاز التاريخي المهم, أصحاب الاستجابة الواسعة لفتوى المرجعية, أصحاب الاندفاع البطولي إلى جبهات القتال, أصحاب الصمود الأسطوري لثلاثة أعوام, أصحاب النصر المبين, أصحاب السواعد الكريمة, أبناء الحجول الطاهرة هم الفخر, هم فخرنا, وهم عزنا, وهم من نباهي بهم سائر الأمم, هم الذين استرخصوا الأرواح وبذلوا المهج في سبيل بلدهم وشعبهم ومقدساتهم, وتقف المرجعية لتقول: نعجز أن نوفيكم بعض حقكم.

     ليس كل البعض المرجعية تعجز, الشعب العراقي خلفها يعجز أن يفي حق هؤلاء المقاتلين المجاهدين, قدمت المرجعية في هذه المعركة الملحمية الكبرى كل ما لديها, قدمت الغطاء الشرعي الفتوى, وقدمت الغطاء الإنساني والبشري حين أرسلت أساتذة وطلاب الحوزة العلمية ليكونوا إلى جانب المقاتلين في جبهات القتال واستشهد العشرات منهم وجرح المئات, وقدمت كل ما يتيسر لها من الدعم المادي الهائل ضمن إمكاناتها المحدودة بعيداً عن الأضواء وبعيداً عن كاميرات التصوير وبعيداً عن التسويق الإعلامي وإنما نصرتاً للقضية وللوطن.

    أيضاً خمسة عشر وصف وصفت به المقاتلين أبناء قواتنا المسلحة بكل صنوفهم.

    المنتصر الثالث: الذي أهدت له النصر اعتبرت هذا نصراً للشهداء, وعوائل الشهداء, وللشهداء الأحياء الجرحى الذين أصيبوا في هذه المعركة,.

    المنتصر الرابع: هو النصر لكل من ساهم في صناعة هذه الملحمة الكبرى, مفكرين, مثقفين, أطباء, شعراء, كتاب, إعلاميين, هيئات حسينية, قوات سياسية, قائد العام, إلى غير ذلك من العناوين العديدة التي وقفت وساهمت وساندت المقاتلين في معركتهم هذه.

    المنتصر الخامس: انتصار للأشقاء والأصدقاء, نقف باحترام وإجلال أمام الجمهورية الإسلامية الإيرانية وموقفها النبيل ودعمها اللامحدود الذي قدمته منذ اللحظات الأولى لتلك الانهيارات وإلى يومنا الحاضر لم تبخل باستشارة أو دعم أو إسناد بالسلاح والعتاد وبكل الإمكانات المتاحة والمتوفرة, وشكرٌ للتحالف الدولي, والدول التي وقفت واستشعرت بأن هذا العدو ليس عدو للعراقيين وحدهم وإنما هو عدو العالم كله, فوقفت ودعمت وساندت العراق في هذه المعركة بالإسناد الاستخباري والأمني, بتقديم الاستشارات العسكرية, بالآلاف الطلعات الجوية والضربات الجوية المهمة, وهكذا الدول الأخرى التي ساهمت خارج إطار التحالف الدولي كروسيا وغيرها من البلدان, إنه شكرٌ لكل هذه القوى والأطراف التي ساهمت وساعدت الشعب العراقي وحكومته في تحقيق الانتصار.

    ثم المرجعية العليا كما يبدو في بيانها أشارت إلى أربع توصيات مهمة:     

    الأمر الأول: حذرت من اعتبار داعش قد انتهى, داعش البندقية التي احتل الأرض طوق وانتهى, ولكن الداعش الفكر والعقيدة, داعش الخلايا النائمة, داعش الفكر المتطرف, كلها أمور تحتاج إلى الكثير من الجهد والعمل لتطويقها والقضاء عليها, وطرحت المرجعية إستراتيجية لمكافحة الإرهاب تعتمد على عدة مرتكزات, وعدة مقومات مرتكزات هذه الاستيراتيجية كما أفهم:

    أولاً: التصدي للجذور الفكرية والدينية للإرهاب, إن من واجبنا أن ندافع عن إسلامنا الذي ارتهن بيد هؤلاء الظلاميين حين قدموا الإسلام على أنه دين الدم والقتل وسفك الدماء هتك الأعراض, نحن ندافع عن إسلامنا حينما نتصدى للجذور الفكرية والدينية لهذا الإرهاب الظلامي.

    ثانياً: ضرورة تجفيف المنابع البشرية وتدفق جيوش الإرهابيين إلى مناطق الصراع في العراق في سوريا وفي أماكن أخرى.

    ثالثاً: تجفيف المنابع المالية للإرهابيين والدعم الذي يصلها من دول أو منظمات أو أشخاص أو من خلال الاستحواذ على الموارد والمقدرات للشعوب وللدول التي تتواجد فيها.

    رابعاً: ضرورة إيقاف التأثير الإعلامي للإرهاب الداعشي, للإرهاب, للتطرف, للفكر المتطرف, نحتاج أن نوقف هذا الحضور والتأثير الإعلامي.

    هذه المرتكزات, أما المقومات:

    هناك تسع مقومات في إستراتيجية مكافحة الإرهاب طًرح في خطاب المرجعية العليا بالأمس:

    أولاً: ضرورة بناء خطط مهنية مدروسة لا يمكن القضاء على الإرهاب ومكافحته بطريقة انفعالية, نحتاج إلى خطط مهنية ومدروسة بعيداً عن الانفعال, بعيداً عن ردات الفعل الآنية.

    ثانياً: نحتاج إلى عمل أمني واستخباري, وقياداتنا العسكرية بحاجة إلى أن تغادر منطق وعقلية السيطرة والهمر وجيوش في المدن وفي كل مكان حتى تضبط الأمن, يجب أن ننتقل إلى مرحلة جديدة إعطاء الدور إلى الجهد الأمني والاستخباري بشكل واسع.

    ثالثاً: الحاجة إلى عمل توعوي لكشف زيف وبطلان الفكر الإرهابي المنحرف, وهذا يتطلب استنفار من المؤسسة الدينية, والمؤسسات الإعلامية, ودواوين الوقف, والمؤسسات التعليمية, وإدخال هذا الموضوع في المناهج الدراسية في مختلف المراحل من أجل التوعية الواضحة اتجاه هذا التحدي الخطير.

    رابعاً: ترويج خطاب الاعتدال والتسامح, كيف نتعايش مع بعض, كيف نتسامح لبعض, كيف نتحمل البعض الآخر والرأي الآخر, والاختلاف لا يفسد في الود قضية, كيف ننظر إلى النصف الممتلئ وحجم المشتركات الكبيرة التي تجمعنا كعراقيين وليس إلى النصف الخالي والموارد الاختلاف أو التمايز فيما بين العراقيين, كيف نرسي هذا المنهج الإسلامي والإنساني الواضح الذي يذكره أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام: (الناس صنفان: أخ لك في الدين, أو نظير لك في الخلق).

    خامساً: تحسين الظروف المعيشية في المناطق المحررة, نحتاج إلى التفاتة حقيقية.

    سادساً: إعادة اعمار المناطق المحررة, طبعاً ما نقوم به الآن هو إعادة الاستقرار, يعني ترتيب البنى التحتية والضروريات, أما المرجعية تتحدث عن إعادة الاعمار في المناطق المحررة ضمن إستراتيجيتها لمكافحة الإرهاب.

    سابعاً: إعادة النازحين إلى مناطقهم, كم نحن بحاجة اليوم إلى هذه الوقفة, وأن نقول: كفى لكل نازح بعيد عن أرضه عن وطنه عن بلده عن مدينته عن بيته, نحتاج إلى قرار جريء وشجاع في جرف النصر, في سليمان بيك, في يثرب وفي أي مكان آخر لا زالت هناك مشكلة في تقبل عودة النازحين, علينا أن نذهب ونقنع الناس ونروض البيئة لتكون مستعدة لعودة الناس إلى بيوتهم, طوزخورماتو هذه المدينة الكريمة التي عانت لأكثر من عقد من الزمان من ضغوط كانت توجه على التركمان من أبنائها, وكانوا يأتون لقادة البلد ويطرقون الأبواب ويشكون من الضغوط التي يتعرضون لها, وكم تدخلنا وكم عقدنا من اجتماعات وكم حاولنا أن نخفف الضغط عنهم, هل يصح اليوم أن تتحول المعادلة بالاتجاه المعاكس؟ كي لا يشعر عشرات الآلاف من الكرد من أبناء طوزخورماتو بالأمان للعودة إلى مدينتهم ويعيشوا نازحين, هذا لا يصح لا يعالج الخطأ بالخطأ, علينا أن نضع الأسس الصحيحة التي تضمن الاستقرار في طوزخورماتو وفي العراق كله, لذلك أناشد أبناء طوزخورماتو, وأناشد القوات المسلحة وقطعاتها المتواجدة في هذه المنطقة, وأناشد السيد القائد العام والحكومة العراقي لتعمل كل ما في وسعها لإنهاء الإشكاليات القائمة في هذه المدينة ليعود كل أبنائها من التركمان والكرد وغيرهم ويعيشوا في هذه المنطقة آمنين متسامحين مع بعضهم.

    ثامناً: عدم الاقتصاص من الحقوق الدستورية للجميع المكونات, يجب أن نشيع العدل والإنصاف فالعدل أساس الملك, في السيطرة عبد القادر وعبد الحسين يجب أن يتعامل معه بطريقة واحدة, في منافذ بغداد وفي تحركهم داخل المدن, وفي الانتقال في كل مكان وفي المراجعات الإدارية في كل وزارة يجب أن يكونوا هناك مساواة بين الناس حتى نحقق الغرض المنشود في تحقيق الاستقرار, عدم الانتقاص من الحقوق الدستورية, هكذا تشير المرجعية.

    تاسعاً: تجنب تكرار الأخطاء السابقة في التعامل مع هذه المناطق, ليس معيباً أن نخطأ فالإنسان يقع في الخطأ, ولكن من المعيب أن نصر على الخطأ, ومن المعيب ألا نعترف بالخطأ, ومن المعيب أن لا نعمل على معالجة الأخطاء هذا هو المعيب, وعلينا أن نراجع ونتحلى بشجاعة الاعتراف ونضع اليد على مكان من الضعف ونعالج هذه النقاط.

    التوصية الثانية: الإستراتيجية التي تطرحها المرجعية العليا في التعامل مع الحشد الشعبي, طبعاً هي لم تستخدم المفردة في بيانها وإنما هؤلاء الأبطال الذين ساندوا القوات المسلحة, أنا أفهم إنها تقصد الحشد الشعبي والعشائري:

    أولاً: اعتبرت إن الحشد الشعبي ضرورة ملحة للمنظومة الأمنية العراقية, ويجب أن يبقى هذا الحشد حاضراً بقوى وداعماً وسانداً للقوات المسلحة العراقية.

    ثانياً: ميزته بأوصاف كبيرة, إنهم الرجال الأبطال الذين أبلوا بلاءاً حسناً, إنهم أهل للمنازلة في الدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات, إنهم حققوا نتائج مذهلة فاجأت الجميع في الداخل والخارج, عالية أوصافهم وهذا هو السبب في ضرورة بقائهم لأن التحدي لم ينتهي والعراق لا زال معرض لأي خطر داهم يحصل هنا وهناك, ولكن وضعت شروطاً ووضعت أُسساً لاستمرارية الحشد الشعبي, الشروط كما أقرئها خمسة:

    أولاً: الخبرة والحرفية, (طبعاً هي ركزت في الحشد الشعبي على شبابهم سيما الشباب ركزت الشباب من أبناء الحشد الشعبي), الناتجة من المشاركة في العمليات العسكرية والاستخبارية.

    ثانياً: أن يكونوا مثالاً للانضباط، الحشد المنضبط.

    ثالثاً: أن يكونوا مثالاً للشجاعة، الحشد الشجاع.

    رابعاً: الاندفاع الوطني والعقائدي.

    خامساً: أن لا يكونوا ممن يصبه الوهن والتراجع والتخاذل.

    هذه هي الشروط الخمسة التي ترسمها المرجعية للحشد الشعبي، أما أسس الاستمرارية أيضاً هنا تطرح أساسين مهمين:

    الأساس الأول: أن يكون هذا الحشد ضمن الأسس الدستورية والقانونية، بمعنى أن يُحصر السلاح بيد الدولة ويكون هناك جرد كامل عن هذا السلاح بيد مؤسسات الدولة، يحصر بيد الدولة ويتحرك بقرارها ويُستخدم بقرارها.

    تفعيل قانون الحشد الشعبي بشكل كامل عبرت عنه بالمسار الصحيح لدورهم في المشاركة في حفظ البلد وتعزيز أمنه حاضراً ومستقبلاً، فنحتاج إلى قانون واضح، والقانون موجود ولكن يجب أن يُفعل بشكل كامل.

    وتحدثت للدور المميز للحشد في أية محاولات جديدة للإرهابيين للنيل من العراق وشعبه ومقدساته.

    الأساس الثاني: ضرورة الحفاظ على المكانة السامية لأبناء الحشد، فالناس تعبر عنه بالحشد المقدس، لأنها ترى فيه القداسة، ترى فيه المكانة المرموقة والمعنوية، هذه المكانة في قلوب الناس، هذه السمعة الحسنة لدى أبناء شعبنا كيف تتحقق؟ المرجعية تحدد، تقول من خلال عدم استغلال عنوان الجهاد والمجاهدين لتحقيق مآرب سياسية، إبقاء الحشد في فضائه العسكري والجهادي ليدلي بمهمته التاريخية المهمة في الحاضر والمستقبل، وعدم زجه في الوضع السياسي، لماذا؟

    يقول لأن ذلك يعني أن تنسحب عليهم إشكاليات العمل السياسي، القوى السياسية تتحرك، والعمل السياسي فيه اجتهادات، وهناك من يُصوب، وهناك من يُخطأ هذا العمل، فكل من يكون في عملٍ سياسي مهما علا شأنه ومكانته ومقامه سيكون عرضة للنقد والتجريح، هذا يرضى وذاك لا يرضى، وهذا يؤيد وذاك يُخالف، فإذا أقحمنا الحشد في المهمة السياسية سيكون قد زججناه في ساحة خلافية يختلف عليه الناس.

    اليوم الشعب العراقي مُتحد على الحشد ودعمه، لكن حينما يُزج في المسار السياسي سيختلف الناس على مواقفه، هذا يُصحح وذاك يُخطأ.

    هكذا أفهم من رؤية المرجعية في هذا الشأن.

    الأساس الثالث: الموقف في التعامل مع أسر الشهداء، ومع شهداء الأحياء (الجرحى)، حيث ذكرت المرجعية: ضرورة العناية بعوائلهم من الأرامل والأيتام وغيرهم، وضرورة توفير الحياة الكريمة من السكن والصحة والتعليم والنفقات المعيشية وغيرها، وكذلك بخصوص الجرحى والمصابين ولاسيما ذوي الإعاقة الدائمة اعتبرت رعايتهم واجباً وطنياً وأخلاقياً وأمرٌ لازم على جميع العراقيين، حمّلت الحكومة ومجلس النواب المسؤولية الأولى لإدراج هذه الرعاية ومتطلباتها في موازنة الدولة ونحن في طور تقديم هذه الموازنة والتدقيق بها وإقرارها.

    ومن هنا أدعو كتلة الحكمة في مجلس النواب، وأدعو كتل التحالف الوطني الكريمة، وأدعو الكتل الوطنية جمعاء في مجلس النواب أن يقفوا وقفة واحدة ويصروا على إدراج الميزانية المطلوبة لعوائل الشهداء والجرحى، وكما ذكرت المرجعية العليا أن هذا الأمر يُقدم على العديد من الإنفاقات الأخرى التي ننفقها، لنجري مناقلة، لنقلص من أمور أخرى ونعطي قدر الحاجة لرعاية هذه العوائل التي وقفت وتحملت عبر أبنائها، والجرحى أيضا تحملوا كل هذه المشاكل وهذا العناء الكبير.

    الأساس الرابع: طرحت المرجعية إستراتيجية مكافحة الفساد كتوصية رابعة، واعتبرت ان المعركة ضد الفساد قد تأخرت طويلاً ولم تتم في وقتها المناسب.

    ثانياً: اعتبرتها معركة حقيقية لا تقل ضراوةً وشراسةً عن معركة الإرهاب، بل هي أشد وأقسى من معركة الإرهاب.

    ثالثاً: اعتبرت العراقيين قادرون على خوض هذه المعركة والانتصار فيها كما انتصروا في معركة مكافحة الإرهاب.

    رابعاً: دعت إلى إدارة مهنية وحازمة لمكافحة الإرهاب، إذن نحتاج إلى إستراتيجية علمية في مكافحة الفساد، ونحتاج إلى الحزم وإلى استخدام الوسائل القانونية الصارمة لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.

    أيها الأحبة.. أولوياتنا بعد الانتصار على داعش هي خمس أولويات:

    الأولى: الوحدة، نحن بحاجة إلى ترسيخ وتعزيز التماسك الداخلي بين العراقيين، وذلك إنما يحصل عبر المشروع الوطني، نحن بحاجة إلى كيانات وتيارات وقوى عابرة للمكونات.

    الثانية: ونحتاج إلى قوائم وطنية عابرة للمكونات تجمع كل مكونات الواقع العراقي في قائمة انتخابية واحدة.

    الثالثة: إلى حكومة أغلبية وطنية ذات تمثيل عادل في المرحلة القادمة.

    بهذا نستطيع أن نوحد العراق، ودعوتنا لانطلاق جبهة وطنية لوحدة العراق إنما تنبثق من هذه الرؤية ومن الحاجة الملحة للوحدة والتماسك في الظرف الراهن.

    ثانياً: النزاهة ومكافحة الفساد عبر إستراتيجية واضحة المعالم، أن تكون مهنية وتكون حازمة بعيدة عن المجاملات.

    ثالثاً: ترسيخ الديمقراطية والتعددية في البلاد، والانتخابات مظهر الديمقراطية، ولذلك نجدد الدعوة لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد دون تأخير أو تسويف، وندعو أعضاء مجلس النواب للإسراع في تشريع قانوني مجالس المحافظات ومجلس النواب أو التصويت لإنفاذ القانون السابق إن كان بحاجة إلى تصويت أو أنه ساري المفعول، ونحتاج أن تكون انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وتعطي فرصة للتنافس الحقيقي وتضع أمام الناس الخيارات والشعب هو الذي يختار ونحن جميعاً مع خيارات شعبنا.

    رابعاً: الاستقرار بكافة مجالاته، الاستقرار السياسي، الاستقرار الأمني، الاستقرار الاقتصادي، الاستقرار التنموي، الاستقرار الإداري، إلى غير ذلك من المجالات، وهذا يتطلب دولة قوية، والدولة القوية لا تكون إلا من خلال كل هذه الأولويات ومن خلال هذه السياقات التي أشرنا إليها، تحتاج إلى استنفار كل الطاقات، الحكومة، الشعب، القوى السياسية، القوى المجتمعية، المؤسسة الإعلامية، الجميع عليه أن يتحمل مسؤولياته للوصول إلى هذا الهدف المهم، والاستقرار إنما يحصل بالإعمار والبناء والازدهار والتنمية.

    الأولوية الخامسة: الانفتاح الإقليمي والدولي، العراق يجب أن يكون جسراً تتلاقى عنده مصالح دول المنطقة والعالم لا أن يكون ساحة للصراح بين هذه الدول، وهذا ما سيُحفز هذه الدول للاستثمار في العراق ودعم العراق بشكلٍ كبير وهو ما يُعالج الشحة المالية التي نعيشها في الظرف الراهن.

    القدس قضية المسلمين بسببٍ بسيط، أن الاستهداف للقدس استهداف لهوية هذا الشعب، وفي غير القدس الاستهداف قد يكون لجهة سياسية أو لمكون اجتماعي أو لمعارضة معينة هنا وهناك، إلّا في القدس وإلّا في فلسطين فإن الاستهداف هو استهدافٌ للهوية، وهذا ما يجعل قضية فلسطين هي قضية المسلمين الأولى.

    المراجع العظام كان لهم دور أساسي في تاريخ هذه القضية في نصرتها.

    نجد على نحو المثال ان (الإمام السيد حسين كاشف الغطاء) ذلك المرجع الكبير حضر في أول مؤتمر عُقد حول فلسطين بشخصه، وهو غير مألوف للمراجع أن يُشاركوا في مؤتمرات، ولكن حضر بشخصه ليعطي القيمة الكبيرة لهذا الموضوع.

    (الإمام الحكيم) كانت له مواقف متميزة في نصرة الشعب الفلسطيني، أرسل وفداً رفيعاً من النجف الأشرف بعد حرب 1967، أرسل هذه الوفد إلى العديد من الدول المهمة كتركيا وإيران وأفغانستان وباكستان وإندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وغيرها لبحث القضية الفلسطينية وشحذ هممهم للوقوف مع الشعب الفلسطيني.

    الإمام الحكيم كان أول من أفتى بتأييد العمل الفدائي -بين هلالين نسميه اليوم الاستشهادي- العمل الفدائي والعسكري ضد العدو الصهيوني.

    الإمام الحكيم كان أول من أفتى بجواز دفع الزكواة من الحقوق الشرعية إلى المقاومة الفلسطينية ولدعم ولنصرة الشعب الفلسطيني.

    والإمام الحكيم خاطب عدداً من الرؤساء والزعماء والشخصيات الدولية والأمم المتحدة حول موضوع فلسطين.

    والإمام الحكيم أدان اعتراف النظام الشاهنشاهي في إيران بإسرائيل واستدعى السفير الإيراني في بغداد آنذاك وبلغه هذه الإدانة وهذا الاستنكار ورسالة الإدانة إلى شاه إيران، ولم يفت عن إصدار العديد من البيانات في هذا الشأن، وكان يُقيم احتفالات نصرةً للشعب الفلسطيني في جامع براثا في بغداد وفي الجامع الهندي في النجف وفي أماكن أخرى، واستقبل العديد من القادة الفلسطينيين ومنهم الراحل ياسر عرفات في النجف الأشرف، استقبله وناقش معه هموم القضية الفلسطينية.

    (الإمام الخوئي) أيضاً أصدر فتوى بجواز دفع الحقوق الشرعية لنصرة الشعب الفلسطيني، وأيضاً أصدر فتوى بتأييد العمل الفدائي لمقارعة العدو الصهيوني، وبارك التطوع والانضمام إلى الحركات المسلحة الفلسطينية في حينها.

    (الإمام الخميني) و(الإمام الخامنئي) بحكم موقعهما في الدولة كان لهما أدوار كبيرة جداً وسخر إمكانات الجمهورية الإسلامية لصالح القضية الفلسطينية ودعمها.

    (الإمام الشهيد الصدر) أصدر البيانات والفتاوى في وجوب نصرة الشعب الفلسطيني، وكان لفلسطين حضوراً واضحاً في بياناته وأقواله ومحاضراته ودروسه، واستنكر بشدة تهويل القدس الشريف وهو العمل الذي يُشرعن ويُقنن تسعى الإدارة الأمريكية لشرعنته بخطواتها الأخيرة.

    (الإمام السيستاني) أصدر العديد من الفتاوى بتحريم بيع العقارات للصهاينة في العراق، وبيانات حول الاعتداءات الصهيونية على مخيم جنين وغيرها، وبيانات لإدانة استشهاد الشهيد الشيخ أحمد ياسين، وبيان حول الاعتداءات الصهيونية على غزة وغيرها من الأمور والشؤون التي أصابت القضية الفلسطينية وصولاً إلى موقفه الأخير في إدانة الموقف الأمريكي الذي نُسِب لمكتبه في إدانة الموقف الأمريكي من نقل البعثة الدبلوماسية الأمريكية إلى القدس.

    الولايات المتحدة الأمريكية تُهاجم وتحرض وتضغط على دول بدعوى أنها تخالف قرارات مجلس الأمن وقرارات الشرعية الدولية، ولكنها بهذه الخطوة الأخيرة التي أقدمت عليها خالفت العديد، العشرات من القرارات الدولية التي صدرت من مجلس الأمن ومن الجمعية العمومية ومن منظمات دولية بخصوص القدس.

    كل هذه القرارات أكدت وبشكل واضح وصريح بأن العنوان القانوني للقدس هي أنها أرض محتلة وهي ليست من حق الفلسطينيين وكما تعرفون حتى في احتلال فلسطين في 1948 القدس لم تكن مشمولة في 1967ولكنهم تقدموا ووضعوا اليد على القدس الشريف.

    طبعاً أنا استعرضت مجموعة من القرارات الكبيرة والمهمة وكان يمكن ان نستعرضها ولكن الوقت يداهمنا، نكتفي بهذا المقدار ونعبر عن إدانتنا واستنكارنا الواضح لهذه الخطوة الأمريكية في نقل بعثتها الدبلوماسية وفي تجاهل عشرات قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص.

    وندعو الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن باتخاذ قرارٍ واضح لعدم الاعتراف بالقرار الأمريكي بكون القدس عاصمةً لإسرائيل ونقل بعثتها الدبلوماسية إلى القدس.

    كما ندعو جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والتي نشكر فيها القمة الإسلامية الأخيرة التي عُقِدت في إسطنبول، ومنظمة دول عدم الانحياز، وكافة المنظمات الإقليمية والدولية إلى اتخاذ آليات قانونية وقرارات حازمة لإبطال القرار الأمريكي، كما ندعو برلمانات العالمين العربي والإسلامي والمجتمع الدولي للضغط على الولايات المتحدة للالتزام بتعهداتها السابقة ذات الصلة بمدينة القدس وفق قرارات الشرعية الدولية.

    وندعو الدول والأطراف المشاركة في اتفاقية جنيف الرابعة إلى إلزام إسرائيل باحترام هذه الاتفاقية وتطبيقها على الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.

    ودعوى لجميع الدول باستخدام الأدوات الدبلوماسية والسياسية المتاحة للضغط على الولايات المتحدة للتراجع عن قراراها المجحف بحق الشعب الفلسطيني بل بحق المسلمين والمسيحيين على حدٍ سواء.

    أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

     

    اخبار ذات صلة