• نص كلمة السيد عمار الحكيم في  مؤتمر  ريادة الاعمال العربي بنسخته الثانية  المنعقد في بغداد بتاريخ 14-9-2019 م

    2019/ 09 /14 

    نص كلمة السيد عمار الحكيم في مؤتمر ريادة الاعمال العربي بنسخته الثانية المنعقد في بغداد بتاريخ 14-9-2019 م

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين واصحابه المنتجبين ،

    فخامة السيد رئيس الجمهورية ... السيدات والسادة الحضور .. ارحب بكم اجمل ترحيب وأشكر لكم هذا الحضور الذي يمثل دعماً واضحاً للشباب المتميزين والموهوبين وابداعاتهم المتجددة ...

    من الواضح اننا لا نستطيع التقدم نحو المستقبل المعقد اذا بقينا ننظر الى الماضي او استمررنا في مسارنا الحالي واذا اردنا التطور فعلينا التفكير بصورة مختلفة في استثمار قدراتنا وامكانياتنا ... 

    اذا اردنا صناعة المستقبل فعلينا بثلاثية :

    التخيل : وهو عملية جلب الافكار التي لم ترد على الحواس.

    والابداع : وهو عملية تطوير الافكار الجديدة والقيمة.

    والابتكار : وهو عملية وضع الافكار الجديدة حيز التنفيذ.

    واذا اردنا صناعة المستقبل علينا ان نتحول من ادارة الخدمات الى قيادة التغيير ومن ادارة الازمات الى الادارة المنظمة ومن الهياكل الجامدة الى المنصات المفتوحة ...

    ويسجل للعراق انه ورغم الظروف التي مر بها من الحروب المستمرة منذ نصف قرن والحصار وألاحتلال الا ان العقل العراقي تحدى كل الظروف القاهرة واستطاع ان يسجل حضوره عربياً وعالمياً .

    هناك بعض النقاط الجوهرية والمهمة التي من الضروري استحضارها عند الحديث عن قضايا الشباب.. والسعي لبناء قدراتهم.. وتنمية مواهبهم.. واستثمار طاقاتهم.. وهي:

    أولا/ البناء السليم.. يبدأ من البيئة السليمة

    لا يمكن الحديث عن بناء وتنمية الشباب.. في بيئة وأجواء طاردة ومنفرة لأي عملية تقويم .. فهل من المعقول ان نتحدث عن ضرورة استثمار الموهوبين والمبدعين.. وواقعنا التربوي والتعليمي دون مستوى الطموح..!

    كيف نسعى لبناء الشباب.. ورعاية الموهوبين والمبدعين.. وادواتنا واساليبنا والامكانيات المتاحة في مدارسنا وجامعاتنا قاصرة عن التنمية والابداع..!

    أي واقع ممكن ان نتصوره.. وما زلنا نتعامل مع اهم وزارة تمس حياة مئات الالاف من العوائل العراقية كوزارة التربية.. وهي ما زالت تدار بالوكالة منذ ما يقارب العام على تشكيل الحكومة..!

    والجميع مطلع على النتائج المتدنية التي يحصل عليها ابناؤنا في مراحلهم الدراسية في كل عام للأسف الشديد..

    نحتاج الى قوانين صارمة.. وإجراءات علمية سريعة.. ومنظومة تدريسية متطورة.. وخطط حكومية طموحة..

    والى تكاتف مجتمعي وسياسي معا.. يجعل من النهوض بواقعنا التربوي والتعليمي أولوية قصوى..

    وهنا انتهز فرصة وجود فخامة رئيس الجمهورية.. وادعوه بما يحمله من خبرة ونموذج حسن في هذا المجال.. ان يولي.. ويشجع.. ويتابع.. الحكومة بهذا الاتجاه.. فليس لدينا اهم من بناء جيل مقتدر ومتمكن يأخذ على عاتقه بناء العراق وتطويره..

    فرغم كل الالام والاوجاع.. ما زالت لدينا فرصة وما زلنا نملك الكثير من الإمكانيات والطاقات المعطلة في مجتمعنا.. عبر مؤسسات ومنظمات وشركات وجمعيات.. كلها من الممكن توجيهها نحو هدف بناء الشباب.. ورعاية الموهوبين.. وصناعة جيل مسؤول وواعٍ لمرحلته ودوره الوطني.. كل ذلك ممكن لو اجتمعت الإرادة السياسية الخيرة.. مع الخبرة والجرأة الحكومية الصادقة.. كل ذلك ممكن لو قررنا من الان لا من الغد.. ولو لم نكتفي بالوعود ولغة السين و سوف ..

    كل ما نحتاجه.. هو الإرادة الحازمة.. وإعادة النظر بالأولويات.. واستثمار الطاقات..

    عندها سنرى واقعا مختلفا تماما.. في رعاية الموهوبين والمبدعين.. وصناعة جيلنا المستقبلي المنشود..

    ثانيا/ لا ابداع بلا ثقافة.. ولا موهبة بلا تطوير

    لقد عانى العراق كثيرا.. وما زال يعاني الم الحروب وتداعياتها النفسية والمادية..

    آن الأوان ان نطوي صفحة الماضي بكل ما فيها من ترسبات وآثار.. وان نركز على ثروتنا الجيلية ونبدأ منهم وبهم نحو المستقبل الذي يليق بالعراق ومكانته عبر التاريخ..

    نريد جيلا يركز على مستقبله اكثر من الماضي.. نريد جيلا يأخذ عِبر الامس ولا يقف اسيرا عندها.. نريد جيلا يرى في الوقت ثروة.. ولا يغرق فيه ضياعا ونزوة...

    نريد جيلا ينافس أجيال الأمم .. ويرتفع بالعراق عاليا نحو مصاف القمم..

    لن يكون كل ذلك وغيره.. بلا ثورة ثقافية جادة وحقيقية.. فالشعوب تُبنى بالثقافة أولا.. بما تملكه من خزين معرفي .. وارث ثقافي.. ورصانة اجتماعية ..

    في العراق لدينا من ذلك العمق الحضاري الكثير.. مشكلتنا اننا ما زلنا لا نعي الأولوية عند البناء ولا نعي التراتبية عند التخطيط ولا ندرك المخاطر الحقيقية التي تمس واقعنا وتهدد شبابنا وجيلنا المستقبلي..

    أين هي خطط الحكومة في مواجهة ومعالجة المخدرات المنتشرة بين شبابنا..!

    اين هي خطط الحكومة في مواجهة ومعالجة ظاهرة العسكرة والعنف بين أبنائنا ومجتمعنا..!

    اين هي خطط الحكومة في مواجهة الثقافات الدخيلة والمنحرفة والخارجة عن منظومتنا القيمية..!

    لتعلن وزارة الثقافة.. والرياضة.. والصحة.. والتخطيط وغيرها من الوزارات المعنية .. عن ذلك بوضوح وشفافية.. من اجل ان يأخذ الاعلام والقوى السياسية والمؤسسة الدينية ومنظمات المجتمع المدني دورهم الحقيقي في المتابعة والتقويم وحتى الاسناد..

    لا يمكن الحديث عن تنمية الابداع الشبابي وركائز التفاعل الثقافي محدودة..

    لا يمكن الحديث عن تنمية مواهب الشباب وخطط التطوير غائبة..

    لا يمكن المعالجة.. والمعطيات والاحصائيات مفقودة..

    لدينا مشاكل حقيقية.. وغض الطرف عنها لا يحلها.. بل يفاقمها ويزيدها تعقيدا..

    لذا لابد من إجراءات حقيقية تجاه تنمية الشباب ورعاية مواهبهم عراقياً وعربياً .. ابرزها:

    ١- تنظيم الاحصائيات الخاصة بمشاكل الشباب وقضاياهم الملحة، واعلانها بشكل واضح وشفاف عبر وسائل الاعلام الوطنية لتكون شاهدة على مدى استجابة وتفاعل الحكومة في معالجتها وتطويرها.

    ٢- تنظيم الورش النوعية والمتخصصة بمواهب وريادة الشباب وتمكينهم على المستويات كافة.. وهنا نعلن ان تيار الحكمة الوطني مستعد للتعاون في دعم هذه الورش على المستويات كافة، وادعو جميع المكاتب التنظيمية في عموم المحافظات ان تتعاون وتفتح ابوابها لهذا النوع من المبادرات الطموحة والبنائة.. وان تنسق وتتابع بحكم مسؤوليتها مع الحكومات المحلية وجهاتها التنفيذية المعنية بذلك..

    ٣- تأسيس وتوسيع المدارس و الجامعات والأندية المتخصصة بالموهوبين.. وإشاعة روح التنافس بين شريحة الشباب من خلال توفير الفرص الملائمة لهؤلاء الموهوبين واستثمارهم لصالح تطوير وبناء بلدهم..

    حينها ستنحو باقي المؤسسات التعليمية منحى ذلك الاتجاه الإبداعي.. ولنجعل من ذلك ميدانا للتنافس البناء .. قال تعالى : "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون".

    4- تشكيل هيئة مختصة بالموهوبين والمبدعين تعنى بتشخيصهم ودعمهم وتوفير البيئة المناسبة لأستكمال دراستهم وتفجير طاقاتهم واستثمار عقولهم وامكانياتهم لخدمة بلدهم في مواقع الدولة المختلفة . واستقصاء التجارب العالمية الناجحة في التعامل مع الموهوبين وتطبيقها في العراق .

    5- ابرام الاتفاقيات مع الجهات المتخصصة في مجال تنمية ورعاية الموهوبين.. وهناك الكثير من النماذج الحية والمتطورة في منطقتنا نستطيع الاستعانة بخبراتهم وجهودهم في بناء منظومة عراقية متخصصة في هذا المجال.. وهي ليست صعبة ولا كبيرة على الإرادة العراقية الحية والوطنية.

    6-  النهوض بواقع الشباب العربي ومنحهم فرصةً لمواكبة التطور ومنافسةِ اقرانهم في الدول المتطورة معرفيا وتكنولوجيا.

    7-  النهوض بواقع المرأة في العراق والوطن العربي وتمكينِها من الوصول إلى المواقع الريادية وابراز ابداعاتِها وطاقاتِها ويؤسفنا الاشارة الى ان التشكيلة الحكومية الحالية خلت من التمثيل النسوي في الكابينة الوزارية رغم ان دستورنا النافذ فرض كوتا لصالح المرأة لا تقل عن ٢٥٪‏ في المجلس النيابي وهي التفاتة صحيحة من وجهة نظرنا.

    8-  انشاء واحة معرفية واسعة بين الشباب في الوطن العربي لتبادل الخبرات  والمعارف والثقافات وترصين العلاقة بين الشعوب .

    ثالثا/ الرعاية تبدأ من الأفعال.. لا من الشعارات والاقوال

    هكذا مؤتمرات نوعية ومهمة.. لها الدور الفاعل في الفات نظر المعنيين تجاه مستقبل شبابنا والاهتمام بهم.. سيما وانها تناقش قضايا لا تخص الواقع العراقي فحسب.. بل تنظر في الكثير من الفرص الضائعة والطاقات المهدورة لدى شبابنا العربي..

    نحن في العراق نحتاج لكل التجارب الدولية الناجحة في تطوير الشباب وتمكينهم.. وأتمنى من القائمين على هذا المؤتمر تزويد المؤسسات العراقية المعنية، بنماذج هذه التجارب من اجل الاستفادة منها وإمكانية تعميمها في حال ثبت نجاحها وفق البيئة العراقية المنسجمة..

    فالبلدان تطورت بنظرية "التجربة" واستفادت كثيرا من سياسة اختبار التجارب أولا في نطاق ضيق ومن ثم تعميمها في حال نجاحها..

    لا نريد لهذا المؤتمر ان يقف عند حدود المطالب والتوصيات فحسب.. بل نريد له الاسهام الحقيقي في تزويد التجارب وإمكانية تطبيقها وفق الواقع العراقي الحالي.. فالأمنيات والاحلام وحدها لا تساعد على النجاح.. بل نحتاج الى واقعية المعالجة والتطبيق..

    وهنا ادعو حكومة الظل المشكلة من قبل جبهة المعارضة بتبني توصيات هذا المؤتمر واضافة ما ينتهي اليه خبراؤها المختصون ايضا في مجال التربية والتعليم والشباب .. وإعلان ذلك كمطالب لجبهة المعارضة والعمل على اعتمادها من قبل الحكومة ومجلس النواب .. وإمكانية تدارك ما يمكن تداركه في اصلاح واقعنا التربوي والتعليمي وما يخص قضايا شبابنا ومبدعينا المغيبين والمعطلين في واقعنا العراقي..

    السادة والسيدات المحترمون ..

    تعيش المنطقة منذ عدة سنوات حروبا وصراعات استنفذت مواردها وهجّرت كفاءاتها وعقولها وصرفتها عن التنمية والاستثمار في مجال الابداع والابتكار..

    ونحن ندرك ان جميع الحلول تبدأ من وضع حد لهذه الحروب المدمرة والجلوس على طاولة الحوار لحل جميع المشاكل..

    وفي ظل الواقع الصعب والمعقد والأنقسام الذي نعيشه في الوطن العربي وفي المنطقة نجد التجرأ الاسرائيلي المستنكر والمدان في انتهاك سيادة العديد من الدول العربية كالعراق وسوريا ولبنان والمساعي الخائبة في وضع اليد على أراضٍ عربية جديدة في الضفة الغربية وغور الأردن ضمن سياسة توسيع الأحتلال وترسيخ سياسة الأمر الواقع وقضم المزيد من المساحات المغتصبة . ويتم كل ذلك في ظل صمت دولي مريب وتجاهل لكل هذه التجاوزات والأعتدائات المستمرة .

    وفي جانب آخر نشهد نضوجاً ديمقراطياً في العراق بأنبثاق المعارضة السياسية الوطنية البنائة التي تساعد على بناء جناحي الديمقراطية من الموالاة والمعارضة لفرز المناهج وتعرية الأخطاء وتقويم الانحرافات في العملية السياسية وتوفير البديل السياسي وتكريس "قاعدة حكومة قوية في ظل معارضة سياسية قوية" ضمن اطار الدستور والقانون . ونعتقد جازمين ان هذه الخطوة ستثري العملية السياسية وتساعد على تطوير الاداء الحكومي والسياسي على حد سواء .

    اتمنى لمؤتمركم هذا النجاح والتوفيق في تحقيق أهدافه وان نشهد بيئة عراقية وعربية تساعد على التميز وتحتضن الأبداع وترعى الموهوبين وتحقق التطور والأزدهار والأستقرار . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

    اخبار ذات صلة