• نص كلمة السيد الحكيم في المؤتمر العام لنقابات العمال في العراق بمناسبة اليوم العالمي لعيد العمال 1444هـ - 2023 م

    2023/ 05 /01 

    نص كلمة السيد الحكيم في المؤتمر العام لنقابات العمال في العراق بمناسبة اليوم العالمي لعيد العمال 1444هـ - 2023 م

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد(ص) وآله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين الميامين.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

     احييكم اجمل تحية واشكر لكم دعوتكم للمشاركة في المؤتمر العام لنقابات العمال في العراق واتمنى لمؤتمركم النجاح والوقوف على احتياجات شريحة العمال المهمة..

    قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم..
    بسم الله الرحمن الرحيم

    (ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحاً إني بما تعملون بصير).

    صدق الله العلي العظيم

    كان نبي الله داود النبي الملك ، يخرج الى الناس متخفيا يسأل الناس حالهم الى ان صدف احدهم فسأله ما تقول بداوود قال: كل شيء فيه حسن الّا انه يأكل من بيت المال.

    فدعا داوود ربه فألان له الحديد (جعل الحديد له ليّنا طيّعا) "ان اعمل سابغات" اي دروعا مقدرات بالمسامير.فكان داوود عليه السلام الملك كان عاملا

     كما ان نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال "ما أكل أحد طعاماً خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده".

    اخوتي واخواتي الكرام.. ان مفردة العمل وردت في القرآن الكريم في اكثر من ثلاثمائة وستين موضعا وفي اغلب الموارد القرآنية وصف العمل بالصالح وفي موارد أخرى اقترن بالإيمان (من آمن بالله وعمل صالحاً) وهذا التأكيد اللفظي يدلل بما لا لبس فيه على قيمة العمل وقيمة العامل في الاسلام وفي جميع الديانات السماوية.

    ان شريحة العمال تمثل الشريحة الأهم في المجتمعات الحديثة وانصاف العامل انصافا للمجتمع فلطالما لعبت هذه الشريحة دوراً في صناعة الأنظمة السياسية وتشكلت على اثرها الاحزاب والنقابات وخُصص للعمال يوم عالمي تحتفل به البشرية على اختلاف مشاربها وثقافاتها .

     ان العمل في العراق مر بمراحل عدة كان الاغلب منها مأساوياً على شريحة العمال حين جُيّر عرق جبين العمال لخدمة الالة العسكرية والحروب العبثية فخسر العراق جراء ذلك الكثير من طاقاته العمالية التي مثلت ميزة من ميزات المجتمع العراقي حينما كانت الصناعة العراقية رائدة بين صناعات المنطقة ومؤهلة لأن تكون من بين الصناعات المتقدمة في العالم.

     اخوتي واخواتي الاعزاء ..

     لم تقف معاناة شريحة العمال عند عبثية الدكتاتورية فمرحلة ما بعد ٢٠٠٣ لم تكن مثالية على هذه الشريحة، وساهم في ذلك غياب الفلسفة الاقتصادية الواضحة واستفحال الدولة الريعية بالاعتماد على النفط كمصدر دخل أوحد وحاولت الحكومات السابقة إيجاد المعالجات اللازمة وتحقق ما تحقق الا انه يبقى دون مستوى الطموح ولا يلبي الرغبات او يشبع الطاقات المعطلة.

    ان العراق مجتمع شبابي وان عمر الشباب هو العمر المثالي للعامل دون بخس لطبقة المخضرمين من العمال اصحاب الخبرة والدراية.

    ان استقطاب الشباب في مجال العمل لابد ان يكون على رأس الاوليات وكما ان المجتمع الشبابي يمثل فرصة فهو يمثل تحديا من زاوية أخرى.

    وعلينا ان نشجع على العمل وان نذكر بقيمة العمل فكلنا نحفظ عن رسول الله صلى الله عليه واله قوله الكاد لعياله كالمجاهد في سبيل الله وان رسول الله صلى الله عليه واله قًبّل يدا قد تشققت من قسوة العمل وقال (ص) هذه يد يحبها الله ورسوله وفي موضع اخر قال هذه يد لا تمسها النار. علينا ان لا نخجل من العمل وان لا نخجل من عنوان العامل وان نجعل بدلة العمل مساوية من حيث الاحترام والتقدير للبدلات الاخرى لان الازياء لا تعني شيئا وانها مهما تقدمت وتأنقت وتعطرت هي نتاج جهد وتعب العامل فهو صانعها وحائكها ، كما يتطلب ذلك الوقوف عند حق العمل الذي كفله الدستور العراقي فالحكومات والانظمة تضمن حق العمل وعلى الشباب ان يطالبوا بحقهم الدستوري والقانوني.

    ان الحكومات ملزمة بإصلاح بيئة العمل كما نعتقد ان إصلاح بيئة العمل يمثل مدخلا مهما لاستيعاب الشباب وتحريك المصانع المعطلة الحكومية ومصانع القطاع الخاص ونعتقد ان بيئة العمل المثالية تتطلب ما يأتي ..

    اولا: اعادة النظر بساعات العمل وبالحد الادنى من الاجور كي يكون الحد الادنى كفيلا بتحقيق العيش الكريم للعامل ومن يعيله.

     ثانياً: النظر للعمال باحترام وتقدير وتحويل ذلك الى ثقافة مجتمعية من خلال المناهج الدراسية والحملات الاعلامية التي تنصف العمل والعامل على حد سواء.

     ثالثاً: اعادة النظر بمخرجات المعاهد المختصة كمعهد إعداد المدربين ومعهد التكنلوجيا والمعاهد الفنية وإعداديات الصناعة وتثقيف الشباب العراقي على ان هذه المعاهد تمثل رافدا أساسيا لسوق العمل وأن دراسة العلوم الصناعية لا يعني انها اقل شأناً مقارنة مع العلوم الأخرى.

    رابعاً: اعادة النظر بقانون الضمان الاجتماعي وإلزام اصحاب المصانع والمعامل بدفع مستحقات الضمان الاجتماعي مع تعريف العمال بحقهم في ذلك لأن كثيرا من العمال يجهلون إستحقاقاتهم المالية.

    خامساً: حصر العمالة الاجنبية بما يحتاجه العراق خاصة في المهن التي لا يقدم عليها العراقي لإعتبارات نفسية وإجتماعية.

    سادساً: دعم النقابات وحثها على ضرورة ان يكون لها ممثل في مجلس النواب او ممثلين من خلال دعم من يرونه مناسبا لذلك.

    سابعاً: حث العاملين على انشاء المشاريع الصغيرة ومنح القروض والمنح واعتماد آلية سداد جديدة باعتماد المنتج سبيلا لذلك فالقرض هدفه صناعة بيئة عمل وليس عملية تجارية ربحية بحتة.

     اما ما يتعلق بالحكومة ومؤسسات الدولة لإصلاح بيئة العمل لصالح العمال.

     فذلك يتطلب عدة امور ..

     اولا: إعداد الخطط الناجعة للتخلص تدريجيا من ظاهرة الدولة الريعية أحادية الدخل من خلال دعم الاقتصاد وتحريك الصناعة والزراعة والاستثمار وباقي القطاعات.

    ثانياً: إعادة النظر بالمصانع المتوقفة عن العمل وإيجاد المعالجات اللازمة لتحريكها بالتعاون مع القطاع الخاص كذلك دعم معامل القطاع الخاص المتوقفة عن العمل .

     ثالثاً: توفير الكهرباء عبر استحداث محطات توليد خاصة بالمناطق الصناعية .

     رابعاً: دعم المنتج المحلي وإلزام الدولة لمؤسساتها بشراء المنتج المحلي ومنع استيراد أي مادة أجنبية إن توفر ما يضاهيها محليا.

     خامساً: دعم المصانع بالقروض الميسرة لإحيائها وإنشاء الجديد منها ومراقبة هذا الدعم كي يذهب الى مستحقيه ويحقق المرجو منه.

     سادساً: العمل على احتراف الطبقة العمالية والكادر الصناعي من خلال التدريب والتطوير عبر برامج واضحة المعالم تتناسب مع معادلة العرض والطلب.

     سابعاً: إلزام الشركات العاملة في العراق بنسب كبيرة من العمالة العراقية ومراقبة تشغيل النسب المنصوص عليها تعاقدياً ومنحها مزيداً من الفرص كلما أسهمت الشركات باستيعاب المزيد من العمالة المحلية.

     ثامناً: التواصل المستمر مع النقابات والجمعيات والمنظمات المعنية بشريحة العمال واستضافة ممثليهم في جلسات لجان مجلس الوزراء أو لجان مجلس النواب للوقوف عند رؤاهم في المواضيع ذات الصلة.

    ان إصلاح بيئة العمل وواقع العمال يتطلب إصلاح الواقع السياسي فأغلب المعالجات التي طرحت وتُطرح في مؤتمركم هذا تحتاج الى ارادة سياسية قادرة على تحمل المسؤولية اذ أن بعض المعالجات تشبه التداخل الجراحي الذي يسبب الالآم في الطريق نحو الشفاء التام.

    ايها الاحبة نمر بمرحلة استثنائية حيث الاستقرار الامني والاستقرار المجتمعي والاستقرار السياسي والوفرة او البحبوحة المالية النسبية الناتجة من ارتفاع اسعار النفط خلال  السنتين الماضيتين مما ساعد الحكومة لتقديم موازنة تبلغ  200 ترليون دينار الى مجلس النواب ، صحيح ان فيها عجز ولكنها موازنة طامحة ويمكن أن تحقق الكثير من طموحات العراقيين وتعالج مشاكلهم .

     

    علينا ان نحول هذا الاستقرار الوقتي الى استقرار دائم يجب ان نكون متفائلين وداعمين لإيجابيات بلادنا نتحدث بهذه الايجابيات نركز عليها نشكر الله عليها نعول عليها نراكم عليها حتى نصل الى الاستقرار الدائم  الذي يعالج الاشكاليات

    بحسب تقديري نحن يجب ان نركز على ثلاث اولويات (الخدمات ومكافحة الفساد ومكافحة الظواهر الاجتماعية السلبية كالمخدرات )هذه الثلاثية اذا ركزنا عليها سنصل الى الاستقرار الدائم، الرافعة لتحقيق هذه الاولويات ايضا هي امور ثلاث الالتفاف الشعبي حول نظامهم السياسي الوئام السياسي والتفاهم بين الاطراف والقوى السياسية وانتاج معادلة عادلة للحكم وثالثا بناء علاقات ايجابية مع البيئة الاقليمية والدولية ليكون العراق جزء من حاضنة اقليمية ودولية واسعة الأداة الذي نحتاجها لتحقيق هذه الاولويات وضمن هذه الرافعة هو بناء رؤية استراتيجية وفلسفة واضحة اقتصادية لنظامنا ضمن سياسات محددة واولويات واضحة خطط ناجعة وبرامج واعدة نسأل الله ان يعيننا جميعا على تحقيق هذه الامور لنشهد عراقا مستقلا ومستقرا ومزدهرا شكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

     

    اخبار ذات صلة