• لقاء قناة الشرقية مع سماحة السيد الحكيم الاحد 3/4/2022

    2022/ 04 /05 

    لقاء قناة الشرقية مع سماحة السيد الحكيم الاحد 3/4/2022

    المقدم: سماحة السيد كيف كانت النشأة في بيوتات المرجعية بين التفقه في الدين وعقيدة الجهاد والتصدي السياسي ؟

    السيد الحكيم :  بالحقيقة جدي السيد محسن الحكيم كان يسكن في بيت صغير ومتواضع في النجف الأشرف في منطقة العمارة قرب المرقد العلوي الشريف، وكان هناك متسع لغرفة أو غرفتين في البيت كان يعطيه لأحد أولاده المتزوجين، فحين يتزوج الآخر، الأول عليه أن يجد بيت للإيجار ويخرج، وحيث أن والدي كان آخر العنقود فلذلك الغرفتين التي خصصت له في هذا البيت بقينا فيها ، حيث كان مسقط رأسنا وعشنا في بيت الإمام الحكيم، وعشت طفولتي مع جدتي التي كانت تميزني عن بقية الأحفاد على كثرتهم، لكن كان هناك علاقة خاصة جزء منها يرتبط بأنني أعيش معها في البيت، ولعل هناك أسباب أخرى أيضاً، فتحت عيني على النجف وأزقتها وأروقتها ومنتدياتها ما يسمى البراني، الأماكن التي يعتادها أهل العلم للمطارحة العلمية والنقاشات والمداولات، وأنا الطفل الصغير كنت مولع بالحضور في هكذا اجتماعات، وفي نفس بيت جدي هو قسمين البيوت النجفية براني ودخلاني كما يُعبر عنه، دخلاني: هو بيت الأسرة، والبراني: هو المكان الذي يفده الضيوف، وهناك بوابة تربط بين الجناحين في البيت، ولكن هناك مدخل مستقل للبراني الضيوف يدخلون من باب أخرى غير الباب التي يدخلونها أهل الدار إلى داخل بيتهم، فكنت أتسلل إلى البراني من الباب الداخلية وبعد صلاة المغرب والعشاء يجتمع كبار الأسرة والفضلاء والعلماء، ويبدءون بالمطارحات العلمية الفقهية والأصولية، ومواضيع ذات صلة بالشؤون الدينية. 

    كنت أدخل وأجلس في طرف الغرفة ويبدءون بالنقاش، وترتفع الأصوات ويتداولون في قضية علمية بحرص، ولذلك كان يُرعبني أحياناً ارتفاع أصواتهم وضجيج الغرفة الذي يبدو وكأنه يصرخون بوجه بعضهم، فيما أنهم كانوا يمارسون الحوار العلمي، ويستغرقون فيه دون أن يلتفتوا إلى التفاصيل الفنية الأخرى كونهم هم من أهل العلم، بقيت عالقة في ذهني هذه المطارحات، وكنت أدقق ولا أفهم الكثير مما يقولون، وأتساءل من نفسي متى ستكون الفرصة لأفهم ما يقولون وأستطيع أن أشاركهم مثل هذه الحوارات.

     

    المقدم: سأنتقل وإياك إلى عام قاسي ألا وهو عام 1979 وهو عام الهجرة إلى خارج العراق، كيف كان هذا العام؟ وكيف كان وقع هذا العام على السيد الحكيم؟ 

    السيد الحكيم: كما تعرفون سبق عام الهجرة أعوام عجاف كان والدي تحت المطاردة في مدينة صغيرة بأزقتها، وكان يتنقل من مكان إلى آخر حتى لا يُكتشف من رجال الأمن، وكان لي الشرف في تمشيط المنطقة حين يريد الانتقال من مكان إلى آخر فأصبحت لدي قدرة جيدة في اكتشاف رجال الأمن وهم يمسكون صحيفة بأيديهم أو من خلال نظراتهم أو طريقة حركتهم أو ملبسهم نتيجة للتركيز الكبير وحرصي على أمن الوالد، فكنت أخرج وأدقق ولأني طفل صغير لا ألفت الانتباه كثيراً في ذلك الوقت، هذا كان يساعد إلى حد ما للقيام بهذه العملية, وأصبح والدي يثق تماماً بتقييم المشهد, فحين يريد أن يذهب إلى مكان أخرج وأمسح المنطقة وأعود لأقول له الزقاق آمن فهو يطمئن, ثم أسبقه بأمتار لكي أكتشف الأمور إذا كان هناك طارئ أستطيع أن أتلافى الأمر وأوصله إلى المكان الذي يريد أن يختفي فيه لينتقل إلى مكان آخر, هكذا تمت العملية ووالدتي كانت أيضاً تزور دار الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر وهو في الاحتجاز ولم يكن يُسمح لأحد أن يدخل إلا عائلته وخواصه, فوالدتي كنت أخذها إلى ذلك المكان إلى بيت الشهيد الصدر, وتدخل ثم عندما تخرج لا ترجع إلى البيت حتى لا تُعرف من هي, وكنت أصطحبها إلى مكان آخر, إلى بيت آل ياسين وهم من أرحامها أيضاً, فيبدو لرجال الأمن من يتعقبوها أنها من هذه الأسرة, وبعد فترة أعيدها إلى البيت وهكذا كانت حياة فيها أبعاد أمنية, وفيها توتر.

     

    المقدم: عام 1979 عام صعب عليكم وقبله؟ وفيما يخص الهجرة هل لها علاقة بأن هجرتكم والسياسة وما هو شكل هذه العلاقة؟ 

    السيد الحكيم: طبعاً حين خرج والدي ونحن خرجنا متوجهين إلى بيت الله الحرام هذا كان عنوان الزيارة, ذهبنا إلى الأردن ومن هناك ذهبنا إلى الزيارة وثم انتقلنا حتى كان يُضن أن رجال سيارة الأجرة جلهم هم مجندين للأجهزة الأمنية, فكنا بشكل كامل حديث في السيارة, إذا عدنا من بيت الله الحرام هل نستطيع أن نتصل بك لتعيدنا إلى النجف؟ لنعزز ونرسخ في ذهنه أن القضية بالفعل هي مسألة خروج إلى الزيارة وليس شيء آخر, ومن الملفت في الرطبة عند الحدود العراقية هناك طُلب والدي للأمن, وطالت الفترة ونحن نقرأ الدعاء, وكنا قلقين, وثم بعد أن غادرنا وخرجنا من الحدود هو أخبرنا في وقت لاحق, في ذلك الوقت لم يكن هناك حواسيب, كانت اسماء الممنوعين من السفر تُدون في دفاتر, فكان يبحث رجل الأمن في قائمة المطلوبين وبينما هو كذلك جائه إتصال مهم وانفعل في ذلك الاتصال وما ان انهى اتصاله حتى قلب الورقة وكان منفعل توقع أنه لاحظ هذه الورقة وبحث في الأسماء في الصفحات الأخرى ، ووالدي يقول أنا كنت أقف ولاحظت اسمي مكتوب في تلك الورقة التي تزامنت مع الاتصال, كان هناك شيء غير محسوب أكيد, تسديد إلهي في هذا الموضوع أن لا يرى اسمه, وخرجنا, على كل حال، ومن يوم الخروج كانت هي مرحلة جديدة لتصدي الوالد, أنا طفل صغير في ذلك الوقت, في الصف الرابع الابتدائي حيث  درست الرابع الابتدائي في مدرسة في دمشق, انتقلنا من الأردن إلى سوريا, وبقينا سنة هناك, ثم انتقلنا إلى الجمهورية الإسلامية, طبعاً الوالد انتقل مباشرة بعد فترة وجيزة, نحن بقينا بغربة في غربة, في سوريا وبدون وجود الوالد, درسنا في مدرسة ابن خلدون في منطقة المزة في دمشق, ثم انتقلنا إلى الجمهورية الإسلامية, فمن البداية كان هناك تصدي, واهتمام, وانشغالات للوالد كثيرة, وأنا أراقب هذا الأمر, وبدأت احتفالات تحصل للجالية العراقية على صغرها آنذاك في بداية الثمانينات, وكنت حريص على أن يكون لي مشاركات في تلك الاحتفالات, فحين أعرف هناك احتفال أحضر كلمة وأعد لها وثم أذهب مبكراً للاحتفال وأطلب من عريف الحفل أن يكون كلمة لأشبال العراق لألقيها نيابة عن أشبال العراق, وهكذا في كثير من هذه الاحتفالات بدأت أظهر بإلقاء كلمات وما شابه, لكن لم يكن لي تصديات مهمة في المقطع الأول, بمرور الزمان أصبح التصديات أكبر. 

     

    المقدم: السيد الحكيم في كلا مدرستين, مدرسة دين, ومدرسة سياسية, أي من المدرستين أثرت بالسيد الحكيم؟

    السيد الحكيم: تعرفون أن مهام والدي رحمه الله لسنين طوال ولعقدين من الزمن كانت مهام ذات طابع أمني, ترتبط بالحركة الجهادية وما إلى ذلك, والسيد العم كان هو في الواجهة السياسية والاجتماعية والثقافية, وبحكم دراستي الحوزوية واهتمامي الثقافي والديني, وكنت مسؤول لمدرسة دينية مهمة مدرسة دار الحكمة في قم, التي هي مدرسة أسسها عمي السيد باقر الحكيم, وهي أساساً مدرسة أسسها الإمام الحكيم في النجف الأشرف وفجرها نظام صدام في الانتفاضة الشعبانية عام 91, فطبيعة المهام كنت مختلفة ، وكنت أمثل السيد العم في زيارات إلى المخيمات العراقية والمقاتلين العراقيين في داخل الجمهورية الإسلامية, وأيضاً إلى الجالية العراقية في مناطق مختلفة من العالم, هذا التمثيل للسيد الحكيم من ناحية, وللانغماس بإدارة مؤسسات ثقافية ودينية من ناحية أخرى كان يجعلني بشكل طبيعي قريب من عمي الشهيد السيد محمد باقر الحكيم في هذه الجوانب, وكنت متأثر بشخصيته كثيراً, وطبعاً ارتباطي بالوالد إضافة إلى النسب, لكن هو كان يتمتع بسمات وأوصاف مميزة في شخصيته, وفي تنشئته لأولاده, واهتمامه بأبنائه, وأيضاً بأبناء الشهداء في الأسرة, لدينا عدد كبير من أبناء الشهداء وبنات الشهداء كان يوليهم اهتمام خاص, كان ضمن سماته الشخصية هو الاهتمام بهذا الجانب الاجتماعي للأسرة وأيضاً لآخرين, يزورهم, ويتفقدهم, ويتواصل معهم, فكنت متأثر بشخصية الوالد في هذه الجوانب, وبشخصية السيد العم في تلك الجوانب.

     

    المقدم: ما سمعناه صحيح أن السيد الحكيم متأثر بشخصية عمه, قد يعود السبب بعض الأحيان إلى ظهور المستمر للسيد محمد باقر الحكيم, وغياب عن الأنظار للسيد عبد العزيز الحكيم..

    السيد الحكيم: هو كان غائب عن الأنظار في الإعلام وفي المحطات الاجتماعية العامة, لكنه كان معروف بحجم نشاطه وعمله, ضمن الأروقة الخاصة بحكم طبيعة المهمة التي كان مناطة به.

     

    المقدم: باعتبار أن التصدي كان لسماحة السيد شهيد المحراب كما ذكرت, إذن كان هناك علاقة خاصة ما بينك وبين السيد محمد باقر الحكيم, هذا ما جعله يكلفك بمهام صعبة وخطيرة ومعقدة أحياناً تتطلب ربما انتقال من بلد إلى بلد, والدخول في مواضيع خطيرة, كيف استطعت إقناع شهيد المحراب بهذه المقدرة وأنت شاب في مقتبل العمر وفي ظل وجود الكثير من الآباء المؤسسين والشخصيات الأخرى؟

    السيد الحكيم: هي بالحقيقة لا أنا كنت بصدد إقناعه بشي ولا هو سماحته لعله بالبداية كان له مثل هذا  الاندفاع لكن أنا كان عندي رغبة بالتصدي وتقديم الخدمة, أنا جئت وذكرت لسماحته في يوم من الأيام, أرى أن هناك حاجة لتفقد العراقيين وهم في المخيمات, وفي ظروف صعبة, وهم يتوقعون من سماحتكم الرعاية الخاصة, وسماحته كان يرسل بعض الوفود في ظروف, لكن أن يكون شخص منسوب لك, أنا ابن أخيه وأيضاً صهره لأن زوجتي هي ابنته أيضاً, فأن يكون شخص لصيق بسماحته (كان يذهب ويمثلك هذا أوقع إذا تسمح بهذا الأمر), طبعاً هو كان سعيد مثل هذا الاقتراح, صرت أذهب إلى المخيمات أمثله وأزور العراقيين, وأطلع على مشاكلهم, وأخطب فيهم, وتأتيه ردود الأفعال من خلال قنواته الخاصة أن هناك تفاعل من الناس من طريقة زياراتنا وتعاملنا, في داخل المجاهدين قوات بدر آنذاك وغيرها من القوات المجاهدة, كان هناك فرق عسكرية, وألوية وما شابه في مناطق مختلفة, فحين كنت أذهب إلى لزيارتهم وتفقدهم والحديث لهم, وقضاء أيام معهم, هذا أيضاً كان ينعكس أنه يترك أثر طيب, وهكذا في زيارة الجالية العراقية في مناطق مختلفة من العالم أيضاً تأتيه, هذا جعله يشعر باهتمام متزايد وكأني شخص يُمكن أن أُحسن التمثيل أو الأداء. 

     

    المقدم: كان يرى ملامح الزعامة على السيد عمار الحكيم وربما بالمستقبل سيقود تيار كبير كتيار الحكمة؟

    السيد الحكيم: لا أعرف ماذا كان انطباعه في هذا الجانب, ولكن هو يرى فيّ شخصية واعدة, فبدأ ينيط بمهام معينة, يصرف معي وقت في بيان مسائل تخص التصديات والتعقيدات الاجتماعية والسياسية,  في ذلك الوقت لم يكن السوشل ميديا بدأت الغرف البالتوك كانوا يسموها, في التسعينات غرف للحوار, في البداية كانت تستوعب مائتين شخص, ثم تطورت لتتسع لثلاثمائة شخص, عمي كان لديه محاضرة أسبوعية ملتقى ثقافي أسبوعي وفيه طبعاً حديث سياسي, فصرنا نبث هذا الحوار بشكل مباشر أو المحاضرة بشكل مباشر عبر البالتوك, وثم بعد ذلك ينهي سماحته الكلمة, أنا أدخل على تلك الغرفة التي كان يُبث فيها, وأبدأ بالإجابة على تساؤلات الحضور, وتستمر أحياناً ساعتين أو ثلاث, فحين أنهي هذا الحوار كان حريص دائماً أن يأخذ تلخيص, ماذا سأل الناس؟ كنت أقول له : (هكذا سألوا) ويقول: (أنت ماذا أجبت على هذا السؤال أو ذاك السؤال؟) فأحياناً يستحسن الإجابة, وأحياناً يضيف أشياء, فهو بدأ يشعر أن هناك قدرة على الحوار, وعلى إبداء الرأي, وعلى شرح وتفكيك المواقف بشكل ما, هذه بالتدريج هي زادت من ثقة سماحته بنا, المؤسسة الدينية التي أدرناها بتكليف من سماحته مؤسسة دار الحكمة كانت مدرسة كبيرة ومنشآت أخرى, تحولت إلى أن تكون هي الأولى في كل المدارس غير الإيرانية في قم, العربية وحتى غير العربية, لكن من غير المدارس الإيرانية ، فصارت هي الأولى, فكان فيها رسالة عن مثلاً حسن الأداء في إدارة هذه المدرسة وتفاصيلها, كل هذه الأمور والمخاضات بالتدريج كأنه يعني هو كان يرى سماحته أنا بعد ذلك بدأت أحلل الوقت الذي يصرفه, والاستشارات التي كانت, وغير محتاج إلى مشورتي لكن هو يتعمد يسألني في تفاصيل, أحياناً يكتب مقالات أو أبحاث يعرضها عليَّ ويأخذ رأيي فيها, وأنا صرت أعرف لاحقاً ولم يكن يقصد أن أضيف له شيء فيها بقدر ما أن ينمي بعض الملكات.

     

    المقدم: هو إيمانه بأنك ستكمل المسيرة فيما بعد..

    السيد الحكيم: على كل حال كان والدي هو المتصدي لإكمال المسيرة أو لإدامة الموضوع لكن في ظل اهتماماتي الثقافية كان يجدني شخص مؤهل أن أتسع في هذا المجال وأسسنا مؤسسة دار التبليغ حالة عودته إلى النجف, وبدأت تتسع وتتحول اسمها بعد استشهاده إلى مؤسسة شهيد المحراب, وكان تُمارس عمل ثقافي وتبليغي وإرشادي واسع الإطار.

     

    المقدم: نتقدم بالتاريخ إلى عام 2009 سنة مهمة جداً بالنسبة للسيد الحكيم, تولى مهمة صعبة ليست بالسهلة ألا وهي رئاسة المجلس الأعلى الإسلامي تزامنت مع وفاة الوالد رحمه الله, هنا كيف كان واقع هذا التكليف على سماحة السيد الحكيم؟

    السيد الحكيم: بالحقيقة كان صاعق, لأني شخصياً مولع بالعمل الثقافي والاجتماعي, ووجدت ضالتي في مؤسسة شهيد المحراب التي هي مؤسسة ثقافية, فكانت متسقة تماماً مع توجهاتي واهتماماتي ودراستي الطويلة, ولم يكن في الحسبان في يوم ما أن أتصدى للمهمة السياسية, والدي أيضاً لم يكن بعمر متقدم, رجل في الستينات من عمره فهو كان يمارس هذا الدور وأنا منشغل في تلك المهمة, لكن حين تعرض لهذا المرض المعروف وتأكد إصابته  به, فهو صارحني أنه نحن بمستقبل هذا العمل نحتاج إلى أن نفكر بشيء, قلت له: (الإخوة فيهم الكفاية) لم يكن في حسباني أن أفكر بتصدي في الشأن السياسي بهذا الشكل, لكن إخواني في قيادة المجلس هم أيضاً بعد أن تحدث معهم السيد الوالد في من يتصدى لهذه المهمة, كلهم وجدوا فينا الأهلية للتصدي, جزء منا لاعتبار طبيعة التركيبة السياسية للمجلس الأعلى, والقواعد الشعبية التي هي ارتبطت برمزية السيد الحكيم بشكل ما من السيد العم إلى  الوالد, فهم بشكل طبيعي يلتفون حول شخص يحمل هذا العنوان, وهذا الانتماء, لذلك وجدوا فينا الأهلية لهذا التصدي, كان تصدي خارج الحسبان والتوقعات فكان متغير كبير, قلت لهم: أنا بدأت طفولتي في الغربة, وثم عشت في بلد آخر وجئت بعد 23 عاماً غريباً إلى بلدي ووطني ومسقط رأسي, لا أعرف طريق أزقة النجف في يومها, وكنت أشعر براحة كبيرة أني أعود إلى مسقط الرأس وإلى المدينة التي ولدت فيها, وما أن ترعرعت فيها وتعرفت على تفاصيلها وأعرافها وعادتها وسياقاتها ستة سنوات قضيتها في هذه المدينة, حتى طُلب من أني أنتقل إلى بغداد, فهي منطقة أخرى, مدينة جديدة من حيث السكن وأيضاً مهمة جديدة من حيث الاهتمامات, فكانت قضية جداً صعبة عليَّ في بداية الأمر ولكن تأقلمت معها بمرور الزمن.

     

    المقدم: اسمح لي أن أسأل: هل لا زالت تعاني فقد الأب بصورة عامة؟ تعاني فقد الأب من باب النصح السياسي بصورة خاصة؟ ماذا كان لو الوالد رحمه الله موجود اليوم؟ 

    السيد الحكيم: لا حظوا الأب والعم والأحبة والقريبين يعني هم يضيفون شيء في حياة الإنسان لا يسده شيء آخر, فكل من فقد أباً أو أماً أو عضداً مهما  طال الزمن سيبقى يفتقده في البعد العاطفي هذا شيء طبيعي, حالي كحال إنسان يعيش هذه الحالة, لكن بالتأكيد المشورة والعمق الذي كان لدى العم ولدى الوالد, فكان هناك مأوى عند حصول إشكالية معينة أو أمر معقد, كنت ألوذ بهم, أستشيرهم, وأؤخذ بمشورتهم, اجتماعياً, سياسياً في كل المهام التي مرت بنا, فلا شك وجود شخصيات بهذا العمق دائماً هم مصدر إثراء لأي إنسان متصدي, وحين يغيبون يفتقدهم الإنسان.

     

    المقدم: سماحة السيد من اغتال السيد محمد باقر الحكيم؟ 

    السيد الحكيم: يعني ظاهر القضية هو أب زوجة الزرقاوي كما أُعلن اسمه وعقدت مجالس عزاء له في مسقط رأسه, لكن حجم العملية ونوع المتفجرات ودقة التصميم والتخطيط والتوقيت في ذلك الوقت كانت أكبر من إمكانيات القاعدة, فأفترض أن هناك إرادات دولية معينة وجدت في الشهيد السيد محمد باقر الحكيم عنصر إرباك لمشاريعهم أو كذا, ولعلهم كان لهم يد في هذه المسألة.

     

    المقدم: التخطيط سياسي والأيدي إرهابية؟

    السيد الحكيم: نعم لطالما استخدمت بعض الوجوه الإرهابية كأدوات بشكل من الأشكال من حيث يعرفون أو لا يعرفون لكن هو واضح تغييب الشهيد السيد محمد باقر الحكيم شهيد المحراب في تلك اللحظة, ودوره المحوري في لملمة الأوضاع, ضرب رأس من رؤوس من الاعتدال أساسية في المعادلة العراقية أربك الكثير من الحسابات والتوازنات

     

    المقدم: سماحة السيد أصدرت عدة مؤلفات آخرها كان خطاب الاعتدال, مفارقة أنه خطاب الاعتدال والبناء في بلد يفتقر إلى الاعتدال ولا البناء, كيف يتم إصدار هكذا عنوان في ظل وجود معطيات توفي بأنه بلد يفتقر إلى الاعتدال والبناء؟

    السيد الحكيم: اسمح لي أن أختلف معك قليلاً, أنا أعتقد رواد الاعتدال كثر في بلادنا, ما هو تأثيرهم وأين المواقع التي أتيحت لهم هذا بحث آخر, والبناء الذي يحصل ليس بالقليل, لكن التراكمات والإرث كبير, ونحتاج إلى عمل كبير حتى العراق يظهر بالحلة التي تنسجم مع طموحاتنا وطموحات شعبنا, البناء الإعماري وبناء النفوس والثقافات وما شابه, اقرأ العراق في عيون الآخرين, شخصياً ممن ألتقي بكثير من الدبلوماسيين والوفود الأجنبية التي تأتي للعراق, وأرى كيف ينظرون إلينا بإعجاب كبير, فيوجد تطور ويوجد خطوات حقيقية نتقدمها إلى الأمام لكن هي لازالت دون مستوى طموحنا, لكن الشيء المهم دائماً من يتصدى للعمل السياسي والاجتماعي عليه أن ينظر ما هو مصلحة شعبه, يستشرف ما هو فيه مصلحة حقيقية لشعبه, ويقدم الأفكار والأطروحات التي تلفت النظر شعبنا إلى أن نسير بذاك الاتجاه, يعني يجب أن نضع لأنفسنا بوصلة, هذا التشدد والكسر والخصومات بنى الدولة في أي بلد بالعالم؟ هل استطاعت أن توحد شعب من شعوب العالم حتى توحد شعبنا؟ الكسر لا يبني, نعم هو يعمق الأنانيات لهذا الطرف أو ذاك الطرف, ليس لنا إلا أن نتحاور ونتفاهم ونجلس مع بعضنا, ونتحمل بعضنا, ليس معيب أن نختلف لكن من المعيب أن نخطأ, وأن نعجز عن إدارة الاختلاف فيما بيننا, يجب أن نكون بارعين في إدارة الاختلاف, في تدوير الزوايا الحادة, في البحث عن المشتركات الكثيرة وننطلق منها لنضيق من دائرة الاختلافات فيما بيننا.

     

    المقدم: سماحة السيد هذا الخطاب وهذا العنوان التي تفضلت به وطرحته داخل الكتاب الكثير من القضايا التاريخية وسرت في هذه المواضيع من بعد 2003 لكن تعتقد أنه هكذا قرارات وهكذا خطابات تعيد للعملية السياسية الاعتدال وتعيد للشعب ما يحتاجه من بناء؟

    السيد الحكيم: ما أعتقد لا يصح إلا الصحيح, والصحيح هو أن لا خيار لنا إلا أن نتفاهم مع بعضنا وأن نتعايش مع بعضنا وأن نتحمل الاختلافات فيما بيننا, وأن نبني نفوسنا وقلوبنا وبلادنا على أسس صحيحة, فنبقى نضغط ونشجع ونلج ومن لج ولج ومن جد وجد, حتى لو أسيء الفهم في لحظة ما لا خيار إلا أن ندفع العراق إلى حاضنته الطبيعية والتاريخية في الوئام والتعددية.

     

    المقدم: صاحب المبادرات الأولى ومبادرات كثيرة (أنبارنا الصامدة) (البصرة عاصمة العراقي الاقتصادية) ربما آخرها ورقة الاتفاق الوطني بغية حل مشكلة الانسداد السياسي, لماذا السيد عمار الحكيم هو صاحب هذه المبادرات؟ وهذه المبادرات هل وجدت التنفيذ أم اصطدمت بمزاجات سياسية وإرادات وعقبات؟

    السيد الحكيم: بالحقيقة هو ليس لنا أي إدعاء, نحن نركز, الناس لها أن تقول أشياء كثيرة, لكن نحن نركز دائماً على الحلول والمعالجات أثناء الأزمات, تستوقفني الآية الشريفة: (فإن مع العسر يسرا) مع, وليس بعد العسر يسرا, العسر واليسر وجهان لعملة واحدة, الكثير منا بارع في وصف المشكلة, وفي وصف الأزمة, في الحديث والتشكي من الأزمة, لكن علينا أن نكون بارعين في البحث عن الفرص المتاحة في قلب كل أزمة, وكلما كانت التحديات أكبر كلما كانت الفرص أعظم, نحن من القوى التي دائماً نركز في الأزمات أين هو الوجه المشرق, أين هي مساحة الالتقاء, من أين يمكن أن نحول هذا التحدي إلى فرصة كبيرة لصالح بلدنا, فتأتي هذه المبادرات بهذا النفس وبهذا الجو, في بعض الأحيان أو لنقل أحياناً كثيرة لا تلقى صدى كبير لأننا في أثناء الأزمة والاصطفافات والاحتقان القائم والنرفزة الموجودة بين الأطراف لا تسمح بأن تتلقى هذه المبادرة بشكل إيجابي.

     

    المقدم: الظروف لو المانع خوفاً أن تُحسم لشخصية دون أخرى؟

    السيد الحكيم: أحياناً الظروف النفسية للأطراف, نحن عرب وشرق أوسطيين وهذه ثقافة العربية والثقافة الشرق أوسطية يعني عندما نأخذ رأي صعب علينا أن نتراجع أو ما شابه ذلك, فلذلك في أي أزمة من الأزمات ترين الأطراف يبدون رأي معين ويصبحوا أسرى لمواقفهم, كيف يتراجعون عنها؟ فتأتي هذه المبادرة هي بالحقيقة لا يوجد مبادرة جدية ومنصفة إلا أن تتطلب نوع من أنواع المرونة من الطرفين وليس من طرف واحد, من أطراف المشكل, فطبيعي الأطراف تجد صعوبة في التعاطي, ولعله أحياناً هناك حساسيات أن فلان أطلق مبادرة إذا مضينا فيها ستُحسب لفلان, هذا في الشأن السياسي طبيعي, لذلك نحن دائماً نفضل أن نطرح مبادراتنا لا تُحسب لنا, ليس المهم أن يُقال: فلان قالها. المهم أن المبادرة تأخذ مدياتها وتحل الإشكالية القائمة بين الأطراف, تحل مشاكل البلد, أطلقت مبادرات عديدة, لم يتم الاستجابة لها في اللحظة, وبعد أيام أو أشهر تغيرت الظروف وتلاقفها أحد الأطراف الأخرى وتحدث بها وسجلت باسمه ومضت الأمور, بعض إخواني في الحكمة أحياناً يُنرفزون من هذه القضية يقولون: (لنذكر بأنه نحن من قلنا) أبداً, المهم أن تُحل المشكلة, لمن تسجل؟ هذه ليست مشكلة. 

     

    المقدم: كَون تسمع للاخرين عندما يطرحوها وما تسمع من السيد عمار الحكيم

    السيد الحكيم: أحياناً إذا كان أحد أطراف المشكلة هو يتبناها, فبالتالي يكون مستعد أن يضحي بشيء ما, أو يبدي مرونة بقضية ما كونه هو متبني لهذه المبادرة, فنحن سعداء وراضين تماماً.

     

    المقدم: تحدثنا عن مبادرات قبل قليل, لا أريد أن أسبق الأحداث نحن نتحدث عن الوضع السياسي الحالي لكن بحديثنا عن المبادرات, المبادرة الأخيرة التي من المفترض كانت أن تنهي الاختناق والانسداد السياسي ربما, لماذا البعض رأى أنه ليس من حق تيار الحكمة أن يطرح مبادرة على اعتبار لنقول: أصواته قليلة في الانتخابات, ولا يحق للخاسر أن يطرح مبادرة للحل.

    السيد الحكيم: هي لو المبادرة تتضمن دور لنا من حق الآخر أن يقول: أنتم ليس لديكم عدد كافي من المقاعد فأنتم بهذه المبادرة تحاولون أن..., لكن نحن إلى الأمام المبادرة ليس لها أي دور للحكمة, ثانياً: منذ أشهر ونحن نجاهر بشكل واضح وصريح ونؤكد ونذكر لن نشارك في الحكومة القادمة أياً كانت هذه الحكومة, فلا يوجد أي شبهة أننا نجر النار إلى قرصنا, فما الضير إذا كان الحكيم الذي هو له حضور في هذا البلد أياً كان مستوى حجمه ووضعه, لكن لو يأتي شخص من مكان آخر ويقدم لنا نصيحة ويقدم لنا عقار فيه علاج لمرض من أمراضنا, ما الضير إذا أخذناه إذا كان فيه علاجنا؟ الفكرة ليست حكر لأحد, ولا ضير أن تؤخذ من الأطراف وأعتقد الكثير من القوى السياسية الكريمة تنظر لنا باحترام كما نحن نحترم الجميع, ولا ينظرون لنا بعدد المقاعد, ينظرون بحجم التأثير, بالقاعدة الشعبية الواسعة, ينظرون إلى أصواتنا الكثيرة.

     

    المقدم: اصبحت مثار جدل عند البعض كيف نحن نقيم هذه الكتل السياسية على أساس حجمها السياسي وليس على أساس ما كسبته من أصوات خلال الانتخابات الالتفاف ربما على العمل الديمقراطي البعض هكذا يقول 

    السيد الحكيم: على كل حال من المعروف قوانين الانتخابات دائماً هي ليست عادلة, فضلاً أن يدخل فيها تزوير أو تلاعب أو تدخلات سيبرانية, فمن حصل على الفرص والمقاعد يُفضل أن يُقيم المشهد كله من خلال المقاعد, لكن الواقع الاجتماعي أوسع من المقاعد كما هو معروف, سواء حصلنا على المقاعد أو لم نحصل, وسواء الآخر أو لم يحصلها, حتى بعض الفائزين لو لم يحصلوا لكنا نقول: هؤلاء دورهم ومكانتهم أكبر من مقاعدهم.

     

    المقدم: السيد الحكيم تحدثت مع حضرتك تاريخياً بال1979 وبهذا العام وإياكم تحدثنا بعام 2009, الآن برز عندي سؤال أذهب إلى 2016 ترأست أكبر تحالف سياسي في حينها تحالف الوطني العراقي, هنا السؤال : كيف كانت تلك التجربة بالنسبة للسيد عمار الحكيم؟

    السيد الحكيم: ما كان يهمني أن أترك بصمة, أن أقدم شيء جديد ليس للتحالف الوطني وحده وإنما لكل التحالفات السياسية, يبقى نظامنا سياسي نظام برلماني, نظام كتل وتحالفات نيابية, فكلما كانت هذه التحالفات ممأسسة ومنظمة تتخذ قراراتها بشكل جماعي, وبآليات واضحة, وتستطيع أن تلبي هموم مناطقها, والمناطق التي تمثلها بشكل سليم, كلما شهدت العملية السياسية نوع من الاستقرار والاتزان, وجزء من الإخفاقات التي نعيشها جزء منها هو أن الأداء السياسي ليس بالمستوى المطلوب, لذلك ركزت على أن نحول التحالف الوطني إلى مؤسسة هذا كان شعاري, وعلى مدار سنة تصديت في خدمة إخواني في التحالف, أعتقد استطعنا أن نقدم صورة مختلفة في المؤسساتية, وفي العمل الجماعي, وفي الهيئات واللجان التي تشكلت, وكل هيئة ولجنة تقوم بدور معين, والقوى مختلفة يكون لها ممثلين فيها, تجربة وليدة بذلنا جهد كبير من أجل بنائها, وأصبحت نموذج يمكن أن يُحتذى بها, ويُقتدى به لبناء أي تحالف سياسي قوي, زعماء دول مهمة استقبلوا التحالف, وكان أمامنا قائمة طويلة من الدعوات أو استجابة لطلبات زيارات لدول, زرنا الكثير من المحافظات, عقدنا الكثير من المؤتمرات التي تخص المحافظين والحكومات المحلية مع الوزراء المختصين والأمانة العامة لمجلس الوزراء, وبث مباشر, وحاولنا أن نضع الأطراف المعنية بوجه بعض لمناقشة الأمور والخروج بقرارات, وبالفعل اتخذت الكثير من الخطوات التي خدمت الناس في تلك المرحلة, المهم كيف تقدم نموذج للعمل السياسي المحترف المتزن المؤسساتي بالرغم من تعدد المشارب واختلاف الأذواق والأحزاب؟

     

    المقدم: بصورة عامة هذا الحديث في 2016, بصورة عامة كيف تقيم التحالفات السياسية على الساحة العراقية؟ 

    السيد الحكيم: يعني يوجد تحالفات بُنيت على أساس التنسيق الحقيقي بعيداً عن ضغط اللحظة, الإطار التنسيقي تم تأسيسه سنة قبل الانتخابات بحضور كل الأطراف المعنية في هذه الساحة, في الساحة الجنوبية الشيعية, أولهم التيار الصدري, وكل القوى الأخرى الكريمة, ثم الإخوة في التيار الصدري قبيل الانتخابات حين حصلت لهم وجهة نظر في المشاركة في الانتخابات من عدمها, جمدوا حضورهم, بعد أن عادوا إلى الانتخابات لم يقدروا أن يعودوا إلى الإطار, وإلى هذه اللحظة أنا لا أعرف أنهم انسحبوا وإنما كانت الرؤية تجميد حضورهم في الإطار, فهو إطار ليس تحالف لكن إطار تنسيقي كما هو اسمه, قوى تنسق لأنها في منطقة واحدة بالتالي مصالح الناس في هذه المناطق تدفعها إلى نوع من التنسيق الأمور, التداخل الذي يحصل في عملها على الأرض على الجمهور وما شابه تحتاج إلى تنسيق معين, إلى غير ذلك من أمور وشؤون, هناك ائتلافات أو تحالفات شكل من وحي اللحظة, من وحي الضغوطات أو المتطلبات أو استحقاقات المرحلة, أحياناً لاحظوا مصلحة معينة تخدمهم في مثل هذا التقارب فتقاربوا, ليس بالضرورة أن يكونوا قد وحدوا موقفهم ورؤيتهم وحلوا كل مشاكلهم, وانطلقوا انطلاقة كبيرة, بقدر ما أرادوا أن يدفعوا ضرراً أو يجلبوا منفعة, أو يُحصنوا دورهم في معادلة سياسية معينة من خلال مثل هذه التحالفات, أو الائتلافات وما شابه.

     

    المقدم: لماذا ترى التحالفات أو مثلما سميتها ائتلافات, اليوم صارت كأنها فريقين متخاصمين, هذا ما كنت أقصد به ما هو الفرق بين التحالفات بين 2016 وإلى اليوم؟

    السيد الحكيم: يعني لا شك أن اليوم هناك تحالف سياسي يعمل على أن يكون هو محور ونواة لتشكيل الحكومة, وهذا حق للأطراف أن تتحالف مع بعضها, لأن الإشكالية في أن هذا التحالف لم يقدم برنامج واضح لإدارة الدولة, ولم يحدد أولويات واضحة له مجمع عليها بين قواها الثلاث الأساسية, ولم يحدد أسقف زمنية واضحة لتنفيذ مثلاً برنامج معين, ولم يقدم خطط واضحة, فما سمعناه وما سمعه المواطن العراقي حتى الآن هو ترشيحات لمواقع, وترشيحات مهمة لمواقع رئاسة الجمهورية, لموقع رئاسة الوزراْء, لكن الترشيحات قيمتها وتأثيرها وفاعليتها حين تكون ضمن رؤية واحدة, تضمن أن هذا التحالف يمكن أن يصمد ويستمر حين نصل إلى لحظة الحقيقة, وننتهي من شهر العسل التفاهمات وكذا, وتتشكل حكومة وتكون أمام استحقاقات, شهر العسل التحالفات طبعاً الشهر هو مصطلح لكن العسل يعني .. دائماً شهر العسل هو البداية, بعد انتهاء شهر العسل بين الزوجين تبدأ الحياة الزوجية الحقيقية وتبدأ تحديات الحياة وكيف سيتعاملون مع هذه التحديات. 

     

    المقدم: الخلاف والنزاع السياسي سيدنا من وجهة نظرك هذا عسل لعله كان طلاق ماذا سيكون التحالف السياسي؟

    السيد الحكيم: أنا أتكلم عن التحالف الثلاثي الكريم الذي تربطنا معهم علاقة عميقة, كلهم أصدقاء وإخوة, لكن هو كتحالف ثلاثي لا زال يعيش حالة الاهتمام بتشكيل حكومة, حتى الآن لم يشكلها بعد, فهم متقاربين, ولكن لم يخوضوا معركة مشتركة, أو لم يخوضوا تحدي مشترك حقيقي في إدارة الدولة وفي إدارة توقعات الناس, وحسب استعراض المواقف الكريمة لكل من الأطراف الثلاثة ورؤاهم في قضاياهم الوطنية, وفي القضايا المناطقية السابقة تبدو هناك فوارق واختلافات في اجتهاداتهم وآرائهم في بعض القضايا الحساسة والمحورية, الكلام الآن حين أصبحوا مع بعض, إذا ما نجحوا في تشكيل الحكومة بهذا التحالف كيف سيتعاطوا مع تلك القضايا البنيوية؟ كيف سيواجهوا التحديات المصيرية إذا كانت اجتهاداتهم مختلفة؟ لذلك أقول: تارة يقول: (لا, نحن جلسنا ووحدنا رؤيتنا وانتهينا من الاختلافات الجوهرية في القضايا البنيوية والأساسية وأصبح لنا رأي واحد في هذه القضايا كذا أولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً) هذا ما عبرت عنه في البرنامج, لو يقدموه ويقولوا: (نحن تحالف ثلاثي هذا برنامجنا لإدارة الحكومة, هذه أولوياتنا, هذه توقيتاتنا, لو شكلنا حكومة سنقوم بهذه الخطوات) أهلاً وسهلاً, والحمد الله هذا تطور جداً ملفت وكبير ومهم, لكن إذا كان لم يأخذوا وقتهم الكافي في النقاش في هذه القضايا الخلافية, وما وحدهم الآن كيف يصلوا إلى الحكومة وكيف يمرروا مرشحين محددين, ستظهر المشاكل في أول تحدي نواجهه بعد الحكومة, تعرفون مثلاً قضية الموازنة من القضايا التي فيها تعدد من الاجتهادات من القضايا المحورية وأساسية, أي حكومة الآن تتشكل في اليوم الثاني أول قضية عليها أن تهتم بها  بعد ضياع عدة أشهر من السنة هو أن مجلس الوزراء القادم أول مسؤولية له يجب أن يحدد ملامح الموازنة ويقدم موازنة لمجلس النواب, هذا مجلس الوزراء إذا كان من التحالف الثلاثي الكريم, كيف سيتعاطى من قضايا القوى الثلاثة لم تكن موحدة في رؤيتها سابقاً اتجاه فقرات محورية وأساسية في الموازنة, ثم إذا انتقل لمجلس النواب نوابهم وكتلهم أمام الشعب العراقي كيف سيتعاطى وكل منهم له موقف وله استدلاله الخاص وله منطقه الخاص في الرفض أو القبول, الآن ماذا سيقولون للناس حين يُطلب منهم موقف معين؟ وأي منهم سيتنازل للآخر ويمضي على رغبة الآخر أو قراءة الآخر؟ هذا ما أقوله, هذا وصف للواقع ليس انتقاد أوجهه لأحد منهم, أقول: تحالف ثلاثي بوجهة نظر مختلفة, وبرؤية مختلفة, وباجتهادات مختلفة حينما يتوحده في تحالف هنا عليهم أن يوحدوا رؤيتهم في بناء الدولة هو التحالف لإدارة الدولة, لتشكيل الحكومة. 

     

    المقدم: التفاهمات سيدنا ما المفترض أن تكون قبل أي تحالف؟

    السيد عمار الحكيم: يُفترض أن التحالف يكون وليد التفاهمات, هل حصلت هذه التفاهمات؟ من حق الشعب العراقي أن يتعرف هذه القضية ليست شخصية, هذه قضية رأي عام, هؤلاء يريدون أن يديروا حكومة للشعب العراقي, فالشعب العراقي من حقه أن يعرف من يديره, ما هي أولوياته؟ كيف سيتعاطى مع هذه الملفات؟

     

    المقدم: حضرتك ذكرت وقلت: أن هناك أوقات أو ضرورات للاشتراك لمثل هذه التحالفات, لماذا لا يقال: التحالف الثلاثي ضرورات العملية السياسية دفعت إلى أن يشكل هذا التحالف قبل أن يتفاهم أصلاً؟

    السيد الحكيم: مقبول, الضرورة دعته, والآن عندما صارت ضرورة تحالفوا, فالآن هو أول استحقاق أن يقال: ما دام الضرورة دعتكم إلى هذا التحالف الآن بعد التحالف تفاهموا على رؤية معينة, وحددوا لنا الخلافات البنيوية بين الأطراف الثلاثة الكريمة في مراحل سابقة التي عبروا عن آرائهم, الآن في هذه الأمور ما هو الرأي الذي سيعتمدوه , وما هو الموقف الذي سيعتمدون عليه حتى الناس تعرف أنه هذا التحالف له هذا البرنامج, ليؤيد من يؤيد ويختلف من يختلف حسب المواقف, الآن الشعب العراقي لا يعلم النخب السياسي لا تعلم ما هو البرنامج الذي سيدير التحالف الثلاثي العراق على أساسه.

     

    المقدم: هل الاشكال انه غير متوحدين وما منسجمين بالرؤى ام نفس خطاباتك السابقة الذي هو البيت الشيعي سيكون الجزء الاقل داخل هذا التحالف

    السيد الحكيم: هناك عدة إشكاليات أول إشكال: لأي تحالف يريد أن يشكل حكومة مستقرة عليه أن يكون هو متفاهم ومتصالح مع مع نفسه حتى لا ينهار, ونعرف أن ال18 سنة الماضية عندنا الكثير من التجارب, تحالفات واسعة, وقوية, بدأت لأول وهلة وتكسرت بمرور الأيام, وما استطاعت أن تواصل مشوارها لاختلافات حادة في الآراء وفي المواقف الحساسة والبنيوية, هذه إشكالية تخص البناء الداخلي للتحالف وصموده أمام التحديات, يوجد إشكال ثاني يرتبط بالتوازن: التوازن شرط أساس في نجاح أي شيء في الحياة ليس فقط في العملية السياسية, لذلك المعادلة السياسية الثابتة في كل مكان في العالم لا توازن يساوي لا استقرار, فهنا أيضاً نحتاج إلى معادلة متوازنة, عندنا واقع مجتمعي, ومكونات مجتمعية, أنا هنا لا أتحدث عن أبعاد مذهبية أو إثنية شيعة وسنة وكرد لكن أتحدث عن أحجام اجتماعية, مكونات لها واقع اجتماعي في هذا البلد, هذه المكونات لها أحجامها, ولها ظروفها, فنشكل حكومة أغلبية ومكون ما يتحول من أكثرية إلى أقلية في حكومة الأغلبية هذا يصبح اختلال في التوازن, لذلك علينا في الوقت الذي نذهب إلى تحالفات عابرة للمكونات, ونحن من روادها ومن دعاتها من 2016 وإلى اليوم ودوماً بشرنا بهذا الأمر ونعتقد أن حكومة الأغلبية الوطنية مخرج مهم لمشاكل البلد والتوافقيات وحكومات الشراكة والوحدة الوطنية يعني أدت ما عليها في ظروف صعبة في البلاد لكن اليوم نحتاج إلى شيء جديد, حكومة الأغلبية الوطنية ضرورة في رأيي الشخصي, لكن أي حكومة أغلبية أضيف لها صفة أخرى قيل: حكومة أغلبية وطنية متوازنة, حكومة أغلبية وطنية بلا توازن سيعني أن لا استقرار.

     

    المقدم: هذه الاشكالية التي طرحتها ليس انتم ما تخشونها بل الخشية لهم وهم من سيتحمل تبعاتها ، النقطة الثانية لو جاية بيدك كسيد عمار الحكيم في التحالف الطولي ولو ثنيت لك الوسادة مع السنة والاكراد ما كنت مضيت بمشروع الاغلبية او التحالف الطولي

    السيد الحكيم: تعرفون نحن جربنا هذا الأمر, نحن مع سماحة السيد الصدر, مع الأخ الدكتور العبادي قائمة النصر في 2018 شكلنا تحالف الإصلاح, والإخوة الكرام الآخرين شكلوا تحالف البناء, وكانت نفس الفكرة, لكن كانت أسسها وهندستها على أساس التوازن, تفاهمنا مع الإخوة في البناء, وتحدثنا بشكل واضح, هم اصطفوا مع طيف سني وكردي, فاتحوا أطراف ونحن فاتحنا أطراف, وجزء مهم من المكون السني الكريم كان معنا نحن والسيد الصدر والدكتور العبادي, وجزء مهم من السنة كان مع الإخوان في تحالف البناء, وكان تحالفين متوازنين, المكون الاجتماعي الأكبر كان محور في هذا التحالف من حيث العدد, ومحور أساسي أيضاً في التحالف الآخر, فحق المكون الأكبر محفوظ, حقوق المكونات الأخرى محفوظة, أي منهما كان يدير البلاد يكون توازنات المكونات محفوظة فيه, والآخر الذي يذهب إلى المعارضة لكان توازنات المكونات محفوظة فيه, المكونات وأوزانها الاجتماعية في كلا التحالفين محفوظة , الشيء الذي حصل الآن ونحن قلناها سلفاً وذكرنا للإخوة المتحالفين قلنا: لو كان الكتلة الصدرية الفائز الأول في الساحة الجنوبية, الإخوة في تقدم السيد الحلبوسي الفائز الأول في الساحة الغربية الكريمة, السيد البارزاني الإخوة في الحزب الديمقراطي الفائز الأول في الساحة الكردية, الفائزين الثلاث لو شكلوا والأطراف الأخرى شكلوا الجانب الآخر وصاروا فريقين, أما ما هو حاصل اليوم ليس كذلك تحالف السيادة هو جمع بين تقدم والمساحة الأكبر من عزم الفائزة, وحتى في الساحة الكردية كما تعرفون المشكلة مع الإخوة في الاتحاد الوطني ليس في مشاركتهم بالحكومة, المشكلة في مسألة رئاسة الجمهورية, الإخوة في الحزب الديمقراطية والإخوة في الاتحاد كلٌ منهم يرى أن من حقه أن يتصدى لهذا الموقع, فالإشكالية بين الحزبين الكريمين على من يرشح رئيس الجمهورية, ليس على أساس المشاركة, اسأل اليوم الإخوة في الديمقراطية: (هل تمانعون مشاركة الاتحاد في الحكومة إذا أنتم اصبحت لكم رئاسة الجمهورية وهم يأخذون وزارة؟) ليس فقط لا يمانعون بل هناك عروض قُدمت للاتحاد بهذا الاتجاه, والاتحاد تسأله: (لو أعطوكم رئاسة الجمهورية والإخوة أخذوا فرصة أخرى عندكم مشكلة؟) أبداً لا توجد عندهم مشكلة, فالمسألة ذات طابع اختلافي ما  يخص موقع من المواقع الأساسية في البلاد رئاسة الجمهورية تكون لهذا الحزب أو ذاك, لكن ليس على أصل المشاركة, فالحزبين لا يوجد ممانعة من مشاركتهم في الحكومة بل دعوة ورغبة في المشاركة. 

     

    المقدم: بعض المعلومات تقول: أنك التقيت مع السيد مقتدى الصدر خلال الأيام القليلة الماضية, اللقاء كان سري غير علني, بالتالي كم مرة التقيت مع السيد الصدر من يوم الانتخابات إلى اليوم وماذا دار في آخر اجتماع؟ 

    السيد الحكيم: أولا إذا تزعم أنه سري فكيف سأقول أني التقيت, لم ألتقي بسماحته مؤخراً, وإذا ما يحصل لقاء مع سماحته وهناك كانت رغبة أن يبقى بعيد عن الأضواء أيضاً لا أبوح بمثل هذا الأمر, وأنا ممن ألتزم بالاتفاقات, لكن لم يحصل لقاء بالفترة الأخيرة مع سماحته, لدينا تواصل مع الإخوة في التيار الصدري, فريقنا مع فريقهم متواصل, وعلاقتنا مع كل الأطراف قائمة واتصالاتنا قائمة, وأعتقد لأننا لا نريد أن نشارك في الحكومة والجميع يعرف أننا لا نريد أن نجر النار إلى قرصنا, وأي حلول نقدمها وأي مبادرة نقوم بها وأي مقترح نقدمه ليس الغرض منه أن نحصل على شيء بقدر ما أن نلملم الأوضاع بالشكل الذي يضمن مصالح الجميع, والأهم أن الشعب ليس معني كثيراً باختلافات السياسيين, من يكون ومن لم يكن ومن صعد ومن نزل الشعب يريد خدمات, يريد حكومة ناجحة تخدمه, يريد موازنة تُطلق وتستثمر الوفرة المالية الناتجة من ارتفاع أسعار النفط أن تُستثمر في الواقع العراقي وتنشط الاقتصاد, فبالتالي الشعب يريد حكومة تتشكل بسرعة أولاً ويريدها حكومة ناجحة ومستقرة بلا مشاكل حتى هو يستفيد, لذلك كل الحلول التي نقدمها هو إلى الوصول لما يرغب به الشعب, كيف نبني حكومة مستقرة متوازنة قادرة على أن تلبي احتياجات الناس بدل أن تنشغل بالصراعات.

     

    المقدم: سماحة السيد ذكرت أنه لا يوجد لقاء سري ما بينك وبين السيد مقتدى الصدر, لماذا لا توجد لقاءات من المفترض أن السيد الحكيم وصلة القرابة تجمعكم, عمامة رسول الله وكثير من المشتركات كان من المفترض أن تحتم على السيد الحكيم أن يلعب دور الوسيط ما بين الإطار وبين التيار؟ 

    السيد الحكيم: يعني لا شك هناك بعض الحساسيات بين أطراف مختلفة في الساحة, ولعله برزت الحساسيات في ضمن المكون الاجتماعي الأكبر فغطت على حساسيات لدى مكونات أخرى, لو تهدأ الأوضاع هنا ممكن أن تبرز وتظهر بعض الأشياء الكامنة في أمكان أخرى, هذا شيء جزء منه طبيعي, ما هو غير طبيعي أن يؤثر على مسار العملية السياسية, وإلا التنافس ووجهات النظر والاختلافات النسبية هذه موجودة في كل البلدان بين القوى السياسية, بوجود مشارب مختلفة تتحرك على الأرض, وتتضارب بعض المصالح تحصل هذه الأمور, لا أعتقد أنها مقلقة إذا ما أحسنا إدارتها بشكل صحيح, لكن في هذه اللحظة كما أشرت من ناحية نحن نفتقد إلى برنامج واضح للأطراف والقوى المتصدية ليتبين على ماذا اتفقوا وكيف سيديرون البلاد؟ وهذه قضية ليست قضية داخلية تخصهم وحدهم, إذا اتفقوا على رؤية محددة بإمكانهم أن يُنجحوا حكومة وأداء حكومي مميز ينعكس على الناس إيجاباً, إذا اشتبكوا فيما بينهم واختلفوا في منتصف الطريق, وصارت عندنا في ظروف سابقة, داخل الحكومة شركاء الحكومة غير متوافقين, ويطلقون رسائل مختلفة, فيؤدي إلى تعطيل مصالح الناس, إلى التباس الأمور لدى المراقبين الإقليمين والدوليين.

     

    المقدم: طال الخلاف بين السيد الصدر والسيد المالكي

    السيد الحكيم: سماحة السيد الصدر إتصل بالأخ المالكي, وحصل اجتماع للإطار مع سماحة السيد الصدر واجتمعوا مع بعض وتكلموا مع بعض, الخلافات ليس فيها بعد شخصي كما هو خلاف بين مواطنين اثنين فيما بينهم, كل منهم يدرك حجم مسؤوليته السياسية وتصدياته, والسيد الصدر أيضاً في مرحلة ما قال: (ليس لدي فيتو على أي من قوى الإطار) لكن هو لا يفضل أن يمضي مع كل القوى الراغبة, يرغب مع بعضها دون البعض, ونحن مع ما قلناه أنه إذا كان المبنى على السعة في التعاطي مع الراغبين للمشاركة من المكونات الكريمة الأخرى كردياً كل من راغب أهلاً به, وسنياً كل من راغب أهلاً به, ليكن شيعياً كل من هو راغب أهلاً به,

     

    المقدم: هذه الحساسية فهم البعض أنه هي قضية إقصاء جزء كبير من المكون الشيعي

    السيد الحكيم: هذا هو الكلام إما المبنى في السعة كل الراغبين أهلاً وسهلاً فليكن في ساحة المكون الأكبر كل الراغبين أهلاً وسهلاً, وعملياً ربع أعضاء مجلس النواب هم غير راغبين, مساحة كبيرة منهم في المكون الأكبر, ومساحة أخرى في المكونات الأخرى, لذلك هي أغلبية إذا ربع غير موجودين حكومة بثلاثة أرباع هي أغلبية, لكن أغلبية بها نوع من السعة, وإما أن يُقال: هو نحن نريد أن نجعلها أغلبية مقننة فلتكن مقننة في كل الساحات, أما السعة في مكونات اجتماعية ونوع من أنواع المحدودية في المكون الأكبر يعطي إشارات خاطئة, مع الأسف غير هذا المسار والتوازن تلك التصريحات المواقف والنرفزة وبعض الأدوات الإعلامية هنا وهناك, وطريقة تعاطيها توحي أن هناك تحالف جاء ليكسر الآخرين, جاء ليبعد الآخرين, بعض الاتهامات المتبادلة أحياناً بالتبعية, كل القوى السياسية العراقية لها علاقات مهمة مع قادة في المنطقة وفي العالم, تستقبل وتلتقي وتزور وتتشاور وإلى آخره, فإما أن نعتبر كل قيادي عراقي يلتقي بشخصية غير عراقية فهو تبعية له حاشاهم, وهذا أمر غير صحيح, ونحن لسنا جزيرة في محيط, نحن جزء من بيئة إقليمية ودولية كبيرة, والعراق يتفاعل وينفعل ويتأثر ويؤثر, ليس فقط مفردة التبعية, لكن ما سواها من الإتهام المستمر كأن هناك طرف خاضع للإرادة الخارجية, وأطراف وطنية غير خاضعة, فيما أن ما يستدل به على التبعية إن كان لقاءات أو زيارات من زار العراق من الجمهورية الإسلامية بدءاً من الجنرال قاءاني فهو زار الجميع واستقبله الجميع, فلما يكون لقائه بالبعض له مفهوم, ولقائه ببعض الآخر ليس بذات المفهوم, وإن كان زيارة نعرف ان قادة عراقيين من مختلف المشارب زاروا دول جوار عديدة عربية وإسلامية, وكلها نضر لها نظرة احترام واهتمام وبإيجابية, فقصدي هنا عندما يصبح تمييز في سلوك معين نفس السلوك يفسر للبعض بطريقة, ويفسر للبعض الآخر بطريقة أخرى 

     

    المقدم: هل توجد اعتراضات على الشروط التي وضعها السيد الصدر لدخول الإطار في تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية, البعض ربما يأخذ على سماحة السيد الحكيم بشكل خاص باعتباره رفع شعار الدولة, وأعتقد عنده خلاف على حصر السلاح بيد الدولة ومحاسبة الفاسدين بعد 2003 ؟

    السيد الحكيم: بالحقيقة لم يكن أحد من الإطار للإنصاف, مختلف مع هذه الأمور, كل هذه النقاط الأثني عشر التي قدمت للإطار نوقشت ومن حيث المبدأ كانت مقبولة, كان هناك بعض المناقشات تخص التوقيتات, وتخص بعض السياقات الإجرائية, وبعضها شؤون حكومة, ورئيس الوزراء ومسؤليته أن يقوم بهذا الأمر, مثلاً ملاحقة الفاسدين, وتقديمهم للعدالة لا أحد يختلف في ذلك, السؤال: من الذي يشخص الفاسد من غيره؟ ومن الذي يحدد الفاسدين؟ الإطار كان يعتقد أن هناك هيئة نزاهة, أما أن نبقى على الإشاعات والأقاويل وأحياناً التوظيف السياسي يلعب دوره ، هذا صاحبي سليم وصاحب الآخر فاسد, والآخر يرى صاحبه سليم وصاحب الآخر فاسد, فندخل في منازعات ومناكفات واتهامات وتسييس لملف الفساد, الإشكاليات التي قدمت ليس إشكاليات لكن ملاحظات لتطوير الفكرة, جزء منها كانت ترتبط بالتوقيتات, وجزء منها يرتبط بآليات التنفيذ وليس بأصل المبدأ, كذلك الإطار وجد ان هناك مفاهيم أخرى مهمة مكملة للنقاط الأثني عشر, وأرسل السبعة عشر نقطة تكمل تلك لتكون بمجموعها تمثل الخطوات المطلوبة لبناء الدولة مثلاً, فلا يوجد إشكالية من هذا النوع في المفاهيم الصحيحة وفي الخطوات الصحيحة وفي إجراءات بناء الدولة, والإخوة في التحالف الثلاثي إشكالياتهم بشكل أكبر فيما يخص الفريق, وكانت مقبولة من الإطار مع ذلك لم تكن كافية لأن يمضي الطرفان مع بعض, واحدة من الإشكاليات الدستورية التي نواجهها مسألة الكتلة الأكبر الأكثر عدداً التي ينص عليها الدستور, الإطار مصر على تشكيل هذه الكتلة من المكون الاجتماعي الأكبر حتى تكون فرصة جدية لململة الأوضاع, ولاحظنا في حكومة السيد عادل حينما ذهبنا نحن والسيد الصدر والدكتور العبادي في تحالف الإصلاح, والإخوة في تحالف البناء, وتجنبنا حسم الكتلة الأكبر, لأنه نحن كنا الكتلة الأكبر حسب المقاعد النيابية الفائزة, والإخوة في البناء كانوا يعتقدون هم الأكثر بحسب عدد النواب الفعليين بعد تحولات حصلت من هنا وهناك, فأردنا أن نتجنب هذه القضية تبانينا أن نحن معاً نرشح شخصاً واحداً, وبالتالي أين تكن الكتلة الأكبر هذه أو تلك هي رشحت السيد عادل عبد المهدي, ولكن فوجئنا بعد ذلك في أن كل طرف أصبح يحمل الآخر مسؤولية الحكومة وتبعاتها, وحين استقال دولة السيد عادل عبد المهدي أيضاً حصلت مشكلة من الذي يرشح البديل؟ من هو الكتلة الأكبر, ودخلنا في إشكاليات لها أول ليس لها آخر, وترشيحات, واتهامات لرئاسة الجمهورية بتكليف  فلان, لا نريد أن نشتر الإشكاليات ونعيد تكرارها من جديد, لذلك تحديد الكتلة النيابية الأكثر عدداً, ولتكن من الطرفين الإطار والكتلة الصدرية بوصفهما الممثلين للمكون الاجتماعي الأكبر في هذه اللحظة, مع تأكيد لا يوجد أحد منا يمثل مكون اجتماعي, المكون الاجتماعي أكبر منا جميعاً, ولكن هذه انتخابات وهذه إفرازاتها, هؤلاء فازوا فيمثلون هذا المكون أو ذاك, في مرحلة قادمة غيرهم يفوزون وأولئك يمثلون. 

     

    المقدم: هذا ما أريد أن اسألك عنه سماحة السيد الحكيم: تفسير الكتلة الأكبر المادة 76 من النظام الدستوري, كلٌ يفسر على هواه فيما يخص الكتلة الأكبر من وجهة نظرك الكتلة الأكبر هل يجب أن تكون شيعية فيما يتحدث البعض؟ طبعاً هذا لم يتحدث عنه الدستور, أم الكتلة الأكثر عددا داخل مجلس النواب؟ السؤال بشكل آخر: من هي الكتلة الأكبر؟ 

    السيد الحكيم: أولاً: لا يوجد في الدستور أي إشارة لواقع المكونات في تشكيل الكتلة الأكبر, والكتلة الأكبر يمكن أن تكون من المكون الاجتماعي الأكبر ويمكن أن تكون من قوى من مختلف المكونات الكريمة هذا ممكن, ولكن هناك قاعدة فلسفية تقول: (الالتزام بالشيء التزام بلوازمه) بمعنى إذا قبلنا أنه انتهت قصة تمثيل المكونات الاجتماعية وشراكتها في العملية السياسية والقصة كلها نصف زائد واحد, من يجلب نصف زائد واحد؟ هو الكتلة الأكبر, أهلاً وسهلاً الكتلة الأكبر الآن من مكونات ثلاث تتشكل, لكن غداً إذا المكون الاجتماعي الأكبر انحلت الخلافات فيما بينه وهو بمفرده يمتلك نصف زائد واحد, وأراد أن يشكل حكومة ويأخذ رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان وهو يضع 18 وزارة, هو الأكبر, فهنا لا يوجد عتاب أن يقال: (مكونات, شراكة) إما مكونات.. فالمكون الأكبر أجدر أن يؤخذ بنظر الاعتبار ويحفظ حقه ومكانته وحجمه ودوره ونفوذه وتأثيره في المشهد السياسي.

     

    المقدم: العنوان واضح وصريح العنوان يقول الكتلة الاكبر وليس المكون الاكبرمثلما تحدث حضرتك

    السيد الحكيم: أقول عندنا شيئين يجب أن نفصل بينهما, شيء اسمه دستور وهو لم يحدد أي رقم يرتبط بالمكونات وأعدادها, نصف زائد واحد هذا هو, وهناك شيء آخر اسمه العرف السياسي, العرف السياسي منذ 2004 من الحكومة الانتقالية اقتضى في العراق أن تشترك المكونات الاجتماعية كلها في إدارة البلاد, 

     

    المقدم:عذرا عن المقاطعة وهذه جدا مهمة النقطة العرف السياسي هل موجود في الدستور العراقي 

    السيد الحكيم: في بعض الدول ليس فيها دساتير، فيها أعراف, بريطانيا ليس لديها دستور لهذه اللحظة،العرف السياسي هو الذي نظم الحياة السياسية في البلاد، في الكثير من البلدان ما يتعارف عليه السياسيون ويتقبله الناس يُصبح هو بمصاف الدستور في الأهمية والقيمة, فهنا نقول: إما أن هذا العرف مفيد وأعتقد هو ضامن للمكونات الأخرى بشكل أكبر من المكون الإجتماعي الأكبر, فالمكون الإجتماعي الأكبر هو أكبر وهو حاضر ويدافع عن نفسه وعن مكانته وعن وضعه بحكم سعته, الضامن لحقوق المكونات الأخرى هو هذا العرف السياسي, إذا انكسر هذا العرف ستكون هذه المكونات أكبر المتضررين, وتعرفون جيداً يحيطنا دول عديدة, وفيها ديمقراطيات وفيها انتخابات, وفي تلك الدول هناك مكون أكبر وهناك مكونات أخرى, ولكن في الحكومات لا تجد وزير واحد من المكونات الأخرى, ومن الرئاسات الثلاث لا تجد شخص واحد ممثل للمكونات الأخرى أحياناً, والمنطق يقول: المكون الأكبر هو يدير البلاد وهو يرعى مصالح الجميع, أمثل لكم في أوربا وفي أمريكا لا أريد أن أضع يدي على أي دولة من دول الجوار وغداً قد تحصل حساسية معينة, هذه أمريكا 350 مليون نسمة مهد الديمقراطية, فيها عشرات ملايين المسلمين, لكن هل سمعتم في يوم من الأيام وزير واحد من الوزراء مسلم مثلاً بخلفية إسلامية؟ لم يحصل ذلك, أقصاها الرئيس يُكلف شخص من خلفية إسلامية بملف ما بحقوق الإنسان, الكونغرس الأمريكي من 555 عضو في الكونغرس 4 أو 5 من أصول إسلاميه ونحن فرحين, المكون الاجتماعي الأكبر هناك هو يحكم البلاد ويرعى مصالح الجميع.

     

    المقدم: بعد هذا الحديث سيدنا العزيز خلاصة هذا الحديث ،هذا عناد سياسي اتحدث عن الازمة اليوم بصراحة وانت صريح   في الاجراءات الى اي مدى ترى انه ما يحصل اليوم من انسداد وتقاطعات والى اخره تسمى بالعناد السياسي

    السيد الحكيم: دعونا عن التسميات تجربتي المتواضعة في التعاطي مع المشهد السياسي العراقي في لحظة الأزمة وتصلب الأطراف بآرائها من الصعب الخروج برأي خلاف ما يتبناه كل الأطراف، لذلك دعوت في تغريدة سابقة قبل أيام، دعوت إلى أن نضع هذا الموضوع جانباً، ولنجلس على قضية تهم الجميع، ما هو برنامجنا لإدارة الدولة؟ ما هي أولوياتنا؟ ما هي خططنا؟ ما هي معايير رئيس الوزراء والوزراء الذين نريد اختيارهم لإدارة الدولة؟ هذا يحكم وذاك يحكم أو الاثنان يحكمون مع بعض في كل الأحوال نحتاج لهذا الموضوع، لكن قليلاً لنوقف تلك المسألة التي كنا مختلفين فيها، لنتفق أو نناقش على طاولة حوار ونجمد الاختلافات، تغريدة سماحة السيد الصدر أعطى فسحة ل9 من شوال هذه فرصة جيدة 40 يوم وفي أجواء شهر رمضان، أنا شخصياً كنت أتوقع من سماحته أن يخطو خطوة لحلحلة الأوضاع للذهاب إلى خيار جديد، وهو أيضاً من الخيارات الجيدة التي تخفف تصلب الأطراف، ولعله توجد إمكانية للوصول إلى مخرج مقنع للجميع، أنا شخصياً لا زلت أعتقد ولله أقول ذلك ولمصلحة شعبنا وليس لي أي ناقة أو جمل في هذه القضية: أن الذهاب بثلاثة أرباع قبال ربع هي حكومة أغلبية واضحة لكنها واسعة شيئاً ما، يمكن تمثل حل في هذه المرحلة، فمن حكومات توافقية والكل يشارك وسفينة نوح الكل يشارك والكل يعارض إلى ثلاثة أرباع بربع لايشارك ونحن منهم بل أولهم وهناك ثلاثين شخصية مستقلة من النواب أعلنوا بشكل واضح لايرغبون بالمشاركة، في الساحة الكردية الكريمة هناك قوى أيضاً غير الحزبين الكبيرين أعلنت ببيانات رسمية أنها لا تريد أن تشارك، لذلك هؤلاء بمجموعهم إذا أحصيتهم يشكلون الربع، فثلاثة أرباع بربع خطوة إذا نجحت وعرفنا ما هي مشاكلها وعالجناها نذهب للخطوة الثانية ثلثين بثلث، الدورة التي بعدها نصف زائد ونصف ناقص بإقتضاءات النظام الديمقراطي، مثلما التوافقية أخذنا 5 دورات فالإنتقال إلى الديمقراطية بثلاثة دورات تتحمل المسألة تدريجياً والانتقال السلس إلى الطريقة الجديدة في إدارة البلاد، أنا أعتقد هذه هي الخطوة المتوازنة التي يمكن أن تحفظ للبلد استقراره، وتحقق للقوى السياسي اطمئنانها، ولاسيما كما ذكرت في ظل سلسلة من الاتهامات بالتبعية مثلاً، بتحميل طرف معين كامل المسؤولية عن كل ما جرى خلال 18 سنة الماضية، فيما أن جميع القوى الكبيرة كلها كانت مشاركة في كل الحكومات بدون استثناء وتتحمل قسطها من المسؤولية كما غيرها، لذلك نحتاج تنقية الأجواء، وتعزيز الثقة، ومحبة، والمقترح يبدأ من هنا إذا كنا في شهر رمضان نبدأ بحوارات لا تخص المشاركين في الحكومة، بل تخص البرنامج الحكومي، وهؤلاء المشاركين ماذا يريدون أن يفعلوا؟ وما هي أولوياتهم لشعبهم؟ 

     

    المقدم: سماحة السيد هل هذه قراءة من زاوية أخرى 

     غير فحوى التغريدة التي اطلقها السيد الصدر الذي قال امهل الثلث المعطل من 1 رمضان الى 9 شوال بالتالي هذا الثلث المعطل هل 40 يوم حتى يتفاوض مع الكتل ويشكل حكومة السؤال هل ستذهبون لتشكيل حكومة وتتركون السيد الصدر وحده 

    السيد الحكيم: السيد الصدر هو أيضاً جزء من الإطار دخلنا سويةً، يعني نحن لا زلنا في الإطار لحماية التوازن في المشهد السياسي، وحماية الكتلة الأكبر التي نعتقدها بحسب العرف السياسي الحاصل هي من حق المكون الأكبر وهذا هو المدخل لتحقيق الاستقرار، والكل يعرف أني لا أتحدث بدوافع مذهبية أو ما شابه, لكن هذه قضايا واقعية ومكونات اجتماعية وبهذه الطريقة نستطيع أن نحقق الاستقرار في بلادنا, هذا ليست مزحة ولا شعارات.

     

    المقدم: الذهاب لتشكيل الحكومة بدون السيد مقتدى الصدر؟ هل تعتقدون أن الإطار التنسيقي يخطو هذه الخطوة؟

    السيد الحكيم: الإطار هو يتحدث عن نفسه ببيانات رسمية أنا لا أتحدث عن الإطار، ولكن شخصياً قناعتي أن حكومة يغيب عنها الإطار لا يمكن أن تحقق استقرار, وحكومة يغيب عنها التيار الصدري لا يمكن أن تحقق استقرار, في هذه الظروف وفي ظل اختلال التوازنات الكبيرة الحاصلة في الانتخابات، سماحته طبعاً له وجهة نظر ومعتقد بهذه الخطوة، ولذلك مضى فيها وبالتالي يريد أن يقول: (أنا مصر على أغلبية من هذا النوع إن كانت لي أو كانت لكم) هكذا سماحته وجهة نظره، وهي وجهة نظر مقدرة ومحترمة، لكن أعتقد الواقعيات في الساحة، الظروف والتعقيدات القائمة في الساحة هي تشجع على أنه مادام  المشاركة واسعة للراغبين بها في الساحات الأخرى فلتكن كذلك في ساحة المكون الأكبر.

     

    المقدم: نستطيع أن نقول الإطار التنسيقي صعب أن يشكل الحكومة بدون التيار الصدري؟ 

    السيد الحكيم: كما ذكرت أنا لا أتحدث باسم الإطار، الإطار هو يجتمع ويقرر ماذا يقول، ولكن أنا شخصياً هذه وجهة نظري وسأنصح بها إخوتي في الإطار، سيعقد الاجتماع لهذا الغرض وسأتحدث، أنا أعتقد نحن يجب أن يبقي الإخوة في الإطار الراغبين بالمشاركة، يبقوا جسور المحبة والمودة والرغبة والدعوة للسيد الصدر للمشاركة في الحكومة القادمة، وهذا هو الذي يضمن الاستقرار، فكما أن غيابهم لا يضمن الاستقرار غياب الكتلة الصدرية وما يترتب عليه من مظاهرات واحتجاجات وتعطيل أيضاً لا يمكن أن يحقق استقرار.

     

    المقدم: بالتالي إذا أردنا أن نفرض على التغريدة 40 يوم سيبقى البلد على ما هو عليه, بالتالي 

    6 اشهر مضت وهذا شهر يضاف 7 اشهر والثلث الضامن كما تسمونه ووالثلث المعطل كما يسميه السيد الصدر موجود فلا يمكن المضي نحو انتخاب رئيس جمهورية وتكليف رئيس وزراء الا بالتوافق بالتالي متى سيحصل هذا التوافق 

    السيد الحكيم: لاحظوا لماذا ثلث ضامن و معطل هذا مهم، حين يتحدث الدستور ويقول في عدد من الأمور التصويت بالأغلبية المطلقة نصف زائد، ولكن في أمور معينة التصويت يكون بالثلثين، لماذا يرفع سقف التصويت؟ هذا يعني أنها قضايا حساسة، ويريد الدستور أن يعطي فرصة لمشاركة أوسع لأبناء شعبنا ومن يمثلهم في صناعة هذه القرارات، نفس المادة الدستورية التي تقول هذه بالثلثين يعني أنها أعطت فرصة لمن يمتلك الثلث أن يضمن حقه، وأن يغيب، والغياب نوعين: غياب تقصير، وهو غياب يجب أن يُحاسب عليه ويطرد من مجلس النواب، ويوجد غياب حقٌ يمارسه النائب بتمثيله لشعبه أن لا يضيع حقه، فلذلك أقول: ثلث ضامن، عندما يقول الدستور: ثلثين يجب أن يصوت بمعنى أعطى حق للآخر ، أن إذا كنت غير مقتنع اخرج، من حقك أن تخرج حتى لا يكتمل الثلثين وحقك لا يضيع، فهو حق ضامن للديمقراطية، وبالحقيقة كما تعرفون يوم ما تم صياغة الدستور كانت الفكرة أن المكون الأكبر وحده يمتلك نصف زائد فبإمكانه أن يمضي ويترك المكونات الأخرى خلف ظهره، لذا وضعت هذه الفقرة لضمان حقوق المكونات الأخرى، الإخوة السنة والإخوة الكرد كل طرف من الأطراف إذا كان غير مقتنع بإمكانه أن يعطل الأمور بمعنى أن يضمن حقه ويضمن الديمقراطية والتعدد في الآراء والمشارب في هذا الموضوع، لذلك كما هو حق ضامن للآخرين هو حق ضامن لمن يستخدمه الآن، وهذا الغياب ليس غياب التقصير عن أداء الواجب، وإنما غياب المسؤول الذي له وجهة نظر وأعطاه الدستور حق فيعبر عن رأيه بهذه الطريقة، لذلك أنا أعتقد هذه فرصة، شهر رمضان عموماً نحن كعراقيين شعبنا وبما فيهم نوابنا التزامهم الوظيفي يكون أقل، فبدل أن نذهب إلى اجتماعات برلمانية في شهر الرحمة لنجلس على طاولة حوار ونجلس ونقرر هذا الفريق أياً يكن هذا أو ذاك أو معاً، هذا الفريق ماذا يريد أن يفعل للناس؟ ما هو برنامجه؟ ما هي خطواته؟ ما هي خططه؟ ما هي أولوياته؟ إذا صار عندنا برنامج واضح والأطراف اتفقوا عليه هذا بحد ذاته هو سيلين النفوس والقلوب ويحلحل الأزمة.

     

    المقدم: هذه الرؤية التي تحدثت بها يمكن أن يقدمها الإطار ، أم أن خطوة لسيد مقتدى الصدر وضعت الإطار بوضع محرج ربما أمام الجمهور العراقي على اعتبار 40 يوم هي كافية لتشكيل حكومة؟ 

    السيد الحكيم: ليس محرج، سماحته أعطى فرصة، الإطار يتحرك أيضاً ضمن الواقعيات، وصحيح أنا لا أشارك وإخواني لكن هم الراغبين بالمشاركة سيتحركون وينفتحون على القوى الأخرى، ويبقون الباب مفتوح للحوار مع السيد الصدر وهو القائمة الفائزة الأولى، وله الطبق المعلى وله الحضور ولا أحد في الإطار يريد أن يتجاهل الكتلة الصدرية، ويمضون ويناقشون الأمور مع الأطراف المختلفةالأخرى ، وأتمنى أن يكون السيد الصدر حاضر وأن لا يُستبعد أي أحد إلا بطوع خياره كما نحن راغبين أن لا نشارك بطوع خيارنا، وقد قدمت لنا عروض سخية شكرنا واعتذرنا، شكرنا كل هذه العروض وقرارنا لتقديرنا وتقييمنا لأوضاعنا أنه ليس من المصلحة أن نشارك في هذه المرحلة، نبقى نحن خارج الحكومة ونساعد الأطراف.

     

    المقدم: هل ستشاركون في هذه الحكومة اذا شكل الاطار الحكومة 

    السيد الحكيم: أياً كان الإطار وحده، أو الكتلة الصدرية وحدها، أو كلاهما معاً في كل الأحوال ليس لنا نية للمشاركة، لو كانت النية موجودة لكان عرض السيد الصدر عرض جداً سخي وجيد وكنا نمضي مع سماحته، ويوجد انسجام في عدد من الملفات الأساسية، ولنا تجربة سابقة في تحالف الإصلاح، لكن نحن ليس لدينا نية بالمشاركة

     

    المقدم: قلت: يجب أن نجلس على طاولة حوار مستديرة مع التيار الصدري أم مع التحالف؟

    السيد الحكيم: مع كل القوى السياسية

     

    المقدم: هل أن الإطار مستعد للتفاوض مع الجبهة الكردية والسنية؟

    السيد الحكيم: الإطار دائماً كان منفتح للإنصاف، وذهب طرق الأبواب، واجتمع مع الجميع، الإخوة في الإطار كلهم الراغبين بالمشاركة لم يكن في نيتهم إبعاد أحد من الراغبين بالمشاركة، كانوا يعتقدون كما أن الراغبين متاح لهم ذلك في الساحة السنية والكردية الكريمة فليكن متاح في الساحة الشيعية كمكونات اجتماعية في هذا البلد، ويجب أن تكون هناك فرص عادلة ومتكافئة ومتوازنة في الحكومة القادمة هذه رؤيتهم.

     

    المقدم: من باب الخبرة، ومن باب التجربة ماذا ترى إذا طال لا سامح الله الأمد بهذه الأزمة لفترة طويلة، وأقصد شيء معين لذلك قلت لا سامح الله، ما هي رؤيتك لو طالت هذه المشاكل؟

    السيد الحكيم: تجربتنا خلال 18 سنة أن الأطراف تبدوا متصلبة، ولكن حقائق الزمان والمكان والواقعيات وتوقعات شعبنا  تدفع الجميع إلى أن يبدي مرونة في منتصف الطريق، وثم تلتئم الأمور.

     أنا أعتقد هذا ما سيحصل، وهذه الأزمة ليست استثناءاً عن الأزمات السابقة، أعتقد أن نسبة كبيرة منها قابلة للحل بإذن الله، تحتاج شيء من الوقت وتهدئة للنفوس، وفي ظل شهر رمضان وهو شهر عبادة وتفكير ومراجعة، وعلى كل حال ليس لنا إلا بعضنا، وحينما نتكاسر مع بعضنا، أين نذهب؟ هذا بلدنا وهذا شعبنا وهذه هي القوى السياسية الموجودة، لم نستورد ناس من الخارج.

     

    المقدم: لو لا سامح الله نتكاسر مع بعضنا قد يُطرح محللين وخبراء أن تصل الأمور الى الدماء؟

    السيد الحكيم: لا أتمنى ذلك، الحقيقة القوى من كل الأطراف قوى رشيدة وناضجة ومستحضرة للمصالح العليا، وأملي كبير بهم، وبعقلائهم، قيادات الأطراف تتسم بحكمة، وبتقدير المصلحة العامة، وباستحضار الأمور، وايضاً يوجد ضابط إيقاع في ساحتنا، النجف الأشرف، إذا لا قدر الله وصلت الأمور إلى حد الدماء أعتقد سيكون لها رأي، ولا أتمنى ذلك، وإلى الآن لا يوجد في الأفق شيء، توجد حكمة ويوجد تقدير للأمور، ولاحظتم خلال 5 أشهر ، وأذكركم بالصراع  السياسي في 2010 الحكومة تشكلت بعد 8 أشهر، إلى الآن لا يوجد ما يثير القلق والأمور تسير وإن كان ببطء، أملي بالله كبير وبحكمة القادة السياسيين، وأن نجتمع ونلتقي على طاولة حوار ، وهناك أيضاً تحولات إقليمية، وكما ذكرت العراق جزء من منظومة إقليمية ودولية، هذه التحولات أعتقد لها انعكاساتها الإيجابية على المنطقة وأمنها بشكل عام، والعراق ليس استثناء، حيث ستنعكس على الواقع العراقي،  إذا أبرم الإتفاق النووي الإيراني هذا بحد ذاته سيكون خطوة في إعادة ترتيبات المنطقة وأوضاعها، الحوار الإيراني السعودي إذا نجح أيضا ،  الحوار الخليجي السوري، هذه كلها خطوات كل واحدة منها ستعزز السلام الإقليمي، لاحظنا الإخوة الأشقاء في تركيا حين تطورت علاقتهم مع المملكة العربية السعودية، ومع الإمارات العربية المتحدة ، ومع مصر هذه كلها تركت إنعكاسات وآثار طيبة وإيجابية، الحرب الروسية الأوكرانية وصعوبة إدارة التوتر في عدة أماكن في المنطقة سيدفع الكثير من المؤثرين في الوضع الدولي والإقليمي إلى أن يبقى الشرق الأوسط فيه نوع من أنواع الإستقرار وتهدئة الأمور هذا له سنجد إنعكاسه الإيجابي في الشارع العراقي، أنا لا أتحدث عن تدخلات خارجية، أتحدث عن واقع عراقي يؤثر ويتأثر، ويتفاعل مع بيئته الإقليمية كما هو حال البلدان الأخرى .

     

    المقدم: سماحة السيد نختم معك بسؤال نطرحه على حضرتك بلقائنا السابق الأخير، قلت: سنفاجئ الجميع بالإنتخابات، بالتالي من سرق منكم عنصر المفاجئة؟ الجمهور؟ المفوضية؟

    السيد الحكيم: كما تعرفون نحن لسنا ممن يتشكى، ولكن لدينا وثائق وأدلة كثيرة قدمناها بهدوء بلا صخب، ولم نشأ أن ننزل إلى تظاهرات وتصعيد لكن قدمناها بشكل فني إلى المفوضية ولم نتلقى إجابات شافية، كانت هناك إجابة وثم إجتماع حضره رؤساء، وكان لنا تفكيك لأجوبتهم التي قدموها، على كلٍ نعتقد أن أصواتنا أكثر بكثير مما هو مذكور في بيانات المفوضية، لكن المذكور في بيانات المفوضية هو حدود ل400 ألف صوت لقوى الدولة، وهو ليس بالرقم البسيط هو نصف لكل أصوات القائمة الفائزة الأولى، والقوى الكريمة الأخرى التي حصلت على الكثير من الأصوات لم تصل إلى هذا المستوى، بما فيها قوى من التحالف الثلاثي وأمثالها ، كأصوات لم تصل إلى هذا المقدار.

     

    المقدم: من سرق عنصر المفاجئة؟

    السيد الحكيم: على كل حال قد يكون أكثر من سبب، لا شك أن هناك تزوير ممنهج كبير حصل بحقنا ولدينا أدلة واضحة بهذا الاتجاه، ولكن نحن أيضاً لا نسلب مسؤليتنا كتيار وماكنة إنتخابية من التفاصيل، وقمنا بمراجعة شاملة وإعادة ترتيب للبيت الداخلي للحكمة، ونحن نصرف وقت طويل الآن في إعادة بناء البيت الداخلي، لكن هناك مساحة كبيرة من التلاعب حصلت وتزوير ممنهج حصل في العملية الإنتخابية. 

     

    المقدم: هناك أخبار تقول: من الممكن أن تعود للنجف الأشرف ومزاولة عملك السياسي من هناك.

    السيد الحكيم: لا ليس وارداً العودة للدروس الدينية بهذا الشكل، النجف مسقط الرأس وهي محط الإهتمام، وبالتالي حين يكون لدينا متسع من الوقت نصرف بعض الأوقات في النجف للتواصل مع أبناء هذه المحافظة الكريمة، وايضاً بعض الفعاليات الثقافية والإجتماعية لكن ستبقى محطتنا الأساسية في بغداد والدور المطلوب منا هنا ، وعلى كل حال زيارة النجف كما الكثير ن القادة اليوم السيد الحلبوسي كلما حصل على فرصة يزور الأنبار، والدكتور الأخ برهم يزور السليمانية وغيرهم، بالتالي الإنسان يعود إلى أهله ومنطقته لزيارات وليس لبرنامج.

     

    اخبار ذات صلة