• نص كلمة السيد الحكيم في يوم الشهيد العراقي، من جوار مرقد شهيد المحراب (قدس) في النجف الاشرف في الاول من رجب ١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٣م

    2023/ 01 /20 

    نص كلمة السيد الحكيم في يوم الشهيد العراقي، من جوار مرقد شهيد المحراب (قدس) في النجف الاشرف في الاول من رجب ١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٣م

    بسم الله الرحمن الرحيم

    "اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله.. وتذل بها النفاق وأهله.. وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك.. والقادة إلى سبيلك.. وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة." 

    السلام على شهيد المحراب الخالد.. السلام على عزيز العراق..

    السلام على سفير المرجعية العلامة الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم الذي تتزامن ذكرى استشهاده في هذا العام مع ذكرى استشهاد شهيد المحراب.

    السلام على الشهداء الذين قضوا نحبهم وهم يناجون ربهم مع شهيد المحراب في يوم مبارك.. وفي شهر مبارك.. وفي أرض مباركة. 

    السلام على الأحرار الغيارى ممن قضوا عمرهم وما زالوا يعملون على خدمة بلدهم وشعبهم والدفاع عن قيمهم ودينهم ومبادئهم..

    السلام على شهداء العراق.. وأخص بالذكر منهم.. قادة الانتصار الحاج أبا مهدي المهندس.. وضيف العراق الجنرال قاسم سليماني.. حيث تتزامن ذكرى شهيد المحراب مع الذكرى السنوية الثالثة لجريمة اغتيالهم مع رفاقهم المجاهدين (رحمهم الله)..

    السلام على عقيلة شهيد المحراب التي التحقت به صابرة محتسبة في ذكراه العشرين.

    السلام عليكم يا أبناء شهيد المحراب.. رجالاً ونساءً ..شيباً وشباباً..

    السلام عليكم وأنتم بين ظهراني رمزينا الغاليين .. شهيد المحراب وعزيز العراق.

    يا شهيد المحراب.. 

    في الأول من رجب يوم الشهيد العراقي ، وفي ذكرى استشهادك ها هي الجحافل المؤمنة بحبها للعراق.. وبولائها للمبادئ والمشروع الذي ضحيتم من أجله.. 

    لم تبدلهم المغريات.. ولم تمنعهم التقولات من الثبات على عهدهم وولائهم ومشروعهم..

    إنهم يلتقون مجددا رغم الصعاب كلها والتحديات ورغم العواصف والمنعطفات.. وما زالوا يواجهونها ببصيرة  وعزم وثبات..

    ها هم رجالكم ونساؤكم الذين خبرتهم الميادين.. فكانوا أسودا أشاوس.. لا تأخذهم في الحق لومة لائم..

    ولا يهابون في سبيل مشروعهم قولاً أو فعلا..

    إنهم يجددون العهد.. ونجدد العهد معهم على اكمال المسيرة.. ونصرة المظلومين.. وخدمة شعبنا وأهلنا حتى الرمق الأخير..

    لقد واجه أبناؤكم الشبهات.. ورابطوا في الملمات.. وعزموا على مواصلة الطريق حتى انتصروا..

    فهم رجال أفعال ومواقف.. وأصحاب قيم ومبادئ..

    فهنيئا للعراق بهم.. وهنيئا لشعبهم وأهلهم وتيارهم بهذا الثبات.

    يا أبناء وبنات شهيد المحراب.. 

    يا أهلي وإخوتي وأبنائي.. في جميع محافظات عراقنا الحبيب..

    إننا في كل عام وفي رحاب هذه المناسبة الوطنية الراسخة.

    نلتقي ونجتمع.. لنراجع المواقف ونشخص المسارات..

    وفي هذا السياق أود التركيز على نقاط هامة وأساسية في عملنا الاجتماعي والثقافي  والسياسي ، أوصي نفسي و أوصيكم أيها الاحبة بالعمل بها :

     

    أولا : التزام طريق الحق وإن قل سالكوه : فكان شهيد المحراب الخالد يرى نفسه ملزما بتحديد الرؤية والمسار والطريق قبل السير والحركة ، والتزام جانب الحق مهما كانت التحديات والمخاطر والمحددات ، فالحق في رؤيته  أولى بالاتباع من غيره ، ولذا كان يوصي أبناءه ومحبيه بضرورة التمسك بالعقيدة السليمة وصدق النوايا والتمسك بخط العلماء و الفقهاء في حياتهم اليومية بعيداً عن صخب الحوادث والمتغيرات .

    وفي مدرسة شهيد المحراب ، فإن الجماعة الصالحة هي التي تهتم بعقيدتها و ثوابتها ومبادئها قبل كل شيء ، ولو بقيت تكافح لوحدها من أجل ذلك . فالحق و الحقيقة و المبدأ والعقيدة ضرورة ولو قل السالكون ولذا أوصيكم باتباع هذا المبدأ وعدم الخشية من هدر الفرص أو المصالح هنا و هناك على حساب المبادىء والثوابت .

    وعليكم توضيح ما هو حق ومبادىء وثوابت لغيركم ، فذلك مدعاة لرضا الله سبحانه و للثقة و الاحترام ، والأمة تتفاعل مع أصحاب المبادئ أكثر من أصحاب المصالح .

     

    ثانيا : الالتزام بأخلاقيات العمل الاجتماعي والسياسي والتياري فضلا عن المنظومة الأخلاقية الفردية .

    فالانصاف والمروءة والصبر والصدق والاستقامة و التواضع و التخادم و غيرها من الأخلاقيات أمور واجبة في العمل السياسي وفي حياتنا بشكل عام.

    وكان شهيد المحراب يرى العمل السياسي من أشرف الأمور وأخطرها ، وشرف العمل السياسي يكون بالتزام المبادئ والأخلاقيات ، وخطر العمل السياسي يكون باهمال ذلك ولذا فإننا مع تدين السياسة لا مع تسييس الدين.

    وإن الوسائل يجب أن تكون من جنس الغايات ، شريفة ونبيلة ولا تتجاوز الثوابت والأخلاقيات .

    إن تيار الحكمة الوطني أخذ على عاتقه أن يكون مثالا للسلام والاعتدال والانفتاح والحضور الفاعل في أوساط الأمة ، كما التزم بالتعامل مع جميع الشركاء والأصدقاء بل وحتى الخصوم بالصدق و الانصاف و المروءة و الأمانة و هذا نهج نفتخر به و نتمسك بأطرافه على الدوام.

    -تعلمنا من مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) أن لا نرد السيئة بالسيئة و الخطيئة بالخطيئة و الكذب بالكذب ، مهما أسيء إلينا و أخطئ في حقنا أو تعرضنا للأكاذيب و الافتراءات.

    -إن أهم ما نعانيه اليوم هي محاولات البعض لجعل ساحتنا فاقدة للقيم والأخلاق والثوابت ، وأقول لهؤلاء: إن شعبنا و رغم محاولاتكم اليائسة يظهر كرمه و أصالته و جذوره للعالم أجمع ، في كل فرصة تتسنى له مؤكداً تمسكه بمنظومته القيمية والأخلاقية و الاجتماعية رغم أنوف المتطفلين و الطارئين والمتربصين.

    - يا أبناء وبنات الحكمة الكرام تمسكوا بأخلاقياتكم و قيمكم وحكمتكم واعتدالكم وجذوركم الدينية و العشائرية و الاجتماعية ولا تخشوا في ذلك لومة لائم ولا طعنة غادر ، فالنصر حليف الثابتين وأصحاب الحكمة والخلق و الدين و القيم والأصول.

     

    ثالثا : حب الوطن و التمسك بالجذور و التربة و الهوية العراقية الأصيلة الجامعة : فشهيد المحراب الخالد كان من رعاة الوحدة والوطنية والهوية العراقية بكامل جذورها الحضارية والإنسانية و الإسلامية .

    فعراقنا عراق الأنبياء و الأئمة و الأولياء والعلماء والمقدسات ، عراق الحضارة والثقافة و الفنون و الآداب ، عراق التعايش والاعتدال والضيافة والشجاعة والكرم والتاريخ..

    -وعلى أبناء الحكمة أن يكونوا دوماً رسل السلام ودعاة التعايش و منابر الاعتدال و ركائز الوحدة في هذا الوطن وأن يبقى تمسكهم بهويتهم العراقية الأصيلة انعكاسا لمبادئهم وثوابتهم و مدرستهم المعطاء.

     

    -أما على الصعيد الوطني فإن من أهم أسباب دعمنا ومساندتنا لإجراءات الحكومة الحالية رغم عدم مشاركتنا فيها.. هو إيماننا بضرورة دعم المسار السياسي وعدم السماح بضياع جهود الوحدة والتكامل الوطني ..

    والحكومة الجديدة برئاسة الأخ السوداني قد انطلقت والحمد لله بخطوات واثقة وفاعلة وميدانية باتجاه تنفيذ البرنامج الحكومي والمنهاج الوزراي وفق توقيتات زمنية معلومة، ونلمس في أخينا السوداني الإرادة والنية الصادقة لتحقيق المزيد من الإصلاحات البنيوية في المجالات الإدارية والخدمية والأمنية والاقتصادية والمالية الضرورية ونؤكد دعمنا لهذه الخطوات آملين استمرارها بذات القوة التي بدأت بها لتدشين مرحلة جديدة ومستقرة من مراحل بناء الدولة و تقوية مؤسساتها كافة .

    ومن هنا نجدد دعمنا لهذه الحكومة.. وسنعمل على مساندتها لإنجاح مهمتها حتى ونحن خارج التشكيلة الحكومية.. فدعمنا لبرنامج الحكومة لايرتبط بتمثيلنا الحكومي فيها ، وإنما عقدنا معها هو عقد المواطن الداعم والساند والمراقب.

    كما نؤكد دعمنا ومساندتنا لكل اجراء سياسي او حكومي يصب في استقرار البلد.. ويعزز فرص التنمية الاجتماعية والاقتصادية.. ويعمل على مواجهة بطالة الشباب بحلول واقعية ملموسة..

    فلا بناء.. ولا استثمار.. ولا اقتصاد يليق بوطننا وشعبنا.. من دون استقرار سياسي أولاً.

    ولا يمكن لأي حكومة أن تنجح بلا دعم سياسي حقيقي يساند مواقفها الصحيحة.. ويساعدها على تقويم المسارات المطلوبة..

    لقد استبشرنا بالخطوات السليمة التي اتخذتها الحكومة في مجالات عدة خلال مدة قصيرة من تكليفها.. 

    إلا إن أمامها الكثير كي تنجزه.. وتقف بوجهها جملة من التحديات التي لا يُستهان بها.. وتحتاج الى إجراءات حازمة وجريئة وسريعة في المعالجة.. سنؤشر الى أبرزها:

    ١- لابد من تكثيف الجهود القانونية والقضائية في مجال مكافحة الفساد.. والحد من عمليات تهريب الأموال وما يستتبعها من عدم استقرار العملة العراقية تجاه الدولار.. والكشف عن الجهات الداعمة والمستفيدة من ذلك.. فلا أحد فوق القانون ولا يمكن السماح بذلك مهما كلفنا من ثمن.

    ٢- التركيز على انجاز مشاريع البنى التحتية والإستراتيجية .. فالإنجاز الحقيقي يكون في التمهيد لأسس البناء وتثبيت الخطوات الأولية التي تستند عليها المشاريع الكبرى.. والناجح الحقيقي هو الذي يمهد لغيره سبل النجاح ويرسخ مقوماته.

    ٣- التهيئة السليمة والصحيحة لإجراء انتخابات مجالس المحافظات.. من حيث إقرار القانون العادل والإجراءات التنفيذية الضامنة لانتخابات نزيهة وشفافة.

    اذ لا يمكن تطوير وإصلاح الواقع المحلي لجميع المحافظات من دون انتخابات حرة ونزيهة يرى فيها جميع العراقيين فرصهم المتساوية والعادلة.

    وهنا أدعو السلطتين التنفيذية والتشريعية الى التفكير بجدية في إمكانية عودة المجالس البلدية بآليات صحيحة تفيد من أخطاء الأمس ولا ترهق كاهل الدولة ، وتفتح المجال للعمل الطوعي المجتمعي في خدمة الأقضية والنواحي.. لنجعل التنافس الانتخابي المحلي والاتحادي عبر الخدمة المجتمعية في الأقضية والنواحي.. ولتكن المجالس البلدية نافذة حقيقية لاختبار المؤهلين ومن ينوون الترشح لأي مهمة انتخابية او سياسية أو تنفيذية.

    لابد من التشجيع على ثقافة الخدمة المجتمعية وجعلها أولى معايير الاختيار للمناصب التنفيذية والمواقع السياسية.. وهناك الكثير من تجارب الشعوب والدول الناجحة في هذا المجال للإفادة من آلياتها بما يناسب الواقع والبيئة العراقية. 

     

    رابعاً : مكافحة المخدرات التي باتت تنخر في مجتمعنا و شبابنا بقوة .

    وهي بحاجة الى جهود تضامنية تبدأ من وقاية المجتمع بمخاطر هذه الآفة مروراً بتجفيف منابع الجريمة ومعاقبة المتاجرين ، وانتهاء بعلاج المتعاطين ، مما يتطلب مضاعفة الجهد الحكومي في هذا الملف الحساس.

     

    خامساً : معالجة البطالة واستيعاب الطاقات الشبابية العاطلة عن العمل عبر المزيد من الاجراءات الفاعلة في القطاع العام و الخاص لتشغيل وتفعيل أكبر قدر ممكن من الأيادي العاملة في البلد .

    إن الأسر العراقية اليوم تواجه أزمة شبابنا العاطلين عن العمل والمعطلين عن مراحل حياتهم الطبيعية من تأسيس الأسرة والاستقلال المالي و الاستقرار الوظيفي ، فضلا عن مخاطر هذا التعطيل في الانجراف نحو المخدرات أو عصابات الجريمة.

    ومن هنا نطالب بالعمل الجاد على توفير الحلول السريعة والمجدية لهذه المعضلة واستثمار طاقات شبابنا في بناء وطنهم ومجتمعهم .

     

    سادساً: حل مشكلة السكن عبر  المعالجات الواسعة  و منها تمليك الأراضي و توفير البنى التحتية للمناطق السكنية الجديدة عبر تقنينها وايصال الخدمات لها ، وإنجاز المجمعات السكنية الاستثمارية واطئة الكلفة .

    إن امتلاك كل أسرة عراقية لقطعة أرض مناسبة للسكن تمثل جزءاً من حقوقها و كرامتها وانتمائها لوطنها .

     

    سابعاً: تحسين الظروف المعيشية والصحية للمتقاعدين الأكارم الذين بذلوا حياتهم وشبابهم و سلامتهم لهذا الوطن وخدمته ، و من حقهم على دولتهم أن تكرمهم و تحفظ لهم حقوقهم وتضمن استقرارهم .

     

    ثامناً: متابعة شؤون الفقراء وأصحاب الدخل المحدود ممن يعانون من ظروفهم الحياتية الصعبة ، وندعو الحكومة الى حزمة من الاجراءات العاجلة الكفيلة بمكافحة الفقر ومناصرة الفقراء .

     

    تاسعاً: عوائل الشهداء و الجرحى الذين يستحقون منا مزيداً من العناية والمتابعة والاهتمام وتفعيل القوانين والتعليمات ذات الصلة بمنحهم قطع الأراضي و التسهيلات والخدمات الأساسية.

     

    عاشراً: تعزيز العلاقات السياسية والثقافية والاقتصادية والأمنية والعلمية مع دول الجوار والمنطقة والعالم بما يخدم مصالح العراق أولا.. وبما يعزز نمو بلدنا ورخاء دول المنطقة والعالم وشعوبها.. ويسهم في انشاء شراكات إقليمية و دولية متوازنة تؤسس الى استقرار المنطقة وتبعدها عن شبح الخلافات والتناحر الذي ابتلينا به لعقود طويلة.

    لقد استبشرنا كثيرا بنجاح بطولة كأس الخليج بدورته الخامسة والعشرين في البصرة الفيحاء.. وهي بداية موفقة لعودة المياه الى خليجنا وأهلنا وأشقائنا العرب.. 

    فشكرا للحكومة الاتحادية وللحكومة المحلية في البصرة ولفريقنا الوطني المتألق الذي تصدر هذه البطولة ولجميع الجهود الوطنية المخلصة التي بُذلت في إنجاح هذا المحفل الكريم. 

    لقد عاهدنا الله وشعبنا.. على أن نكمل مسيرة الشهداء والمجاهدين.. تحت راية مرجعيتنا الرشيدة.. وأن نكمل مشوار التغيير والإصلاح والبناء.. بسواعد شبابنا وهمة المخلصين والغيارى من أبناء بلدنا الحبيب.

    أيها المخلصون الأوفياء .. يا أبناء وبنات شهيد المحراب وعزيز العراق.

    الله الله بوطنكم.. الله الله بشعبكم.. الله الله بمراجعكم وعلمائكم وعوائل شهدائكم.. فهم السند والرصيد والبوصلة نحو عراق آمن مستقل ومستقر ومزدهر.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

    اخبار ذات صلة