• نص كلمة السيد عمار الحكيم في التجمع الجماهيري الحاشد في الذكرى السنوية الثانية عشر لرحيل عزيز العراق قدس سره في 18-4-2021

    2021/ 04 /18 

    نص كلمة السيد عمار الحكيم في التجمع الجماهيري الحاشد في الذكرى السنوية الثانية عشر لرحيل عزيز العراق قدس سره في 18-4-2021

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين 

    في رحاب شهر رمضان المبارك شهر الطاعة والعبادة والضيافة الآلهية.. نجتمع بقلوب ملؤها الأيمان والمحبة والسلام والسكينة والطمأنينة والرحمة..

    وكان القدر الإلهي ان نفقد شخصية قيادية فذة بحجم عزيز العراق سماحة حجة الاسلام والمسلمين السيد عبد العزيز الحكيم (قده) في هذه الأجواء الايمانية .

    السلوى بفقده هي معرفتنا بصفاته وسماته ومشروعه واخلاصه وخدماته في مسار حياته ونسأل الله ان يعيننا لنستكمل مشواره ونهجه و على طريقة طريق المرجعية ونحمل همه وإخلاصه .

     ان من حق الآباء على الابناء استذكار مآثرهم ومحاسنهم، واداء حقهم ، والاعتبار من مواقفهم وتضحياتهم وهو الامر الذي التزم به ابناء تيار شهيد المحراب وعزيز العراق منذ رحيلهما في كل عام وفي كل حين ..

    تعاهدنا ان نكون ابناء هذا المشروع الرسالي والمشروع الوطني، وحاملي امانته خدمة لوطننا وديننا وقيمنا السامية وسنبقى كذلك بأذن الله تعالى .

    ان عزيز العراق (قده) تميز في شخصيته وسماته ومواقفه بالعديد من الخصائص وتعودنا في كل عام ان نقف عند بعضها استذكاراً لشخصه واعتباراً من نهجه..

     

    1_ الثقة بالله سبحانه وتعالى .

    كان واثقاً بالله متكلاً عليه يكثر من قول (اللهم انت ثقتي ورجائي ) .. هذه الثقة العالية بالله جعلته شجاعاً ومقداماً في أحلك الظروف وأصعبها، يتمتع بأرادة حديدية في مواجهة المصاعب والمتاعب، ويتسم بالصلابة والثبات امام الأزمات والتحديات.

    كل ذلك مع قلة الفرص والامكانيات وصعوبة الظروف وشدة المواقف . وفي ذلك درس بليغ وعميق لنا جميعاً..

    من كان مع الله كان مستغنياً عن غيره ، ومن وثق بالله أمَّده بالشجاعة والعزة والكرامة ، ومن احب الله القى حبه في قلوب الناس .

    " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين " 

    2_ الإخلاص ..

    كان مخلصاً لقضيته ، متفانياً في مشروعه ، متجنباً الظهور والتدافع .. فقد كان من تلامذة الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قده)  ومن اقرب رفاقه وصحبه ولكنه لم ينافس احداً على هذا العنوان ، ولم يستغل قربه من الشهيد الصدر لتدعيم مكانته السياسية والاجتماعية .

    وكذلك تعامله مع أخيه شهيد المحراب (قده) كان أخاً وعضداً وداعماً ومدافعاً عن شهيد المحراب ومتفانياً من أجله ويعامله معاملة القائد قبل الاخ.. 

    وكان يتجنب الظهور الاعلامي والاجتماعي رغم ادواره الكبيرة ومسؤولياته الخطيرة في حياته الدينية والجهادية والسياسية ، وفي ذلك درس عظيم ...

    كيف نقدم المشروع على ذواتنا وشخوصنا؟ .. كيف ننتصر للقضية والأهداف لا لأنفسنا؟ .. كيف ننجز مهماتنا وواجباتنا دون مناكفات وتوقعات؟ .

    3_ البصيرة ووضوح الرؤية ..

    كان يتمتع بقدرة استشرافية ودقة عالية في تحليل الأوضاع مما جعلته يحول التحديات الى فرص والمحن الى منح..

    كان ملتزماً بثلاثية ( القيم / المرجعية العليا / المشروع الوطني ) ، فكان ملتزماً بالقيم الانسانية والاسلامية والوطنية ، وكان مطيعاً لتوجيهات وارشادات وتوصيات المرجعية العليا ، وكان ثابتاً متبصراً في المشروع الوطني لبناء دولة مستقلة ومستقرة وقوية ومزدهرة وعادلة .

    كان له دور محوري في تحقيق العديد من الانجازات الكبرى في مدة قياسية بمساعدة اخوانه وشركائه .

    كأجراء الانتخابات وصياغة الدستور والاستفتاء عليه وتشكيل الحكومة المؤقتة والانتقالية والدائمة وانهاء التوتر الطائفي والعمل على اخراج العراق من الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة وانهاء الوصاية الدولية على العراق ومسألة تسوية الديون العراقية وجدولتها في نادي باريس وجدولة انسحاب القوات الامريكية وغيرها ..

    4_ القوة والمنعة..

    ـ كانت معادلته في الحياة تتمثل بثلاثية (التواضع مع الناس، التعقل في تدبير الأمور ، القوة في استحصال الحقوق).

    ـ في لقاءاته مع الناس كان قريباً منهم، مستمعاً لهمومهم، متفاعلاً مع قضاياهم، متواضعاً لمطالبهم.

    ـ ولكنه في الوقت نفسه كان قوياً ومنيعاً في استحصال حقوقهم.

    ـ فكان سنداً منيعاً أمام المغريات والتنازلات وجبلاً قوياً أمام التهديدات والتحديات.

    ـ هكذا كان في زياراته لأهم العواصم العالمية والاقليمية كان يتعامل من منطلق العزة الوطنية والشموخ العراقي.

    ـ وهكذا كان في تعامله مع القوات الأجنبية وهكذا تعامل مع الملوك والأمراء والرؤساء وقادة الدول.

    5 _ المصداقية..ـ كان يرى السياسة مؤطرة  بالأخلاق والقيم ومصالح الناس وليس الكذب والخداع والمناورات وتقلب المواقف.

    ـ فكان صادقاُ في حديثه، واضحاً في سلوكه وبعيداً عن المراوغة والخداع حتى مع خصومه.

    ـ كان صعباً في المفاوضات، ملتزماً بكلمته حين يعطيها مهما كان الثمن باهضاً.

    ـ كان رأس ماله مصداقيته، وكلمته، وموقفه.

    ـ في الأسابيع الأخيرة من حياته وفي أحدى زياراتي له قال لي.. لقد وصلت إلى نهاية الطريق وفي هذه الأيام اراجع مواقفي في الحياة وسألت نفسي لو كانت عقارب الساعة تعود إلى الوراء فماذا كنت تتخذ من موقف يا سيد عبدالعزيز وبعد تدقيق وتمحيص اقولها بوضوح لكنت اختار ذات الطريق الذي سلكته فكم مدهش للانسان حين يصل الى المحطة الاخيرة لايشعر بالندم ويشعر انه قضى حياتة وجهده ووقته فيما يستحق ان يقضى فيه.

     علينا أيها الأخوة والاخوات ان نستلهم الدروس والعبر من هذه الشخصية القيادية الفذة لبناء مشروعنا الوطني وألخص ذلك في نقاط:

    أولاً: الوحدة الوطنية:

    فقد كان عزيز العراق يؤمن بضرورة الحفاظ على وحدة العراق ارضاً وشعباً ومجتمعاً.

    يعتقد البعض ان مرحلة عزيز العراق اتسمت بالوحدة الشيعية والانسجام الشيعي وهم محقون في ذلك وكان عزيز العراق يرى بأن  وحدة الصف الشيعي مقدمة ضرورية لوحدة الصف الوطني.

    لا على خلفية مذهبية أو طائفية ضيقة وانما ايماناً منه بأن المكون الاجتماعي الاكبر يتحمل المسؤولية الأكبر في توحيد الصف، والانفتاح والالتحام مع المكونات الاخرى.

    كان عزيز العراق يفتخر بانتمائه لأهل البيت (ع) ويلتزم باقامة الشعائر الحسينية واحيائها ويعتز بانتسابه للحوزة العلمية في النجف الاشرف وكان يرى في هذه المقدسات دافعاً وسنداً فكرياً وعقيدياً لبناء الأمة الواحدة والوطن الموحد.

    كان عزيز العراق عراقياً يعشق وطنه ويعمل من أجله بروح وطنية وثابة، ويدفاع عن جميع العراقيين دون استثناء، ونحن معنيون جميعاً بالسير على هذا النهج وترسيخ (الهوية الوطنية الجامعة) التي ينعم فيها جميع العراقيين بمختلف انتماءاتهم دون تمييز أو تهميش، 

    فالوحدة الوطنية استطاعت عبر التاريخ ان تواجه أكبر المحن واشد الصعاب وتحفظ للعراق بريقه وعمقه الحضاري وتجعله سيداً في المواقف والقرارات.. 

    اننا اليوم بأمس الحاجة إلى وحدة الموقف الوطني، و وحدة الرؤية، ووحدة الكلمة، وذلك لاننا مرتبطون بوحدة المصير.

    فمصالحنا واحدة وأمننا واحد وقضيتنا واحدة.

    لا يمكننا مواجهة الأزمة الاقتصادية واراؤنا مشتته ولا يمكننا مواجهة التحدي الأمني وعقولنا متفرقة، ولا يمكننا مواجهة العقبات السياسية وقلوبنا متنافرة.

     

    العراق يواجه ثلاث خيارات:

    أما ان يستمر الوضع القائم بدولة ضعيفة وأما ان ينحدر نحو الدولة الفاشلة وأما ان يتقدم نحو الدولة الناجحة، وان اخطر مرحلة تمر بها حياة الانظمة السياسية هي انفصال القاعدة الجماهيرية عن القيادة السياسية وقد مررنا بظروف صعبة وعتب شعبي كبير على الطبقة السياسية، ونتمنى ان تكون الانتخابات المبكرة القادمة مدعاة لردم الفجوة والتلاحم من جديد..

    لذلك ادعو رئاسات الدولة وقادة الكتل السياسية وجميع القوى الوطنية الخيرة إلى (اطلاق ميثاق وطني يمهد الطريق لانتقال آمن عبر الانتخابات المقبلة).

    1 ـ ميثاق وطني يوقف الانتهاكات والاعتداءات المستمرة  التي تنال من هيبة الدولة وسيادة القانون.

    2 ـ ميثاق وطني يوقف التسقيط السياسي والابتزاز والتشهير الاعلامي.

    3 ـ ميثاق وطني يحدد الاولويات الوطنية ويضع اطار الالتزام بها من قبل الجميع.

    4 ـ ميثاق وطني يحقق الأمن الانتخابي ويمهد الطريق لتسود كلمة الشعب ويكون سيد نفسه في اختيار من يراه مؤهلاً لقيادة البلد في المرحلة القادمة.

     

     

    ثانياً: العقد الاجتماعي والسياسي الجديد:

    لقد رفع عزيز العراق (قده) شعار (لكل عراقي صوت ولكل عراقي الحق في اختيار ممثليه لكتابة الدستور والمشاركة السياسية).

    وبعد مرور عقدين على النظام الديمقراطي وارتفاع الموانع والمعرقلات السابقة ولطبيعة المتغيرات الاجتماعية دعونا ونجدد الدعوة لعقد اجتماعي وسياسي جديد، يطور العقد السابق ويبدد الهواجس والمخاوف التي فرضتها ظروف التأسيس.

    ان نضوج التجربة الديمقراطية والتفاهم المجتمعي القائم يمثلان دوافع هامة للمضي بتأسيس مرحلة جديدة اكثر استقراراً وازدهاراً.

     

    ثالثاً: اعادة التوازن للمعادلة السياسية:

    رفع عزيز العراق شعار (تغيير المعادلة الظالمة) وكان يهدف الى كسر معادلة الاحتكار السياسي من قبل الحزب الواحد والعشيرة الواحدة والرجل الواحد، واليوم نحن بأمس الحاجة لكسر المعادلات المعطلة في ساحتنا السياسية.. 

    1 ـ معادلة الانكفاء السياسي والمذهبي والقومي وتغييرها بتحالفات شجاعة عابرة للمكونات.

    2 ـ معادلة المحاصصة الحزبية وتغييرها بتحالفات وطنية واسعة تنهي الفوضى والمصالح الخاصة.

    3 ـ معادلة احتكار القرار السياسي واعادة التوازن بفسح المجال للمشاركة الاوسع بصنع القرار،

     كما اننا بحاجة إلى رباعية الادارة :

    1ـ الادارة الرشيدة على صعيد مؤسسات الدولة.

    2 ـ ادارة التنوع على الصعيد الاجتماعي.

    3 ـ ادارة الطموح على الصعيد السياسي.

    4 ـ ادارة المصالح على الصعيد الاقليمي والدولي.

    رابعاً: نحن بحاجة الى خطة انقاذ اقتصادي للبلد:

    لقد قدمت الحكومة الورقة البيضاء التي تمثل رؤيتها لمعالجة الأزمة الاقتصادية في البلد، وقدمت اللجان المختصة في مجلس النواب افكار ومقترحات اقتصادية عملية، وقدمت الاتحادات والنقابات وغرف التجارة ومنظمات المجتمع المدني وخبراء الاقتصاد افكار مهمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية وما نحتاجه الآن..

     

    هو جمع كل هذه الافكار والمقترحات وتبويبها وتحويلها إلى خطة وطنية شاملة للانقاذ الاقتصادي، وتحشيد الدعم السياسي لها من جميع القوى الوطنية وتكاتف الجميع على ابعاد ملف (الاقتصاد والخدمة) من التنافس والتدافع السياسي ونحتاج إلى:

    1 ـ توحيد الموقف.

    2 ـ توزيع الادوار.

    3 ـ تحديد المسؤوليات.

    4 ـ كل ذلك لتجاوز الصعاب ومواجهة التحديات.

    خامساً: كما اننا نحتاج إلى نظام أمني اقليمي ذكي يشمل جميع دول المنطقة وتكون مهمته الاساسية مكافحة الارهاب على ان يتبع ذلك شراكة اقتصادية استراتيجية تربط مصالح دول المنطقة ببعضها وتحول التدافع إلى تكامل فيما بينها لتعم الفائدة والادوار والمصالح والاستقرار.

    ـ لقد تمت كافة التحضيرات الضرورية لاجراء الانتخابات المبكرة.. من تصويت مجلس النواب على حل نفسه، وتشكيل المحكمة الاتحادية، وتحديد موعد الانتخابات من قبل السيد رئيس الجمهورية.

    ـ وعلى القوى السياسية والشعبية التهيؤ للانتخابات والتحضير المناسب لها.. والمشاركة الواسعة والفاعلة والواعية فيها.

    ـ كما ندعو المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إلى مزيد من الوضوح والشفافية في اجراءاتها والآخذ باستشارة المختصين والخبراء السابقين

     لتحقيق أفضل النتائج وتوفير مناخ فيه ثقة للمواطن بالعملية الانتخابية.

    ـ ان الموجة الجديدة لجائحة كورونا تتطلب الجدية في الاجراءات الصحية ولاسيما تلقي اللقاح من ابناء شعبنا وأدعو الجمهور العراقي عموماًً وجمهور الحكمة بشكل خاص لتلقي اللقاح وتحصين انفسهم من الاصابة. 

    سلاماً على شهدائنا الأبرار و سلاماً على الماضين من المراجع والعلماء وسلاماً على المرجعية العليا وسلاماً على قواتنا الباسلة بكل عناوينها وشعبنا الأبي وسلاماً على الشهيدين الصدرين وشهيد المحراب وعزيز العراق.

     

    اخبار ذات صلة