• نص كلمة السيد الحكيم في المؤتمر السادس عشر لمناهضة العنف ضد المرأة 1446هـ - 2024م

    2024/ 08 /10 

    نص كلمة السيد الحكيم في المؤتمر السادس عشر لمناهضة العنف ضد المرأة 1446هـ - 2024م

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين 

    أصحاب الفخامة والدولة والسيادة والمعالي والسعادة ..

    السادة والسيدات الحضور ..

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

    أشكر لكم حضوركم وأوكد الالتزام بإقامة هذا المؤتمر الهام عن مناهضة العنف ضد المرأة في الأول من صفر تزامنا مع دخول سبايا آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)إلى الشام.

    إن ما حصل في واقعة الطف وما تلاها من سبي وتعنيف للنساء والأطفال من آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يعد الحدث الأكثر إيلاماً وحزناً وبشاعةً في التاريخ الإسلامي والإنساني بسبب حجم الانتهاكات التي مورست بحق ثلةٍ من الرجال والنساء ، مع تعدد أعراقهم وألوانهم وخلفياتهم الدينية والمذهبية، شيوخاً وأطفالاً ، عسكريين ومدنيين.

    إن انتهاك حقوق القتلى و الجرحى والأسرى من الرجالوالنساء والأطفال ، في مشهد مريع وفي توقيتات محددة ، ضد مجموعةٍ لم يكن ذنبها إلا المطالبة بالاصلاح ومعارضة الظلم والفساد والطغيان و رفض مجاراة السلطة الجائرة ، هو أبشع ما يمكن أن تتعرض له الإنسانية في تاريخها الطويل.

    وإن المجالس والمواكب الحسينية والمسيرات والمناسبات العاشورائية وما يتلوها من فعاليات مليونية في أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) ، تمثل رسالة تنديدٍ و رفضٍ لتلك الممارسات الظالمة والانتهاكات البشعة ، و رسالة التزامٍ بقيم ومبادئ أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) ، الذي دعاإلى التحرر من الظلم واقامة العدل وتحقيق الأمن وحماية الحريات على وجه الأرض ، ودفع دمه الطاهر ثمناً لذلك فبقي مناراً خالداً لجميع أتباعه وأنصاره ومواليهوالمؤمنين بمبادئه ونهجه.

    لاشك أن السيدة الجليلة زينب بنت علي بن ابي طالب (عليهما السلام) و من كان في ركبها من النساء والفتيات ، مثلن المشهد الآخر ولعله الأهم من قيادة المسيرة الحسينية نحو الإصلاح.

    وهذا هو سبب دفاعنا الدائم عن المرأة وحقوقها وشأنها وضرورة احترامها وحفظ مقامها و صيانة رمزيتها و الايفاء بحقوقها ، لأننا ندعو النساء جميعاًأن يكن مثل السيدة زينب بنت علي ، بطلة كربلاء و رائدة مسيرة السبايا الأحرار.

    انظروا لمقام السيدات الجليلات آسية ومريم وخديجة وفاطمة و زينب وغيرهن ، كيف جعلت الأديان منهن قديسات رائدات يقتدي بهن وبتاريخهن الرجال والنساء.

    وإناھـتمامـنا بتجديد هذا الـمحفل الـكریـم مـتأتٍ مـن الـتزامـنا بـالـثوابـت الإسـلامـیة الـتي تـؤكـد عـلى الاھتمام بالأسرة وعمادھا المرأة وتعزيزأداورھا التربویة والقیمیة والإنسانية.

    فـالأسـرة ھـي الـنواة الـحقیقیة لـلمجتمع ومـن غـیر بـناء الأسـرة والاھـتمام بـھا.. لا یـمكن أن نبني مـجتمعاً صحياً وسلیماً. 

    إن مـناھـضة الـعنف ضـد الـمرأة ھـو في واقعه مـناھـضة للعنف ضـد الأسـرة وضـد الـمجتمع.. فـالـمرأة ھـي الأم والأخـت والبنت والـزوجـة.. وھـي الشـریـك الحقیقي للرجـلفـي أدوار الحیاة ومـسؤولـیاتـه الـتربـویـة والأخـلاقـیة والمجتمعیة. 

    وإن تـعریـض الـمرأة إلـى مـنزلـقات فـكریـة تسـتھدف كـرامـتھا ومـسخ طـبیعتھا الإنـسانـیة الـتي مـیزھـا ﷲ سـبحانه وتـعالـى عـن الـرجـل ھـو بحـد ذاتـه عـنف آخر ضـد الـمرأة.. فالتعنيف یـشمل كـل أدوات الاكـراه والـتعرضلكرامة المرأة وعفتها وحریتھا التي كفلھا الشرع والقانون. 

    وحرية الـمرأة لا تـعني التحـلل مـن الالـتزام بـالشـرع والـقانـون والـعادات الـمجتمعیة الأصـیلة.

    وكذلك تمايز الرجل و المرأة عن بعضهما في الأدوار الحیاتیة لا یعني أبداً الانتقاص من الآخر.. أو تمييز أو تفضيل أحدهما على الآخر.

    فقدأكد دیننا الإسـلامـي عـلى أھـمیة الـدور الـتشاركـي بـین الـرجـل والـمرأة في كل ما يخص الجوانب الإنسانية والمهام الرسالية لهما كما يشير القرآن الكريم إلى ذلك بقوله تعالى :

     "وَالْـمُؤْمِـنوُنَ وَالْـمُؤْمِـناَتُ بـَعْضُھمْ أوْلـِیاَءُ بـَعْضٍ ۚ یـَأمُـرُونَ بـِالْـمَعْرُوفِ وَیـَنْھوَنَ عَـنِ الْـمُنكَرِ وَیـُقیِمُونَالـصلاةَ َوَیؤُتوُنَ الَّزكَاة َ وَیطِیعُونَ ﷲ وَرَسُولهُ ۚ أولئك سَیرَحَمُھمُ ﷲ َّۗ إنِ ﷲ َّعَزِیزٌ حَكِیمٌ ". 

    إن تسـلیط الـضوء عـلى الـوسـائـل والـعادات والأعـراف السـیئة الـتي تحـرض عـلى الـمرأة وتفتح الطريق لتعنيفها ، والـدعـوة إلى معالجتھاباتت مسؤولـیةً مجتمعیةً یتحملھا الجمیع، وكذلك الحال في مـواجـھة الدعوات المنحرفة ثقافیاً وفكریا.. فالأمر لا یتعلق بالإجراءات الحكومیة وتشـریع القوانین فحسـب، بل يرتبطأیضا ببرامج التوعیة والتثقیف التي تتكفل المؤسسات الإعلامیة والمدنیة والقوى السیاسیة والمجتمعیة بمهمة تفعیلھا والتركیز علیھا.

    أما ما یخص شأننا المحلي والإقلیمي والدولي.. فنود الإشارة إلى النقاط التالية:

    أولاً/تستمر في هذه الأيام حملات التعنيف والتنكيل والتهجير والتجويع بحق المدنيين في فلسطين ، أطفالا و نساء و رجالاً ، في حرب ضروس تخطت كل الخطوط الحمراء والمبادئ و القوانين ، وباتت تعتدي على سيادة الدول الأخرى وتنتهك المواثيق الدولية.

    وكان آخرها مجزرة فجر اليوم في إحدى مدارس غزة حيث ارتقى أكثر من 100 شهيد ومئات من الجرحى.

    أُحيي جميع الشعوب والنخب والمسيرات التي تقف وتستنكر وتشجب قتل الأطفال والنساء .. وأدعو جميع الأنظمة العربية والإسلامية والدولية والمنظمات المسؤولة إلى وقفة جادة لإيقاف هذه المجازر و الجرائم و الانتهاكات من دون تعلل وتسويف ومماطلة ،والمضي لإعادة الإعمار وعودة النازحين وايقاف سياسات قضم الأرض وفرض الأمر الواقع بطرق عدوانيةمرفوضة ،ونجـدد تـرحـیبنا بـقرار مـحكمة الـعدل الـدولـیة حـول مـمارسـات كـیان الاحـتلال الإسـرائـیلي واعـتبارھـاسـیاسـات تـنتھك الـقانـون الـدولـي.. كـما نـحث عـلى ضـرورة مـسانـدة ھـذا الـقرار الـھام فـي الـمحافـل الـدولـیة وتـعزیـزه بخطوات عملیة عاجلة تسھم في ارجاع الحق الفلسطیني المغتصب. 

    إن تسـلیط الأضـواء عـلى الجـرائـم الإسـرائـیلیة فـي اسـتھدافـھم لـلأطـفال والـنساء واغـتصابـھم لـلأراضـي الفلسـطینیة ھي مھمة إنسانیة قبل أي اعتبار آخر. 

    وعلى العالم أنیصحو من سباته تجاه تلك الممارسات اللاإنسانیة وأن یضع حداً للكیان الإسرائیلي الغاصب. 

    إنـنا ننشـد السـلام فـي مـنطقتنا.. ونـعمل عـلى تـحقیقه بـكل السـبل الـمتاحـة.. وھـو مـا یـجعلنا نـرى فـي مـمارسـات ھـذاالـكیان الـغاصـب اسـتھدافاً لـمعنى السـلام وعنوانه .. فالرعونة الإسـرائـیلیة واسـتھتارھـا بـمنظومـة الـقوانـین الـدولـیة ھو بحد ذاته خرق للسلام والقیم الإنسانیة.

    ثانياً / بصددتعديل قانون الأحوال الشخصية الذي حظي باهتمام الرأي العام وأُثير حوله الكثير من اللغط هذه الأيام ، فنود الإلفات إلىأن عراقنا الجديد و دستورنا الدائم ونظامنا الديمقراطي قد تعهدوا بالحرية والاحترام وتفهم خصوصية المجتمع العراقي بأديانهم ومذاهبهمومشاربهم وقومياتهم ، وآن الأوان ، لاستفياء هذه الحقوق التي لا تتعارض مع مدنية الدولة وحرية الأفراد و حق التعبير و إبداء الرأي بكل استقلالية واحترام.

    إننا ندعو السادة والسيدات النواب إلى مزيد من الشرح والتوضيح ، والتدقيق والمراجعة لمواد القانون للتأكد من تطابقه مع الأحكام الفقهية وملائمته لظروف العصر ، وحمايته لحقوق المرأة بشكل كامل.

    ثالثاً /مـن الـمؤسـف أن موقع رئـیس مجـلس الـنواب مـا زال شـاغـرا والـمناشـدات مسـتمرةلإخوتنا فـي الـمكون الكريمبضـرورة حـسم الـمرشـح مـن دون الـدخـول فـي أجواء الاخـتلاف والـتناحـرالداخلي.. 

    وإن تـأخـیر الحسم یـزیـد مـن تـعقید الـمشكلة ویـعرض الاسـتقرار السـیاسـي إلـى مـخاطـر جـدیـدة نحن في غنى عنھا. 

    يتحتم علينا جميعاً الـحفاظ عـلى قـواعـد الاسـتقرارالسياسي والأمـني فـي الـبلاد.. وعدم التهاون في أي ثغرة سیاسیة أو أمنیة تهدد ھذا الاستقرار. 

    وأن نـجعل الـمصلحة الـعلیا لـلبلد فـوق أي اعـتبار.. فالكسـر السـیاسـي لـیس مـن مـصلحة أحد .. لأننا فـي مـركـبواحد ویجب أن نكون بمستوى المسؤولیة الوطنیة. 

    ومن هنا نـناشـد الـمعنیين لتـقدیـم الـمرشـح الـمناسـب بـأسـرع وقـتمـمكن.. وليكن الـتفانـي والایـثار وتـقدیـم الـمصلحة الـعلیا لـلبلد أساساً فـي أي حـراك سـیاسـي یـصب فـي حلحلة الإشكالیات.. فبلدنا وشعبنا یستحق الأكثر.. وینتظر منا تقدیم الأفضل. 

    رابعاً/إن الحـراك الخـدمـي والـعمرانـي الـذي تشھده حكومة الأخ السوداني یجب أن یسـتمر من خلال الـدعـم والإسـناد السـیاسـي مـن قـبل الجـمیع.. كـما یـجب أن یـمتد ھـذا الحـراك لـیشمل الـحكومـات المحـلیة.. فـلا یـمكن أن نشھـد تـطورا كـبیرا مـن دون أن يشمل جميع الـجوانـب والـمجالات فـي ربـوع وطـنناالحبیب. 

    أحيي المتابعة المسـتمرة مـن الحكومـة الاتـحادیـة لجـمیع الـمشاریـع بـغیة إنـجازھـا فـي أسـرع وقت. 

    ونتطلع إلى منحالأولويةالقـصوى لتـقدیـم الـعون والاسـناد الاتـحادي لـلحكومـات المحـلیة من خلال تسھـیل الإجـراءات الإداریـة والـمالـیة التي تسھم فـي انجاز مشاریعھم المتلكئة لأسباب مالیة  أوإداریة. 

    یـجب تـعمیم تـجارب الـنجاح فـي كـل مـكان.. وابتكار الأسـالـیب والأدوات الـتي تـسھم فـي رفـع مـعانـاة شـعبنا وتحقیق متطلباتهفي حیاة حرة كریمة. 

    یـمكننا أن نـقدم أروع صـور الـنجاح إذا وحدنا كلمتنا وأهدافنا وھـو مـا یـتطلب إرادة سـیاسـیة واعیة ومدركة لأھمیة المرحلة وخطورتھا.

    حمى الله شعوب العالم،

    وحفظ الله شبابنا وشعبنا من كل سوء،

    وحفظ الله مرجعياتنا الدينية ولاسيما المرجع الأعلى الإمام السيستاني (دام ظله الوارف)

    ورحم الله شهداءنا الأبرار والماضين من مراجعنا العظام ولاسيما الشهيدين الصدرين وشهيد المحراب وعزيز العراق وقادة الأنتصار.

    جعلنا الله وإياكم على طريق الحق ونصرته والدفاع عن المظلومين.

    إنه نعم المولى ونعم النصير.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

    اخبار ذات صلة