• نص كلمة السيد الحكيم حول التعليم الأساسي في العراق … الواقع وآفاق المستقبل

    2022/ 10 /25 

    نص كلمة السيد الحكيم حول التعليم الأساسي في العراق … الواقع وآفاق المستقبل

    نص كلمة السيد الحكيم في الندوة التي أقامتها منظمة الحكيم اليوم الثلاثاء 25/10/2022 بالتعاون مع سفارة جمهورية العراق في باريس ومنظمة اليونسكو في مقر ها في العاصمة الفرنسية باريس بعنون( التعليم الأساسي في العراق … الواقع وآفاق المستقبل)



    بسم الله الرحمن الرحيم

    السيدات والسادة الحضور ...

    -أحييكم أجمل تحية وأتقدم بالشكر والتقدير لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة ( يونسكو) وفريق إدارتها على إتاحة هذه الفرصة الثمينة في إقامة ندوات تخصصية عالمية تهم شؤون الدول الأعضاء والمنظمات الدولية في المجالات ذات العلاقة بعملها ، ونشدد على أهمية الإستمرار في هذا التعاون لإثراء وتطوير العمل الأممي المشترك على الأصعدة والمستويات كافة. 

    -إن موضوع التربية والتعليم يقف في مقدمة الملفات ذات الأهمية القصوى لجميع بلدان العالم وخاصة تلك الدول التي تعمل على نهضة شعوبها للإلتحاق بالركب العالمي المتقدم والحضارة البشرية العظيمة ، القائمة على ركائز العلوم والمعارف ، وسيادة العدالة والقانون والحقوق ومبادئ الحرية الأساسية ، وإحترام التنوع والتعدد الإنسانيين.

    -لا شك بأننا في العراق شعبا وحكومة ومنظمات ، تواقون لتطوير قطاعاتنا التربوية والتعليمية والثقافية كافة ، تعزيزاً لتاريخنا التليد الذي سجل أولى محاولات الكتابة البشرية في وادي الرافدين فكانت أولى المدارس و الجامعات والمعاهد الإنسانية والمختبرات العلمية على امتداد حضارات بلادنا المتعاقبة ، ومازال وريدها ينبض في وجدان عراقنا الديمقراطي المتطلع الى النهوض أبداً.

     

    - وهنا بودنا أن نتقدم باستعراض جملة من المبادئ التي نؤمن بها في (مؤسسة الحكيم) ونعمل على تفعيلها في العراق من جهة و من ثم تقديم رؤيتنا ومقترحاتنا تجاه الملف التربوي والتعليمي من جهة أخرى.

    -تؤمن مؤسسة الحكيم بأن رأسمال الدول الحقيقي لاينحصر بالثروات والإمكانيات الطبيعية و المالية فحسب بل (الإنسان ) هو المحطة الاولى في سلم الأولويات ويجب أن يحظى بأعلى درجات الرعاية والإهتمام والتمكين ، ولذا إنصبت جهودنا الأساسية في الدفاع عن حقوق الأسرة والطفولة والمرأة عبر مئات المؤتمرات والندوات والنشاطات المحلية والدولية العلمية والإجتماعية ، لترسيخ هذا المبدأ وإشاعة ثقافة ( الإنسان أولا) ، كركيزة أساسية في تطوير كل ما يمت إليه بصلة ، وفي المقدمة من ذلك تأتي التربية والتعليم والتنشئة والتمكين. 

    -كما إن أي نهضة متوقعة في أي دولة من الدول بحاجة الى عقول نيرة وخلاقة قادرة على تشخيص نقاط الخلل وتقديم أفضل الحلول الممكنة ، عبر الأفكار الجديدة والقفزات الإبداعية ، وهذا الأمر بحاجة الى بيئة حاضنة ومحفزة ، ومناهج علمية محكمة ، وأساليب متطورة ، وتركيز مضاعف من الدول باتجاه تحقيق هذا الهدف السامي. 

    -من هنا عملت (مؤسسة الحكيم) بالشراكة مع النخب و الكفاءات الوطنية والدولية على تحفيز الدولة العراقية باتجاه رفع ميزانيات التربية والتعليم ضمن الموازنة المالية العامة للدولة ، ووقفت مع المطالبة بحقوق المعلمين والأساتذة والعمل على تطوير أداءاتهم بمختلف المستويات ،وتطوير المناهج وطرائق التدريس والبنية التحتية في عموم المحافظات العراقية. 

     

    -كما إننا نؤمن بوجوب الإنتقال السريع والآمن من التعليم التقليدي المرتكز على الاستجابة العشوائية للمعلم و الإنغماس الكامل بالترديدات والإعادة والتكرار للمواد الدراسية بإسلوب تقليدي جامد ، وإعتماد المكتوب والمنقول والمستنسخ ، الى أنساق التعليم المتقدم القائم على المشاركة والتفكير والتفكيك والتعقل بموازاة الأنشطة البدنية والإجتماعية والحقوقية ، وكذلك الإستفادة من التكنولوجيا والتطور العلمي والتجريبي والمختبري في المدارس والجامعات. 

    -إن هذه الأهداف والمشاريع الطموحة تصطدم بمعرقلات غير قليلة في عراقنا اليوم ، أهمها مايمكن إجماله بالآتي:

    -إن عقود الحروب والنزاعات والحصار الإقتصادي في زمن النظام البائد قد تسببت في تدمير الإرادة التربوية والتعليمية وأنتجت نسباً عالية من الأمية في البلاد ، الى جانب تحديات الإرهاب الظلامي بعد عام ٢٠٠٣ الذي ركز على إستهداف وتدمير المدارس والجامعات وإغتيال الأساتذة والنخب طوال العقدين الماضيين ، مما إفرز نقصا حاداً في البنية التحتية التربوية والتعليمية في العراق. 

    كما إن التركيز الأكبر للدولة قد وقع على تقوية البنية الأمنية والعسكرية لمواجهة التحديات الإرهابية الوجودية ، مما تسبب في خلل واضح على مستوى التمويل اللازم لقطاع التربية والتعليم رغم كل الجهود المبذولة في هذا الاتجاه.

     

    -من جهة أخرى فإن إنقطاع العراق لمدة طويلة عن محيطه الإقليمي و الميادين الدولية منعه من الإستفادة من الخبرات والتجارب والتطورات العالمية مما أدى الى  إستمرار التعليم التقليدي في البلاد على حساب التعليم المتجدد والمتقدم.

    -ولكن مع كل ما ذكر من مصاعب ومعرقلات ، كانت هناك إرادة مجتمعية واضحة لدى العراقيين بتطوير هذا القطاع ، ويمكن تلمس ذلك عبر مئات المدارس الأهلية النموذجية والمتطورة في البلاد وعشرات الجامعات الأهلية المرموقة التي يتفاعل معها وينضم لها الطلاب وتحظى بإهتمام الأهالي وإقبالهم عليها  ، مما دفع بالدولة لإقتفاء أثر هذه المشاريع والعمل على بناء آلاف الأبنية المدرسية وتوفير المتطلبات التكنولوجية الحديثة في عموم البلاد ، والعمل مستمر في هذا الإتجاه.

    -لانزال نشهد قصص نجاح نوعية ومتواصلة ، حصلت بجهود فردية ومجتمعية عبر المدارس الأهلية كمدارس الإمام علي (ع) و(بهلول) و(تنمية الابداع) و(التكامل) و(ماما أيسر) و(القديس توما) و(الحكمة) و(المعارف) وغيرها و هي بحاجة الى عناية ومتابعة و دعم وإسناد دائم من اليونسكو والمنظمات الأخرى لجعلها مثابات تطويرية لكافة القطاعات العامة والخاصة في البلاد ، ونأمل أن نرى مع تشكيل الحكومة الجديدة والإستقرار النسبي الحاصل جراء التداول السلمي للسلطة قفزات كبيرة في قطاعي التربية والتعليم بوصفها مساحة هامة لبناء الإنسان و الوطن معا في بلادنا. 

    -نجدد شكرنا و تقديرنا لليونسكو وللسفارة العراقية في باريس ولكل الأصدقاء والزملاء الذين رافقونا في هذه الندوة الهامة مع تأكيدنا الدائم على العمل من أجل تطوير بلادنا و العالم معا. 

    اخبار ذات صلة