• كلمة السيد الحكيم في المؤتمر الخامس للإتحاد الوطني الكردستاني 2023 م

    2023/ 09 /27 

    كلمة السيد الحكيم في المؤتمر الخامس للإتحاد الوطني الكردستاني 2023 م

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين

    السادة والسیدات الحضور الكرام

    السلام علیكم ورحمة ﷲ وبركاته..

    في البدء أبارك لكم المولد النبوي الشريف وأعزيكم بفاجعة الحريق في صالة احتفالات الحمدانية مما أودى بحياة العشرات من أبناء شعبنا وإصابة آخرين حيث اوجعت قلوبنا .

    یـسعدنـي أن أشـارككم مـؤتـمركـم الـعام.. مـتمنیاً لقيادة الإتحاد الوطني الكردستاني وأعـضائـه مزيداً مـن الـعطاء وبـذل الجهود والتوفيق لخدمة أھلنا في كردستان والعراق.

    إن العمل السیاسي الناجح یتطلب الإخلاص والمثابرة لأجل تحقیق الأھداف النبیلة والمقاصد الخیرة..

    وإن تـاریـخ الإتـحاد الـوطـني الـكردسـتانـي حـافـل بالـعطاء والـنضال والـمواقـف الـوطـنیة المشـرفـة.. وقد بذل في سبیل تحقیقھا عقوداً طويلة من العمل والنضال ، كللتها دماء الشهداء والمواقف المشرفة والتضحيات.

    وفي هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا .. لابد من إستحضار الزعيم الراحل مام جلال طالباني القائد التاريخي للإتحاد الوطني الكردستاني وراسم المنهج الذي سار عليه .. وهو المنهج الوطني الذي ساهم بشكل كبير في حفظ هوية العراق و وحدة الكلمة في أشد العواصف والأزمات التي واكبت عملية التأسيس الديموقراطي ما بعد عام 2003.

    فالرئيس الراحل مام جلال لم يكن رئيساً للكرد فحسب .. بل كان رئيساً لجميع العراقيين من دون إستثناء أو انحياز لقوميةٍ أو دينٍ أو مذهب..

    ولم يكن رئيسا للاتحاد الوطني الكردستاني فحسب .. بل كان رئيساً وأخاً كريماً لجميع القوى والأحزاب السياسية..

    كان حاضراً ومتواجداً وفاعلاً .. في كل أمر يرى فيه دعما لمسار التلاحم الوطني وتعزيزاً للسلم المجتمعي .. وإعادة بناء الدولة وحفظ هيبتها وسيادة دستورها..

    لذلك كان مام جلال مثالاً واقعياً شاخصاً وكما وصفته المرجعية الدينية العليا بأنه "صمام أمان العراقيين" في الذود عن وحدتهم وجمع كلمتهم وتوحيد صفوفهم..

    وكان ذلك في حد ذاته سبباً دائماً لحب العراقيين وإحترامهم الكبير لهذا الرجل الوطني المخلص لبلده وشعبه..

    إنها فرصة حقيقية لعموم العراقيين وللإخوة في إقليم كردستان بشكل خاص ، لإستحضار القيم الوطنية التي سار عليها الزعيم الراحل مام جلال ، فهو لم يتعامل يوما مع حكومة بغداد من زوايا الندية أو المنافسة القومية .. وكان يؤمن بأن إستقرار العراق وحكومته يعني إستقرار إقليم كردستان .. وأن الأزمات مهما حصلت واشتدت ، فإن الحلول حاضرة في أذهان الإخوة وأبناء البيت الواحد.

    ومن بصيرة هذا الرجل وحكمته ، أن يعتمد الشركاء ورقةً واحدةً جامعةً لتعزيز المفاهيم ومعالجة الإشكاليات حول أي قضية سياسية ، فتوحد الآراء والمواقف بحد ذاتها ، تعد مدخلاً للحلول الناجعة والخطوات العملية في حفظ مصالح العراق وشعبه.

    إن ھذا التاریخ المشرف ھو أمانة كبیرة يجب الحفاظ علیها ومواصلتها نحو تحقیق الأھداف المنشودة..

    أمـلنا كـبیر فـي قـیادة الإتـحاد الـوطـني الـمتمثلة فـي الأخ الـعزیـز السـید بـافـل طـالـبانـي وبـقیة إخـوتـه ورفـاقـه فـي الإتحاد.. بأن یواصلوا الدرب ویكونوا خیر قدوة في الایثار والتعاون والوحدة..

    فمن دون وحدة الكلمة وتلاحم الموقف .. لا یمكن اكمال المسیرة وتحقیق الأھداف.

    إنـنا فـي بـغداد وبـقیة مـحافـظات الـعراق نـتطلع نـحو كـردسـتان العزيزة ونـرى فـیھا ملامح المسـتقبل المشـرق الـذي یجمع العراقیین جمیعاً ویوحدھم في طريق بناء الدولة العراقیة الإتحادیة القویة المتماسكة.. لينعم الجميع بدولة ذات سیادة ، مستقرة أمنياً وسياسياً وتنموياً..

    لقد مر العراق بظروف شتى من المصاعب والتحدیات ، كادت توصله الى حافة الانھیار..

    لولا تماسك شعبه وحكمة قیاداته.. وقبل كل شيء كانت رحمة ﷲ وعنایته بالعراق وأھله..

    وحـینما نسـتذكـر تـلك التحـدیـات ونسـتشرف الـفرص الـمتاحـة أمـام الـعراق.. فإننا نؤكد ضـرورة الـتماسـك ووحدة الكلمة ونبذ الخلافات بین أبناء الوطن الواحد.. لإكمال المسیرة الوطنیة التي خطھا الشھداء من قبلنا و أرسوا دعائمها.

    فـبغداد لا یـمكن أن تـكون قـویـة مـن دون أن تـكون كـوردسـتان قـویـةً ومـتماسـكةً.. والـحال كـذلـك مع كوردستان في تطلعھا نحو بغداد..

    إننا أبـناء وطنٍ واحد.. ودیـن واحد.. ومـصیرنـا وتاریخنا واحد..

    ولـدیـنا فـرص كـثیرة رغـم التحـدیـات الـكبیرة.. ولا يمكن تجاهل الصعوبات والمشاكل والتراكمات .. ولـكن یـجب أن لا نـكون أسرى لتلك الھواجس أو نعیش في إطارھا مكبلين بل يتوجب الخروج الى فضاء الفرص الحقیقیة للنهوض.

    العراق بلد غني رغم تحدیاته الإقتصادیة..

    وواقعه السیاسي ثري بالتجارب العملیة برغم الأزمات..

    والإرادة الوطنیة حاضرة ومتجسدة أمام كل تھدید یمس أمن العراق ومصالح شعبه..

    لا بـدیـل أمـامـنا إلا دعـم الـدولـة وحـفظ ھـیبتھا وسـیادتـھا، وھـذا الـدعـم لا یـقتصر عـلى مـكون دون غـیره.. بـل ھـو مسؤولیة الجمیع..

    فسـیادة الـدولـة یـجب أن تبقى حـاضـرة فـي كـل شـبر مـن أرض الـعراق، لا اسـتثناء لـمدیـنةٍ دون أخـرى، فـأمـن السـلیمانـیة وأربـیل ودھـوك ھـو ذاتـه أمـن الـبصرة وبـغداد والـموصـل.. وسـیادة الـقانـون وحـفظ مـصالـح الـعراقـیین هو المصیر المشترك بین جمیع القوى السیاسیة الوطنیة المخلصة.

    وإن مـا یھـدد أمـن السـلیمانـیة ومـصالـح أھـلھا.. ھـو ذاتـه یھـدد أمـن ومـصالـح الـعراقـیین فـي مساحاتهم ومناطقهم الأخرى.

    لـقد دفـعنا دمـاء طـاھـرة فـي سـبیل بناء عـراق إتـحادي مـوحـد ذي سـیادة ، ومستقل فـي قـراره ومصیره.. ولن نتھاون في ذلك مطلقا مھما كلفنا ذلك من ثمن.

    ويجب الحذر من أيادٍ خفیة تحاول أن تستھدف قوة العراق عبر تفریق كلمته وموقفه الوطني.

    وھــو الخــطر الأكــبر الــذي یھــدد أمــننا الــوطــني.. ویــعرض الــعراق لــمخاطــر كــبیرة في ســلمه وأمــنه الاجتماعي..

    ویـجب عـلینا الالـتفاف حول أي قرار يعزز موقف الـدولـة الـعراقـیة و وجودها.. عـبر الـمشاركـة الفاعلة والإیـجابـیة فـي صـناعـته.. وبـلورة موقف وطني مسؤول .. یحترم ھیبة الدولة.. ویحفظ مصالحھا العلیا..

    إنـنا نـتطلع إلـى الـدور الـوطـني الـكبیر الـذي یتحـمله الإتـحاد الـوطـني الـكردسـتانـي قـیادة وأعضاء وكوادر ، في توحید الصف الكوردي أولا.. وتوحید المواقف الوطنیة مع إخوتھم في بغداد..

    فـروح مـام جـلال (رحـمه ﷲ) حـاضـرة بـیننا.. ودوره الـوطـني الـكبیر فـي تـقریـب وجـھات الـنظر وتـوحـید الـكلمة ماثل أمامنا..

    ويقتضي أن نـعمل ونـفكر معاً في تـنفیذ آلـیات الـمشاركـة والـتعاون فـي الـعمل السـیاسـي والخـدمـي.. وأن لا نتوقف عند الإشكالیات أو الأخطاء..

    فمـن خـلال المراجعة الجدية والتفاهم والـصبر يمكننا تحقيق أهدافنا .. یـقول الله تـعالـى فـي مـحكم كـتابـه الـكریـم: 

    بسم الله الرحمن الرحيم 

    " وتـواصـوا بـالـحق وتواصوا بالصبر".

    وبالصبر وبالتمسك بالحق والبصيرة سنصل إن شاء الله إلى بر الأمان وتحقیق مصالح شعبنا ..

    رحم ﷲ الزعيمين الكبيرين مام جلال طالباني وملا مصطفى البارزاني، ورحم الله الشهيدين الصدرين وشهيد المحراب أية الله الشهيد السيد محمد باقر الحكيم، ورحم الله شھداء العراق.. وشھداء البیشمركة والحشد الشعبي وجمیع صنوف قواتنا المسلحة.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

     

    اخبار ذات صلة