شهيد المحراب والاربع عشرة خطبة
فمن حيث أسباب تأزم الأوضاع،فهو يرى ان عدواً واحد هو الذي يتحمل كل تبعه،وان كان بعناوين متعددة،فبقايا النظام الفاسد وأنصارهم في المحيط الإقليمي وان تعددت صورهم وتباينت إشكالهم فهم من يتحملون بشكل رئيسي مسؤولية كل دم يراق على تراب الوطن وكل معاناة عاش المواطن العراقي في دوامتها .. واما الأخر فهو المحتل الذي تفرض عليه مصالحه خلط الأوراق بما يبقي العراق وكأنه محتاج لديمومة بقاءه .
وكان السيد الشهيد قد عاصر فترة مجلس الحكم،فقد أوصى كثيراً على ضرورة الارتفاع الى مستوى استقلالية القرار،مشدداً على تشكيل وزارة تتسم بالإخلاص والمهنية لإعادة الحياة الى مؤسسات فاعلة في مكافحة الفساد الإداري كما هي فاعلة في مجال خدمة المواطن العراقي ايضاً،وفي الوقت الذي شدد على ضرورة وحدة مكونات الشعب العراقي،أكد على العدل في التعامل مع كل مكون بلا غمط لحق أو تهميش لدور ، محذراً من تدخل الآخرين في شؤون البلد بما يوسع ألهوه ما بين الفرقاء،ان بدواعي عنصرية عرقية،او طائفية مقيته،محملاً الإعلام المعادي مسؤولية العزف على أوتار تعميق المأساة ... وقد حرص السيد الشهيد على بيان التكليف المطلوب بازاء هذه المخاطر ... فبالقدر الذي يرى اعتماد المقاومة السلمية ممثلة باستنفاد كل السبل السياسية والقانونية بأزاء المحتل فهو يشدد على مكافحة الارهاب الداخلي والخارجي بكل قوة لقطع شأفته وحماية المواطن من شروره ...
واما في خطبه العبادية،فقد لوحظت محورية موضوع الامر بالمعروف والنهى عن المنكر في عموم خطبه الاربع عشرة ، لما يرى (قده) من مسؤولية كبيرة للامة في اتخاذ موقف جماعي من السلوكيات والتصرفات غير السليمة والتي تصدر من افراد او جماعات على اعتبار مردودها السلبي ان عاجلاً او اجلاً على مصالح الامة جميعاً ... مشيراً الى ثابت اساسي يسترشد بهديه لتشخيص الموقف المطلوب ... الا وهو ولاية امير المؤمنين ( ع ) فبازاها يحدد الموقف من الأقربين والأبعدين، وكلما كان التولي لائمة الهدى ( سلام الله عليهم ) قوياً ... فستكون البراءة من أعداءهم بذات القوة ... وان أي خلل فيهما فانما ينبيء عن حالة من النفاق ... لان الولاية بذاتها تستلزم موالاة مواليهم ومعاداة أعداءهم ، فعلى حد توصيف الرسول (ص) لاحد اصحابه الذي سأله عن كيفية معرفة الموقف الصحيح فيما هو حب في الله او بغض في الله،اجابه الرسول الكريم ... مشيراً الى علي ( ع ) إن ... ( وال موال هذا،وان كان قاتل أخيك او ابيك ، وتبرأ من عدوه،وان كان أخوك أو أبوك ) انها قراءة لشهيد المحراب (قده) حريّ بالجميع الاطلاع عليها وتلمس ما فيها من أراء صائبة والتفاتات دقيقة،لانها نظرات حكيم الى أمور معقدة،بدت في نظر الكثيرين متشابكة ومتداخلة،فخفيت عليهم أسباب وحقائق،وتعملقت في أعينهم نتائج وأوهام،دعت الى اتخاذ مواقف غير دقيقة وغير صائبة .