لدى لقاءه صحيفة النهار الكويتية
متمنيا اغلاق ملف الديون لقطع الطريق على المغرضين الساعين الى تأزيم العلاقات بين العراق والكويت ، مشددا في الوقت ذاته على ان السلطات عراقية ملتزمة بحقوق الكويت عليها ولا تتجاهل ذلك.
وفي هذا السياق لفت سماحة السيد عمار الحكيم الى ان المواطن العراقي البسيط ينظر بعين الاستغراب الى رفض العرب شطب 20 بليون دولار من ديونهم على العراق في الوقت الذي الغت الدول الغربية 110 بلايين دولار .
وحول الهواجس الاقليمية من تسلح العراق ، اكد سماحته ان هذه الهواجس مشروعة وان الحكومة العراقية تعمل على تبديدها ، من جانب اخر استبعد امكانية نشوب حرب اهلية بعد الانسحاب الاميركي، مشيرا الى ان الجهوزية الامنية والعسكرية للقوات العراقية تحول دون ذلك.
وفيما يتعلق بالاتفاقية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وعدم اقرارها حتى الان، اوضح السيدعمار الحكيم ان هذه الاتفاقية تشمل كل الجوانب السياسية والاقتصادية والتنموية والامنية وتحدد اطاراً مستقبلياً للعلاقات بين البلدين، مشيرا الى أن العراق يسعى الى الانفتاح على العالم الغربي والاستفادة من تقدمه وان الاتفاقية الاستراتيجية تأتي في هذا الاطار.
جاء خلال اللقاء الصحفي الذي اجرته مع سماحته صحيفة النهار الكويتية يوم الثلاثاء 16/9/2008 خلال زيارته التي قام بها الى دولة الكويت الشقيقة وفيما يلي نص الحوار :
المراسل / هناك مخاوف مشروعة من موضوع التسليح العراقي ومن اثارة بعض القضايا التي يعتبرها العراق معلقة ، السؤال هو الا تتوافر ارضية توافقية بين البلدين تطوي الى الابد تبعات الماضي بما يرضي الاطراف المعنية؟سماحة السيد عمار الحكيم / لاشك ان علاقة الكويت بالعراق علاقة متميزة وجاء هذا التميز للاهتمام الكويتي المبكر بالشأن العراقي لمساندة ابناء الشعب العراقي في محنتهم الطويلة منذ سنة 91 والى سقوط النظام البائد وايضا اسهامات الكويت في مساعدة الشعب العراقي في الاعتراف بالعملية السياسية وفي التواصل مع الحكومة العراقية المنتخبة او الحكومات التي تعاقبت منذ سقوط النظام والى اليوم وبالتالي فإن هذه العلاقة ليست متميزة فقط يجمعها الجوار والتاريخ والروابط الاجتماعية والافاق المستقبلية لهذه العلاقة التي تجعل الموضوع اكثر تميزا. واعتقد ان مايفكر فيه العراقيون اليوم هو الالتزام بالقرارات الدولية فيما يخص تنظيم هذه العلاقة ان كان مع الكويت او مع اي دولة اخرى .. العراق الجديد هو العراق الذي يلتزم بالعهود والمواثيق والقرارات الدولية ولا يتعداها ولا يتجاوز عليها وبالتالي كان هناك حديث في بعض الاروقة قد يكون في كيفية تطبيق القرارات الدولية على الارض .. نحن نعرف ان القرارات الدولية وضعت تصورا لكن نقل هذا التصور الى الارض وتشخيص تفاصيل الموقف الميداني على الارض هو الذي قد يكون اثير هنا وهناك وانا شخصيا لست مع اثارة الموضوع في هذه المرحلة ولكن وفي كل الاحوال العراق يلتزم بشكل كامل بالقرارات الدولية.
اما ما يخص موضوع التسليح ، نحن نقدّر الهواجس الاقليمية واعتقد كما ان تحسين وصيانة المشروع السياسي في العراق وتوفير كل مقومات تحقيق الامن للمواطن العراقي هو حق ومسؤولية للحكومة العراقية فان تبديد الهواجس واحترام قلق الدول في المنطقة وايضاح الصورة وازالة الغموض هو حق لهذه الدول لانه لا يمكن لأحد ان يمضي قدما في مشاريع قد تقلق الاخرين من دون ان ينظر الى هذه الهواجس ويعالجها ويبددها . وبالتالي نحن مع فكرة تبادل الاراء والحوار المستمر والتشاور بين قيادات المنطقة وتواصل العراق مع الدول المحيطة لازالة كل مسببات الغموض والمضي قدما في المشروع بما لا يخيف ولا يقلق احدا ويكرس الانطباع الاكيد وهو ان العراق الجديد عراق المحبة والتسامح والبلد الذي يشيع السلام في المنطقة ولا يكون ولن يكون موضع قلق لأحد من جيرانه .المراسل / لماذا يثير العراق موضوع التعويضات والديون الان؟ هل عجز العقل الكبير الذي احتضن الالام العراقيين وتعامل بحكمة وصمت ودراية وانسانية مع مخلفات النظام السابق وارهاصات وتدخلات البعض من الخارج ، عن ايجاد آلية تكافئ الكويتيين على موقفهم من العراق ومن تحريره وهي الدولة الوحيدة التي وقفت معه؟
سماحة السيد عمار الحكيم / لاشك اننا مع تسوية شاملة مع اي قضية من شأنها ان تعيق او تلكؤ تعزيز وتقوية وتمتين وتطوير العلاقات ، وفي الامر الرأي العام في العراق اليوم ينظر بكثير من الاستغراب بأن تطفأ ديون قدرها 110 بلايين دولار من الديون التي كانت بذمة العراق الى دول اجنبية ويبقى 20 بليون هي الديون العربية على العراق .. المواطن العراقي يتساءل كيف ان الدول الاجنبية تطفئ ديونها وترفع اليد عنها في حين الدول التي لها مصالح اكبر في العراق ومع العراق وهي الدول العربية مازالت متريثة في هذا الموضوع .. نحن ننظر باحترام الى موقف الامارات العربية المتحدة الشقيقة برفع اليد كليا عن ديونها ولعل التوقع الموجود في العراق عن الكويت بالتحديد هو ناتج من خصوصية هذه العلاقة والتي يتطلع الشعب العراقي الى ان تكون تواقة للمبادرة في مسألة اعادة النظر في هذا الملف. لاسيما اذا لاحظنا ان هذه الديون لم تكن لمصلحة الشعب العراقي ولم تصرف على الاعمار والبناء ولم يستفد الشعب العراقي منها وانما كانت هذه الديون لانظمة ظالمة استخدمت هذه الاموال في حروب وفي مزيد من الدمار للشعب العراقي .. نحن نقدر ونلتزم بالحقوق لجميع الدول علينا واولها دولة الكويت ولكن هناك تمنيات بوضع تصور لمعالجة هذا الملف وانهائه ولا نريد ان تكون هناك اي عقبة او اي قضية تشكل ذريعة لدعم المتشددين او من لهم موقف من هذه العلاقة المتميزة بين البلدين ومن المعروف ان البعثيين وبعد الموقف الحازم من قبل الكويت لنصرة الشعب العراقي في تسهيل الانقضاض عليهم وتغيير النظام فان البعثيين في العراق ليسوا على تأييد ومحبة للكويت في كل واجهاتها وكل اصنافها وهؤلاء يبحثون عن ذرائع دائما ليفجروها في وجه العلاقة بين البلدين . يجب ان نعمل على ان نعالج هذه الملفات ونسويها تسوية منصفة ومقنعة ومقبولة لكلا الطرفين لننطلق منها الى تعزيز العلاقة بين البلدين وليس ان تتحول الى معوقات تعيق هذه العلاقة .
المراسل / مع كل التقدير للدول الاخرى لكن الكويت هي الدولة الوحيدة التي تعرضت للغزو والغدر على ايدي النظام السابق بعد حربه ضد ايران هذا ليس هو السؤال ، السؤال هو عن احتمال الانسحاب الاميركي من العراق فهل هناك مخاوف لدى الادارة العراقية عن احتمال عودة التوتر واحتمال اندلاع حرب اهلية؟
سماحة السيد عمار الحكيم / لا اعتقد ان التقييمات التي تصدر اليوم من القادة العسكريين والامنيين تشير الى ان المؤسسة الامنية العراقية وصلت الى مستوى من الجهوزية يؤهلها لملء الفراغ الامني بالكامل وبالتالي تستشعر الحاجة الى المساعدة والمساندة الوقتية محدودة الوقت لاستكمال هذه الجهوزية في المؤسسة الامنية العراقية وبالتالي فان انسحابا مبكرا قد لا يجده جل الاطراف العراقية على انه خطوة تساعد على استقرار العراق في هذه المرحلة . وألا يكون القلق اليوم وبعد الاشواط التي قطعناها من الوئام والتلاحم والوفاق الوطني هو العودة الى احتقان طائفي او قومي او شد بين الناس في العراق وانما قد تؤدي مثل هذه الخطوة الى فرص للمتشددين والقوى التكفيرية والارهابية وهي قادرة على ان تلملم اوضاعها وتتحرك بسرعة وتوجه ضربات اخرى وبالتالي تضر بالمشروع وهذا هو ما قد يكون مقلقا للعراقيين الى حد ما . ونتمنى ان نعمل جاهدين وان نركز على بناء المؤسسة الامنية العراقية ونستغني عن اي مساعدة في هذا المجال في القريب العاجل .
المراسل / ماذا عن الولايات المتحدة والالتزامات المترتبة عليها في ان تستثمر بشكل ضخم في العراق وان تنشئ قاعدة صناعية وان تعمل على المساعدة على توظيف العاطلين وتشغيل عجلة التنمية، هل ستخرج اميركا بدون ان تفي بالتزاماتها مع انها هي التي سهلت وسببت التغيير وبدونها كان مستحيلا؟
سماحة السيد عمار الحكيم / بكل تأكيد الاتفاقية التي يجب الحديث عنها هي ليست اتفاقية أمنية فقط وانما هي وضع اطار لتنظيم العلاقة بين العراق وبين الولايات المتحدة يأخذ بنظر الاعتبار الجوانب الاخرى السياسية ، الاقتصادية ، التنموية وما شابه ذلك . ولا نشك في ان هناك اخطاء كثيرة صدرت واستمعنا من وزيرة الخارجية الاميركية عن الاف من الاخطاء التي وقعت من قبل الاميركان خلال السنوات الماضية وبالتالي نحن تواقون لبناء علاقة متوازنة وانفتاح على الوضع الدولي على الدول المؤثرة في العالم والاستفادة من خبراتها وتقنياتها والفرص الاستثمارية المتوافرة لديها لاعادة اعمار العراق والولايات المتحدة واحدة من هذه الدول لذلك فان الحوار مستمر بين الحكومة العراقية والادارة الاميركية.المراسل / قضية كركوك هل سيكون بالامكان الخروج من هذا المأزق للحفاظ على التوافق العربي الكردي وعلى وحدة البيت العراقي؟
سماحة السيد عمار الحكيم / انا شخصيا متفائل واعتقد ان سياسة لي الذراع وكسر العظم وتجاهل مصلحة اي مكون من المكونات أو اي طرف من الاطراف الاساسية لايمكن ان يوصلنا الى نتيجة. كركوك هي العراق المصغر وفيها مكونات مختلفة وبالتالي اذا تجاهلنا أيا من هذه المكونات والاطراف فان ذلك يعني استمرار الازمة في حين اذا اردنا ان ننظر الى كل هذه المكونات ونأخذ بنظر الاعتبار وبالتقدير الى مصالحها وحقوقها نكون قد اقتربنا وقتها من الحل. موضوع كركوك وغيره من الملفات الساخنة يجب ان يعالج عبر الاليات التوافقية وليس فرض الرأي في أي اتجاه من الاتجاهات. وحدة العراق اساس استبانة واستحضار المصالح لجميع العراقيين وهو مبدأ مهم ونحن نثق على انه من خلال هذه المبادئ بالامكان معالجة كل هذه الملفات.