• السيد عمار الحكيم : السيدة الزهراء (ع) كانت نموذجا متميزا وراقيا في العلاقة الزوجية وتكوين الاسرة وفي موقع الامومة وتربية الابناء

    2015/ 04 /04 

    السيد عمار الحكيم : السيدة الزهراء (ع) كانت نموذجا متميزا وراقيا في العلاقة الزوجية وتكوين الاسرة وفي موقع الامومة وتربية الابناء



    بسم الله الرحمن الرحيم
     

    الحمد لله رب العالمين بداية ارحب بكم اجمل ترحيب في مجلسكم هذا مجلس اهل البيت ( سلام الله عليهم ) وأعزيكم بذكرى استشهاد سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء ( صلوات الله وسلامه عليها ) وانها لظلامه تضاف الى ظلاماتها ان تاريخ استشهادها ليس محددا مما يضطرنا لان نحتفي بذكرى استشهادها في اكثر من مناسبة بناء على تعدد الروايات الواردة في هذا الامر .

    الزهراء قدوة للإنسانية جمعاء

        الحديث عن السيدة الزهراء هو الحديث عن الانسان القدوة ولا اقول المرأة القدوة، لان الزهراء البتول لم تكن قدوة للنساء وحدهن ، وانما هي قدوة للانسان رجلا كان او امرأة ، وكم هو تكريم وتبجيل وتعظيم للمرأة ومكانتها في المجتمع حينما يقدم الاسلام نموذجا من المرأة لتكون قدوة للإنسانية جمعاء ، هذه المرأة المستضعفة ، المرأة المظلومة والمضطهدة في معايير الجاهلية ، المرأة التي كان يتشائم منها ذلك المجتمع كما يخبرنا القران الكريم بسم الله الرحمن الرحيم " وإذا بشر احدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم  يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ، ألا ساء ما يحكمون " اين تلك النظرة الجاهلية للمرأة والتي تجدها عارا وتنظر اليها على انها عبء ونظرة الاسلام التي تقدم نموذجا اسطوريا هو الزهراء البتول ( صلوات الله وسلامه عليها ) ، الزهراء كانت قدوة في شخصيتها وفي سماتها وفي علمها وفي سلوكها وفي ادائها وفي الادوار التي قامت بها ، فهي قدوة في دور البنت الى حد ان يشهد ابوها رسول الله (ص) بأنها ام ابيها ، كانت بنتا بارة بوالدها الى هذا المستوى ، وكانت قدوة في موقع الزوجة وقدمت نموذجا راقيا ومتميزا من العلاقة بين الزوج والزوجة وتكوين الاسرة ، وكانت قدوة وهي في موقع الامومة في تربية اولادها ورعايتهم والاهتمام بهم ففي كل هذه الادوار نجد ان الزهراء البتول كانت تمثل القدوة ، وفي هذه المناسبة اسمحوا لنا ان نقف قليلا عند جانب الاقتداء في البعد الاسري كيف كانت تتعاطى مع زوجها علي (ع) وكيف انها مثلت نموذجا يطمح اليه علي الزوج ويجده في فاطمة الزوجة ، هذه الرواية في "بحار الانوار "تروي قدوم رسول الله (ص)  بعد زواج علي من فاطمة ، جاءهم رسول الله زائرا وفي الزيارة الاولى بعد الزواج يريد ان يستعلم ويرى كيف تعرف بعضهم على الاخر وما هي انطباعات كل منهما عن صاحبه ، عن زوجه ، فسال رسول الله (ص) عليا "كيف وجدت اهلك " وهذه الشيء مهم من النقطة الاولى من بداية انطلاق الحياة الزوجية ما هو الانطباع ؟ اذا كانت الانطباعات ايجابية فهذا شيء حسن حتى يعزز ، وإذا كان هناك اشكالية ما بعدنا في اول الطريق وهناك فرصة للإصلاح وللتطوير ولتحقيق الانسجام ، يجب ان لا نترك المشكل يتعاظم حتى يتحول الى ازمة ، حتى يهدد الحياة الزوجية والأسرية بين الزوجين ، نحتاج الى عملية تدارك في بداية الطريق ، " كيف وجدت اهلك يا علي " قال علي (ع) "نعم العون على طاعة الله " يا رسول الله انت زوجتني الزهراء خير من يعينني على طاعة الله هذه المرأة الصالحة الطاهرة النقية ، وعبر عن رضاه الكامل عن السيدة الزهراء ، وسال فاطمة نفس السؤال "كيف رأيت عليا " فقالت خير بعل ": نعم الزوج علي (عليه السلام ) فقال بعد ان تأكد من رضا كل منهما للآخر فقال " اللهم اجمع شملهما وألف بين قلوبهما "تأليف القلوب بين الزوجين يحتاج الى رعاية الهية والى لطف من الله سبحانه وتعالى ان يوقع محبة كل من الزوجين في  قلب الاخر " واجعلهما وذريتهما من ورثة جنة النعيم " : يطلب رسول الله لهما ولذريتهما حسن العاقبة ، " وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة " : انظر الدعاء وتأثير هذا الدعاء اليوم بعد الف وأربعمائة سنة حينما ننظر الى ذرية رسول الله (ص) وهي ذرية فاطمة لانها الكوثر ومنها الخير الكثير ومنها امتداد ذرية رسول الله (ص) وهذا ايضا منقبة اخرى وكرامة اخرى للمرأة ، فالثقافة السائدة لدى العرب "بنونا بنو ابنائنا - وبناتنا بنوهن ابناء الرجال الاباعد " ابني من هو ابن ابني اما ابن ابنتي فهو ابن العشيرة الاخرى ، اليوم ايضا هكذا تكون الامور ابن البنت يسجل باسم عشيرة ابوه وليس باسم عشيرة امه الا ذرية رسول الله (ص) فهم ينتسبون لرسول الله من خلال فاطمة (صلوات الله وسلامه عليها ) " واجعل في ذريتهما البركة " : لتكن ذرية مباركة و يكون فيها البركة والنمو والاتساع والتوالد يوم كم عدد ذرية رسول الله ، من علي وفاطمة ببركة هذا الدعاء كم مليون كم عشرات مليون كم مئة مليون من ذراري رسول الله في العالم كله هذه البركة هذه السعة نبتة وغرسة طاهرة كان لها كل هذا الاثر الكبير والعظيم ، "واجعلهم ائمة يهدون بأمرك الى طاعتك " : ويأمرون بما يرضيك ، اجعلهم على استقامة وعلى ثبات هذه بالحقيقة نص ورواية تشير الى حجم الاهتمام الذي كان لرسول الله 0( ص) بعلي وفاطمة والسمات التي كانت لهما .

    طاعة الزوج ثقافة اسلامية

        في رواية اخرى في نفس الاتجاه وفي تلك الايام بعد ان مضى بضعة ايام على زواج علي من فاطمة خلى رسول الله ببنته ، ذاك الاول سؤال بحضورهما وكل منهما يسأله الرسول بحضور زوجه الان مشت كم يوم عاد السؤال ولكن كل على انفراد ، حتى يعلم اذا كان هناك شيء في النفس ان يقال ويباح به انظروا دروس تربوية هذه اكتشاف المشكلة لو كانت ومعالجة هذه المشكلة وحاشا لعلي وفاطمة ان يكون بينهما مشكل ولكن هذه دروس يقدمها رسول الله لنا جميعا ، خلا رسول الله بابنته وقال " كيف انت يابني  وكيف رأيت زوجك " : كيف ترين الامور وهل انت مرتاحة وزواجك وعلاقتك مع زوجك ، قالت " يا ابا خير زوج الا انه دخل علي نساء من قريش وقلن لي زوجك رسول الله من فقير لا مال له ، "هذه باقية في نفس فاطمة هكذا تقول النسوة انظر شركاء السوء ، الزوجة وهي شابة تذهب الى دار زوجها ويبدأ العبث من نساء المدينة ، من الجوار ومن الاهل ومن ومن ، هذا طويل وهذا قصير وهذا فقير وهذا كذا ، وكم من زوجة كانت معجبة ومحبة لزوجها وارتبكت هذه الصورة واهتزت هذه المشاعر الايجابية نتيجة هذا الهمس واللمس من هذه او تلك وإسقاط صورة الزوج الناصعة لدى الزوجة ، نساء المدينة يا رسول الله يقلن لي علي جيد لكن فقير لا يملك اموال ، فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه واله ) " يا بني ما أبوك بفقير و لا بعلك بفقير  " انا مثل علي نحن في الحالة الواحدة لسنا فقراء "ولقد عرضت علي خزائن الارض من الذهب والفضة فاخترت ما عند ربي عز وجل " : نحن رفضنا وما عند الله خير وابقى ونحن قدمنا ما عند الله على هذه الثروات والإمكانات والغنى المادي الظاهري ، الله لا يجمعها في احد يعطي شيئا ويأخذ اخر ، فان اخذنا المال فقدنا فرصة وفقدنا نعمة من نعم الله في ما هو عنده ، لذلك زهدنا بهذا المال حتى نحضى بذاك "يا بني لو تعلمين ما علم ابوك لزنجت الدنيا في عينيك " لو تعلمين الدنيا بعين ابوك الذي يعرف عمق هذه الدنيا لكان تصغر الدنيا بعينك "والله يا بني ما الوتك نصحا ان زوَجتك اقدمهم سلما " لا تتصورين انا زاهد بك ولا تتصورين كنت فقط اريد ان اتخلص منك وأعطيك الى اي زوج حتى انتهي ، لآ ، "زوَجتك اقدمهم سلما  اقدمهم اسلاما وأكثرهم علما ": اعلم الناس بعد رسول الله " باب مدينة العلم علي ( عليه السلام ) " وأعظمهم حلما ": بيان الخصوصيات الايجابية للزوج ، علي وهو القمة لكن اي زوج اخر به عناصر قوة وعناصر ضعف فيه ايجابيات وفيه سلبيات ، الاهل والعشيرة والأقربون والأصدقاء والجيران ، يجب ان تكون فينا ثقافة ، مرة تشاور قبل الزوج هل اعطي بنتي لفلان ، هنا في مرحلة المشورة تعطيه الرأي هذا والله به كذا وكذا الى اخره ، حتى يزوج عن بينة ، لكن اذا وقع الزواج وانتهي الان السلبيات مالها تأثير ايجابي بل تأثيرها مدمر ، ليس لها اثر الا هدم هذا البيت فهنا يجب التركيز بعد الزواج على الابعاد الايجابية هذا عصبي وصحيح ولكن ابن اسرة طيبة وحمولة ومتدين ونزيه كذا كذا ، يذكر الانسان الايجابيات في هذا الزوج حتى يحليه في نظر زوجته وفي عيني زوجته ، يا بني ان الله عز وجل  اطلع الى الارض اطلاعا " نظر نظرة فاختار من اهلها رجلين فجعل احدهما اباك والآخر بعلك " الله اختار من الدنيا رجلين فكان احدهما رسول الله (ص) وهو ابوك والآخر علي (ع) " يا بني نعم الزوج زوجك لا تعصي له أمرا " تشجيع الزوجة على الطاعة والانسجام مع بعض الاسف لا يعمل بهذا في بعض المجتمعات بل تشجع الزوجة على عصيان الزوج ، تحريض الزوجة ورفع سقف توقعاتها وعصيان زوجها خصوصا ان العلاقة الزوجية لم تستحكم بعد وهذا يعني اننا ذاهبون الى المجهول ، لا حظوا الثقافة الاسلامية حتى وان كانت الزوجة والزوج بمقام فاطمة فان رسول الله (ص) يوصيها " ولا تعصي لها امرا " حتى يحصل الوئام حتى تسعد الاسرة وتستقيم وتستمر الحياة " ثم صاح بي رسول الله " ، نادى عليا ، تشجيع الزوجة امام الزوج على الطاعة هو تحفيز للزوج ان يرفع من سقف توقعاته ويطلب منها اكثر ، وهو أمر غير صحيح ، " ثم صاح بي رسول الله (ص) يا علي فقلت لبيك يا رسول الله قال ادخل بيتك وأرفق بزوجتك " حسن المعيشة والتعامل الرفق اللين الرأفة والشفقة " فان فاطمة بضعة مني " الزوج يشجع على المداراة والرفق بزوجته " يؤلمني ما يؤلمها ويسرني ما يسرها أستودعكما الله واستخلفهما عليكما " هكذا جمع بين علي وفاطمة وحدد مسؤوليتهما وهكذا شجع رسول الله العلاقة بين علي وفاطمة (ع) هذا الزواج الذي امتد لتسع سنوات لم يكن زواجا طويلا زواج فيه آلام ومحن وتحمل المسؤولية العظيمة حينما تكون بدايته بهذا الشموخ والاستقامة والأسس الصحيحة لا حظوا كيف كانت النتيجة ، مرضت فاطمة مرضا شديدا ومكثت اربعين ليلة في مرضها الى ان توفيت (ع) فلما نعيت اليها نفسها بدأت تقترب من الوفاة دعت ام ايمن وأسماء وبنت عميس ووجهت خلف علي وأحضرته ، لا حظوا دور الزوج في لحظة الفراق لحظة الوداع ، فقالت يا بن عم انه قد نعيت الي نفسي وإنني لا ارى ما بي الا انني لاحق بأبي الساعة او بعد ساعة ، وأنا اوصيك بأشياء في قلبي قال لها علي (ع) اوصيني بما احببت يا بنت رسول الله فجلس عند رأسها وأخرج من كان في البيت ، الخلوة تبادل الاسرار المصارحة والمكاشفة في لحظات الوداع ، " ثم قالت يابن عم ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عاشرتني " ، شهادة على الوفاء وأداء المسؤولية ، " فقال (ع) معاذ الله انت أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفا من الله ان اوبخك بمخالفتي " ، هذه شهادة من علي بحق فاطمة في اللحظات الاخيرة ، كنت نعم الزوجة كنت وفية لزوجك " قد عز علي مفارقتك وتفقدك "، لا حظوا المشاعر الطيبة في لحظة الوداع علي يفقد رأس ماله ويفقد درته في هذه اللحظات " الا انه أمر لابد منه " يصبّرها يسليها هذا قدرنا " انك ميت وإنهم ميتون " والله جددت عليّ مصيبة رسول الله (ص) "  كنت سلوى بفقد رسول الله لكن الآن بوفاتك يتجدد الالم بوفاة رسول الله (ص) " وقد عظمت وفاتك وفقدك فانا لله وانا اليه راجعون من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأمضّها وأحزنها " لا حظوا عمق المأساة والمصيبة لعلي (ع) بفراق فاطمة هذه والله مصيبة لا عزاء لها ورزية لا خلف لها " ليس فيها عزاء هذه مصيبة مستدامة " ثم بكيا جميعا ساعة " علي وفاطمة قضوا فترة من الزمن يبكون مع بعضهم على فراق بعضهما ، الزهراء (ع) سعيدة بأنها على وشك ان ترى أباها رسول الله (ص) وتنتهي من هذه المحن والمصائب ولكنها حزينة على فراق علي وعلي حزين على فراقها لحظة بكاء وألم لحظة مشاعر صادقة " وأخذ علي (ع) رأسها وضمها الى صدره " ابراز الحنان وإظهار المودة بين الزوجين " ثم قال اوصيني بما شئت فانك تجدني فيها امضي كما امرتني به واختار امرك على امري " حتى لو كان خلاف رغبتي انا البي طلبك وعلي (ع) يعرف ان فاطمة لا تقول الا الحق " ثم قالت جزاك الله عني خير الجزاء يا بن عم رسول الله " لا حظوا ادب الخطاب لا تقول يا زوجي ولا تقول يا علي في لحظات الوداع تخاطبه بموقعه وبمكانته المعنوية في لحظة الوداع " اوصيك اولا ان تتزوج بعدي بابنة امامة فإنها تكون لولدي مثلي " تحدد له الزوجة التي تطمئن بأنها ستكون حنونة بأولادها مشفقة بحالهم " فان الرجال لابد لهم من النساء ، الواقعية الحنان التخطيط للمستقبل التفكير بالأبناء هذه هي سمة الزهراء البتول " ثم قالت اوصيك يا ابن عم ان تتخذ لي نعشا " طلبت تابوتا ولم يكن مألوفا آنذاك " رأيت الملائكة صوروا صورته " السماء تتدخل في تفاصيل فاطمة حتى بعد وفاته فقال لها صفيه لي فوصفته له فاتخذه لها وكان اول نعش عمل على وجه الارض ذاك النعش وما رأى احد قبله ولا عمل احد ذلك النعش قبله ثم قالت اوصيك ان لا يشهد احد جنازتي من اولئك الذين ظلموني وأخذوا حقي ولا تترك ان يصلي علي احد منهم " عشت مظلومة وأريد ان اغادر الحياة مظلومة " ولا من اتباعهم وادفنني في الليل اذا هدأت العيون ونامت الابصار ثم توفيت صلوات الله عليها وعلى ابيها وعلى بعلها وبنيها فسلام على السيدة الزهراء وجعلنا الله وإياكم من السائرين على نهجها ومنوالها .