• نص الحديث الثقافي في الملتقى الثقافي الاسبوعي

    2015/ 05 /06 

    نص الحديث الثقافي في الملتقى الثقافي الاسبوعي


    بسم الله الرحمن الرحيم
     

        كان حديثنا في الاسابيع الماضية في النظرية الاسلامية في القيادة والإدارة وذكرنا ان عهد امير المؤمنين (ع) لمالك الاشتر حين ولاه مصر يمثل اختزالا لهذه النظرية ، وانتهينا الى المقطع الثامن عشر من هذا العهد حيث يستعرض امير المؤمنين (ع) المسؤوليات والمهام الملقاة على القائد الاعلى تجاه قياداته الدنيا وسلسلة المراتب العسكرية ولازال الحديث في الجند والقوات المسلحة وما يرتبط بها من احكام ، ذكرنا اربعة من الواجبات والمهام التي يتحتم لكل قائد ان يمارسها تجاه المراتب والقيادات الدنيا ، ثم انتقل امير المؤمنين (ع) الى بحث استطرادي ليعود بعد ذلك ويستكمل هذه المهام والواجبات وهو البحث عن العدل ، ولعل قائل يقول لماذا امير المؤمنين اقحم مفهوم العدل بين الشروط والواجبات التي يتحدث فيها في القادة العسكريين لماذا البحث عن العدل في ظل البحث عن القوات المسلحة مع ان العدل قضية عامة لا تخص القوات المسلحة وحدها وانما تشمل كل مرافق المجتمع المجتمع الاسلامي يجب ان يكون عادلا ان كان في مهامه العسكرية او المهام المدنية فلماذا امير المؤمنين ذكر هذا الموضوع حين الحديث عن القوات المسلحة ، كما ان القوات المسلحة مهمتها صد العدو الداخلي والخارجي ولعل اشاعة العدل والإنصاف بين الناس تتطلب حالة من الاستقرار والأمن وفرص التعايش وبما ان القوات المسلحة معنية بتوفير الامن وخلق المناخ الملائم لإشاعة العدل بين الناس فلذلك لعل امير المؤمنين (ع) لمثل هذا السبب تعرض الى موضوع العدل في طي الحديث عن القوات المسلحة.

        في هذا الموضوع تحدثنا ما ذكره امير المؤمنين من اهمية العدل في الادارة والقيادة وفي قيادة القوات المسلحة وتحدثنا عن العلاقة الحميمة والوثيقة المطلوبة بين الحاكم والمتصدي والمسؤول من ناحية وعموم المواطنين من ناحية اخرى ، بقي علينا الحديث في هذا الموضوع عن العلاقة الثنائية البينية بين المسؤول بين الحاكم بين المتصدي للخدمة العامة وإدارة شؤون المجتمع وبين عموم الناس ، هذه العلاقة من ناحية المسؤول عليه ان يرعى ويهتم بالمواطنين ان ينصفهم ان يكون عادلا معهم ان يشيع العدل في ذلك المجتمع هذه مسؤولية ومهمة اساسية يتحملها المسؤول تجاه مواطنيه ، ومن ناحية اخرى المواطن حينما يجد المسؤول عارفا بواجباته ملتزما بمسؤولياته منصفا معهم مداريا لهم مدافعا عن حقوقهم متابعا لمشاكلهم راعيا لمطالبهم حينذاك عليهم ان يبادلوه الثقة والمحبة والاحترام والتقدير والالتفاف حوله عليهم ان يمنحوه الثقة عليهم ان يصفّوا قلوبهم وينظروا له بايجابية وهنا تبنى هذه العلاقة المثالية بين مسؤول عامل بواجباته تجاه الامة وبين امة متفهمة ومقدرة لمثل هذا المسؤول ولخدماته ..


    السمات الاساسية للعلاقة البينية بين المسؤول والمواطن كما ذكر امير المؤمنين (ع) ...
     

    السمة الاولى / " ولا تصح نصيحتهم الا بحيطتهم على ولاة الأمور  ان لا يكون المواطن ناصحا للمسؤول واثقا بالمسؤول محبا للمسؤول ملتفتا ومحيطا بالمسؤول ومدافعا عن المسؤول الا حينما يكون المسؤول قد قام بواجبه في خدمة هذا المواطن ورعايته وإزالة الظلم والغبن عنه حتى يتحقق ركني وجناحي العلاقة بين المسؤول تجاه المواطن وبين المواطن تجاه المسؤول ، هذا الالتفاف والالتحام ، هناك حكام منبوذين من شعوبهم وهناك حكام شعوبهم تفديهم بالروح وبالدم ، حقيقة وليس شعارا ، الحاكم العادل يكون محبوب شعبه المسؤول والمتصدي الذي يداري ويرعى من هو مسؤول عنهم هؤلاء يتمسكون به يحبونه يدعمونه يقفون ويصدون الاعداء عنه ويدفعون الشبهات عنه الى غير ذلك بل كلما زادت الشبهات والاتهامات كلما ازدادوا تصلبا في الدفاع عنه وشعروا بمظلومية هذا المسؤول او المتصدي الذي يتعرض الى الاستهداف والتشويش والتشويه ، هذه السمة الاولى ، اذاَ ثقة واحترام ورعاية واهتمام وحل مشاكل من المسؤول تجاه الناس ، ومن الناس النصيحة والتقدير والالتفاف والإحاطة بالمسؤول .
     

    السمة الثانية / " وقلة استثقال دولهم "  حينما يكون المسؤول لواجباته تجاه الامة لينا لطيفا منصفا عادلا مع شعبه وجماعته ومواطنيه ماذا يكون الامة ايضا لا تجد هذا الحكم والحاكم ثقيلا عليها ، احيانا ياتي ضيف اما ان يكون الضيف غير مرغوب به كثيرا او يكون البيت غير مستعد للإضافة او يكون التوقيت غير ملائم للزيارة او يكون الانسان عنده التزام آخر ويداهمه الوقت فيكون هذا الضيف ثقيل على الانسان وأحيانا عندك واجب اجتماعي مرهق و لا تريد ان تذهب ولكن الواجب الاجتماعي يتطلب ان تذهب حتى لو كنت متعبا فيكون هذا الواجب الاجتماعي ثقيل عليك تخرج وأنت غير مرتاح ، وأحيانا اخرى يأتيك ضيف يكون صديق عزيز ويكون عندك وقت وليس عندك التزام تمر الساعات بدون ان تشعر ولا يكون ثقيلا او يكون واجب اجتماعي في مجلس فيه اصدقاء وأخلّاء فيه انس ومحبة الى غير ذلك ايضا لا يشعر الانسان بالحرج او التعب يكون الواجب مريحا ، وأمير المؤمنين (ع) يمثل بهذا المثال يكون هناك حاكما الناس لا تستشعر بثقل المسؤولية تحسب ايامه تريد ان تخلص منه ، مدير عام رئيس شركة مسؤول في مكان الناس تريد ان تعرف كيف ينقضي الوقت لتتخلص منه ،  وزير او حاكم او رئيس الناس تتمنى ان يروح حتى تخلص لأنه ثقيل " وقلة استثقال دولهم " السمة الثانية في العلاقة بين الحاكم والمواطنين هو قلة استثقال دولهم يعني لا يستثقل الناس فترة حكمه ومسؤوليته وتصديه يتمنوا لو يبقى اكثر ، غير ثقيلة تمر مرور الكرام ، وحينما يريد ان ينتقل هذا المسؤول الى دائرة اخرى الموظفون يبكون ويتألمون لأنه انصفهم ، بخلاف لو كان هذا المسؤول متعنتا يضيق على الناس يلاحقهم في حرياتهم يضغط عليهم اكيد مثل هذا المسؤول بهذه الممارسات والأزمات والمشاكل ابتعاده عن الناس وجالس في قصره وبرجه العاجي ولا يهتم بمشاكلهم مثل هذا المسؤول يكون ثقيلا ويتمنى الناس الخلاص منه .
     

    السمة الثالثة / " وترك استبطاء انقطاع مدتهم " هناك مسؤول تبدو مدته بطيئة يحكم اسبوع وكأنه سنة ، مدير اول دخوله الدائرة بيده عصا العقوبات ويغلظ على الموظفين تضيق النفوس ، رئيس او مسؤول او في اي موقع من مواقع التصدي فتكون فترة حضوره ليست فقط ثقيلة وانما بطيئة ايضا، يومه بسنة والناس تحسب له والفضائيات تحسب له، هناك فضائيات تضع صورة المسؤول وتضع عداد لزمن بقاء المسؤول الفلاني والناس تحسب ايام هذا المسؤول حتى تعرف متى تخلص منه، في حين المسؤول الذي يحسن اداءه مع الناس لا تحسب له بل العكس يكون السنة بيوم تنتهي اربع سنوات والناس لا تشعر بالوقت وذلك لحسن تعامله وعدالته والناس لا تستشعر الوقت . اذا العلاقة المتوازنة بين المسؤول وبين المواطنين اشاعة العدل من قبل المسؤول وحسن الظن من قبل المواطن تجاه المسؤول هذه العلاقة فيها هذه السمات الثلاث التي ذكرناها .

    يعود امير المؤمنين لاستمرار في بحثه الواجبات والمهام الملقاة على عاتق القيادة العليا ، بالنسبة للقيادة العامة للقوات المسلحة تجاه قادة الفرق او قائد فرقة تجاه امراء الالوية او آمر لواء تجاه امراء الافواج .
     

    استكمال مهام وواجبات القيادات العسكرية العليا تجاه القيادات العسكرية الدنيا

    المسؤولية الخامسة والسادسة / " فأفسح في آمالهم " ايها القائد الضباط الذين تحت يدك افسح في آمالهم اعطهم دور وافتح المجال امام طموحاتهم " وواصل من حسن الثناء عليهم " لتكن لك اشادة وتقدير وما يسطروا من مواقف في ساحة المعركة لا تأخذ انتصاراتهم وانجازاتهم وتقول انا صنعت ذلك ، عليك ان تشيد بهم وتحترمهم عليك ان تفاخر أمام الآخرين بشجاعتهم وبطولاتهم ، كرموا القادة الشجعان تحدثوا عن بطولاتهم

    الّفوا الكتب ، وقوموا بترتيب مسلسلات وأفلام عن بطولات القادة ، اشادة وشكر وتقدير ليس ان تذكر مرة ومرتين واصل باستمرار واصل من حسن الثناء عليهم ودائما اثني وامدح واطري واشكر وقدر وثمن بطولاتهم ، "وتعيد ما الى ذوو البلاء منهم " وعدد واستعرض وفصّل واشرح بطولات هؤلاء ومواقف هؤلاء ونزال هؤلاء واحدا تلو الاخر بالتفصيل وكلم الناس عنهم واخرج في الاعلام يا قائد وقل القائد والآمر الفلاني الذي تحت امرتي هكذا وقف وهكذا قام الى آخره "فان كثرة الذكر لحسن افعالهم : الاكثار من مدحهم والإشادة ببطولاتهم " يهز الشجاع " : القائد الشجاع والضابط منهم يهتز ويندفع ويتفاعل فيقوم ببطولات اعظم واكبر ، "ويحرض الناكل " ان شاء الله والخائف المتردد والمتقاعس والمتخاذل عندما يرى المديح والإطراء للأبطال سيتحرك الدم في عروقه ويحرض ويشجع على ان يكون شجاعا وبطلا كأقرانه من الضباط الاخرين فهذا المديح يفيد الشجاع ويزيده شجاعة وإقداما ويفيد المتخاذل يبعث فيه الحماس ليكون شجاعا ومقداما ومتحمسا في اداء واجباته القتالية، اذا هنا يطرح( الامير ) سمتين ومهمتين وشرطين ....


    المهمة الخامسة / فافسح في امالهم " يا مسؤول يا قائد ، ضباطك ومراتبك اعطيهم الفرصة ماذا يعني : هل ندعهم يفعلون ما يشتهون الامال الواسعة والامتيازات الكبيرة تؤدي الى استرخاء وتراخي وتؤدي الى قلة حماس واندفاع وتؤدي الى نرجسيات والى الوقوع في الاوهام ونريد ونريد ونريد في ساحة المعركة ويريد السبلت ( التبريد) والإمكانات الفلانية والكذا وإلا لا يقاتل وأكيد لا يقصد منها هذه الطلبات غير المنطقية وغير المعقولة وانما يراد منها ضمن سياق القانون وضمن استحقاقات هؤلاء فإذا كان لهم حق ومضت عليهم مدة وصار لهم حق الترفيع رفعهم لماذا تبقيه 10 او 15 سنة بلا ترفيع اعطه حقه ولا تشعره بالغبن وأطلق اماله وإذا كان عنده امتيازات لا تحرمه منها ولديه مخصصات لا تقتطعها لك يا مسؤول وأعطها له لانه سيعرف وسيوقع على رقم وسيستلم رقم اخر وسيعرف اين ذهب المبلغ ، لا تأكل من اموالهم ولا تحجز من مخصصاتهم  المشروعة والمكتوبة والمخصصة لهم  بالكامل وبالكمال والتمام هذا جانب والجانب الاخر ، الصلاحيات اتريد ان تعمل معركة استشيره وأعطه دور وقل له نريد ان نحقق الهدف ماذا تقول ما هي الخطة اعطه المجال ليبتدع ويفكر وقد يعطيك فكرة لم تفكر فيها وان كنت قائد اعلى ، وإعطاء الصلاحيات والدور ضمن الاستراتيجيات وضمن الاهداف المحددة وأعطه مساحه ليعبر عن نفسه ويفجر طاقاته ، ودعه يشعر انه شريك في وضع الخطط وفي تنفيذ المعارك اما المبدأ المعروف " نفذ ثم ناقش " اي لا تفتح فمك و تأخذ التعليمات والأوامر وتسير وليس من حقك النقاش ، لماذا ؟ اسمع منه وافتح قلبك له لعله يمتلك فكره صحيحة وإستراتيجية نافعة وصحيحة الى غير ذلك ، اما اطلاق العنان للهوى وللتمنيات وللطموحات غير المشروعه فهذا ما رفضه امير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه ) حينما قال "ان اخوف ما اخاف عليكم اثنان اتباع الهوى وطول الامل " هذا ما أخاف عليكم فكيف يمكن ان يوصي القائد العسكري الاعلى ان يمارس مثل هذا الدور التخريبي للقيادات الدنيا اكيد ليس هذا المقصود انما ضمن الاطارين اطار المخصصات وإطار الصلاحيات وتفجير الطاقات والفرص للتعبير عن النفس والوصول الى القيادة الخلاقة وليس القيادة المغلقة المحتكرة للقرار والأنانية التي لا تعتد لأحد ولا تسمع لأحد و لاتريد ان تشرك احد وتريد ان تحتكر الادوار لنفسها وبمفردها وهذا بالحقيقة ما يرفضه امير المؤمنين لان ذلك يسبب احباط للقيادة وعدم شعور بالمسؤولية ويسبب عدم اندفاع نحو المعركة وتحقيق الاهداف ويسبب انكسار ويتعلل القائد الادنى بقوله انا غير مسؤول لان القائد لم يستشرنا ، وغير القيادة التضامنية والجماعية والقيادة التشاورية والقيادات التشاركية وهذه قيادة تشرك الاخرين والمراتب والضباط وتشعرهم بالحماس وانهم جميعا جزء من الانتصار وجزء من المسؤولية الملقاة على عواتق هؤلاء وهذا ما يعمق الروح المعنوية بين القيادات الدنيا والقائد الاعلى .
     

    المهمة السادسة / "وواصل من حسن الثناء عليهم "امدحهم بشكل متواصل ولتكن لك إشادة وتشجيع وتحفيز وترغيب من خلال إبراز النقاط الوضاءة والانجازات الكبيرة التي يقومون بها " وتعديد ما بلى ذوو البلاء منهم " واستعرض وعدد انجازاتهم وعيدها مرة ومرتين لتعرف الناس من هم القادة الذين يصنعون الانجازات والانتصارات الكبرى وتشير هذه المهمة والمسؤولية التي يضعها أمير المؤمنين الى مبدا التشجيع والتحفيز وهو مهم وأساس لان العلاقة فيها بعد روحي ونفسي وعندما تشجعه ستدفعه وسيشعر ان انجازه منظور وهذا شيء طبيعي لان الانسان عندما يرى الاخرين يصفقون له ويشيدون به ويقدرون مواقفه يشعر بحماس اكثر واندفاع اكثر والله سبحانه وتعالى بحق نوح شيخ الانبياء يقول هذه المقولة من الله تجاه نوح (ع) حينما امره ان يبني السفينة  قال له "واصنع الفلك بأعيننا " يانوح ابني السفينة ونحن نرى ونصفق لك بتعابيرنا الان ، ونحن نشجعك ونوح شيخ الانبياء يحتاج الى التشجيع ايضا ويأنس بالتشجيع اي فريق رياضي يلعب ممارسة رياضية في ارضه ومع جمهوره لحساب الهدف نقطة واحدة وعندما يلعب غريب في ارض الاخرين الهدف له نقطتين لماذا ؟ يقال لان هذا بين جماعته والناس تصفق له ويصبح التاثير مضاعف فالهدف له نقطة واحدة وهذا مبدا انساني طبيعي التشجيع والتحفيز يفجر الطاقات ونحن مع الاسف لا نكترث كثيرا وتتحقق الانجازات الكبرى ونعبر او احد ما يحتكرها ولا احد يفكر بمن فعلها ، من اعطى الدماء وقدم ومن ابدع ، لا نقف عندها ونذهب ونحن امة لا نشجع ابطالنا ولا نساعد على بروز هذه الشخصيات الشجاعة ونحن امة نؤبن موتانا " بعد الشهادة هذا البطل الصنديد الذي قام بكذا وكان حي لم نتكلم ولم نمتدحه ووضعت له وسام هذا العالم الرباني العظيم وعندما كان موجود اشاعات واتهامات وسباب وشتيمة وكلام وعندما استشهد اصبح عالم صنديد ، وكان الشجعان والأبطال ماداموا فينا لا نعرف قيمتهم وعندما نفقدهم نعرف ذلك ودائما نؤبن موتانا ولا نقدر الشجعان والأبطال وذوي المواقف الكريمة في اوضاعنا . الخلفية واضحة الانسان بفطرته يعشق الكمال ودائما يريد ان يطور من نفسه والتشجيع يفتح له مثل هذه الافاق ويساعده على ان يكون ايجابيا وان يندفع اكثر لتحقيق المزيد من الانجازات والانتصارات ، لان اي اخفاق يبعده عن الكمال وعن ما يندفع نحوه فطريا .

     اذن هناك نظريتين في التعاطي مع الناس هناك نظرية تقول اذا كنت تريد الناس ان تسير باستقامة اشهر سيفك ( نظرية العقوبة ) هذا اقطع راتبه وهذا عاقبه وهكذا تسير الناس بقوة السيف ، وهناك نظرية اخرى هي النظرية الاسلامية ، المبدأ الاساس تحفيز وتشجيع وترغيب ورغب الناس ومادام التشجيع مؤثر لا تذهب الى خيارات اخرى، شجع الناس على ايجابياتهم وعاقب الكسول بتشجيعك للكفوء والنشيط ، من الفاعل شجعه وكرمه واشكره وقدره وهذه الحالة تجعل الخامل يبدأ يتحرك ويرى لماذا تكرم ذاك ولم يكرم هو ، لان ذاك عمل وأنت لم تعمل فيقوم بالعمل ويصبح المبدأ في التحفيز هو التشجيع ، وليس العقوبة والعقوبة عندما لا يكون التشجيع مفيدا وهناك من قلبه ميت لا يتحرك وليس منه فائدة ، في هذه الحالات نستخدم مبدأ العقوبة حتى نحفزه وحتى نحركه فهو مبدأ استثنائي وطارئ وليس هو الاساس في هذه العملية .

     ما هو الاثر المترتب على التشجيع "فان كثرة الذكر لحسن افعالهم يهز الشجاع ويحرض الناكل " الاثر المترتب على التشجيع الفاعل يزداد فاعلية والخامل يفعل وينشط ويتحرك ويتحمس الى غير ذلك ، لاحظوا ماذا يقول علي (ع) في غر الحكم " من اشتاق ادلج " اذا اشتاق شخص الى شيء يخرج اول الناس ويبكر ويركض وكفى بك وضع فيروس محبة الهدف والايمان بالهدف اذا كان فيروس من باب الكناية ، واجعله يستوضح الهدف ويقتنع بالهدف وتراه هو شخصيا يركض " ادلج " وهو يبكر ويبادر "وافطر الى الاشتياق الى الهدف " وأقنعه بالمشروع ووضح له الاسباب ، يامواطن نريد ناخذ الاجراء الحكومي الفلاني لهذا الاسباب لمصلحتك اولا وثانيا وثالثا ورابعا واشرح ووضح للناس يامسؤول وضح للناس لماذا اتخذت هذا الاجراء ولماذا اتخذت هذه المحددات او التسعيرة وأقنعهم بالمنطق واذا اقتنعوا " ادلج " سيركضون هم ويلتزمون ويتبنون الموقف الصحيح .

    في الحكمة 177 من نهج البلاغة " ازجر المسيء بثواب المحسن " اذا اساء شخص كيف تعاقبه وتزجره ؟ اثب المحسن وأعطه مكافئة واحترمه وقدره وهذا مبدأ جدا مهم ، في التربية اذا كان احد من اولادك مشاغب لا ينفع معه الضرب مرة او مرتين سيكون الضرب غير نافع والضرب ليس مبدا صحيح في التربية لانه يولد عقد ومشاكل فماذا تفعل اشكر الابن الثاني الملتزم والثاني عينه على هذا وسيقول لماذا لم تاتي لي بهدية ستقول له هذا التزم وجاء بالدرجات الصحيحة واهتم بدرسه ونام في وقته وهذا كذا الى اخره ، وعندما تنفذ مثله سأجلب لك هدية وعاقب المسيء بمكافئة المحسن " انظر المنهج الاسلامي الرصين حتى تخلق المنافسة نحو "واستبقوا الخيرات "

    في رواية اخرى عن علي (ع) عادوا الشر بالخير "عادوا الشر بفعل الخير فاذا اساء اليك احد وسبك "واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما " تعاملوا معهم بخير وعاقبه بفعل الخير ومن يسيء اليك ويصفعك لا قدر الله فاذا صفعته فهو يرد ان يجرك الى ذلك ، اكبر عقوبة له عندما تكون انت اكبر من الاساءة وتبادر الاساءة بالإحسان فتحرق حاله حرقا، يقال لك لماذا تفعل ذلك انا سبيتك سبني ويريد ان تجر الى هذه الساحة ، ضادوا القسوة بالرقة " من يتعامل بقسوة تعاملوا معهم تعامل لطيف وليرى الرقة واللطف في التعامل ما هو تأثيره ويخجل من نفسه ومن القسوة التي استخدمها ،"ضادوا الاساءة بالإحسان " من يسيء اليك بادره وعاديه بالإحسان ، هذا منهج اسلامي رصين وعظيم يعتمد على مبدأ التحفيز والتشجيع والترغيب لتحقيق الاهداف والغايات .

    اخبار ذات صلة