كلمة السيد الحكيم التي القيت بالنيابة عنه في الحفل التأبيني بالذكرى (١٦) لرحيل عزيز العراق (قدس سره) في محافظة السليمانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه المنتجبين.
الإخوة والأخوات الكرام، أبناء شعبنا العزيز في السليمانية ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نقف اليوم في مدينة السليمانية العزيزة، المدينة التي طالما كانت رمزًا للثقافة والتنوع والتعايش السلمي، وفي رحاب الذكرى الخالدة لرحيل رجلٍ عظيم، شخصيةٍ وطنية عراقية بارزة، قدّمت الكثير وضحت بالغالي والنفيس من أجل العراق ووحدته وتطوره، ألا وهو سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد عبد العزيز الحكيم (قدس سره الشريف).
في هذا اليوم المبارك، نستذكر مسيرة نضالية طويلة حافلة بالعطاء والتضحيات الكبيرة، والعمل الجاد والمتواصل من أجل بناء عراق حر ديمقراطي، يحترم العدالة الاجتماعية، ويؤمن بالتعايش الأخوي بين جميع مكوناته.
لقد عُرف السيد عبد العزيز الحكيم بإيمانه الراسخ بوحدة العراق وتنوعه الأصيل، وكان دائم الحرص على مد الجسور وتقوية العلاقات بين مختلف المكونات، لأنه أدرك بوضوح أن قوة العراق الحقيقية تكمن في تعدديته وفي احترام حقوق جميع أبنائه دون استثناء. ومن هنا، كانت لعزيز العراق علاقة خاصة ومميزة مع إخوتنا الكورد، وتحديدًا مع القائد الكبير الراحل مام جلال طالباني، والاتحاد الوطني الكوردستاني الذي طالما جمعته به علاقات نضالية عميقة وتاريخ مشترك طويل مبني على الاحترام المتبادل والتفاهم والعمل المشترك من أجل ترسيخ مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية في بلادنا الحبيبة.
لقد كان التنسيق والعمل المشترك بين السيد عبد العزيز الحكيم والرئيس مام جلال طالباني نموذجًا يحتذى به في مجال تعزيز الوحدة الوطنية وتوطيد العلاقات بين العرب والكورد، إذ جمعت بينهما مراحل نضال مشتركة ضد الدكتاتورية والظلم والقهر، وتجسدت هذه العلاقات الوثيقة بوضوح بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق، من خلال المشاركة الفاعلة في صياغة الدستور العراقي الذي وضع أسس العراق الجديد القائم على احترام التنوع وتعزيز الفيدرالية التي تضمن حقوق الشعب الكوردي الراسخة وكافة مكونات الشعب العراقي، وتحقيق الشراكة الوطنية الحقيقية.
الإخوة والأخوات الأعزاء،
في هذه الذكرى السنوية المباركة، نجد أنفسنا أمام فرصة ثمينة لاستلهام الدروس والعِبر من حياة هذا القائد الكبير، الذي لم يكن يومًا سوى مثال حي للشجاعة والتضحية والثبات على المبادئ. لقد كان عزيز العراق مدرسة في الصبر والثبات، رجلًا لا يساوم ولا يتراجع أمام الصعوبات والتحديات، بل كان يواجه المواقف الصعبة بحكمة وعزيمة وإيمان راسخ، مؤكدًا دائمًا على أهمية الوحدة الوطنية والعمل الجماعي والشراكة الصادقة بين جميع العراقيين، دون أي تمييز أو تفرقة.
واليوم، ونحن نعيش في ظل تحديات وظروف معقدة تشهدها المنطقة بأكملها، يتوجب علينا أكثر من أي وقت مضى أن نستلهم من تجارب ومواقف عزيز العراق ، وأن نتمسك بنهجه وفكره الوطني الرصين. علينا العمل بجد واجتهاد لتوحيد صفوفنا وتقوية تلاحمنا الوطني، متجاوزين كل الخلافات والتحديات، ومؤكدين على أهمية الوحدة والتكاتف من أجل مصلحة العراق العليا، بعيدًا عن الانقسامات أو الاصطفافات الطائفية أو الحزبية.
لقد كان عزيز العراق يؤكد دائمًا على ضرورة استقلال القرار العراقي، وأن يبتعد العراق عن الصراعات الخارجية، مؤمنًا بضرورة أن يكون العراق صاحب قرار حرّ ومستقل، وبلدًا ذا سيادة كاملة، لا يخضع لأي إملاءات أو ضغوط خارجية، ليبقى وطنًا شامخًا وعزيزًا وكريمًا كما يستحقه أبناؤه المخلصون.
ختامًا، نتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يرحم عزيز العراق ويسكنه فسيح جناته، وأن يوفقنا جميعًا للسير على نهجه وخطاه، وأن نكون أوفياء لذكراه العطرة، ونعمل معًا بصدق وإخلاص من أجل عراق موحد، مزدهر، يعيش أبناؤه بمحبة وسلام وكرامة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمار الحكيم
رئيس تيار الحكمة الوطني