نص الحديث السياسي في الملتقى الثقافي الاسبوعي
من المهم ان نلقي الضوء على دور السفراء في تقريب وجهات النظر بين البلدان وفي تفهم الظروف الحساسة للبلدان التي يعملون فيها .. فالسفير موقع مهم وتزداد هذه الاهمية تبعا للظروف التي يمر بها البلد الذي يخدم فيه ... والعراق كان و لا يزال وسيبقى يعمل جاهدا كي تكون علاقاته مع اشقائه علاقات مبنية على الاحترام وعدم التدخل وعلى تفهم الواقع بموضوعية وصدق ...... ونتمنى من اشقائنا ان يكونوا عنصراً داعماً لتوحيد العراقيين ومساعدتهم في تجاوز التحديات التي يواجهونها ... وان يحمل الاشقاء صورة واضحة وكاملة وواقعية عن الاوضاع وان لا يسقطوا في التضليل الإعلامي او السياسي .... ان أبناء العراق من الحشد الشعبي والمتطوعين وأبناء العشائر والبيشمركة مع اخوتهم من أبناء القوات المسلحة كانوا السد المنيع امام طوفان الإرهاب والحقد والتكفير في لحظة وقف العالم مصدوما امام توسع وحش إرهابي كاسر اجتاز الحدود واكتسح المدن والقرى الامنة .... ان الإرهاب الداعشي ليس حالة عادية من حالات الإرهاب والتكفير، وانما هو السقف الأعلى للفكر الإرهابي والإرهاب المنظم ، ويدرك الاشقاء جيدا ان اغلب دول العالم اليوم تقاتل هذا الإرهاب بطريقة وأخرى وتصدت دول عظمى وكبيرة لقتاله مباشرة منذ اكثر من سنة ولكنه مازال قائماً وان بدأ بالانحسار والتراجع .... وهو خير دليل على الدور المحوري الذي قام به الحشد الشعبي في القتال على الأرض وكسر شوكة هذا الوحش الإرهابي الداعشي ...
فأتمنى على الاشقاء وخصوصا السفراء الذين يمثلون بلدانهم ان يكونوا اكثر دقة وحرصاً وواقعية وموضوعية في تقييم الحقائق على الأرض، لان السفير الذي يفقد ثقة مكونات البلد الذي يعمل فيه يصبح غير قادر على انجاح مهمته ويخرج من كونه سفيراً الى كونه طرفاً وعندها يتحول من عامل تهدئة واستقرار الى عامل توتر وأزمة ...
نرحب بكل السفراء على ارض العراق ولا سيما اشقائنا العرب وندعوهم جميعاً الى دراسة الواقع بموضوعية ومراعاة دورهم المحدد لهم لتكون مهمتهم ناجحة وموفقة...
في محور التعديل الوزاري المرتقب فأننا ندعو الى تحري الدقة في نقل المعلومة وان لا تكون الاجواء النفسية مهيئة لنقل الاشاعات وارباك الوضع السياسي والحكومي ، وقد بينّا موقفنا الواضح من هذا الامر الى السيد رئيس مجلس الوزراء واكدنا ان الجميع خاضع للتقييم من اجل الوصول الى افضل اداء وزاري لخدمة شعبنا و وطننا. و وضعنا المحددات لاي تعديل وزاري محتمل وقلنا يجب ان يكون هناك تقييم علمي ومهني ومبررات واضحة ومقبولة لكل قرار في هذا الشأن بعيداً عن المزاجية والشخصنة والقرارات الارتجالية التي لا تنسجم مع العمل المؤسسي ... ومازلنا نرى ان الوقت ضاغط وهناك الكثير من القرارات المهمة غير المحسومة والإجرائات المتلكئة والتردد لا زال هو السائد في أداء الحكومة ... ولم يصل التنسيق وبناء فرق العمل الفعالة والحقيقية الى المستوى المقبول في ظل هذه التحديات الكبيرة ....
ان الوضع الصعب الذي نمر به جميعا يجب ان يدفعنا الى العمل بواقعية اكثر وان نحدد الأولويات وننتقل من التنظير الى الخطوات العملية الملموسة، ونحن نقدر اهمية التنظير في تكوين الرؤية ولكنه ليس كافياً في وسط نار التحديات ... على الطاقم الحكومي ان يكون اكثر عملية وإدراكا لقيمة الوقت واكثر قدرة على اقناع الشعب بالخطوات التي يتخذها ... وسنبقى نذكّر الحكومة بأدائها في كل فرصة ونشجعها على اتخاذ القرارات العملية وتحقيق الإنجاز ...
في محور الازمة المالية فان العراق يعاني من نقص في السيولة المالية ولكنه ليس بلداً مفلساً ويحتاج الى ادارة مالية فاعلة ومبدعة لتبتكر الوسائل الملائمة لتجاوز هذه الازمة، والى وعي متزايد لشعبنا ليتفهم ويدعم الخطوات الصحيحة المطلوبة في الاصلاحات الاقتصادية .... وضعف الإدارة المالية لم يكن ظاهراً للعيان سابقاً بسبب الوفرة المالية، امّا الان فقد ظهر بشكل اوضح بسبب التحديات الاقتصادية القائمة ... وعلى الحكومة ان تعالج هذا الامر بسرعة وعمق لا بحلول ترقيعيه ...
في محور أخير، اننا نهنئ الجمهورية الإسلامية الايرانية برفع العقوبات الاقتصادية عنها بعد مدة من الزمن ناهزت ثلاثون عاماً ..... وان هذه الخطوة ستساهم في استقرار الوضع الإقليمي ، فالجمهورية الإسلامية بلد كبير ومهم وفاعل إقليميا ودوليا، والاقتصاد هو المحرك الرئيس للدول وتفاعلاتها مع المحيط .... واننا نتمنى للشعب الإيراني مزيداً من الازدهار والتطور والتنمية والسلام .... وعلى المسؤولين العراقيين المعنيين ان يكونوا متفاعلين مع هذا التطور الكبير وان يستثمروا الموقع الجغرافي للعراق والحدود المشتركة الطويلة بين البلدين كي يضاعفوا العلاقات والروابط التجارية والاقتصادية ويعملوا على خلق فرص استثمارية مشتركة ... فاذا كانت دول العالم البعيدة تعمل بقوة اليوم على بناء جسور اقتصادية مع الجمهورية الإسلامية فالأولى ان يكون للعراق دور في هذا البناء لا سيما وان الفرص كبيرة ومتنوعة ولدى العراق علاقات اقتصادية مع العديد من الدول الطامحة لدخول الأسواق الإيرانية ومن هنا تأتي أهمية هذه الخطوة .